عبدالله الثاني أمضى أمسيات رمضانية بحوارات ناجزة
الأردن لاستحقاقات مهمة حيث قال الملك (كفى)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من خلال التصريحات والتحركات الأخيرة للعاهل الأردني يستدل على أنه بات مهتماً باستحقاقات وشيكة الحدوث في الداخل، قد تشمل أجهزة ومؤسسات كثيرة في المملكة.
في شكل لافت، أمضى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأسبوعين الأخيرين في حركة دائبة كانت ذروتها مشاركته في مآدب الإفطار سواء أكانت تلك التي يقيمها الديوان الملكي لممثلي المحافظات أم حضوره لمآدب أقامها نواب أو شخصيات معروفة على الساحة الأردنية.
وبالطبع، فإن المشاركة الملكية كانت تحمل رسائل للجبهات والأطراف المختلفة على الساحة المحلية والخارجية، على وقع التداعيات العربية الراهنة وخاصة المصرية حيث أطيح حكم الإخوان المسلمين الذين ظل نظراؤهم في الأردن يشكلون صداعاً مستمراً للحكم ومبادراته الإصلاحية التي ظلت مرفوضة من جانب الحركة الإسلامية التي قاطعت كل شيء، وأطلقت شعارات تخوين كل شيء والتشكيك به.
ومع ملاحظة أن الملك عبدالله الثاني الذي بادر لزيارة القاهرة، وأكد دعمه لخيارات الشعب المصري، بات مهتماً باستحقاقات وشيكة الحدوث في الداخل وبتأنٍّ كبير وبطول نفس غير مسبوق فالرياح على ما يبدو بدأت تهب في اتجاه توجهاته لا عكسها كما كانت في العامين الأخيرين.
هدوء ملكي وقرارات
ومع هذا الهدوء الملكي "رغم هنات الإخوان المسلمين غير الهينات ومواقفهم المتشنجة التصعيدية" كصدى لما حصل في مصر وخلع حكم محمد مرسي، فإن في جيب الملك عبد الله الثاني العديد من القرارات المهمة التي "تطبخ" على نار هادئة وربما تؤتي أُكلها بعد عطلة عيد الفطر.
وما فُهم من جملة لقاءات الملك عبدالله الثاني، فإن الحركة ستشمل أجهزة ومؤسسات كثيرة قد يكون حدّها الأدنى إما تعديل على حكومة عبدالله النسور، بينما الأعلى قد يكون "تثوير" مهام الكتل النيابية لتكون قادرة على المشاركة في الحكومة أو تكون أرضية لأحزاب سياسية مستقبلية.
وحسب ما تم تسريبه من جملة لقاءات رمضان الاخيرة فإن الملك الذي "ملّ من لغة الانتقاد والهجوم المستمر دون اعطاء نتائج وحلول وافكار تخدم الوطن"، بدأ يدعو في أحاديثه لمن يلتقيهم للتركيز على الانتاجية والعطاء بعيدا عن السوداوية ولغة التخوين وعدم تقدير الانجاز.
ومثل هذه السوداوية ولغة التخوين سادت في العامين الأخيرين وصارت الشعارات الرئيسة لمختلف الحراكات والاعتصامات الشعبية التي شهدتها عمّان والمدن الأردنية المختلفة على وقع (الربيع العربي) الذي لاقاه الملك عبدالله الثاني في منتصف الطريق بتدشين جملة من الإصلاحات.
الملك في أحاديثه اعترف أن الحكومات المتعاقبة كانت مشتبكة طوال الفترات الماضية مع القضايا اليومية، مؤكداً أنه أن الاوان للعمل والتقدم بالبلاد نحو الامام.
كما انه وضع محادثيه من أعضاء مجلس النواب أمام مسؤولياتهم الحقيقية، فهو طلب منهم افكاراً عملية لا خطابات أو شعارات لانهاء مشكلات البطالة والفقر ودعم الاقتصاد الوطني حيث اعتبرها الاهم في الشأن الداخلي.
كفى ...!
وحيث نُقل عن الملك عبدالله الثاني تأكيده على القول (كفى) في استهلال لمرحلة مقبلة واعدة وغلق بوابات مرحلة اشتبك فيها الحابل بالنابل مع الفوضى في الشعارات والاتهامات، فإنه شدّد على أهمية دور مجلس النواب في الحياة السياسية.
وهو أكد أهمية دور الكتل النيابية والأحزاب لتكون داعمة لمفهوم الحكومات البرلمانية التي وعد بها لمرات عديدة في السابق في ظل الدستور وانطلاقا منه والحرص عليه.
وكذا الحال، فإن الملك عبدالله الثاني نبه إلى ضرورة أهمية تفعيل دور القطاع الخاص وتعزيز شراكته مع القطاع العام خدمة للوطن والمواطن والارتقاء بسوية الاقتصاد وتعزيز النمو الاقتصادي.
ومما تم تداوله بين أوساط النخب الأردنية، فإن الملك أعاد إلى الأذهان ما كان طرحه في خطابات سابقة حول التحديات التي يواجهها الأردن، وهي عديدة ومعها يشعر المواطن الأردني بقلق كبير.
وأعاد العاهل الأردني إلى الأذهان كيفية التعامل مع تلك التحديات ومعالجتها بشكل صحيح، مؤكداً على دعوة سابقة له بضرورة تحديد أهم هذه التحديات، والتمييز بين التحديات الداخلية، وقال "هذه حلها بأيدينا، وبين التحديات المفروضة علينا نتيجة الظروف الإقليمية والأزمات العالمية، و"هذه يجب أن نتعامل معها بحكمة ومسؤولية، وضمن المعطيات والظروف الإقليمية والعالمية، التي فرضتها علينا من الأساس، وضمن إمكانياتنا المحدودة".
التحديات
طبيعي أنه من بين التحديات الداخلية، وعلى سبيل المثال، هناك محاولات البعض التشكيك بمدى نجاح مسيرة الإصلاح السياسي، نتيجة عدم الاستيعاب وسوء التفسير لما يرافق عملية التحول الديموقراطي من قلق، وجدال، ومناكفات بين مختلف التيارات والتوجهات السياسية أو الفكرية أو الحزبية "وهذا أمر طبيعي ومتوقع، وهو جزء من أي عملية تغيير في مختلف دول العالم".
واضح ان الملك يعني هنا حملات التشكيك التي ظلت جماعة الاخوان المسلمين وبعض حلفائها في الحركات الشعبية تثيرها في كل يوم جمعة على مدى أكثر من عامين.
وكان العاهل الأردني اشار في السابق إلى أن هناك فئة قليلة حاولت الصيد في الماء العكر، وإشاعة الفوضى واستغلال أجواء الانفتاح والحرية، تعتقد أن المرونة والحكمة والصبر، التي تعاملت بها بعض مؤسسات الدولة في المرحلة الماضية، هي نوع من الضعف.
وحيث لم يذكر تلك الفئة بالاسم، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين كانت من عناهم، فإنه أكد على أن الأردن قوي وقادر على حماية أرواح وممتلكات أبنائه، وقادر في أي لحظة على فرض سيادة القانون، ولا يوجد أحد أقوى من الدولة. لكن، نحن دولة حضارية قائمة على مبدأ العدالة وسيادة القانون، واحترام حرية وكرامة الإنسان.
في أحاديثه، ركز العاهل الأردني على أنه من البدهي ضرورة ترسيخ ثقافة الحوار الديموقراطي البناء والعمل السياسي الفاعل، والمهم هنا هو أن نواصل هذه العملية ونبني عليها، بدون خوف ولا تردد، فإرادة التغيير الإيجابي موجودة وراسخة، وعندنا المؤسسات الوطنية القادرة على ترجمة هذا التغيير على أرض الواقع، وفق خارطة الطريق الواضحة المعالم، وعلى أساس تكامـل الأدوار بين جميع مكونـات نظامنا السياسي.
خارطة الاصلاح
خارطة الإصلاح السياسي واضحة في الأردن: وهي إنجاز الـمحطات الديمقراطية والإصلاحية الضرورية للوصول إلى حالة متقدمة من الحكومات البرلمانية، على مدى الدورات البرلمانية القادمة، والقائمة على أغلبية نيابية حزبية وبرامجية، يوازيها أقلية نيابية تشكل معارضة بناءة، وتعمل بمفهوم حكومة الظل في مجلس النواب، وتطرح برامج وسياسات بديلة، بحيث يترسخ دور مجلس النواب في بلورة السياسات وصناعة القرار، بالإضافة إلى الرقابة والتشريع.
وهنا يؤكد الملك عبدالله الثاني على أن الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة يتطلب المزيد من النضوج السياسي، ومأسسة العمل الحزبي، وتطوير آليات العمل النيابي، وبما يزيد من مؤسسية عمل الكتل النيابية، ومن خلال الاستمرار في تطوير قوانين الأحزاب والانتخاب مع كل دورة انتخابية، بما يجعلها أكثر تمثيلاً وتمكيناً للحكومات البرلمانية، وكل هذا في إطار نظامنا النيابي الملكي الوراثي ووفق الدستور.
ثورة بيضاء
ومثل هذا النهج الإصلاحي يتطلب حسب رؤية العاهل الأردني أن يكون الجهاز الحكومي على أعلى درجات الاحتراف والكفاءة، وليس عرضةً للتأثيرات السياسية أو الانحياز الحزبي، وإنما يعتمد أسس الجدارة والمهنيـة والحياد، مـن خلال ثورة بيضاء مستمرة وشاملة، والاستمرار في تعزيز منظومة النزاهة الوطنية.
وبالطبع، فإنه مع تنفيذ ذلك، سيتطور دور "الملكية" بالتوازي مع إنجاز هذه المحطات الإصلاحية، وستركِّز على حماية قيم الديموقراطية، والتعددية، والمشاركة السياسية، وحماية وحدة النسيج الاجتماعي، وتمكين المؤسسات الوطنية من تولي مسؤوليات صناعة القرار، ونحن مستمرون في تعميق هذا النهج، وسأبقى الضامن لمسيرة الإصلاح.
ويختم الملك: "المهم هنا أن يدرك الجميع أن الـهدف من الإصلاح، هو تغيير حياة المواطن نحو الأفضل، وأن نجاح العملية الإصلاحية يعتمد على مدى إيماننا بها، وبأهميتها لمستقبلنا، وضرورة العمل بروح الفريق الواحد، لضمان نجاحها بالرغم من كل المعيقات التي ستواجهنا".