دعوات للتوافق والحوار وتجنيب البلاد السيناريو المصري
تونس الحزينة تحتفل بعيد الفطر وسط الانقسام السياسي وغياب الأمن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عيد ليس ككل عيد في تونس، ففيما يواصل الجيش خوض معاركه ضدّ عناصر إرهابية ارتكبت مجازر في حقّ الجنود في جبل الشعانبي، يتواصل الانقسام السياسي بين الإسلاميين وخصومهم العلمانيين وتزداد الهوة اتساعا بينهما يوما بعد يوم.
إسماعيل دبارة من تونس: أحيى التونسيون الخميس كغيرهم من الشعوب الاسلامية عيد الفطر، وسط مخاوف أمنية وانقسام سياسي طاغٍ.
وبعد سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات والعنف، بدا الشارع التونسي يوم العيد حزينا، رغم الخطابات المطمئنة والداعية الى الوحدة وتجنب الفرقة، والتي صدرت عن أئمة المساجد وغالبية السياسيين في الحكم والمعارضة.
الانقسام والعنف
وأدى عشرات من معارضي الحكومة صلاة عيد الفطر جماعة امام مقر التأسيسي.
وافترش بعض المتظاهرين العلم التونسي بدلا من سجادة الصلاة. ثم توجه الجميع الى قبري النائب المعارض محمد البراهمي الذي اغتيل في 25 تموز/يوليو والمعارض شكري بلعيد الذي اغتيل في 6 شباط/فبراير، بحضور أرملتيهما.
ووعد الائتلاف المعارض الذي ينظم تظاهرات يومية لانتزاع استقالة الحكومة منذ اغتيال البراهمي بمواصلة التعبئة على الرغم من اجازة عيد الفطر وهي اربعة ايام.
غير ان المشاركة في التجمعات تراجعت الى حد كبير الاربعاء واقتصرت على مئات الاشخاص مقابل الالاف في الايام العشرة السابقة وعشرات الالاف في 6 اب/اغسطس.
وركز خطباء صلاة العيد التي أقيمت في كافة جهات البلاد، على الدعوة إلى الوحدة وتجنب الانقسام.
وألقى اغتيال المعارض العلماني محمد البراهمي بظلاله على عيد الفطر، وبدت الهواجس الأمنية والمخاوف من تفشي العنف والإرهاب والاغتيالات، بادية على محيا التونسيين.
ويتقاسم المواطنون المُودّعون لتوهم لشهر رمضان استثنائيّ شهد عنفا غير مسبوق واغتيالا أدخل البلاد في مأزق سياسي، مشاعر القلق والخوف في ظل انعدام الأمن وعدم الاستقرار. ويتواصل كذلك التذمر من ارتفاع الأسعار وتدهور أحوال المعيشة بعد عام من حكم حركة النهضة الاسلامية.
وعلى الرغم أنّ ارتفاع الاسعار عادة ما يكون الهاجس الأول للتونسيين في مناسبات مماثلة لعيد الفطر، فإنّ دعوات استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي، كانت الأبرز صباح الخميس.
وفي آخر أيام شهر رمضان، قالت وزارة الداخلية التونسية، إن وحدات الحرس الوطني تمكنت في سفح جبل الشعانبي من القبض على عنصر إرهابي خطير ، يحمل الجنسية التونسية وكان فارا من الجبل، كما حجز لديه سلاحا من نوع كلاشينكوف وذخيرة.
النهضة "تليّن" موقفها
سياسيا، يتوقع استئناف المفاوضات بعد العيد حيث قبل إسلاميو النهضة مرغمين الاربعاء اعلان رئيس الجمعية الوطنية مصطفى بن جعفر الثلاثاء تعليق اعمالها حتى فتح مفاوضات للتوصل الى حل للازمة.
وانتقدت الكتلة البرلمانية للنهضة بحدة في بيان صدر الخميس هذا القرار "غير الشرعي وغير الدستوري" الذي اتخذ "بشكل احادي ومن دون استشارات".
واضافت "على الرغم من هذه التحفظات يأمل (النواب الاسلاميون) ان تساهم هذه المبادرة في دعم الحوار للتوصل الى حلول تسوية".
وأعلنت حركة النهضة الحاكمة موافقتها بتحفظ على قرار مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي تعليق اشغال المجلس الى اجل غير مسمى بهدف اجراء "حوار وطني" لإخراج البلاد من ازمة سياسية خانقة أجّجها اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي الذي قتله ارهابيون بالرصاص أمام منزله في رمضان.
