أخبار

مشاكل القبول والتأمين والسكن تدفع بعضهم للعودة إلى الوطن

طلبة الزمالات العراقية في فرنسا يضربون عن الدراسة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مشكلات عديدة يواجهها طلبة الزمالة العراقية في فرنسا، أهمها صعوبة القبول وعوائق التأمين والسكن واستقدام عوائلهم، لكنهم يريدون قبل كل شيء الاطلاع على بنود الاتفاقية بين الجانبين العراقي والفرنسي.

باريس: يبدو أن شيئًا لم يتغيّر في الاتفاقية العراقية-الفرنسية الخاصة بالزمالات الدراسية، التي تمنحها الحكومة الفرنسية للطلبة العراقيين. فمنذ العام الماضي، ما زال هؤلاء يعانون من بنود هذه الاتفاقية، المحظور عليهم الاطلاع عليها بحسب الملحقية الثقافية في السفارة العراقية بفرنسا.

وباشر عدد من طلبة الوجبة الثانية للعام الحالي في المدن الفرنسية اضرابًا مفتوحًا عن الدراسة، وتظاهروا أمام مبنى السفارة العراقية في باريس، احتجاجًا على عدم تمكنهم من التسجيل في الجامعات الفرنسية، وخصوصًا طلبة الماجستير، وعدم وجود ما يوازي اختصاص البعض منهم، وغياب أي دور للمنظمة الداعمة لهم، وهي كامبوس فرانس بحسب الاتفاقية المشتركة بين البلدين، وقصر المدة المخصصة لدراسة اللغة الفرنسية وعدم جدية الدروس. ويحتج هؤلاء على عدم تنفيذ بنود تلك الاتفاقية بمنح الفيزا لعائلات الطلبة، بعد تأخير مستمر منذ أشهر، وعدم توفير التأمين الصحي المناسب لهم، والأهم من ذلك عدم اطلاعهم على بنود الاتفاقية بحجة سريتها.

ويبلغ عدد الطلاب المبتعثين من قبل الدولة 100 طالب لهذه السنة، موزعين على عدد من المدن الفرنسية منها نيس، وغرينوبل، وبيزنسو، وبهذا يصل عدد طلبة الزمالات العراقية في فرنسا إلى 200 طالب.

صعوبة القبول

قال علي عبد الستار جابر العذاري، طالب الدكتوراه اختصاص فيزياء، لـ"إيلاف": "اساس المشاكل التي نعاني منها هي الاتفاقية التي ابرمتها وزارة التعليم العالي العراقية مع الجانب الفرنسي، فنحن بصراحة لم نطلع على هذه الاتفاقية وما تتضمنها بحجة انها اتفاقية سرية جدًا كما قالت لنا الملحقية الثقافية بالسفارة، وكلما طالبنا بحق من حقوقنا يقال لنا هذا من حقكم لكنكم مرتبطون باتفاقية لا تنص عليه، فلا نعلم ماهو السري في الاتفاقية، فهي تتضمن حقوق وواجبات الطلبة ومن حقنا الاطلاع عليها".

أضاف: "المشكلة الاساسية التي نعاني منها هي أن الطلبة يعانون للحصول على القبولات، وبعضهم من مضى على وجوده هنا ستة أشهر، وآخرون مضى عليهم ثلاث سنوات من دون أن يتمكنوا من الحصول على قبول، فالجامعات الفرنسية تشترط حصول الطالب على مستوى B2 في اللغة الفرنسية، وهو ما لم نتمكن من الحصول عليه، وهذا يكون اصعب على طلبة الماجستير، فهم ملزمون بالحصول على قبول لهذه السنة في الجامعات رغم قصر مدة دراستهم للغة، وقيل لنا إن كامبوس فرانس هي المسؤولة عن توفير المقعد الدراسي، تساعد الطالب في الحصول عليه لأننا زمالة وليس بعثة، لكنها لم تفِ بالتزامها، وبسبب صعوبات الحصول على القبول، عاد بعض الطلبة إلى العراق".

بلدان حساسة

إلى ذلك، يؤكد العذاري أن بعض الطلبة لم يجدوا اختصاصهم، فتوجب عليهم تغيير الاختصاص والكلية، وهذا يتطلب وقتًا أكبر، وتحول دونه عقبة معادلة الشهادة أو الاعتراف بها في العراق. يقول: "وبحسب ما سمعناه عن بنود الاتفاقية، الجانب الفرنسي يدفع رسوم الدراسة الجامعية عن الطلبة، وهذا لم يحصل، فالدراسة الجامعية في فرنسا شبه مجانية". ويروي أن احد الطلبة اكمل عامه الثالث في فرنسا ولم يحصل على قبول بحجة أن تخصصه غير موجود، علمًا أن التخصصات أعلنت بوقتها من الجانب الفرنسي، وعلى هذا الأساس تم تقديم الطلبة ولم يجد الطالب حلًا لمشكلته، ولم يحصل على القبول، ولم تتم الموافقة على تغيير اختصاصه، ولم يتم تغيير بلد دراسته، وهذا ما واجهه طلاب الوجبة الثانية التي فيها اكثر من طالب بنفس التخصص وسيمرون بما مرّ به زملاء سابقون.

استطاع احد الطلبة، بجهده الخاص عن طريق الانترنت، أن يحصل على أستاذ مشرف، وحصل على موافقته المكتوبة ليتسنى له التسجيل بالجامعة بداية السنة الدراسية القادمة. لكن بعد أسبوعين، تلقى رسالة من المختبر الذي يعمل فيه الأستاذ مفادها أنه بعد التداول مع الجهات الأمنية فإن الأستاذ لا يستطيع اعطاءَك مشروع أطروحة كونك من البلدان الحساسة، علمًا أن مجال تخصصه هو الاحياء المجهرية، والتخصص الذي قبل فيه متداول في العراق وجميع البلدان، وليس فيه حساسية أو مشاكل.

التحاق العائلة

وتحدث طالب دكتوراه هندسة محمد ناجي عن مشكلة التحاق العائلة بالطالب، وهذا ما منصوص عليه ضمن الاتفاقية، حيث تم التحاق بعض عائلات الطلبة، بينما ينتظر آخرون. قال: "الجانب العراقي يقول إن الاتفاقية تتضمن ضم عوائل الطلبة بعد سنة من وصول الطالب، أي بعد انتهاء دورة اللغة، لكن بعض طلبة الدفعة الأولى دخل عامه الثالث ولم يستطع اصطحاب عائلته، لأن الجانب الفرنسي طالبه بأن ينهي دورة اللغة، وبعدها طالبه بأن يحصل على مشرف في الجامعة، وبعدها طالبه بأن يكمل تسجيله بالجامعة, والسكن عائق آخر لأن الجانب الفرنسي يطالبه بسكن تكون مساحته كافية لكل فرد من افراد الاسرة، وهنا نحتاج إلى كفيل ليوافق المالك على تأجيرنا، والطالب لم يجد من يساعده بالبحث عن سكن لا من السفارة العراقية ولا من الجانب الفرنسي المسؤول عن متابعة أمور الطلبة، وإن حصل الطالب على السكن بجهوده الخاصة فعليه أن يسكن فيه ويدفع الايجار لمدة قد تصل إلى سنة لحين وصول عائلته، والآن اتخذت السفارة الفرنسية بعض الإجراءات التي تقتل أي أمل بحصول المصاحبة الزوجية، كتحويل الموافقات لضم العائلة من السفارة الفرنسية إلى دائرة في نفس المحافظة التي يسكن فيها الطالب في فرنسا، وبعد أن راجع الطلاب هذه الدائرة ابلغوهم أن طلباتهم سترفض لأن هذه الدائرة تستقبل معاملات الأجانب الذين يعملون في فرنسا ويدفعون الضرائب وليس الطلبة".

التأمين الصحي

تحدث واثق ستار عبد الحسن، طالب الدكتوراه اختصاص كيمياء، لـ"إيلاف" عن مشاكل التأمين الصحي التي يواجهها في فرنسا، فقال إن التأمين الصحي، بحسب الاتفاقية، يغطي 80 %من التكلفة الكلية، وهذا يكلف الطالب كثيرًا، خصوصًا أن هذه التكلفة تتوقف عند سقف 2000 يورو، فعلى الطالب أن يدفع 20% من المبلغ إن كان أقل من 2000 يورو، وكل مبالغ زائدة عن السقف التأميني، "وهذا يرهق الطالب محدود الدخل، والاهم من ذلك أن 80% مدفوعة من الجانب العراقي وليس من الحكومة الفرنسية ولمدة عام عن كل طالب، في حين أن أي شخص يقيم في فرنسا تدفع له الحكومة الفرنسية 70% من التكلفة الكلية للعلاج، ونلاحظ أن الحكومة الفرنسية قد استفادت من توفير 70% على حساب العراق، وفضلاً عن ذلك فإن عوائل الطلبة غير مشمولة بالتأمين الصحي، والطالب يتحمل جميع نفقات علاج عائلته".

أضاف: "ثمة مشكلة أخرى هي عدم حصولنا على الكارت الخاص بالتأمين الصحي (فيتال)، لذا يتوجب علينا كل مرة أن نراجع الدكتور أو المستشفيات وأن نصطحب معنا كتاب تأييد الزمالة الذي حصلنا عليه من كامبوس فرانس، وأن ننتظر طويلاً لحين اتصالهم بالمنظمة للتأكد من صحة هذا التأييد وأنها ستدفع أم لا، ويجب علينا أن ندفع المصاريف كاملة التي قد تكون عالية ونضطر إلى الاستدانة من الزملاء ونحصل بعدها على وصولات نرسلها للمنظمة لتعوضنا".

لا مستحقات مالية

قال طالب دكتوراه علوم حياة صفاء عبد زيد عبد علي لـ"إيلاف": "قبل سفرنا إلى فرنسا، استبشر الطلبة خيرًا لحل المشكلة المادية التي عانى منها الطلبة في فرنسا نظرًا لغلاء المعيشة والازمة الاقتصادية التي تعاني منها اوروبا، وقد حصل جميع الطلبة في البلدان الأخرى على مبالغ الزيادة سواء كانوا ضمن مبالغ الزمالات أم البعثات، إلا نحن فلم تصرف لنا المبالغ لحد الآن، وحتى بعد الاستحصال على موافقة الوزير على شمولنا بالزيادة أسوة بالطلبة إلا أن حسابات الملحقية الثقافية في السفارة العراقية رفضت وماطلت، وأرسلت المذكرات إلى الوزارة تبين أن الطلبة مرتبطون باتفاقية ولا يمكن صرف أي مبلغ لم تنص عليه الاتفاقية، علمًا أن الدائرة القانونية بالوزارة أكدت أن لا خلاف بين الاتفاقية والتعليمات بهذا الخصوص، وهنا نتساءل اذا كان الطلبة مشمولين بأحكام نظام البعثات والمساعدات المالية والزمالات ذي العدد 46 لسنة 1971 والتعليمات النافذة الملحقة به حسب الأوامر الوزارية وقرارات الضم التي صدرت لنا في حينها فلماذا لا يطبق علينا القانون كاملًا ولماذا لا نستلم حقوقنا كاملة؟".

عقبة المدة

إلى ذلك، هناك مشاكل أخرى، تحدث أمير خضير حسين النافعي، طالب الدكتوراه اختصاص فيزياء، فقال لـ"إيلاف": "قبل سفرنا، كان من ضمن متطلبات انجاز معاملاتنا أن نوقع مع الوزارة أو الجامعة عقدًا يسمى عقد الزمالة، من بين بنوده تحديد مدة الدراسة في فرنسا بثلاث سنوات للدكتوراه وسنتين للماجستير، عدا مدة اللغة، لكن بعد أن وصلنا هنا تفاجأنا بأن طبيعة وأسلوب ومدة الدراسة تختلف كثيرًا عمّا هو في العراق، وخصوصًا بالنسبة للدراسات الإنسانية والقانون، اذ علمنا أنه من غير الممكن أن ننهي الدراسة خلال هذه المدة، واستبشرنا خيرًا عندما صدرت تعليمات الوزارة بخصوص المدة الاصغرية للدراسة وانها تحدد على أساس بلد الدراسة وليس على أساس العراق، لكننا احبطنا بعد أن علمنا أنها لا تنطبق علينا لسبب لا نعلمه".

ولم يحدد رسميًا مصير طلبة الدفعة الثانية الذين لم يحصلوا على قبول، إذ بدأوا بدورة اللغة الفرنسية نهاية شهر كانون الثاني (يناير) 2013، وتنتهي الدورة في 31 آب (أغسطس) من نفس السنة، ولم يحصلوا على قبول إلى الآن بسبب عدم حصولهم على المستوى اللغوي المطلوب للجامعات.

مطالب محقة!

وفي الختام، اجمع الطلبة على مطالب يتمنون أن تصل إلى وزارة التعليم العالي، على رأسها إيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم نتيجة اتفاقية لم تجد من الدراسة والتدقيق ما يناسب اهميتها، وطالبوا بإعادة النظر بالاتفاقية التي لم تخدم مصالح الطالب العراقي ووزارة التعليم العراقية بقدر استفادة الجانب الفرنسي منها ماديًا. كما اكدوا على ضرورة الشفافية في التعامل مع الطلبة ومنحهم حق الاطلاع على الاتفاقية باعتبارهم المعنيين بها والاخذ بمقترحاتهم وآرائهم لتعديلها.

كما يريدون أن تقوم الملحقية الثقافية بدورها تجاه الطلبة، مع إلزام الجانب الفرنسي بالحصول على قبول للطلبة ضمن الاختصاص الدقيق لهم، ومعادلة شهادات الطلبة الذين ينهون دراستهم في كليات أخرى لعدم وجود تخصصاتهم ضمن الكليات المناظرة لما موجود بالعراق. كما طالبوا بتحويل البعثة إلى زمالة وأن يعطى الطالب ضماناً مالياً من دائرة البعثات أسوة بطلبة البعثات وإلزام الجانب الفرنسي بتسهيل الإجراءات المصاحبة الزوجية ومنح الفيزا للعوائل، وتغيير شروط التأمين الصحي للطلبة بأن يغطي التكلفة 100%، وأن يتم منح الطلبة بطاقة تأمين صحي تسهل مراجعتهم للأطباء والمستشفيات، مع شمول عوائل الطلبة بالتأمين الصحي، وصرف جميع مستحقات الطلبة المالية وفق القانون، وشمول الطلبة بتعليمات الوزارة بخصوص المدة الاصغرية للدراسة بأن تحدد المدة على أساس بلد الدراسة. وأخيرًا، طالبوا السماح للطالب بتغيير بلد الدراسة في حال تعذر حل المشاكل السابقة ذكرها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف