شخصيات تبحث جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في العراق
حقوقيون: نسلم وثائق طلب إحالة المالكي على الجنائية الدولية خلال شهرين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بدأ سياسيون وحقوقيون ومحامون وإعلاميون ونشطاء عراقيون من المجتمع المدني اليوم في مدينة إسطنبول التركية مؤتمرًا حول جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في بلادهم بالإعلان عن قرب الانتهاء من تقديم ملفات هذه الانتهاكات إلى المحكمة الجنائية الدولية مشفوعة بطلب محاكمة نوري المالكي باعتباره رئيسًا للحكومة وقائدًا عامًا للقوات المسلحة.
أسامة مهدي: لدى افتتاح أعمال المؤتمر، الذي يستمر ثلاثة أيام، بمشاركة حوالي 250 شخصية عراقية، قال رئيس جمعية الحقوقيين العراقيين، المنظمة للمؤتمر، طارق علي الصالح، في كلمة له، إن المؤتمر يسعى إلى تسليط الضوء على معاناة العراقيين جراء تداعيات العملية السياسية، التي أقيمت على المحاصصة الطائفية والعرقية، وما نتج من ذلك من خروقات فاضحة وخطيرة لحقوق الإنسان العراقي.
لإحالة المنتهكين على العدالة الدولية
وأضاف أن الجمعية تبذل جهودًا كبيرة مع المنظمات الحقوقية الدولية لإحالة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في العراق على محكمة العدل الدولية. وأشار إلى أن ما فاقم هذه الانتهاكات هو بناء القوات الأمنية على أسس طائفية، حوّلتها إلى ميليشيات تمتلك حصانة السلطة، وتابعة لهذا الحزب أو ذاك.
وأشار إلى أن السلطات العراقية لاتحترم حتى حقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور العراقي الحالي، ما كان له الأثر السيئ على حياة العراقيين السياسية والاجتماعية والنفسية، بشكل أفقد العملية السياسية في البلاد مشروعيتها.
وأكد أن القضاء العراقي واقع الآن تحت هيمنة السلطة وتوجيهاتها وأهدافها للتخلص من خصومها، الأمر الذي جذر النعرات الطائفية، وحال دون مكافحة الفساد المالي والإداري المستشري. وشدد على ضرورة العمل مع المنظمات الدولية لوقف التداعيات الخطيرة لانتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وإعادة بناء العملية السياسية وملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان من مسؤولي النظام الحالي وإحالتهم على العدالة الدولية.
تسليم وثائق جريمة الحويجة خلال شهرين
من جهته، قال المحامي شلال عمر يوسف "رئيس هيئة الدفاع عن ضحايا مجزرة الحويجة" إن الهيئة تكاد تنتهي من جمع كل الوثائق والشهادات المتعلقة بهجوم القوات العراقية على معتصمي قضاء الحويجة في محافظة كركوك الشمالية في 23 نيسان (إبريل)، ما أدى حينها إلى مصرع 91 شخصًا وإصابة 400 آخرين، وذلك من أجل تقديمها إلى محكمة الجنايات الدولية مشفوعة بطلب محاكمة نوري المالكي عن هذه الجريمة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة والمسؤول الأول عن الأوامر المعطاة للقوات الأمنية.
وأضاف في كلمة له أن المادتين 6 و7 من قانون المحكمة الجنائية الدولية تنطبقان على جريمة الحويجة باعتبارها جريمة إبادة جماعية. وأكد أن الهيئة، التي تضم عشرات المحامين الذين يعملون من عواصم عربية ودولية عدة، تقوم بجمع أدلة إدانة جميع المسؤولين عن الجريمة، بدءًا من القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي وحتى أصغر عسكري ساهم في تنفيذها.
وأكد أن الهيئة تجد تعاونًا في هذا المجال من مختلف المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، وخاصة لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي ومنظمة العفو الدولية ومنظمة اليونيسيف، التي وثقت مقتل 11 طفلًا في هجوم الحويجة. وأشار إلى أن الهيئة ستقدم كل أدلتها ووثائقها عن الهجوم إلى محكمة الجنايات الدولية خلال شهرين من الآن.
اعتقالات بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري
أما الشيخ كاظم عنيزان رئيس "رابطة العشائر العربية في جنوب العراق" فقد عرض على المؤتمر وقائع اعتقاله وحوالى ألف و400 شخص من ضباط الجيش العراقي السابق، بينهم طيارون سابقون، في أواخر عام 2011 بتهمة الإعداد لقلب نظام الحكم، مؤكدًا تعرّضه والآخرين إلى عمليات تعذيب مستمرة.
وأوضح أنه بعد حوالى ستة أشهر من الاعتقال، فقد تم إطلاق سراح 1021 منهم، فيما تم الزجّ بالآخرين في سجون سرّية، ورحّل عدد منهم إلى إيران، وخاصة الطيارين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988. وأكد أن عمليات التعذيب التي يتعرّض لها المعتقلون يقوم بها أعضاء في حزب الدعوة بزعامة المالكي ومنظمة بدر بزعامة وزير النقل هادي العامري.
عروض لانتهاكات حقوق الإنسان
كما قدم قاسم الشمري الناطق باسم "منظمة إكرام لحقوق الإنسان في العراق" وثائق فيديو مصوّرة عن ممارسات القوات الأمنية ضد المواطنين العراقيين، أكدت وجود حالات تعذيب وحشي وعمليات إعدام ميدانية ضد المحتجين. واستعرض مواقف مختلف الدول والمنظمات الأجنبية ضد هذه الانتهاكات، وخاصة الإعدامات التي تنفذ على أساس اعترافات تنتزع بالتعذيب، موضحًا أن عام 2012 شهد تنفيذ 159 عملية إعدام، و2011 شهد 91 عملية، و2010 شهد 18 عملية إعدام.
بعد ذلك تحدث مظفر قاسم المتخصص في الإعلام السياسي عن الإعلام وحقوق الإنسان ومكانة وأهمية الإعلام في بناء المجتمعات المدنية، والمساهمة في حفظ حقوق الإنسان، وكيف يستطيع الإعلام ممارسة دوره الطبيعي لتفعيل حماية الحقوق بغضّ النظر عن اللون واللغة والعرق والقومية والدين. ودعا وسائل الإعلام العربية والأجنبية إلى تبني ميثاق شرف إعلامي من شأنه المساهمة في تعزيز وحفظ حقوق الإنسان ورصد ونشر انتهاكاتها.
من جانبه، فقد تطرّق محمد شلال حبيب دكتوراه في القانون الجنائي وعميد كلية القانون سابقًا إلى الاعتقالات التعسفية في العراق. فقال إن الحماية القانونية للحقوق والحريات والضمانات الشخصية تتوقف على مدى تحقيق التوازن بين القيم الدستورية للحقوق والحريات والضمانات الفردية والقيمة الدستورية للمصلحة العامة.
وأشار إلى أنه بما أن الإجراءات التي ينص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 من شأنها المساس ببعض هذه الحقوق والحريات والضمانات، فإنه تتعيّن كفالتها وفقًا لمبدأ قرينة البراءة (الأصل في المتهم البراءة)، إذ إن القاضي هو الحارس الطبيعي للحريات، فهو أول من يدافع عن هذا المبدأ، الذي أكدت عليه الدساتير، ومنها الدستور العراقي، وذلك من خلال معايير تنص عليها القوانين الإجرائية، تتمثل في ضمانات يتعيّن على القضاء والقاضي الالتزام بها.
وقال "طالما إن الدستور هو القانون الأساسي، الذي يتولى تحديد القيم الأساسية للمجتمع، لا سيما الحريات والحقوق والواجبات العامة في أكثر من مادة من مواده، فيتوجب على القانون الجنائي بشقيه الموضوعي والإجرائي كفالة هذه القيم وحمايتها على نحو يتفق مع أحكام الدستور".
ثم تحدث علي الساعدي رئيس "المنظمة الأحوازية لحقوق الإنسان" عن حرمان الإنسان الأحوازي في إيران من حقوقه الإنسانية السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية وغيرها. وتطرق إلى سياسات: الإعدامات والاعتقالات العشوائية.. والتفريس ومنع حتى الأسماء العربية.. والتفقير والتجويع.. والتهجير للأحوازيين والاستيطان لغيرهم .. والاستيلاء على الأراضي الزراعية بقوة السلاح، إضافة إلى التلوث البيئي، من خلال بناء السدود وتجفيف الأنهار، وما خلفته هذه العملية من تلوث للمياه القليلة الباقية في الأنهار.
