أخبار

لأنه ورقة رابحة بيد الأسد

إقناع إيران بإخراج حزب الله من سوريا هو السبيل لإسقاط النظام السوري

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ثمة بوادر لانفتاح إيراني على السعودية سيترجم بالتأكيد تبدلًا في المواقف الميدانية في سوريا، خصوصًا أن المراقبين لا يرون سبيلًا للتخلص من الأسد إلا بسرقة ورقة حزب الله الرابحة من يده.

يرى مراقبون أن الأزمة السورية التي أخضعت السياسة الواقعية والتي اعتمدها الرئيس الأميركي باراك أوباما في الشؤون الدولية، لهي أصعب امتحان حتى الآن. فالتدخل العسكري المباشر يمكن أن يغرق الولايات المتحدة في حرب أخرى، لا يُعرف متى تنتهي.

لكن السكوت عمّا يجري يعني تخلف الولايات المتحدة عن النهوض بالتزاماتها الإنسانية المعلنة والإضرار بمصالحها في المنطقة. وتبقى العقبة الرئيسة في طريق الحل السياسي، الذي اتفقت واشنطن مع موسكو على إيجاده من خلال مؤتمر جنيف ـ 2، إصرار رئيس النظام السوري بشار الأسد على الإمعان في مجازره.

يخطئ من يقول إن الولايات المتحدة لا تملك أدوات للضغط على الأسد. وأقوى ما يحمل الأسد على التوصل إلى حل مقبول لجميع الأطراف هو حرمانه من دعم حزب الله، الذي يتصاعد الغضب عليه في لبنان، بسبب تدخله في سوريا. وعلى الولايات المتحدة أن تغتنم هذه الفرصة المناسبة، حتى إذا كانت تعني التفاوض مباشرة مع إيران، للجم وكيلها اللبناني، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز.

ورقة رابحة
يتفق المحللون على أن حزب الله هو ورقة الأسد الرابحة. فلولا مساعدة الآلاف من مقاتليه لما تمكنت قوات النظام السوري من استعادة مدينة القصير في أوائل حزيران (يونيو) الماضي، ولواجهت مشقة أكبر في الاحتفاظ بدمشق ومناطق استراتيجية أخرى. ويرى حزب الله من جهته أن سوريا قناة لا يمكن أن يفرّط بها لإمداده بالسلاح من إيران.

لكن لا يُعرف على وجه التأكيد ما إن كان قادة حزب الله حقًا يعتبرون الحرب في سوريا حرب وجود بالنسبة إليهم، لا مفر من الانخراط فيها.

ويرجّح محللون أن حزب الله بدأ يفكر في سيناريو لا مكان للأسد فيه، وحياة بلا شريان سوريا لرفده بالسلاح، بعد مقتل أربعة من كبار القادة العسكريين والأمنيين في النظام السوري في عملية تفجير متقنة في تموز (يوليو) 2012. وفي حينها، قرر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بصورة مفاجئة زيادة تدخله في سوريا لأسباب، منها ولاؤه لإيران.

قلق وتوتر
وفي حين أن لدى حزب الله أقوى ميليشيا مسلحة في المنطقة، وربما في العالم، فإنها تبقى مكشوفة للاستنزاف والإنهاك. وبوجود آلاف من مقاتليه في سوريا واحتمالات حرب أخرى مع إسرائيل، يطارده شبحها باستمرار، فإن حزب الله يقترب من الحدود القصوى لما يمكن أن يفعله لإنقاذ نظام الأسد. وتبدو مجاهرة نصر الله بالتدخل في سوريا إلى جانب قوات النظام دليل قلق وتوتر أعصاب أكثر منه تعبيرًا عن قوة الإرادة والتصميم، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وفي لبنان، يواجه دعم حزب الله للأسد معارضة متنامية بين اللبنانيين. وفي حزيران (يونيو)، استهدف مقاتلون من المعارضة السورية معقل حزب الله على الأرض اللبنانية للمرة الأولى بعملية تفجير في الضاحية الجنوبية. وآخر ما يريده حزب الله هو التصعيد في الداخل، خشية دفع خصومه السنة إلى التسلح وبناء ميليشيات خاصة بهم.

الشريك الإيراني
في هذه الأثناء، ألقت الأزمة السورية أعباء ثقيلة على عاتق قوى الأمن اللبنانية لتطويق أعمال العنف الطائفية، وأجبرت رئيس الوزراء على الاستقالة، وأرجأت الانتخابات النيابية، مشددة الضغط على التوازنات اللبنانية الهشّة. وإزاء صلابة المعارضة ومخاطر انفجار الوضع في لبنان نفسه، فإن شكوكًا ربما تساور قادة آخرين في حزب الله بصواب القرار الذي اتخذه نصر الله، حين رمى ثقل الحزب وراء الأسد في ساحة غير ساحته.

وتتولى إيران مهمّة التسليح والتمويل، ولكن امتناعها عن إرسال مقاتلين وتكبد خسائر بالأرواح في سوريا يشير أيضًا إلى أن طهران تتحوّط للأسوأ، كما تلاحظ صحيفة نيويورك تايمز. ويرى محللون أنه لكي يوقف حزب الله دعمه المطلق لنظام الأسد يتعيّن إقناع الحزب بأن رئيس النظام السوري لا يستطيع الاحتفاظ بالسلطة، وأن الحكم الذي يأتي بعده لن يقوّض مصالح حزب الله بالكامل.

والطريق إلى قلب حزب الله يمر بإيران، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز، داعية إدارة أوباما إلى تجرّع مرارة القبول بإيران مشاركًا في مؤتمر جنيف ـ 2 لتحقيق السلام في سوريا.

تسويات
ويسعى الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني إلى تحسين العلاقات مع السعودية، التي تدعم المعارضة السورية. ومن المرجّح أن يكون روحاني أكثر مرونة من سلفه، وقد يفسح المجال للتوصل إلى حل يحظى بقبول أطراف النزاع.

وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن أستاذ الدراسات الاستراتيجية في كلية البحرية الأميركية جونثان ستيفنسن قوله إن على الولايات المتحدة أن تتقبل سيناريوهات لتقاسم السلطة، تضمن للطائفة العلوية دورًا في الحكومة السورية الجديدة. كما يتعيّن على الولايات المتحدة أن تشجّع المعارضة السورية بالإشارة إلى أنها مستعدة لتسليح فصائلها المعتدلة إذا وحدت قواها وأبدت استعدادًا للتفاوض، وأن ممارسة الدبلوماسية النشيطة في هذا الاتجاه يمكن أن تعزز موقع المسؤولين الإيرانيين، الذين لديهم شكوكهم في قدرة الأسد على البقاء، وتخفف من غلواء المتشددين في السلطة الإيرانية، بحسب ستيفنسن، معتبرًا أن الاستراتيجية الواعدة أكثر من أي استراتيجية أخرى، رغم صعوبة تنفيذها، هي قطع شريان الحياة عن الأسد بإخراج حزب الله من المعادلة عن طريق إيران.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف