ماضي بو تشيلاي المجيد يلقى في مزبلة التاريخ في الصين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
داليان: متحف داليان كان يمجد الانتعاش الاقتصادي في هذه المدينة الكبيرة، التي قادها رئيس بلديتها السابق بو تشيلاي، لكن المكان اصبح خاليا من اي اشارة الى نجم الحزب الشيوعي السابق، الذي تقترب محاكمته بتهمة الفساد.
وسحبت خلال الاشهر الاخيرة اعمال بو من قاعة المعارض، وافسح المجال لمعرض يضم مزيجًا من التحف الفنية الاميركية ومجموعات غليون وطوابع بريدية من القرن العشرين وسروج خيول وجواهر قديمة تعود الى الف سنة، وضعت في قاعة غمرتها الشمس.
حتى سقوطه المدوي السنة الماضية كانت الدعاية تعرض بو تشيلاي في تلك الواجهات على انه المهندس الكبير للتنمية الاقتصادية السريعة جدا التي شهدتها داليان، وهي ايضا ميناء اقتصادي كبير في منشوريا (شمال شرق) اشتهر بورشات صنع السفن ومبانيها ذات الهندسة الغربية. وامر بو شخصيا عندما كان رئيس البلدية خلال التسعينيات، ببناء "المتحف العصري" بكلفة 24 مليون دولار.
ونظم المتحف الذي دشن في 2002، معارض حول مشاريع رئيس البلدية، مثل فريق كرة القدم ومهرجان الموضة الدولي وتشكيل وحدات من خيالة الشرطة -كما افادت بعض المعلومات التي ظلت محفورة على ارض داخل المتحف. وفي ايار/مايو 2011، كتب احد زوار المتحف على موقع الانترنت السياحي ان المتحف "مكان جيد للاطلاع على مزيد من المعلومات حول المدينة" ونموها.
وكتب مدون اخر في الموقع نفسه ان احدى القطع المهمة التي كانت معروضة في المتحف هو بساط فخم اهداه وفد رسمي اجنبي الى بو تشيلاي. لكن الزائر اليوم لن يجد اي ذكر لمساهمة بو تشيلاي في تاريخ داليان، ومينائها الذي دشنت فيه الصين أخيرا اول حاملات طائراتها.
وقد اقيل بو تشيلاي المسؤول السابق في الحزب الشيوعي في مدينة شونغكينغ (جنوب غرب) والعضو السابق في المكتب السياسي النافذ من مهامه في العام الماضي، بعد تورط زوجته في جريمة قتل، واعتقل في ربيع 2012. وهو ينتظر اليوم محاكمة يتعيّن عليه خلالها ايضًا الرد هلت تهم باختلاس 25 مليون يوان (ثلاثة ملايين يورو) في الفترة التي كان يقود فيها داليان، على ما افادت مجلة كايجينغ المالية.
مع الافول المثير لهذا النجم الكبير والطموح، أخذت آلة الدعاية الصينية الكبيرة تزيل اسطورته الذهبية، فشطب متحف داليان كل اشارة الى بو تشيلاي. ويدل ذلك على التقلبات المفاجئة التي تدفع بالحزب الى الاطاحة ببطل كان ممجدا، وتلطخ كل اعماله بدون تمييز حتى ولو كلف ذلك اعادة كتابة التاريخ.
وقالت ماريا ريبنيكوفا الباحثة في جامعة اوكسفورد المتخصصة في وسائل الاعلام الصينية الرسمية "هناك فكرة التخلص من كل شيء من الشخص وكل ما انجزه في الماضي". واضافت "حتى لو كان ذلك مزعجا لكثير من المراقبين، فان هذه الطريقة قد استعملت في الماضي بشان فترات تاريخية اخرى". ويجهل الكثير من الصينيين القمع الدامي لتظاهرات الطلبة في ساحة تيان انمين في بكين، التي ليس لها اي اثر في الكتب المدرسية.
وقد حول بو تشيلاي الذي حل في 2007 في تشونغكينغ المدينة الكبيرة التي تعد 33 مليون نسمة، الى مركز اقتصادي كبير جدا وشن فيه حملة شديدة ضد عصابات المافيا المحلية (وقمع معارضيه بالمناسبة). كما احيا مثل "الثقافة الحمراء" الماوية عبر الكثير من الاناشيد الوطنية.
لكن ما ان سقط حتى نددت به وسائل الاعلام الرسمية لانه الحق "اضرارا خطيرة" بسمعة الصين، وقال خليفته في رئاسة بلدية المدينة الكبيرة ان "نموذج تشونغكينغ" المزعوم، الذي كان مقرونا باسم بو، لم يكن ابدا. غير ان جهود الدعاية قد تجد صعوبة في ازالة ذكرى السنوات الحافلة لبو تشيلاي من ذاكرة المقيمين في المدينة وما يعتبرون انهم مدانون له به.
وقال احد السكان لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه "لولا بو تشيلاي لما كانت داليان المدينة التي هي اليوم". واضاف ان "الصين القديمة كانت تضم عددا قليلا جدا من الموظفين النزيهين. كل الناس لهم محاسن وعيوب، لكن يجب ان ننظر الى حجمها".
شاطره الراي لي (50 سنة) وهو من سكان داليا. وقال "حتى اذا ارتكب العديد من الاخطاء، فلا يمكن نسيان ما انجزه من امور جيدة وشطب كل جوانبه الحسنة".