مستقبل الإسلام السياسي رهن بمراجعة الجماعة لتجربة حكمها
خبيران مصريان: استخدام العنف سيضع الإخوان بمواجهة الشعب والجيش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اعتبر أكاديميان قانونيان مصريان أن مستقبل الإسلام السياسي في مصر رهن بمدى إصرار الإخوان المسلمين على اللجوء إلى العنف وقدرتهم على مراجعة فترة حكمهم للبلاد ونقد هذه التجربة والاعتراف بأخطائها. وأكدا في حديث مع "إيلاف" أن الاطاحة بالرئيس السابق مرسي لم تكن انقلابًا عسكريًا وانما استجابة لرغبة شعبية في تصحيح مسار الثورة، وأشارا إلى أنّ مرسي قد خرج على الدستور فانتهت شرعيته.
لندن: قال الدكتور رأفت فودة، رئيس قسم القانون العام، مدير معهد قانون الأعمال الدولي في كلية الحقوق في جامعة القاهرة، إنه بعد أن اعترف البيت الأبيض وكثير من المراكز الاعلامية العربية والاجنبية بخروج 33 مليون مصري يطالبون برحيل الرئيس السابق محمد مرسي وهم مَن أجلس نظامه على كرسي الحكم، فإنه بعد ذلك لا بد من القول إن ما حدث هو تحقيق لإرادة شعب ولا يعتبر من الناحية الدستورية والقانونية انقلابًا الا اذا تم اعتباره انقلابًا شعبياً، أما كونه انقلابًا عسكريًا فإنه ليس كذلك مطلقًا.
وأشار إلى أنّه من الناحية الدستورية البحثية فما حصل في مصر ليس انقلاباً عسكرياً وبمفهوم القوانين الدولية أيضاً.
وحول مستقبل الإسلام السياسي في مصر وفي الوطن العربي بعدما حدث من سقوط حكم الإخوان وتحريضهم على العنف وخاصة ضد القوات المسلحة قال فودة إن هذه "التجربة قد افادت الجميع وهذه وإن لم تكن لفترة طويلة فإنها كانت نافعة لأنه اذا ارتضينا نظام حكم دستوري فيجب احترام الدستور حتى ولو كان بملامح دينية واعتقد أن ما حصل في مصر هو خروج الحاكم نفسه على ما ارتضاه من دستور لأنه مثلاً ان المادة الرابعة من الدستور تقول إن الذي يتولى الشؤون الدينية في البلاد هو الازهر وهو المشرف عليها لكن الإخوان كانوا يحقرون الازهر ويعتدون عليه وهذا اعتداء على الدستور".
وأشار أيضًا إلى أنّ "الدستور ينص على سيادة واستقلال القضاء لكن الإخوان كانوا يتدخلون في شؤونه ويرفضون تنفيذ احكامه، ومن هنا فإن المسألة لا يمكن اعتبارها فشلاً للإسلام السياسي بالمعنى العام ولكن هو تطبيق له في إحدى المرات، ولم يدم طويلاً نظراً لخروج هذا التيار الحاكم على قواعد اللعبة السياسية.. إذًا ليس صحيحاً اعتبار الإسلام السياسي فاشلاً وانما هو التطبيق الذي فشل".
وأضاف أن "مستقبل الإسلام السياسي يتوقف على ابناء هذا التيار ومن ينتمي اليه، فإن فهموا قواعد اللعبة السياسية واختاروا ان يجمعوا بين الدعوة والحكم فقواعد لعبة الحكم السياسية ترغمهم على أن يحترموا هذه القواعد لكي ينجحوا ولكنهم اذا استخدموا جانباً واحدًا وهو الديني فلن يفلحوا في ذلك لانهم دعوا إلى الإسلام 80 عاماً، فكان من المفروض أنهم خلقوا اجيالاً تؤمن بفكرهم وبالتالي فإن هذا فشل في طريقة الدعوة والحكم فهذا ينسب لمن فشل وليس نسبه إلى الإسلام السياسي".
وحول مراجعة الإخوان لتجربتهم في الحكم قال فودة إن "المطلوب منهم الان مراجعة مسيرتهم وممارساتهم لانهم اساؤوا اختيار الاشخاص الذين يمثلونهم من حيث الخبرة، فالدكتور مرسي رجل مهندس وعالم في الهندسة ولكن ربما خبرته في السياسة وخبرة من حوله ومحاولتهم سرعة الوصول إلى اهداف معينة لم تشكل حنكة سياسية تقود نظام حكم، لأن السرعة قد تكون مطلوبة احيانًا ولكنها قد تقضي على صاحبها ايضًا فهي سلاح ذو حدين".
جمال سلامة
ومن جهته، اعتبر الدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة السويس أن إزاحة الجيش المصري للرئيس السابق محمد مرسي ليست انقلابًا عسكرياً وانما استجابة لمطلب شعبي، فالوضع الاقليمي والدولي كما الداخلي لا يسمح في الوقت الراهن بحدوث أي انقلاب عسكري.
وشدد على أن ما حدث شكل استجابة شعبية لأن الانقلاب العسكري يعني ازاحة الحاكم بالقوة وتعيين حاكم عسكري بدلاً منه، وهذا لم يحصل فكانت الاستجابة لمطالب الناس وللشارع الذي تحرك مطالبًا بازالة الرئيس.
وأشار إلى أنّ الجيش قد حذر الرئيس اكثر من مرة بضرورة الاستجابة لمطالب الشعب وابلغه بمخاطر ما سيحصل اذا لم يستمع لصوت الشعب ويستجيب لتطلعاته، لكنه رفض فخرج الشعب بشكل فاق اكثر التوقعات فحصلت الثورة في 30 يونيو وهو ما كان متوقعًا.
وعن تأثير سقوط حكم الإخوان على مستقبل الإسلام السياسي، أشار سلامة إلى أنّ "المطلوب الآن اتخاذ خطوات دستورية سريعة وهي بدأت فعلاً بإختيار رئيس موقت هو رئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك وفق ما نص عليه الدستور، ثم تشكيل حكومة وبعدها إعداد دستور اولاً لأن مشاكل مصر الحالية حدثت بسبب عدم إعداد دستور بعد سقوط الرئيس مبارك قبل اجراء انتخابات البرلمان ورئيس الدولة فتم وضع العربة امام الحصان. وتوقع سلامة أن يستغرق تنفيذ هذه الاستحقاقات فترة عام ونصف العام ستكون هي زمن الفترة الانتقالية".
وأشار إلى أنّ "مستقبل الإسلام السياسي يتوقف على طبيعة رد الإخوان فهم اذا استمروا بالعنف فإن هذا سيقاوم، والحكومات السابقة سواء في عهود الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك كانت تواجه الإخوان بقوة السلطة، ولكن الإخوان سيواجهون الآن قوة الشعب، فالناس كانت سابقًا متعاطفة مع الإخوان لكنهم الآن ناقمون عليهم".
وأكد سلامة أن "استمرار الإخوان بالعنف سيضعهم هذه المرة في مواجهة الشعب والقوات المسلحة معًا، وفي هذا فإن مستقبل جماعة الإخوان مرهون بممارساتها وتعقلاتها فإذا استوعبت هذه المرة وقبلت بالعملية الديمقراطية لتكون طرفًا فيها فسيكون هذا في صالح مصر كلها، ومن ضمنها المشروع الإسلامي السياسي". وقال إن "الجماعة قد تعجلت في مسك الحكم لأنها لا تمتلك الكوادر والبرامج الكافية لذلك فإدارة الدولة والنظام السياسي ليست كإدارة التنظيم.. ومن هنا فإن عليهم مراجعة أنفسهم".