حزب النور السلفي يعرقل تسليمه ملف الشؤون الخارجية لمصر
لمن لا يعرفون محمد البرادعي غريم الإدارة الأميركية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تصاعد وتيرة الصدام على الساحة المصرية بسبب مواقف جماعة الإخوان المسلمين المتشنجة، التي تحشد أنصارها نحو مزيد من العنف والدم، وموقف حزب النور السلفي المتعنت من بعض الشخصيات، قد يعرقل بعض الوقت إصدار إعلانات دستورية جديدة من جانب الرئيس الموقت عدلي منصور.
نصر المجالي: كان مفترضًا أن يصدر قرار يوم السبت الماضي بتعيين محمد البرادعي رئيسًا للحكومة الموقتة، لكن ذلك لم يتم، وحتى مساء الأحد، تم ترشيح المدير العام السابق لمنصب نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، وهذا ما لم يحدث أيضًا بسبب رفض من جانب الحزب السلفي للبرادعي، وحتى لترشيح الدكتور زياد بهاد الدين لرئاسة الحكومة.
ويرى مراقبون سياسيون أن تكليف شخصية عالمية بارزة كالبرادعي لتولي ملف الشؤون والعلاقات الخارجية أمر مهم لمصر في عملية تحوّلها السياسي الراهن، ويؤكدون أنه قادر على المهمة.
النور يرفض البرادعي
وكان بسام الزرقا، نائب رئيس حزب النور للشؤون السياسية، أعلن عن رفضه الكامل لاختيار محمد البراعي لتشكيل الحكومة الأولى، بعد عزل الرئيس محمد مرسي، محذرًا من "رفع يد" الحزب عن العملية السياسية، التي شارك فيها مع سائر الأحزاب والقوات المسلحة بسبب تأييد البرادعي للعلمانية، ورأيه في شكل الدولة.
وقال الزرقا في مقابلة مع فضائية "الحياة" إن كلمة "تحفظ" حول البرادعي هي "أقل مما تستحق"، مضيفًا أن لديه "رفضًا كاملًا" لهذا الخيار. واعتبر الزرقا أن اختيار البرادعي، وهو "جهة ذات توجّه أيديولوجي حاد"، يطرح تساؤلات عدة، مضيفًا: "هل هذا خطأ في تقدير الموقع أم إنها خطوات سنرى ما بعدها".
وحول رأيه حول إمكانية انسحاب الحزب من العملية السياسية، التي شارك عبرها في عزل مرسي، قال الزرقا: "وجهة نظري الشخصية هي أن هذا الموقف يتطلب رفع اليد من هذا الأمر"، مضيفًا: "كل الخيارات مفتوحة بعد التصويت في الحزب"، مشيرًا إلى أن الخيار الأفضل كان وصول شخص اقتصادي أو من التكنوقراط".
يتحدث بلغتين
وحول أسباب رفض حزب النور السلفي للبرادعي، قال الزرقا إن الأخير يتحدث بلغتين، الأولى موجّهة إلى المصريين، والثانية موجّهة إلى الخارج، مضيفًا أن رئيس الوزراء الجديد "يتحدث بالإنكليزية عن العلمانية وشكل الدولة"، بصيغة مغايرة لما يقوله باللغة العربية.
وكان حزب النور قد ارتبط بعلاقة تحالف سياسي مع جماعة "الإخوان المسلمين"، قبل أن تتراجع العلاقة بينهما، خاصة مع إقالة الزرقا من منصب مستشار مرسي. وقد ظهر ممثل عن الحزب في المؤتمر الصحافي، الذي جرى خلاله إعلان عزل مرسي، لكن الحزب أصدر الجمعة بيانًا اعترض فيه على قرار الرئيس الموقت، عدلي منصور، حلّ مجلس الشورى.
17 دكتوراة فخرية
وقد لعب المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني في مصر، محمد البرادعي، صاحب الـ15 جائزة دولية، تتقدمها جائزة (نوبل) للسلام، والـ 17 دكتوراة فخرية، أدوارًا مختلفة في السياسة المصرية خلال السنوات الماضية، وظهر على الساحة بشكل بارز مع ثورة 25 يناير وإسقاط حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وكذلك الفترة التي تولى خلالها الرئيس المخلوع محمد مرسي مقاليد السلطة.
وكان جرى الاتفاق في اجتماع أجراه الرئيس الموقت عدلي منصور، السبت، مع حركة "تمرد" على أن يتولى الدكتور البرادعي رئاسة الوزراء، وأحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق منصب نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، والخبير الأقتصادي أحمد النجار وزيرًا للمالية، ولكن القرارات تعثرت.
وكان الرئيس المصري الموقت أصدر السبت الماضي عددًا من القرارات الجمهورية بتعيين عدد من المستشارين، وشملت تعيين اللواء محمد رأفت عبد الواحد شحاتة مستشارًا لرئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، والدكتور المصطفى مصطفى سالم حجازي مستشارًا للشؤون الاستراتيجية، والمستشار علي عوض محمد صالح مستشارًا للشؤون الدستورية، وأحمد محمد محمود المسلماني مستشارًا إعلاميًا لرئيس الجمهورية.
كما أصدر قرارًا آخر بتعيين اللواء محمد أحمد فريد التهامي رئيسًا للمخابرات العامة. وقرر رئيس الجمهورية الموقت أيضًا إعفاء السيد محمد رفاعة الطهطاوي من منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وتكليف اللواء أركان حرب عبد المؤمن فودة كبير الياوران بأعمال رئيس ديوان رئيس الجمهورية.
من هو البرادعي؟
معروف أن البرادعي يحظى بشعبية بين الناشطين المطالبين بالديمقراطية، بسبب معاركه ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم المعزول محمد مرسي. وقد أصبح البرادعي المعروف بنزاهته وتواضعه "صوت جبهة 30 يونيو"، التي تضم أهم الأحزاب والحركات المعادية للرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي أزاحه الجيش تحت ضغط شعبي.
وعهدت إلى البرادعي الجبهة بمسؤولية "تأمين تنفيذ مطالب الشعب المصري، وإعداد سيناريو يهدف إلى تنفيذ خريطة الطريق للانتقال السياسي". وفي الآتي أهم المحطات في حياة البرادعي:
- ولد محمد مصطفى البرادعي في 17 حزيران/يوليو 1942 في العاصمة المصرية، القاهرة، والده هو مصطفى البرادعي محام ونقيب سابق للمحامين، ووالدته عايدة حجازي، تزوج بعايدة المكشوف، وأنجبا مصطفى وليلى.
- حصل على شهادة البكالوريوس في مجال الحقوق من جامعة القاهرة عام 1962، وأكمل درجة الدكتوراه في جامعة نيويورك في مجال الحقوق الدولية عام 1974.
- استهل البرادعي حياته العملية كموظف في وزارة الخارجية المصرية في قسم الهيئات لدى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف منذ العام 1964 حتى1980، والتحق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1984 ليشغل مناصب رفيعة عدة، منها المستشار القانوني للوكالة.
- ومنذ العام 1981 عمل أستاذًا للقانون الدولي في جامعة نيويورك حتى العام 1987.
- عيّن مديرًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1997، وحاز جائزة نوبل خلال عمله في الوكالة عام 2005، قبل انتهاء خدمته بعد إدارته الوكالة لدورتين متتاليتين عام 2009، أثير حوله الجدل، خصوصًا في ما تعلق بقضية أسلحة العراق قبل غزوها عام 2003 ، والبرنامج النووي الإيراني.
- عاد إلى مصر في 27 يناير/كانون الثاني عام 2011، وسط تهديدات بالقتل، ليشارك المعارضة مطالبها بإسقاط نظام مبارك، ورغم أن الحكومة المصرية فرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله في 28 يناير/كانون الثاني عام 2011، إلا أنه تجاوز أوامر الحكومة ليشارك في التظاهر مع المعارضين.
- أعلن في التاسع من مارس/آذار عام 2011 عن رغبته في الترشح لرئاسة مصر، وبعد عشرة أيام تعرّضت سيارته لهجوم على يد مجموعة منعته من المشاركة في الاستفتاء الدستوري.
- تراجع عن رغبته في الترشح للرئاسة بعدما انتقد المجلس العسكري في 14 يناير/كانون الثاني عام 2012، بعدم قدرته على إنشاء "مؤسسة ديمقراطية حقيقية".
- أعلن في 28 إبريل/نيسان عام 2012، عن تأسيس حزب الدستور، الذي يهدف منه إلى "إنقاذ الثورة الحقيقية".
- شارك في تشكيل ورئاسة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة إلى جانب عمرو موسى وحمدين صباحي، وقد لعبت الجبهة دورًا بارزًا خلال تظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، التي انتهت بعزل الرئيس مرسي.
- أعلنت الحكومة المصرية تكليفه برئاسة الوزراء خلفًا لهشام قنديل، وبتعيين أعضاء الحكومة الجديدة في السادس من يوليو/تموز عام 2013.
أسلحة العراق وإيران
لعل أكثر ما يمكن أن يسجل في تاريخ البرادعي العالمي هو موقفه من برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي والبرنامج النووي الإيراني، حيث بسبب اضطلاع الوكالة الدولية للطاقة النووية بدور في التفتيش على الأسلحة النووية، وبسبب السياسة الأميركية الساعية إلى تقييد امتلاك دول لتلك التقنيات، فقد ثار حول محمد البرادعي جدل، خصوصًا في ما تعلق بقضيتي أسلحة العراق قبل غزوها سنة 2003 والبرنامج النووي الإيراني، وسعي الولايات المتحدة إلى إقصائه عن رئاسة الوكالة، ثم منعه من رئاستها لدورة ثالثة.