إطلاع الرأي العام على طبيعة العملية السياسية في العراق وتأثيرها السلبي
يذكر أن المؤتمر يناقش قضية انتهاكات حقوق الإنسان ومشروعية العملية السياسية ومخاطر الدكتاتورية الطائفية في العراق وتسليط الضوء داخليًا وخارجيًا على عمليات تسييس القضاء والجيش وقوى الأمن الداخلي هناك، وجعل تركيبتها من الميليشيات الطائفية، حيث يسعى المشاركون إلى بذل جهود مع المنظمات الدولية لإحالة مرتكبي تلك الجرائم على محكمة الجنايات الدولية.
كما يهدف إلى إطلاع الرأي العام الدولي والإقليمي على طبيعة العملية السياسية في العراق من حيث الشرعية والمشروعية ومدى تأثيرها السلبي على بنية ونسيج المجتمع العراقي "بسبب اعتمادها أسس المحاصصة الطائفية، التي لا تمت بأية صلة إلى الديمقراطية الليبرالية السائدة في العديد من بلدان العالم"، كما أشارت اللجنة المنظمة للمؤتمر.
وقالت إنه ونتيجة حتمية للعملية السياسية في العراق فقد "انبثقت الدكتاتورية الطائفية التي تعتبر من أشرس وأخطر الدكتاتوريات على الإطلاق، كما كانت سائدة مثيلاتها في القرون الوسطى، وجلبت الويل والثبور والحروب الأهلية الطاحنة بين الكاثوليك والبروتستانت آنذاك".
وأوضحت أن الحكومة العراقية "المنبثقة من هذه العملية السياسية قد مارست أبشع الجرائم بحق العراق كدولة وشعب، حيث نهبت ثرواته وموارده المالية الهائلة، وأفقرت الشعب، الذي باتت الغالبية منه تحت خط الفقر، ودمّرت جميع البنى التحتية للبلد، ومارست بحقه أبشع جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب والاعتقالات العشوائية والعنف والتمييز الطائفي.. كما استغلت هذه الدكتاتورية نفوذها السلطوي لتسييس القضاء والجيش وقوى الأمن الداخلي، وجعل تركيبتها من الميليشيات الطائفية التابعة لها، بغرض أن تكون أدوات طيّعة في تنفيذ مآربها الخبيثة في ارتكاب جرائمها ضد العراقيين" على حد قولها.
وعلى مدى ثلاثة أيام، وخلال ست جلسات، سيتحدث الدكتور طارق علي الصالح اختصاصي القانون الجنائي من جامعة كلاسكو في المملكة المتحدة والدكتور شلال عمر يوسف رئيس هيئة الدفاع عن ضحايا الحويجة وسعدي جميل المتحدث باسم منظمة أكرام لحقوق الإنسان والشيخ كاظم عنيزان رئيس رابطة العشائر العربية في جنوب العراق، ويوسف وهران الشيخلي المتحدث باسم الحراك الشعبي، والدكتور مظفر قاسم متخصص في الإعلام السياسي، والدكتور محمد شلال أستاذ القانون الجنائي في جامعة الشارقة، وعلي الساعدي رئيس المنظمة الأهوازية لحقوق الإنسان، والدكتور طارق الكبيسي مستشار في العلوم العقلية والنفسية في المملكة المتحدة، والدكتور قاسم حسين صالح رئيس الجمعية النفسية العراقية.
كما سيتحدث خلال المؤتمر الدكتور رأفت فودة رئيس قسم القانون في جامعة القاهرة، والدكتورة راقية القيسي اختصاصية في العلوم السياسية من جامعة كلاسكو، والدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة السويس، والدكتور غسان العطية رئيس المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية، والدكتور طارق شندب أستاذ القانون الدولي الجنائي ومحامٍ، وصباح الخزاعي ناشط سياسي، وأكرم عبد الرزاق المشهداني مستشار وزارة العدل القطرية، ومحمد نادر ناشط وباحث في شؤون حقوق الإنسان.. إضافة إلى المحامي بشير العنبكي محكم وخبير مصرفي وقضائي، وخالد العزي رئيس المنظمة العراقية لحقوق الإنسان، ومؤيد الونداوي رئيس قسم العلاقات الخارجية في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، ويوسف بوعندل أستاذ مساعد في جامعة قطر.
وسيختتم المؤتمر صباح الاثنين المقبل بقصيدة يلقيها الشاعر العراقي المعروف عبد الرزاق عبد الواحد، الذي سيحظى أيضًا بتكريم المؤتمر والمشاركين في أعماله.