ورشة عمل إقليمية بمشاركة خبراء ووزراء عدل عرب وأجانب
استقلالية القضاء ونزاهته ومكافحة الفساد أمام ندوة في الأردن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تناقش ورشة عمل إقليمية بدأت فعالياتها في عمّان الأحد، مفاهيم تعزيز النزاهة في القضاء واستقلاله. وخلال الورشة أعلن رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للأعوام 2013 / 2017.
نصر المجالي: تناقش الورشة موضوعات ذات اهتمام عالمي لدى متخذي القرار بمشاركة خبراء ووزراء عدل عرب وأجانب يمثلون 13 دولة حول سبل تعزيز ونزاهة القضاء واستقلاله ومناقشة الدليل التنفيذي الدولي الخاص بالمادة الحادية عشرة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والمتضمنة المعايير الدولية لتعزيز نزاهة القضاء والأدوات التي يمكن للدول استخدامها لتبيان مدى التزامها بتطبيق متطلبات تلك النزاهة والاستقلالية.
وأكد رئيس الوزراء الأردني في كلمة افتتح بها أعمال الورشة أن جهاز الأردن القضائي يتمتع بالعناية الفائقة والاحترام، والذي يليق به، حيث نعمل بالتنسيق والتعاون مع المجلس القضائي على تطوير التشريعات وجسر فجواتها ومعالجة ثغراتها كي يتمكن القضاة وأعوانهم من ممارسة أعمالهم بيسر وسهولة.
حسن انتقاء وتأهيل
وأضاف النسور: "كما نعمل على حسن انتقائهم وتأهيلهم وترقيتهم وتوفير العيش الكريم لهم ولأسرهم كي تصفو أذهانهم للتعامل مع قضايا الناس بحرفية تصون الحقوق وتحفظ الواجبات، لأن عكس ذلك سيخلق حالات من التذمر، الذي يقود إلى التمرد، ومن ثم إلى الفوضى".
وأكد رئيس الوزراء أننا في المملكة الأردنية الهاشمية نفخر بما حققه قضاؤنا على الصعد كافة، أردنيًا وعربيًا، حيث امتدت خبراته عبر الحدود إلى أجزاء عزيزة من وطننا العربي، لما يمتاز به القاضي الأردني من حيادية ونزاهة وجرأة في اتخاذ القرار.
وقال الدكتور النسور إن تعزيز نزاهة القضاء والدليل التنفيذي للمادة الحادية عشرة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمعايير الدولية لتعزيز نزاهة القضاء واستقلاليته مطالب تسعى جميع الدول إلى ترجمتها من أفكار إلى أفعال على أرض الواقع إيمانًا منها بأن القضاء النزيه يعزز قيم العدالة الاجتماعية في المجتمعات كافة، مؤكدً أن هذا لا يتأتى إلا إذا كان الجهاز القضائي في كل دولة يحرص على إعمال مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة، ووضعها موضع التنفيذ الحقيقي، لا الصوري.
مهام المحاكم
ولفت إلى أن المادة السابعة والعشرين من الدستور نصت على أن السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر جميع الأحكام وفق القانون باسم الملك، كما نصت المادة السابعة والتسعون على أن القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.
وأكد النسور أن هذه الاستقلالية هي اللبنة الأساس على صعيد تفعيل مبدأ النزاهة والشفافية، "ولن يكون القضاء نزيهًا إذا لم يميز القائمون عليه والعاملون فيه الكفاءة والدراية، وإذا لم يكونوا أصحاب سلطة حقيقية مستقلة، لا يحابون أحدًا، ولا يخشون متنفذًا، ولا يجاملون صاحب سلطة أعلى".
كما أكد أن النزاهة في التقاضي تهيئ مناخًا صحيًا يطمئن فيه المواطن إلى نفسه وماله وعرضه عند نزاعه أو عند تخاصمه مع الآخرين أفرادًا ومؤسسات، وذلك عامل مهم للمحافظة على النسيج الاجتماعي في المجتمع متماسكًا ومتلاحمًا.
وأشار الدكتور النسور إلى أنه مرت على المملكة سنوات أنس فيها مواطنونا سلوكيات غير سوية، استثمرت فيها مراكز قوى وفئات اجتماعية نفوذها لتحقيق مآرب شخصية، استطاعت تعطيل التشريعات التي تردع الاقتراب من المال العام، وطبقوا نماذج إصلاحية منقولة لا تفي بالمراد ولا تلائم البلاد، إلى أن أمر جلالة الملك بإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد عام 2005.
كلمة بينو
من جهته، عرض رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو للجهود الوطنية في مكافحة الفساد والمتمثلة بوضع حد لتنامي الفساد وفتح ملفات الفاسدين، الذين استغلوا مناصبهم وسلطاتهم، للاعتداء على المال العام وحقوق المواطنين ومقدرات الوطن.
وقال إن هذه الجهود ما كانت لتتم لولا الإرادة السياسية الجادة لمكافحة الفساد وتفهم وتعاون الحكومة مع الهيئة من دون تدخل في شؤونها، وكذلك بفضل التنسيق المستمر والتناغم بين الهيئة والقضاء والجهات الرقابية الأخرى، مثل مجلس النواب وديوان المحاسبة وهيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأضاف بينو أن الهيئة عكفت على تطوير قانونها ليتلاءم مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومع المعايير الدولية التي استقرت عليها الدول لمحاربة الفساد، الذي أصبح عابرًا للحدود وتنتقل شروره ومخاطره بين الدول بسلاسة ومرونة، لذلك كان لابد للأردن من الانفتاح على العالم، بهدف الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين في مكافحة الفساد.
وأشار بينو إلى أن إبرام الاتفاقيات والمعاهدات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي ساهم في إجراء بعض الدراسات ذات الفائدة لعمل الهيئة إلى جانب إعداد الاستراتيجية الوطنية للفساد للأعوام 2013-2017 والتي استندت إلى الإرادة السياسية وتعزيز النزاهة الوطنية وترسيخ مبادئها على المستويين الشخصي والمؤسسي واحترام حقوق الإنسان وعدم اغتيال الشخصية والشفافية والمساءلة واستقلالية القضاء والمشاركة المجتمعية.
وأوضح أن الغاية الأساسية من الاستراتيجية هي تهيئة البيئة المناسبة للوقاية من الفساد وترسيخ الثقافة المجتمعية المناهضة له من خلال إيجاد إطار عمل إداري وقانوني وإعلامي متطور وفاعل للقطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني وزيادة فاعلية وكفاءة الجهات المكلفة بمكافحة الفساد المالي والإداري في سبيل تعزيز الثقة بمؤسسات الدولة وملاحقة الفاسدين وتفعيل المشاركة المجتمعية في هذا الشأن ورفع كفاءة الإجراءات التحقيقية في قضايا الفساد.
كلمة وزير العدل اللبناني
وقال رئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وزير العدل اللبناني شكيب قرطباوي إن القضاء النزيه هو أحد أهم عناوين الديمقراطية وجزء لا يتجزأ منها، ونزاهة القضاء تعني بالضرورة أن يكون محل ثقة الناس وقادرًا على حماية حقوقهم وأمنهم وضامنًا لحسن تنفيذ دستورهم وسيفًا مسلطًا على الفاسدين والمفسدين.
وأكد على ضرورة فصل السياسة عن القضاء، ليتحقق مبدأ الاستقلال الفعلي للقضاء، وإيجاد الآليات اللازمة لمحاسبة القضاء لنفسه كما تحاسب السلطات العامة الأخرى.
وقالت المديرة القطرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن زينة علي أحمد إن الأمم المتحدة تولي أهمية خاصة لموضوع مكافحة الفساد نظرًا إلى دوره العميق في التنمية وتأثيراته على حياة المواطن اليومية وإذكاء الصراعات وعدم الاستقرار.
وأضافت إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تعد إحدى أهم نقاط التلاقي في الجهود العالمية في هذا الخصوص بإيجاد إطار دولي متفق عليه يتضمن معايير واضحة للوقاية من الفساد ومعاقبة مرتكبيه وتوفير أرضية التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال، حيث تنص الاتفاقية على ضرورة إيجاد تدابير لتدعيم النزاهة ودرء فرص الفساد بين أعضاء الجهاز القضائي والنيابات العامة.
في الختام، أكد نائب رئيس المجلس القضائي الأردني القاضي خليفة السليمان أن القضاء كان ومازال ضرورة من ضرورات المجتمعات البشرية ولازمة من لوازم الأمم باعتباره روح العدالة وعقلها النابض الذي تستقر به الحياة ويسود به الأمن والطمأنينة بين الناس والاطمئنان إلى أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.