وقد كان البرادعي قد أثار منذ 2003 تساؤلات حول دوافع الإدارة الأميركية في دعوتها إلى الحرب على العراق بدعوى حيازتها أسلحة دمار شامل، إذ كان قد رأس هو وهانز بلكس فرق مفتشي الأمم المتحدة في العراق.
وكان البرادعي صرح في بيانه أمام مجلس الأمن في في 27 يناير/كانون الثاني 2003، قُبَيل غزو الولايات المتحدة العراق، "إن فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يعثر حتى الآن على أي أنشطة نووية مشبوهة في العراق".
كما لم يأت تقرير هانز بلِكس رئيس فرق التفتيش على أسلحة الدمار الشامل بما يفيد بوجود أي منها في العراق، وإن كان لا ينفي وجود برامج ومواد بهدف إنتاج أسلحة بيولوجية وكيميائية سابقًا. كما كرّر ذلك في كلمته أمام مجلس الأمن في 7 مارس/آذار 2003. ولاحقًا، وصف البرادعي يوم غزو العراق بأنه "أكثر الأيام بؤسًا في حياته".
وكان هانز بلكس قد صرّح عند بدء التحقيق في مبررات حرب الولايات المتحدة على العراق بأن دِك تشيني نائب الرئيس الأميركي قد أبلغهم بأنهم سيسعون إلى الانتقاص من مصداقيتهم في حال عدم الوصول إلى تبرير للحرب.
إزاحته عن رئاسة الوكالة
عارضت الولايات المتحدة ترشّح محمد البرادعي لمدة ثالثة كرئيس للوكالة الدولية، كما أثارت صحيفة واشنطن بوست جدلًا حول ما أعلنته من قيام الولايات المتحدة بالتنصت على مكالماته على أمل العثور على ما يساعدها على إزاحته عن رئاسة الوكالة.
وعلى الرغم من عدم وجود مترشحين منافسين على رئاسة الوكالة في ذلك الوقت، سعت الولايات المتحدة إلى إقناع وزير الخارجية الأسترالي السابق ألكسندر داونر بالترشح، إلا أنه رفض، فتأجل قرار مجلس محافظي الوكالة حتى نهاية مايو/أيار 2005، عندما أسقطت الولايات المتحدة اعتراضاتها على رئاسته في 9 يونيو/حزيران بعد مقابلة بينه وبين كوندوليسا رايس، حيث فشلت الولايات المتحدة في الحصول على دعم كاف من دول أخرى لإقصاء البرادعي، وكان من ضمن الدول التي أيّدت إعادة انتخاب البرادعي فرنسا وألمانيا والصين وروسيا.
بعد فوزه برئاسة دورة جديدة للوكالة سنة 2005، سعت حكومة الولايات المتحدة إلى إزاحة البرادعي عن رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك فعلت إسرائيل.
مفاجأة انتخابات الرئاسة الأميركية
وقبل عشرة أيام من موعد انتخابات الرئاسة الأميركية في 2004، أثار البرادعي تساؤلات حول مآل 377 طنًا من المتفجرات اختفت في العراق، بعد سيطرة الجيش الأميركي عليها، فيما شكل مفاجأة أكتوبر في السياسة الأميركية لتلك الانتخابات.
كما اتهمت الولايات المتحدة البرادعي باتخاذ موقف متخاذل في ما يتعلق بملف البرنامج النووي الإيراني، إلا أن حيثيات فوزه بجائزة نوبل السلام "لجهوده الحثيثة في الحؤول دون استخدام التقنيات النووية في الأغراض العسكرية، وفي أن تستخدم في الأغراض السلمية بآمن وأسلم الوسائل الممكنة" فنَّدت تلك المزاعم.
وفي مقابلة معه، أجرتها قناة سي إن إن في مايو 2007، أدلى البرادعي بتصريح شاجب للإجراءات العسكرية كحل لما تراه دول أنه أزمة الملف النووي الإيراني، فقال البرادعي ما معناه "لا نريد أن تكون حجة إضافية لبعض "المجانين الجدد"، الذين يريدون أن يقولوا هيا بنا نقصف إيران".
كما كان البرادعي، قال في مقابلة مع الصحيفة الفرنسية لوموند في أكتوبر/تشرين الأول 2007: "أريد أن أبعد الناس عن فكرة أن إيران ستصبح تهديدًا من باكر، أو أننا تحت إلحاح تقرير ما إن كان ينبغي قصف إيران أو السماح لها بأن تحوز القنبلة النووية. لسنا في هذا الموقف. العراق مثل صارخ على أن استخدام القوة، في حالات كثيرة، يضاعف المشكلة بدلًا من أن يحلها.
يشار في الختام، إلى أن البرادعي كان قال العام 2008 "إذا وُجِّهت ضربة عسكرية إلى إيران الآن، لن أتمكن من الاستمرار في عملي"، أي إنه سيستقيل، بحسب ما ذكر، كما إنه أوضح أن ضرب إيران "سيُحيل على كرة لهب".