تساؤلات عمّا إذا كان الإسلام السياسي أثبت فشله في الحكم
تباين غربي: انقلاب.. من السُّخف اعتباره انقلاباً عسكرياً!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يسيطر المشهد المصري على الساحة السياسية، حيث تكثر التحليلات حول واقع ومستقبل الإسلام السياسي. وتفاوتت الآراء حول سقوط الرئيس المصري محمد مرسي، بعد التظاهرات المليونية التي دعت إليها المعارضة، حيث اعتبره البعض انقلابًا عسكريًا، في وقت سخّف آخرون هذه الفكرة.
لا يزال الحدث المصري، الذي تمثّل في إطاحة حكم الإخوان المسلمين، يخضع للتحليل والمتابعة من جانب الصحافة الغربية، وسط تسريب معلومات عن محاولات أميركية لمنع أي انقلاب عسكري، تفاديًا للصدام مع الإسلاميين، مع الأخذفي الاعتبار أن الإدارة الأميركية لها ملاحظات كثيرة على أداء الرئيس الإخواني محمد مرسي.
فشل أميركي
ومهما يكن من أمر، فإنه كما قالت صحيفة "التايمز" البريطانية، إن ما جرى في مصر حدث سيذكره التاريخ، ويقرر ما إذا كان الإسلام السياسي أكد فشله كنظام للحكم، أو على أنه الأسبوع الذي بدأ فيه الجيش تقويض الربيع العربي.
على صعيد التطورات، يبدو أن محاولات أميركية فشلت في اللحظة الأخيرة مع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي باتخاذ إجراءات فورية في شأن الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة ائتلافية حقيقية، وتعيين رئيس جديد للحكومة، وذلك لتهدئة الحراك الشعبي المتصاعد وتفادي الانقلاب العسكري.
وبينما تفاوتت ردود الفعل الغربية على الحدث المصري ما بين اعتباره انقلابًا عسكريًا أو عكس ذلك، خرجت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية يوم الجمعة بتقرير قالت فيه إنه "من السخف اعتبار خطوة الجيش في عزل الرئيس السابق محمد مرسي انقلابًا على الشرعية".
وحذرت الصحيفة يوم الجمعة من تبعات الوقوع في "فخ الإخوان المسلمين، الذين يسعون إلى إقناع الرأي العام العالمي بأنهم ضحايا مدافعين عن قيم الديمقراطية".
نزاهة الجيش
ودعت الصحيفة كل من يشكك في نزاهة قرار الجيش المصري إلى العودة إلى سلوكيات حكومة الإخوان المسلمين وتصريحات الرئيس السابق مرسي، حتى يتأكدوا من أن التيار الإسلامي تستر بنتائج صناديق الاقتراع لتحقيق مصالحه بعيدًا عن مصلحة الشعب المصري على نحوّ عزز الانقسام السياسي في البلاد.
كما لفتت الصحيفة إلى أن "الأمور في مصر أو سوريا أو أي مكان آخر في العالم، ليست سهلة كما تبدو في أعين العالم الغربي"، مضيفة أن "الديمقراطية التي يتمتع بها الغرب لا تتحقق بمرسوم، بل يتعيّن بناؤها في دول الربيع العربي".
واختتمت افتتاحية "لوفيغارو" بالتنويه إلى أن طريق الديمقراطية في مصر طويل، "لكن أسوأ ما يعترضه هو قبول العالم بطرح الإسلاميين أنفسهم على أنهم شهداء للحرية".
اتصالات مع القاهرة
من جهتها، أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية جانبًا من تفاصيل الاتصالات الأميركية مع الجانب المصري، سواء مع وزير الخارجية محمد كامل عمرو أو مع الفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع.
وقالت إن كلمة وزير الخارجية جون كيري إلى نظيره المصري كانت واضحة: "يجب على الرئيس محمد مرسي اتخاذ إجراء جذري، يتمثل في الموافقة على انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة ائتلافية حقيقية، وتعيين رئيس جديد للحكومة، وذلك لتهدئة الحراك الشعبي المتصاعد وتفادي الانقلاب العسكري".
أضافت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين كانوا يتوقعون الصدام في مصر، لكنّهم لم يكونوا قادرين على إقناع مرسي بالتراجع، كما إن القنوات العسكرية المباشرة بين الطرفين، والتي حذرت واشنطن من خلالها القوات المسلحة من خطورة "الانقلاب"، برهنت عن عدم جدواها.
وأشارت إلى أنه حين وصل الإسلاميون إلى الحكم في مصر، رأى المسؤولون الأميركيون في العلاقة معهم مثالًا على شكل العلاقة التي اختارها الغرب مع العالمين العربي والإسلامي في إطار "عهد سياسي جديد".
وقد تشجّعت الإدارة الأميركية، بعدما أبدى مرسي استعداده للتعاون مع الرئيس باراك أوباما لفرض اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة. كما إن الولايات المتحدة وجدت في تعاون مرسي معها في مكافحة الإرهاب أمرًا جيدًا، بحسب مسؤولين.
تعزيز سيطرة الإخوان
لكن وبعد أيام، تبيّن لدى الإدارة الأميركية أن مرسي يسعى إلى تعزيز سيطرته على الحكم، فما كان من أوباما إلا أن اتصل بنظيره المصري في السادس من كانون الثاني/يناير الماضي للتعبير عن قلقه، وقد حاول إقناعه - هو ومسؤولون آخرون - بالعمل من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.
وقال المسؤولون الأميركيون لمرسي إن الولايات المتحدة تحترم فوزه، ولكن "فن السياسة يتطلب أن تقدم شيئًا إلى معارضيك"، وفق ما قال مسؤول سابق في الإدارة الأميركية.
وقالت "وول ستريت جورنال" إن مستشار البيت الأبيض السابق للأمن القومي طوم دونيلون كان الأكثر حرصًا على عدم انتقاد مرسي علنًا، وكانت النتيجة أن "الإدارة الأميركية تأخرت في الاعتراف بأن مرسي لا يحكم بطريقة توصل إلى ديموقراطية"، وفقًا للنائب السابق لشؤون الشرق الأقصى في وزارة الخارجية تامارا كوفمان ويتس.
أما المدافعون عن سياسة الإدارة الأميركية تجاه مرسي فيعتبرون أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية، حاولا إقناع الرئيس مرسي باللجوء إلى الديبلوماسية الهادئة، لتفادي المزيد من الانتفاضات، لكنه رفض.
اتصالات مع السيسي
وقد كشفت الاتصالات بين واشنطن والقائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي عمّا ستؤول إليه الأمور. وكان السيسي واضحًا بأن القوات المسلحة تخشى من تظاهرات شبيهة بتلك التي أطاحت بحسني مبارك، لأن من شأنها هذه المرة أن تقسم البلاد بين إسلاميين وغير إسلاميين. أما التصريحات العامة للرئيس الأميركي ووزارة الخارجية فركزت على مرسي.
وفي آخر اتصالات معه، قدمت واشنطن اقتراحات جديدة، من بينها تعيين رئيس حكومة جديد. وفي اتصال يوم الثلاثاء بين وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل والسيسي، كان الأول متشددًا جدًا في رفضه الانقلاب.
أما السيسي فلم يعلق، بحسب مسؤولين، إذ اكتفى بالقول إنه لم يرد التدخل، ولكنه وجد أن عليه إصلاح النظام بسرعة. وبحسب مسؤول رفيع المستوى، فإن ما حصل برهن، أن الجسر بين الولايات المتحدة وقياديي القوات المسلحة المصرية محدود التأثير.
فشل الإسلام السياسي
في لندن، قالت صحيفة "التايمز" إن هذا الأسبوع سيذكره تاريخ الشرق الأوسط، إما على أنه الأسبوع الذي أثبت فيه الإسلام السياسي فشله كنظام للحكم، أو على أنه الأسبوع الذي بدأ فيه الجيش تقويض الربيع العربي.
وتقول الصحيفة إن تحقيق الخيار الأول قد يكون معجزة، ولكنها ليست مستحيلة الحدوث. وتضيف أن الأيام الثلاثة من الفجر المصري الجديد أثبتت أنها مثيرة للقلق بدرجة كبيرة.
وترى الصحيفة اللندنية أن على الجيش، الذي أطاح أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيًا، أن يوضح على وجه السرعة أنه تصرّف لمصلحة الوطن، وليس لمصلحته هو.
نشوة الثورة الثانية
وتضيف أن نشوة الثورة الثانية انحسرت، وانتشرت الدبابات في مناطق مختلفة من البلاد، لتخلق حاجزًا بين معارضي مرسي ومؤيديه ولحماية الطرفين من بعضهما البعض. وبدأ الجيش حملة ضد الإخوان المسلمين، التي تزعم أنها ما زالت تمثل ما بين 20 و30 مليون مصري.
وتقول الصحيفة إنه لا يوجد شك في أن مرسي فشل كزعيم، حيث كان يتعيّن عليه إنهاء انهيار الاقتصاد المصري، كما إنه لم يكن رئيسًا لكل المصريين. وتوضح "كما إنه ما من شك في أن إبعاد مرسي أجّج غضب الإسلاميين في مصر، مما قد يفضي إلى حرب أهلية".
وتضيف الصحيفة أن الفريق السيسي والرئيس الموقت عدلي منصور لديهما أسابيع، وليس أشهرًا، لإثبات أنهما يعملان لمصلحة مصر، وعليهم أن يثبتوا أن الجيش لن يتدخل في عمل الحكومة الموقتة، وينبغي أن يحددا تاريخًا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما يترتب عليهما أن يضمنا مشاركة الإخوان المسلمين في هذه الانتخابات.
وفي الختام، تقول "التايمز" إن أي انتخابات تستبعد الإخوان المسلمين لن تكون نتيجتها ذات صدقية، كما ترى أيضًا أنه يجب على كل من السيسي ومنصور أن يطلقا سراح قيادات الإخوان المسلمين الذين تم احتجازهم. كما يجب على الإخوان أن يقبلوا أن مرسي خان المعتدلين الذين تعهد بخدمتهم والعمل لمصلحتهم.