المخيّم سيغلق رسميًا في 30 يونيو الجاري
لاجئون في مخيم شوشة التونسي يعيشون أوضاعًا مأساوية ويرفضون حلولاً للتسوية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رغم تسوية وضعيات عدد كبير من اللاجئين الأفارقة في مخيم شوشة التونسي على الحدود مع ليبيا، إما بالاندماج في تونس أو العودة الى بلدانهم أو التوطين في دول أخرى، يتمسك آخرون بضرورة توطينهم في دول أوروبية أو الولايات المتحدة.
محمد بن رجب من تونس: يعيش اللاجئون الأفارقة والآسيويون في مخيم الشوشة القريب من مدينة بنقردان التونسية (550 كلم جنوب) والتي تقع على الحدود مع ليبيا، مأساة حقيقية وظروفاً صعبة، فمنهم من ينتظر الإدماج في المجتمع التونسي، ومنهم من يرفض ذلك رغبة في إعادة التوطين في أوروبا أو أميركا، ما جعلهم يعتصمون أمام مقر المفوضية بتونس العاصمة مؤخرًا.
مأساة لاجئين بلا مأوى
أوضح اللاجئ التشادي آدم ابراهيم، أنّ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لا تعترف بهم، إذ أوقفت منذ 23 أكتوبر 2012 منحهم الأكل والشرب والعلاج.
وقال لـ"إيلاف": نحن نعيش مأساة وكارثة بأتم معنى الكلمة، فالوضع صعب جدًا وأكبر من احتمالنا وقدرتنا على التأقلم والعيش في هذه الصحراء".
أضاف: "البعض من اللاجئين المتواجدين في المخيم ينزلون إلى مدينة بنقردان على بعد 30 كلم للبحث عن شغل وقد يحالفهم الحظ ويجمعون قليلاً من المال من أجل الأكل والشرب".
وتحدث عن اللاجئين الذين رفضتهم المفوضية، فذكر أنهم في حدود 250 نفرًا من عديد الجنسيات الأفريقية والآسيوية منهم 96 لاجئاً من التشاد من بينهم 20 طفلاً ونحو 154 لاجئًا من كوت ديفوار ونيجيريا والسودان وغانا وليبيريا وغامبيا وسيراليون ومالي وباكستان وبنغلاديش.
طوابير من أجل الماء
يقول اللاجئ عيسى بارة بكر لـ"إيلاف": "يقطعون المياه أحيانًا لفترة أسبوع كامل ثم تعود ليومين، وهنا تجد مئات اللاجئين يقفون في طابور طويل للتزود بالماء".
وقال اللاجئ حسن محمد :"الوضع أسوأ مما كان عليه فحتى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قد رحلت عن المخيم وهي تحرمنا من الماء والغذاء والعلاج منذ ثمانية أشهر، نحن الآن لا نستطيع توفير الغذاء لأطفالنا ولا نجد من يقدم لنا المساعدة في هذه الصحراء وسط الحرّ صيفاً والبرد شتاءً".
وأكد إسماعيلا ( من كوت ديفوار) أنّ الأيام الماضية شهدتأمطاراً قوية هبوب رياحطارت بسببها كل الغرف وهو ما جعلهم يتعاونون لإعادة تثبيتها بصعوبة كبيرة لأنهم لا يملكون الوسائل، وهو ما ساهم في المزيد منتعكير حالتهم.
زيارة رسمية
قال اللاجئ آدم ابراهيم :"زارنا وفد من وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية يومي 13 و14 مايو الماضي، والتقى بممثلين عن كل مجموعة ووعدونا بأن الحكومة ستمنح اللاجئين المرفوضين من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إقامة في تونس وتوفر لهم العلاج وتعليم أبنائهم ويتم دمجهم في المجتمع، ويبحثون كغيرهم عن شغل إلى جانب السكن لفترة موقتة تمامًامثل اللاجئين المعترف بهم ولكن لم يتم توطينهم".
وأوضح آدم أنهم قدموا قائمات اسمية في مختلف الجنسيات إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية التي "وعدتنا بالوقوف معنا لمساندتنا من أجل المطالبة بحقوقنا من المنظمات الدولية".
وأضاف أنّ اللاجئين المرفوضين من طرف المفوضية التي رحلت تمامًا عن المخيم ينتظرون ردّ الحكومة التونسية قبل موعد 30 يونيو الجاري أي قبل غلق مخيم الشوشة نهائيًا".
وأشار وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية خلال زيارته لمخيم الشوشة إلى أنّ وضعية اللاجئين معقدة لأنهم يرفضون الاندماج في المجتمع التونسي، وهم يطالبون الحكومة بالضغط على المنظمات الدولية للنظر لإعادة توطينهم في أوروبا و أميركا.
إعادة توطين
قالت المسؤولة الإعلامية بمفوضية الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين بتونس داليا العشي إنه يوجد بالمخيم أقل من 700 لاجئ، ومعظم الذين كانوا بمخيم الشوشة تمت إعادة توطينهم وأكبر عدد من هؤلاء تم توطينهم في الولايات المتحدة.
أكدت العشي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ المخيم سيغلق في نهاية الشهر الجاري لعديد الأسباب منها أن المخيم عندما أنشئ بشكل موقت وبسبب الأزمة الليبية في فبراير 2011 كان عبارة عن مخيم عبور وليس مخيم إقامة لأنه لا يليق بأي إنسان أن يعيش في مثل تلك الظروف المعيشية الصعبة.
وأضافت داليا العشي أن المفوضية ستمنح مبلغًا ماليًا لتسهيل عملية الانتقال بالتنسيق مع الحكومة التونسية وخاصة الشريكين المنفذين وهما الهلال الأحمر التونسي والإغاثة الإسلامية.
حل منظمة الهجرة الدولية
أما عن الحلّ المقترح على هؤلاء اللاجئين من طرف منظمة الهجرة الدولية فيتمثل في العودة إلى البلد الأصلي والعمل على تأمين مشروع صغير هناك بقيمة 700 دولار تقريبًا، أما من لا يخافون من العودة إلى بلدهم الأصلي لسبب من الأسباب، فإنهم يعتبرون من المهاجرين غير الشرعيين، ولكن يمكن قبولهم في تونس واستقبالهم كمهاجرين.
وأﻣﺿﻰ 228 ﻻﺟﺋﺎ ﻣن ﻣﺧﯾم ﺷوﺷﺔ من جنسيات مختلفة وهي ﻓﻠﺳطﯾن والتشاد والسودان واﻟﺻوﻣﺎل وإرﯾﺗرﯾﺎ وإﺛﯾوﺑﯾﺎ إلى جانب 52 طﻔﻼ و35 ﻣراھﻘﺎ دون أﺳرة و34 ﺷﺧﺻﺎ ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ ﻣدﻧﯾن ﺑﻌد أن ﺣﺻﻠوا ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة اﻟﻼﺟﺋﯾن،وأوضحوا في بيانأنّ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قررت عدم إحالة ملفاتهم إلى دول إعادة التوطين ويطالبون بمساندتهم.
ثلاثة حلول
وأشارت العشي إلى أنّ عددًا من اللاجئين اعتصموا أخيرا أمام مبنى المفوضية وهم يرفضون الحوار على الرغم من عديد المحاولات دون جدوى لأنهم لا يرغبون إلا في إعادة التوطين في بلدان أوروبية أو الولايات المتحدة ويرفضون بشدة التوطين في تونس.
وقالت العشي إن المفوضية تبحث عن ثلاثة أنواع من الحلول أولها العودة الطوعية للاجئ إذا كانت الظروف مؤاتية دون خوف على حياته في بلده الأصلي و الحل الثاني هو الاندماج في المجتمع المحلي التونسي وثالثًا إعادة التوطين في بلدان أخرى، وإعادة التوطين ليست حقاً يتمتع به كل لاجئ لأن القرار الأخير يعود إلى بلد التوطين الذي سيستقبل ولا يعود القرار إلى المفوضية.
وأبرزت أن برنامج المفوضية لإعادة التوطين كان ناجحاً بنسبة عالية، حيث تمت إعادة توطين أكثر من 80% من لاجئي مخيم الشوشة وهذا يعتبر إنجازًا، فإعادة التوطين هي أداة لحماية اللاجئين الأشد ضعفاً إلى جانب اللاجئين الذين لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم الأصلية أو البقاء في بلد الاستضافة لأنهم يخافون الاضطهاد، ولكن هذا ليس حال تونس التي رحبت منذ أول يوم لأزمة ليبيا بهؤلاء.
رفض البقاء
تعتقد العشي أنّ سبب رفض بعض اللاجئين البقاء في تونس يعود إلى حلم هؤلاء للتوطين في أوروبا أو أميركا بالرغم من أن البلدان الأوروبية اليوم تمر بأزمة اقتصادية خانقة، أما المجموعة المرفوضة من طرف المفوضية، والتي لم تمنحهم صفة لاجئ فعددهم 250، قامت المفوضية بدراسة ملفاتهم بشكل فردي من قبل أخصائيين بناء على معلومات يدلي بها طالب اللجوء إلى جانب معلومات تأتينا من البلد الأصلي للاجئ وتحديد صفة اللجوء هو اختصاص المفوضية منذ أكثر من 60 سنة.
وهؤلاء الأفراد الذين لم يعترف بهم كلاجئين اقترح عليهم برنامج منظمة الهجرة الدولية للعودة الطوعية وإعادة الاندماج في بلدهم الأصلي مقابل دفع تكاليف السفر ودفع مبلغ آخر في الفترة الأولى لإعادة الاندماج في بلدهم وهناك من خيّر هذا الحل وعاد إلى بلده، ولكن هناك من رفض ذلك وهم الآن في وضع غير قانوني في تونس ولكن السلطات ستمنحهم إقامات.
30 يونيو والانتظار
اللاجئ محمد عمر أكد لـ"إيلاف" أنّ الوضع صعب وغير واضح مشيرًا الى أنّ الجيش التونسي الذي كان يحمي المخيم سيرحل نهاية الشهر بما أن المخيم سيغلق نهائيًا في 30 يونيو.
من ناحيته، أشار عبد الله عبد القادر الى أنّ المخيم يعدّ حاليًا نحو 1200 نفر من بينهم اللاجئون المرفوضون من طرف المفوضية وعدد آخر يقارب الـ450 نفراً قدموا خلال شهر ديسمبر الماضي، وهؤلاء يرفضون توطينهم في تونس ويطالبون الحكومة الوقوف معهم ومساعدتهم والتدخل لفائدتهم حتى يتم قبولهم وتوطينهم مثل غيرهم في بلدان أوروبية وأميركية، وأما البقية فهم ينتظرون ترحيلهم إلى بلدان لتوطينهم بعد أن تم قبول ملفاتهم من طرف المفوضية.
*الصور بعدسة "إيلاف"