وقالت النهضة في بيان أصدره رئيسها راشد الغنوشي "رغم تحفظنا على هذه المبادرة من الزاوية الشكلية والقانونية، إلا أننا نأمل أن تشكل حافزا للفرقاء السياسيين للجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى الحلول التوافقية المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها بلادنا، والتي لا تخلو من مخاطر أمنية وتحديات اقتصادية جمة".
وأكدت "استعدادها الكامل للتفاعل مع سائر المبادرات المطروحة في الساحة بهدف الخروج من الأزمة الراهنة في اطار احترام ارادة الشعب التي عبر عنها في انتخابات حرة نزيهة (أجريت يوم 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011) وضمن الحرص على عدم إطالة المرحلة الانتقالية".
ومساء الثلاثاء، تظاهر عشرات الآلاف من مؤيدي المعارضة امام مقر المجلس التأسيسي في مدينة باردو وسط العاصمة تونس للمطالبة بحل المجلس والحكومة التي تقودها حركة النهضة وتشكيل "حكومة إنقاذ وطني" غير حزبية وهي مطالب رفضتها حركة النهضة التي عرضت تشكيل حكومة "وحدة وطنية".
وتعيش تونس أزمة سياسية خانقة منذ اغتيال النائب المعارض في البرلمان محمد البراهمي الذي قتل بالرصاص امام منزله في العاصمة تونس يوم 25 يوليو/تموز الماضي ومقتل 8 عسكريين يوم 29 من الشهر نفسه في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر على يد مجموعة مسلحة نكلت بجثثهم وسرقت اسلحتهم وملابسهم النظامية.
ودعت حركة النهضة في بيانها الى "الحفاظ على المجلس الوطني التأسيسي باعتباره السلطة الأصلية ومرتكز النظام الديمقراطي الوليد الذي ارتضاه التونسيون بعد انتخابات 23 تشرين الاول/أكتوبر 2011".
وشددت على "ضرورة استئناف المجلس الوطني التأسيسي أعماله في أقرب وقت ممكن بالنظر إلى طبيعة المهام والمسؤوليات الموكولة إليه، مع التشديد على ضرورة التسريع في وتيرة عمله وتحديد سلم أولويات واضحة لأشغاله".
واقترحت "ضبط رزنامة عمل واضحة يتم بمقتضاها: تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات في ظرف أسبوع من استئناف المجلس أعماله، والمصادقة على الدستور والقانون الانتخابي قبل موفى شهر ايلول/سبتمبر، واستكمال المهام التأسيسية للمجلس يوم 23 تشرين الاول/أكتوبر (القادم) والاتفاق على إجراء الانتخابات القادمة قبل نهاية السنة الجارية".
كما اقترحت "تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل مختلف القوى السياسية المقتنعة بضرورة استكمال المسار الانتقالي في إطار القانون المنظم للسلطة العمومية، تأخذ على عاتقها إنجاز المهام المستعجلة، وفي مقدمة ذلك مواجهة جماعات الإرهاب والمخاطر الأمنية المحدقة بالبلاد، وتأمين الوضع الاقتصادي وتحسين ظروف العيش للتونسيين والمساعدة على توفير أحسن المناخات التي تتيح إجراء انتخابات حرة ونزيهة".
واقترحت ايضا "تشكيل هيئة سياسية مرافقة لعمل الحكومة، ذات صلاحيات متفق حولها تضم أحزابا سياسية وشخصيات عامة وهيئات من المجتمع المدني".
وانتقدت الحركة مطالب المعارضة وأكثر من 60 نائبا في المجلس التأسيسي بحل المجلس والحكومة اثر اغتيال محمد البراهمي ومقتل العسكريين الثمانية و"اتجاه بعض الأطراف الفوضوية إلى استهداف مقرات السيادة ومحاولة تنصيب لجان محلية بديلة عن مؤسسات الدولة" بعدد من مناطق البلاد.
وأشارت الى وجود "مخطط انقلابي مترابط الحلقات يهدف إلى إحداث فراغ سياسي في البلاد وتفكيك المؤسسات القائمة ونقض ما تم انجازه في المرحلة الانتقالية، في محاولة يائسة لاستنساخ تجربة الانقلاب في مصر الشقيقة".
السبسي: حكومة غير شرعية
من جانبه، قال رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي في تصريح لقناة العربية إن الحكومة الموقتة باتت خارجة عن الشرعية لأن الشعب انتخبها لمدة سنة واحدة وهي لم تحترم إرادته بعد أن أجلت الانتخابات ومددت لنفسها.
وشدّد على أن الحل الوحيد المقبول لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد هو استقالة الحكومة وإجراء انتخابات تشريعية تشرف عليها حكومة جديدة حيادية، ووصف السبسي قرار تعليق أشغال المجلس الوطني التأسيسي بـ"الصائب"، نافيا احتمال الوقوع في فراغ دستوري إن تمّ حل ذلك المجلس.
وبخصوص تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حول اقتراح إجراء استفتاء عام لحلحلة الأزمة السياسية الحالية، اعتبر السبسي ان هذا المقترح "غير جدي" مؤكدا أن الانتخابات هي الحل الوحيد المقبول تونسيا ودوليا.
واتهم السبسي حركة النهضة بالتمسك بالسلطة رغم رفض السواد الأعظم من الشعب لوجودها في الحكم، مؤكدا أن الحل لا يكمن في تحكيم الشارع بل يتجلى في ضرورة العودة لطاولة الحوار.
دور بارز للنقابة
إلى ذلك، قال حسين العباسي الامين العام للاتحاد لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة انه التقى الاربعاء مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) الذي قرر الثلاثاء تعليق الجلسات العامة للمجلس الى اجل غير مسمى الى حين إجراء "حوار وطني" بين الفرقاء السياسيين، دون الكشف عن تفاصيل اللقاء.
والثلاثاء، دعا بن جعفر اتحاد الشغل الى ان "يقوم بدور لجمع الاطراف حول طاولة الحوار" شرط ان "يكون على المسافة نفسها من كل الاحزاب ومن كل الاطراف".
وقال حسين العباسي ان قرار بن جعفر تعليق جلسات البرلمان "خطوة جاءت في الوقت اللازم لزحزحة الوضع وتغييره".
واقترح اطلاق حوار وطني على اساس مبادرة اطلقها الاتحاد في 29 تموز/يوليو الماضي.
ودعا الاتحاد في هذه المبادرة الى "حل الحكومة الحالية التي يرأسها الاسلامي علي العريض، والتوافق على شخصية وطنية مستقلة تكلف بتشكيل حكومة كفاءات، على أن تكون محايدة ومحدودة العدد وتتكون من شخصيات مستقلة يلتزم أعضاؤها بعدم الترشح إلى الانتخابات القادمة".
وطالب ب "مراجعة كل التعيينات الحكومية في أجهزة الدولة والإدارة محليا وجهويا ومركزيا وعلى المستوى الدبلوماسي"، و"تحييد الإدارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة، والنأي بها عن كل توظيف وعن السجالات السياسية والتجاذبات الحزبية وسن قوانين رادعة تحقق هذه الغايات".
وأوصى بإقرار "قانون مكافحة الإرهاب واشراك النقابات الأمنية في إصلاح المنظومة الأمنية" و"تشكيل هيئة وطنية للتحقيق في الاغتيالات وفي جرائم الإرهاب والعنف وكشف الحقيقة في اغتيال القادة السياسيين وجنودنا ورجال أمننا البواسل وذلك برفع العراقيل أمام البحث في هذه الجرائم السياسية والإرهابية".
وطالب ب "حل ما يسمى "روابط حماية الثورة" ومتابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء".
وتقول المعارضة ان هذه الروابط "ميليشيات اجرامية مأجورة" تابعة للحزب الحاكم، ومهمتها ضرب الخصوم السياسيين لحركة النهضة فيما تنفي الحركة ذلك.
وأضاف الاتحاد في مبادرته "أما بخصوص صياغة الدستور، المهمة الأصلية التي انتخب من أجلها المجلس التأسيسي فإننا نقترح إحداث لجنة خبراء وتكليفها بمراجعة ما تم التوصل إليه في آخر نسخة من الدستور من أجل تخليصه من كل الثغرات والشوائب التي تنال من مدنية الدولة ونظامها الجمهوري ومن أسس الخيار الديمقراطي وتضمين مشروع الدستور جملة التوافقات الحاصلة بين مختلف الأطراف، وإعداد مشروع قانون انتخابي.. وتركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".