أخبار

هرب عتاة القاعدة يعزز عملياتها في العراق وسوريا

الهجوم على سجني أبو غريب والتاجي بدد سمعة المالكي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لم يعرف بعد العدد الدقيق للهاربين من سجني أبو غريب والتاجي العراقيين، لكن المؤكد أن عتاة القاعدة الذين صاروا أحرارًا سيعززون عمليات التنظيم في العراق وسوريا على حد سواء.

تكتسب الهجمات الجريئة على سجني أبو غريب والتاجي في بغداد أهميتها، وليس ذلك بسبب هروب مئات السجناء، الذين غالبيتهم عتاة من تنظيم القاعدة فحسب، بل لأنها مؤشر إلى تنامي قدرات الجماعة في العراق، كما أفاد مسؤولون في الإدارة الأميركية وخبراء يعملون في معاهد أبحاث مستقلة.

وقال خبراء غربيون إن الهجمات كانت حسنة التنسيق استُخدمت فيها قذائف الهاون لشلّ حركة القوات الحكومية وهجمات انتحارية لفتح ثغرات في دفاعاتها، ثم تقدمت قوة اقتحامية لتحرير السجناء.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية لصحيفة نيويورك تايمز، طالبًا عدم ذكر اسمه: "نحن قلقون من الوتيرة المتصاعدة لعمليات تنظيم القاعدة وتطور مستواها". وأشار جيمس جيفري، الذي كان سفير الولايات المتحدة في بغداد، عندما رحل آخر جندي أميركي في كانون الأول (ديسمبر) 2011، إلى أن أداء القوات العراقية كان هزيلًا، ومهاراتها تراجعت بعد رحيل الخبراء الأميركيين، الذين كانوا يدربونها.

أضاف جيفري، الذي يعمل الآن باحثًا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "هذا أول مثال أراه يبيّن أن غياب القوات الأميركية، التي كانت توفر تدريبًا تكتيكيًا، كان محسوسًا في ساحة المعركة".

مواقع منيعة!
أكدت جرأة الهجوم مجددًا تردي الأوضاع في العراق، الذي تقوّض استقراره الهشّ أصلًا تفجيرات تكاد أن تكون يومية وأعمال عنف أخرى ترتبط بتصاعد حدة الاحتقان الطائفي، في ظل حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، التي تسيطر عليها أحزاب شيعية، وتزايد شعور السنة بالإقصاء والاغتراب في بلدهم.

ويلاحظ مراقبون أن فرع القاعدة في العراق تنظيم محلي من الإسلاميين المتطرفين العراقيين، الذين يستغلون استياء المناطق السنية مع بعض المقاتلين الأجانب. وقال حميد فاضل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إن هذه الهجمات تختلف عن الهجمات الأخرى، التي كانت تستهدف مقهى أو سوقًا شعبية، فهي استهدفت الموقع الأشد مناعة من الناحية الأمنية بأعداد كبيرة من قوى الأمن.

وقال عراقيون آخرون إن هروب المئات من عناصر القاعدة ضاعف مخاوفهم من القتل أو الإصابة إذا غامروا بمغادرة منازلهم في وقت غير مناسب.

وقال المحامي ملك عبد الوهاب لصحيفة نيويورك تايمز: "إذا كان بمقدور تنظيم القاعدة أن يهاجم سجنًا، فهذا يعني أنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يشاؤون متى يشاؤون". وكان آلاف النزلاء محبوسين في سجن التاجي شمال بغداد وسجن أبو غريب، الذي ذاع صيته السيء بفضيحة الاعتداء على السجناء، حين كان تحت سلطة الاحتلال الأميركي.

تعزيزات متشددة
أعلن تنظيم القاعدة والمسؤولون العراقيون أرقامًا متضاربة عن عدد السجناء الهاربين وحجم الخسائر في الهجوم على السجنين.ولكن يبدو أن هناك اتفاقًا على أن مئات السجناء، الذين بعضهم اعتقلتهم القوات الأميركية قبل انسحابها، هم الآن طلقاء، وأن هذه الحقيقة تبثّ الخوف في بغداد وخارجها، بل حتى خارج حدود العراق.

وأكد تنظيم القاعدة أن 500 نزيل هربوا من السجنين، جميعهم مجاهدون، فيما قال مسؤولون عراقيون إن 800 سجين فرّوا من سجن أبو غريب، أُعيد اعتقال أو قتل 400 منهم. وأضاف المسؤولون العراقيون أن نزلاء لم يهربوا من سجن التاجي، ولكن عددًا غير محدد قُتل هناك.

وكانت بوادر أخرى أشارت إلى تنامي خطر القاعد قبل الهجوم الأخير. فإن شهر أيار (مايو) الماضي وحده شهد نحو 80 تفجيرًا بسيارات مفخخة وهجومًا انتحاريًا، وهو أعلى رقم منذ آذار (مارس) 2008. لكن جيفري قال إن هروب السجناء يدعو إلى القلق بصفة خاصة، لأنه يعزز قوة المقاتلين المتطرفين في المنطقة، ويشجّع بعض العراقيين في المناطق السنية على اتخاذ موقف أشد تصلبًا، لأن الواقعة ستعتبر مؤشرًا إلى أن فرع تنظيم القاعدة في العراق يزداد قوة، في حين أن قوات الحكومة العراقية تقف عاجزة.

وأوضح لصحيفة نيويورك تايمز أن الهجوم سيوفر قيادات متمرسة، ويرفع معنويات تنظيم القاعدة وحلفائه في العراق وسوريا على السواء، ومن المرجّح أن يكون له تأثير بالغ بين سنة العراق، الذين كانوا يتخذون موقفًا محايدًا. كما من المرجّح أن يزيد هروب السجناء من عتاة عناصر القاعدة الخطر الذي يهدد شيوخ العشائر العراقية، الذين بادروا إلى تشكيل مجالس الصحوة، وتعاونوا مع القوات الأميركية ضد القاعدة خلال العامين 2007 و2008.

بريق المالكي
قال كيرك سويل، الباحث المتخصص في شؤون السياسة العراقية، إن الواقعة ألحقت مزيدًا من الضرر بسمعة المالكي، الذي جرى بعناية ترويج صورته بوصفه الرجل الذي فرض النظام في العراق، لا سيما أن المالكي يمسك بيده سلطة تعيين كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، ويتولى بنفسه وزراتي الدفاع والداخلية. وقال سويل: "إن ما كان لدى المالكي من بريق، بوصفه القائد القوي الذي أعاد بناء العراق، فقد تبدد".

في تطور آخر، نال من سمعة المالكي، استقالة قائد الفرقة 17، الذي اتهم القيادة السياسية بعدم الكفاءة، كما لاحظ سويل. وكانت هناك عمليات هروب أخرى من سجون العراق، خطط لها تنظيم القاعدة، بينها فرار أكثر من 100 نزيل في هجوم على سجن تكريت مركز محافظة صلاح الدين في أيلول (سبتمبر) 2012. ولكن العملية الأخيرة أكبر بكثير.

وبحسب رواية تنظيم القاعدة في العراق، بدأ الهجوم ليل الأحد بتفجير 12 سيارة مفخخة، ووابل من قذائف الهاون والصواريخ لاستهداف حراس السجنين، فيما اقتحمت البوابات مجموعات، أقسم أفرادها ألا يخرجوا أحياء حتى تحرير السجناء. وقالت لجنة طوارئ، شكلها المالكي للتحقيق في الهجوم، إن النتائج الأولية تشير إلى تواطؤ بعض الحراس مع المهاجمين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف