الصراع على السلطة يضاعف معاناة المعدومين
فقراء مصر: القوت خارطة طريقنا قبل السياسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في غمرة السجال حول آفاق الديمقراطية في مصر واحتدام الجدل في ما إذا كان عزل الرئيس محمد مرسي انقلابًا أو تصحيحًا أعاد المسيرة الديمقراطية إلى سكتها، تشغل مشاكل الحياة اليومية بال الكثير من المصريين.
تجلس أم اسماعيل، التي لا تشغلها السياسة بقدر العثور على طعام يسد رمقها، تحت طريق معلق على أطراف حي الزمالك الراقي، حيث تنتظر مع آخرين أن يتكرّم عليهم ميسورون مصريون بإفطار مجاني في نهاية يوم الصيام.
تقول السيدة المصرية إن أمثالها من المصريين المعدمين والفقراء لا يكترثون بما يجري في عالم السياسة، بل كل ما يهمّهم هو إيجاد ما يسد جوعهم. وأكدت أم إسماعيل "نحن نشعر بحرج شديد لاضطرارنا إلى المجيء إلى هذه المنطقة من أجل الإفطار، لأننا لا نستطيع الحصول على الغذاء في مكان آخر".
الوضع المعيشي انعكاس للأزمة
وكان الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة حتى قبل الاحتجاجات، التي تكللت بإطاحة نظام حسني مبارك عام 2011، ولكن الوضع الاقتصادي ازداد ترديًا خلال العامين ونصف العام من إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم حكم الإخوان المسلمين، والرئيس المعزول محمد مرسي.
ويُرجّح أن يزداد تردي الوضع المعيشي، كلما طالت المواجهة بين الإخوان المسلمين وخصومهم السياسيين، ومع إصرار أنصار الرئيس المعزول على عودته ورفض الانخراط في العملية السياسية في إطار خارطة الطريق المقترحة لإنهاء الأزمة.
في هذه الأثناء ارتفعت أسعار المواد الغذائية، وبلغ معدل التضخم في حزيران (يونيو) الماضي أعلى مستوياته منذ عهد مبارك. وفي حين أن الحكومة المصرية سعت إلى إبقاء أسعار المواد الأساسية معقولة، لا تثقل كاهل الشرائح ذات الدخل المحدود، ساهمت أموال الدعم المرصودة لذلك بزيادة عجز الميزانية إلى 11 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
تحسنٌ خجولٌ
وعملت المساعدات، التي بلغت 12 مليار دولار، من العربية السعودية ودول خليجية أخرى، على تهدئة أسواق المال واستقرار أسعار المواد الغذائية والمحروقات، ولكن مصريين، مثل أم إسماعيل، لم يلمسوا تحسنًا في أوضاعهم حتى الآن. وقالت أم إسماعيل "إن الأوضاع تسير من سيء إلى أسوأ منذ زمن مبارك. على الأقل كان لدينا خبز حينذاك".
وأضافت السيدة لصحيفة كريستيان ساينس مونتر "إن المشكلة مع محمد مرسي أنه لم يشعر بآلام الشعب، نحن نريد رئيسًا يأتي ويرى الناس، ويشعر بما نشعر به من ألم".
ولكن أم إسماعيل، ورغم جوعها، لم تنس محنة مواطنيها المصريين الآخرين، بمن فيهم عشرات قُتلوا خلال المواجهات. وقالت "كل يوم نسمع بمقتل أشخاص هنا وهناك، إلى متى يستمر هذا؟".
حفاظًا على الكرامة
وحين دارت أقداح بلاستيكية مليئة بعصير العنب على الفقراء الجالسين حول مائدة الفقراء، انحنى رجل تحت مائدته، وملأ قنينة على الأرض بعصير العنب، الذي قُدم إليه ليأخذه إلى عائلته.
لكن قبل أن يتمكن مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونتر من طرح أسئلة أخرى على أم إسماعيل وآخرين جلسوا معها إلى مائدة الرحمن، طرده رجال عركهم الدهر شعروا بالإهانة أو الغضب أو الحرج من تطفل صحافي أجنبي يريد تصوير وضع مهين لكرامتهم الإنسانية، على حد تعبير الصحيفة.