محللون: الصراع على الموارد وليس إيديولوجيًا
سعي أكراد سوريا للحكم الذاتي يقوض جهود الثوار للإطاحة بالأسد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تمسك الرئيس السوري بشار الأسد بالسلطة، رغم زخم الثورة المستمرة منذ عامين، زاد من تمزيق البلاد، إذ يعمل الأكراد تدريجياً على الاستقلال، وهو ما يقابل بالرفض من العديد من الأطراف.
الاقتتال الداخلي الذي يمزق صفوف ثوار سوريا ازداد حدة في الأيام الأخيرة، لا سيما بعد الاشتباكات بين مجموعة من مقاتلي المعارضة مع الأكراد الساعين إلى اقتطاع منطقة إدارية مستقلة شمال شرقي سوريا.
التوتر بدا واضحاً في تعهد ائتلاف جماعات الثوار الإسلاميين الذين أصروا على هدفهم، بما وصفوه "تطهير" بلدة رأس العين شمال شرقي سوريا، من المقاتلين التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، متهمين الجماعات الكردية بالتآمر لصالح الحكومة السورية، وهو ما نفاه صالح مسلم محمد زعيم الحزب.
نزاعات بين الفصائل
على الرغم من أن قوات الرئيس بشار الأسد تحصل على الدعم العسكري واللوجستي من إيران وحزب الله الشيعي اللبناني من أجل السيطرة على مناطق في وسط وجنوب سوريا، إلا أن الثوار سيضطرون على ما يبدو إلى الدخول في مناورات استراتيجية ونزاعات بين الفصائل في المناطق الشمالية الخارجة عن سيطرة الحكومة.
في الوقت الذي كان فيه القتال يستعر في جميع أنحاء سوريا على مدى العامين الماضيين، عمل أكراد سوريا الذين يمثلون نحو 15% من السكان بروية وهدوء على إنشاء مؤسسات دولة خاصة بهم في أقصى المنطقة الشمالية الشرقية من الحسكة، بما في ذلك ميليشيا يقدر عدد أفرادها بآلاف المقاتلين.
مخاوف تركيا والولايات المتحدة
لكن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي اعترف بأن إضفاء الطابع الرسمي على خطط الحكم الذاتي مثل وضع دستور خاص وإجراء انتخابات جديدة لمجلس محلي، سيؤدي إلى تداعيات خطيرة تسبب المزيد من الاشتباكات مع الجماعات الجهادية التي تطمع بالموارد النفطية في المنطقة والمعابر الحدودية.
وقال محمد: "لن نقبل بالجهاديين في المناطق الكردية، فهم يريدون إقامة حكم إسلامي، وهذا أمر غير مقبول من الأكراد".
من جهتها، أعربت الولايات المتحدة وتركيا عن تخوفها من إقامة الحزب الكردي شبه دولة في سوريا، لا سيما وأن الاتحاد الديمقراطي يرتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه واشنطن وأنقرة كمنظمة إرهابية على خلفية تحركاته الانفصالية طوال ثلاثة عقود من الزمن في تركيا.
وكان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، قد حذر أكراد سوريا بألا يحاولوا إقامة منطقة حكم ذاتي "لأن هذه الخطوات جسيمة وخاطئة"، وفقاً لوكالة رويترز.
معركة ليست ضد الأكراد ككل
ويزعم حزب الاتحاد الديمقراطي أن تركيا قد شجعت جماعات الثورة السورية للعمل ضد مصالح الحزب، خوفاً منها على وضعها الداخلي من جراء تحريض سكانها الأكراد. لكن بيان يوم الأربعاء الذي نشرته أربع مجموعات للمعارضة صورت الاشتباكات على أنها معركة ضد حزب الاتحاد الديمقراطي تحديداً، وليست ضد الأكراد ككل.
وقال البيان: "نحن لا نميز ضد العرب أو الأكراد في حربنا، نحن نقاتل كل من ساعد هذا النظام الإجرامي، ونعتبره هدفًا مشروعاً لنا. الميليشيا الكردية تجاوزت حدودها عندما استولت على رأس العين الأسبوع الماضي، مما دفع مقاتلين تابعين لجبهة النصرة إلى الاشتباك معهم".
يشار إلى أن البيان الذي صدر حمل توقيع "تجمع أحرار الشام" الإسلامي، وكتائب "أحفاد الرسول" و"الجبهة الإسلامية الكردية"، إلى جانب جبهة النصرة.
الاشتباكات الداخلية امتدت إلى بلدة تل الأبيض في محافظة الرقة، حيث يقول حزب الاتحاد الديمقراطي إنه أرغم على إطلاق سراح أحد قادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام المرتبط بالقاعدة في عملية تبادل للأسرى هذا الأسبوع بعد أن اختطف مقاتلون من الجماعة مئات المدنيين الأكراد رداً على ذلك.
معركة على الموارد
واعتبرت صحيفة الـ "واشنطن بوست" إنه على الرغم من أن كلا الجانبين يصوران المعركة باعتبارها صراعاً أيديولوجياً، إلا أنها في الحقيقة معركة على الموارد التي تميزت بها الهجمات الانتقامية المتبادلة بين السنة والشيعة.
ونقلت الصحيفة عن آرون لوند، محلل في شؤون الشرق الأوسط، قوله إن الهجمات تتركز حول المعابر الحدودية في تركيا ومؤسسات البنية التحتية الاستراتيجية وحقول النفط، مما يشير إلى أن الصراع حول المآثر والموارد، وليس بسبب اختلاف الأفكار.
من جهته، قال زعيم الاتحاد الديمقراطي إن الحزب يخطط لتشكيل لجنة تضم ثلاثين إلى أربعين شخصاً لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات لتشكيل برلمان من 150 مقعداً يمثل الأقليات في المنطقة بما في ذلك العرب والتركمان والآشوريون.
وقال جيمس دينسلو، باحث في مركز السياسة الخارجية في لندن إن الأكراد يتقدمون بحذر في خططهم نحو الحكم الذاتي لتجنب إغضاب الحكومة السورية أو المعارضة.
وأضاف: "إنهم يتبنون سياسة الانتظار والترقب حتى لا يخاطروا بقطع المال الذي لا يزال يأتي من دمشق وأيضاً ليتجنبوا إغضاب المعارضة"، مشيراً إلى أن أكراد سوريا يأملون في أن يحذوا حذو الأكراد العراقيين وإقامة منطقة حكم ذاتي، لكنهم سيواجهون تحديات كبيرة.
لا صديق لهم سوى الجبال
ينتشر قول مأثور بين الأكراد بأنه "لا صديق لهم سوى الجبال"، لكن أكراد سوريا يفتقرون إلى ذلك، فسهل الجزيرة الذي يتركزون فيه لا يشبه التضاريس الوعرة التي استخدمها الأكراد العراقيون لصالحهم.
وما يزيد من هذه التحديات هو الاقتتال الداخلي بين الأكراد السوريين، فقبل الاشتباك مع الإسلاميين كانت مشاعر الغضب تتأجج حول مقتل ستة متظاهرين أكراد مناهضين لحزب الاتحاد الديمقراطي في منطقة عامودا التي يسيطر عليها الأكراد.
ويأمل حزب الاتحاد الديمقراطي أن يؤدي القتال مع فصائل الثوار إلى توحيد الأكراد، في حين أشار محمد زعيم الحزب إلى أن 300 مجند قد انضموا إلى الحزب الأسبوع الماضي، مطالباً الآخرين بحمل السلاح.