المتظاهرون المصريون يحتفلون برحيله
مرسي أول رئيس إسلامي مدني يطيحه الجيش في الذكرى الأولى لتوليه الحكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يحتفل متظاهرون مصريون برحيل الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني وإسلامي لمصر أطاحه الجيش مساء الاربعاء، والذي فشل بالصمود لأكثر من عام في الحكم. وكان معارضوه دعوا إلى التظاهرة الضخمة التي أسقطته منذ يوم الأحد الماضي.
القاهرة: لم يتمكن الرئيس المصري محمد مرسي أول رئيس مدني وإسلامي لمصر اطاحه الجيش مساء الاربعاء، من الصمود لاكثر من سنة في الحكم وفشل، بحسب ردود فعل الشارع واتساع الاحتجاجات ضده، في ان يكون "رئيسا لكل المصريين" كما اعلن لدى توليه الرئاسة.
وبعيد انتخابه رئيسا لمصر في حزيران (يونيو) 2012، اعتلى محمد مرسي منبر ميدان التحرير ليتعهد امام الاف المهنئين بانه سيكون "رئيس جميع المصريين". لكن بعد عام، اقر اول رئيس مدني واول اسلامي يتولى رئاسة مصر بان الانقسام في البلاد بلغ درجة تهدد "الوطن كله بحالة من الشلل والفوضى".
وكان معارضو مرسي دعوا الى تظاهرة الاحد الماضي للمطالبة بـ"رحيله" في الذكرى الاولى لتوليه السلطة بعد تعبئة غير مسبوقة ضده فيما قررت الاحزاب الاسلامية الرد بتظاهرة "مليونية" في اليوم نفسه. واثار ذلك مخاوف من مواجهات كان الجيش حذر من انها قد تدفعه الى التدخل "لمنع اقتتال داخلي" وهو ما حدث في مرة اولى الاثنين من خلال توجيه انذار بضرورة تحقيق مطالب الشعب، ثم اليوم بازاحة مرسي.
تميز مرسي خلال الاشهر الاولى من ولايته الرئاسية باطلالته وبساطة تصرفاته ونبرته الخطابية المفهومة. لكن جدران القاهرة غطتها في الايام الاخيرة رسوم كاريكاتورية تصور مرسي على شكل خروف او فرعون او مصاص دماء.
كما ان مقدم اشهر برنامج تلفزيوني ساخر في العالم العربي باسم يوسف لا يفوت حلقة من برنامجه الاسبوعي الا ويسخر من مرسي، ما يثير سخط الفريق الحاكم.
واعلن هذا القيادي السابق في حركة الاخوان المسلمين البالغ من العمر 62 عاما، دفاعه عن الشعارات الديموقراطية للثورة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في شباط (فبراير) 2011 على رغم المشاركة الخجولة لحركته في بدايات هذه الثورة.
وشدد انصاره على ان مرسي يستمد شرعيته من فوزه باول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلاد وان المشاكل المستفحلة في مصر من فساد اداري وتعثر اقتصادي وتوترات مذهبية، كلها موروثة من سنوات طويلة من الحكم قبل وصوله الى الحكم.
الا ان خصومه اتهموه بالسعي الى فرض الشريعة الاسلامية والعودة الى نظام مستبد عوضا عن قيادة البلاد في اتجاه الديموقراطية والتقدم الاقتصادي. حتى ان البعض رأوا فيه "فرعونا جديدا"، في حين اتهمه اخرون بانه مجرد ظل للمكتب السياسي للاخوان المسلمين ينفذ اوامر المرشد الاعلى للحركة محمد بديع.
وسعى مرسي الى دمج مصر بشكل اكبر في مصافي الدول الناشئة مثل الصين والبرازيل، محافظا في الوقت عينه على الود مع الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسية لبلاده والتي طمأنها بانه لا مجال للعودة عن اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل. وفي اولى اطلالاته العلنية، لم يكن يملك مرسي بنظر خبراء كثر مواصفات المرشح الاوفر حظا للرئاسة.
لكن على مر ايام الحملة الرئاسية، اكتسب مزيدا من الثقة بالنفس واستفاد من شبكة الناشطين الكبيرة للاخوان المسلمين في مواجهة منافسه احمد شفيق رئيس الوزراء السابق في عهد مبارك. وقد تغلب مرسي على شفيق بحصوله على 51,7% من الاصوات.
غير ان الخطابين الاخيرين اللذين القاهما في الايام الاخيرة قبل الاطاحة به اظهرته بصورة المستفز لارادة الشعب والمنحاز الى جماعته وحزبه حتى وان كرر باستمرار انه يدافع عن "الشرعية" الدستورية والانتخابية التي يجسدها، بحسب محللين اعتبروا انه لم ينتبه لشرعية الشارع واتساع الاحتجاجات ضد سياساته واثارته حفيظة الازهر والجيش والكنيسة فضلا عن المعارضة والشباب والقوى المدنية.
وفي اب (اغسطس) 2012، حاول مرسي اخضاع المؤسسة العسكرية التي حاولت ممارسة وصاية على حكومته، وذلك من خلال احالة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الى التقاعد. وبعد فترة من التكتم، عاد القادة العسكريون المصريون ليذكروا بانهم الضامنون الاساسيون لاستقرار البلاد في حال تحولت التوترات السياسية الى انفلات امني كبير.
ومحمد مرسي مولود في محافظة الشرقية في دلتا النيل وحاصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم حصل في 1982 على درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كارولاينا في الولايات المتحدة. وهو متزوج واب لخمسة ابناء.
في العام 2000، اصبح مرسي نائبا في مجلس الشعب ثم اعيد انتخابه في 2005 قبل سجنه سبعة اشهر بسبب مشاركته في تظاهرة مؤيدة لحركة القضاة التي طالبت انذاك باستقلال القضاء.
وفي 2010 اصبح مرسي متحدثا باسم جماعة الاخوان المسلمين وعضوا في مكتب الارشاد (المكتب السياسي). واعتقل مرسي مجددا لفترة قصيرة في 28 كانون الثاني/يناير 2011 بعد ثلاثة ايام من اندلاع الانتفاضة التي اسقطت مبارك.
المتظاهرون يحتفلون برحيل مرسي
وعمت اجواء الفرح مساء الاربعاء ميدان التحرير وسط القاهرة والتجمعات المعارضة في العاصمة والمدن الاخرى حيث احتشد الالاف للمطالبة برحيل مرسي واطلقت السيارات ابواقها ولوح المصريون بالاعلام.
وحتى قبل اعلان الجيش، بدا المتظاهرون المرابطون امام قصر الاتحادية متيقنين مما ستسير اليه الامور منذ ان امهل الجيش مرسي 48 ساعة حتى بعد ظهر الاربعاء من اجل تلبية "مطالب الشعب" الذي تظاهر منذ الاحد للمطالبة برحيله.
"سننساه بسرعة" هذا ما قاله المتظاهرون الذين غمرتهم اجواء الفرح وقد تجمعوا بالالاف قرب القصر الرئاسي في الاتحادية وفي ميدان التحرير بانتظار اعلان الجيش. وقال عمر محمد (40 عاما) وهو يحمل على كتفيه ابنته الصغيرة قرب مقر الرئاسة في حي مصر الجديدة "مرسي يستحق مثل هذه النهاية. لم يكن سوى رئيس الاخوان المسلمين".
ولم يكن مؤكدا ان مرسي الذي لم يظهر علنا منذ الثلاثاء، متواجد في القصر لكن المتظاهرين ما كانوا مكترثين لذلك، وانما احتشدوا نظرا للقيمة الرمزية للمكان. ووضعت مجموعة نساء طاولة في الشارع لتوزيع المياه والتمر وقالت نهال سري "هذا في مصلحة مصر. نحتفل لاننا تخلصنا من مرسي".
وفي الجادات امام القصر الرئاسي المحاط بسور كبير لوح المتظاهرون بالاعلام وانشدوا النشيد الوطني. وردد المتظاهرون "يتحدث عن الشرعية ونحن عن الحرية"، في اشارة الى خطاب مرسي الذي تحدث فيه عن "تمسكه بالشرعية" ليل الثلاثاء، قبل ان يتحدث عن "انقلاب" الاربعاء.
وقالت المتظاهرة منى حمدي "غضبنا موجه ضد الاخوان وليس فقط ضد مرسي". وقبيل اعلان الاطاحة بمرسي، لوح المتظاهرون امام وزارة الدفاع المقر العام للقائد الاعلى للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي، بالاعلام ورددوا "مصر مصر!" او "ارحل ارحل!".
وقال عبد الخالق عبدو وهو مزارع في الـ56 اتى من طنطا في دلتا النيل "انتظر شيئا واحدا ان يرحل مرسي". وبدأ باعة متجولون يبيعون صورا للفريق اول السيسي او اعلاما كتب عليها "الله يحمي الجيش".