تباين مواقف القوى الشيعية من اختيار مسؤولي مجالس المحافظات
المالكي ينجح في انتزاع حكومة كربلاء المحلية من الحكيم والصدر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إثر مباحثات واتصالات ماراثونية شهدتها مدينة كربلاء العراقية الجنوبية، نجح رئيس الوزراء نوري المالكي في تمكين ائتلافه دولة القانون من الحصول على منصب المحافظ في حكومتها المحلية، الذي اختير له عقيل الطريحي المفتش العام لوزارة الداخلية، مبعدًا بذلك كتلتي الحكيم والصدر عن أي منصب فيها، بينما تباينت مواقف القوى الشيعية من تشكيل الحكومات المحلية بين الدعم والهجوم.
نجح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، عبر اتصالات ومباحثات مع المرشحين الفائزين بانتخابات محافظة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) قام بها بنفسه الاثنين الماضي، وعبر اثنين من قادة التحالف الوطني الشيعي حسين الشهرستاني رئيس تجمع مستلون نائب رئيس الوزراء، وهادي العامري رئيس منظمة بدر وزير النقل، في الحصول على المناصب الرئيسية في حكومة المحافظة المحلية، اثر مباحثات مكثفة اجرياها هناك استمرت حتى فجر اليوم.
فقد توصلت هذه الضغوط والاتصالات إلى اتفاق بانتخاب عقيل الطريحي المفتش العام لوزارة الداخلية عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي عن منظمة بدر محافظاً لكربلاء ونصيف جاسم من الائتلاف نفسه رئيسًا لمجلس المحافظة بعد أن تحالف الائتلاف مع تيار دولة العدالة وقائمة اللواء جامعاً بذلك 16 صوتًا من الاعضاء المنتخبين من بين الفائزين بمقاعد مجلس المحافظة البالغة 27 مقعدًا.
كما تم انتخاب يوسف الحبوبي عن قائمة اللواء نائبًا اول للمحافظ، ومحمد الطرقاوي عن تيار دولة العدالة نائبًا ثانيًا، وعلي المالكي عن دولة العدالة نائبًا لرئيس مجلس المحافظة، في استحواذ كامل على المناصب الرئيسية في المحافظة. وقد تم توقيع وثيقة تنص على هذه الاختيارات سيتم اعلانها رسمياً في وقت لاحق اليوم الاربعاء.
وقد حرم هذا الاختيار مرشحي كتلتي المواطن الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم والاحرار الممثلة للتيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر من الحصول على أي منصب متقدم في حكومة كربلاء المحلية التي اصبحا خارجها.
وتشكل محافظة كربلاء مسقط رأس المالكي والنجف المجاورة أهمية كبرى للتحالف الشيعي الحاكم نظراً لما تضمانه من أضرحة مقدسة بينها للامام علي بن ابي طالب ونجليه الحسين والعباس ولما تحتضنانه من مقرات للمرجعيات والمؤسسات الشيعية العليا، حيث يتوافد على المحافظتين الملايين من المسلمين سنويًا لاحياء مناسباتهما الدينية.
يذكر أنّ انتخابات مجلس محافظة كربلاء التي جرت في العشرين من نيسان (أبريل) الماضي قد اسفرت عن فوز قائمة دولة القانون بالمرتبة الاولى وقائمة الاحرار الصدرية بالمرتبة الثانية فيما حلت قائمة اللواء للمرشح المستقل يوسف الحبوبي ثالثة وقائمة المواطن بزعامة الحكيم رابعة وتلتها قائمة امل الرافدين.
مواقف متباينة للقوى الشيعية من تشكيل الحكومات المحلية
وأثارت التشكيلات، التي تم التوصل اليها، للحكومات المحلية وتوزيع المناصب فيها بين الكتل الفائزة، تباينات في مواقف القوى الشيعية بين الهجوم والدعم. فقد اعتبر حسن السنيد النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي أن تشكيلة الحكومات المحلية الجديدة تمثل إرادة أمراء السياسة ولا تمثل رغبات الكثيرين من ابناء المحافظات.
وقال إن انتخاب المسؤولين في المحافظات لم يتم على أساس الكفاءة والقدرة، وانما على اساس التغالب في التحالفات السياسية، كما قال في تصريح نقلته الوكالة الوطنية العراقية للانباء.. وتساءل قائلاً "كيف تعمل الحكومات المحلية ونصف مجلس المحافظة يقاطع جلسة الانتخاب ويتربص بالمحافظ لسحب الثقة عنه".
لكن زعيم التحالف الشيعي رئيس تيار الوسط ابراهيم الجعفري، ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم، اكدا إثر مباحثات تناولت النتائج والحوارات التي جرت في المحافظات حول تشكيل الحكومات المحلية، دعم هذه الحكومات.
وقال الجعفري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الحكيم بعد انتهاء مباحثاتهما إن مُكوِّنات التحالف الوطنيِّ (الشيعي) موجودة على المسرح وبحكم كونه تحالفاً وطنياً فكلُّ المواقع سواء كانت مجالس المحافظات، أو محافظين، أو التراتبيات الأخرى بالنسبة إلينا نعتبرها مكسباً، وبالنسبة إلى المجلس الأعلى باعتباره ركناً من أركان التحالف الوطنيّ يُسعِدنا أن يُوظـِّف هذه الفرص لخدمة العراق بصورة عامة، تجسيدًا لمبادئ التحالف، وانسجاماً مع اسم التحالف الوطنيّ، الذي هو تحالف وطنيٌّ عراقيٌّ يسعى إلى مدِّ الجسور مع المُكوِّنات كافة، وتذليل العقبات، وبناء العراق الجديد، بخاصة أننا سننتقل من هذه المحطة الانتخابية إلى محطة انتخابية جديدة هي الانتخابات التشريعية في 2014".
واكد اتفاقه مع الحكيم على "دعم هذه الحكومات جميعاً، والحفاظ على لحمة التحالف بكلِّ مُكوِّناته، وتكريس وتسخير التحالف الوطنيِّ لخدمة الصالح العامّ، ومدّ الجسور مع إخواننا في التحالفات الأخرى سواء كان تحالف الإخوة الكرد، أو تحالف الإخوة في العراقية، لأنَّ ذلك يصبُّ في الصالح العامّ، ونحن بدورنا باركنا لسماحة السيِّد الحكيم إنجازاته".
وأوضح الجعفري أن العمليات الانتخابية التي حصلت، والمراوحة بين التقدُّم والتأخّر نسبياً "هي ظاهرة صحية وهي استحقاق وضريبة الديمقراطية، ونحن نعتقد أنه لا يُوجَد طرف غالب، وطرف مغلوب، وإنما طرف مُتقدِّم وطرف مُتأخّر قليلاً، وهي حالة طبيعية جداً". وقال إن "الحركة الإجمالية للتحالف الوطنيّ أنه حافظ على موقعه في الصدارة، وحافظ على تماسكه" مؤكدًا تمسك التحالف بصداقاته مع الإخوة الكرد، وفي العراقية".
أما الحكيم فقد شدد على اهمية "عودة الحيوية والحراك إلى داخل التحالف الوطنيّ، وما يعبِّر عنه من وئام بين القوى الكبيرة المُمثـِّلة لهذا التحالف" مشيرًا إلى أن "تشكيل مجالس المحافظات قد تم في بعضها بصورة شراكة وحالة توافقية بين القوى الفائزة، وفي محافظات أخرى لم تحصل مثل هذه الحالة وإنما تمت بالأغلبية السياسية".
وقال "عبرنا عن دعمنا الكامل للمحافظين كافة، وسواء أكنا شركاء فيها، أو لم نكن فهذه هي الديمقراطية، وهذه هي المسارات التي جرت في تشكيل المحافظات، وسنقف موقف الدعم والإسناد لجميع المحافظين ولكلِّ الحكومات المحلية، وسنُعزِّز حالة الوئام والمَحبّة، والعمل المُشترَك بين مجالس المحافظات والكتل الكريمة الفائزة الكبيرة والصغيرة منها".
يذكر أن قائمة المواطن الممثلة للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة الحكيم وقائمة الأحرار الممثلة للتيار الصدري بزعامة الصدر نجحتا حتى الآن في تقاسم المناصب الرئيسة للحكومات المحلية في المحافظات التي فازتا فيها بالاغلبية، وهي البصرة والمثنى والكوت والناصرية وبغداد والديوانية، حيث كان منصب المحافظ في أكبر محافظتين هما بغداد والبصرة من نصيب الصدريين والمجلس الاعلى على التوالي. وكشفت مصادر سياسية شيعية رفيعة أن المالكي يشعر بغضب شديد بعد نجاح التيار الصدري والمجلس الاعلى في ترتيب صفقة شاملة تضمن الحكومتين في بغداد والبصرة ومحافظات أخرى.
تيار الاعتدال سيقود إلى الاستقرار
ومن جهتها، توقعت القائمة العراقية أن يقود تيار الاعتدال الذي افرزته الانتخابات المحلية الاخيرة مستقبل البلاد إلى الاستقرار والتنمية. وقال مستشار القائمة العراقية هاني عاشور في تصريح صحافي مكتوب تسلمته "ايلاف" اليوم إن المشهد السياسي العراقي في العام 2013 أفرز تيار اعتدال بمشتركات وطنية من مختلف الكتل السياسية، وهو تيار بدأ نموه بطريقة طبيعية من خلال تطلعات المجتمع العراقي و سيقود البلاد إلى الاستقرار والتنمية.
وأشار إلى أن الازمات السياسية وتصاعد المطالب بالأمن والخدمات والتصعيد الطائفي الأخير، وفشل الكثير من الكتل السياسية في التعبير عن تطلعات الجماهير، وعدم قدرة الحكومة على نقل الشعب لمستوى حياة افضل، واستمرار حالات الفساد دون رادع، صنعت مشتركات وطنية برفض هذه الظواهر وتقاربًا في وجهات النظر بين شخصيات وكتل سياسية وطنية ستعيد رسم الخارطة العراقية.
وأوضح أن ملامح تيار الاعتدال بدأت تظهر بوضوح من خلال انتخابات مجالس المحافظات ونتائجها التي اعطت الضوء الاخضر للعراقيين لأن يجتمعوا على هذه المشتركات لتحديد ملامح البرامج السياسية للانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأكد عاشور أن التغيير الواضح في خطابات الكتل السياسية وتوجهها نحو بناء العراق بشكل مختلف عن فكرة المحاصصة والتحزبية، والاقتراب إلى هاجس الجماهير، ونبذ الخطاب الطائفي، والتحرك لاستمالة الغالبية التي رفضت التصويت في انتخابات مجالس المحافظات، ونزوع العراقيين للتغيير ورسم ملامح جديدة لفكرة المواطنة، اوجدت مشتركات واضحة ستكون طريق اجتماع غالبية عراقية على التأثير في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال "إن ملامح الربيع العربي كان لها اثرها في دفع الهاجس الشعبي نحو التغيير، اضافة إلى دور الاعلام في تقريب وصناعة الرأي العام".