البعض يراه منقلبًا وخاذلًا وآخرون... (ناصر) جديدًا
المصريون يتساءلون: هل يترشح السيسي للرئاسة؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صعد نجم وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، على الرغم من الانقسام الذي يسود البلاد. لكن يبدو أن الجنرال، الذي يلقبه كل من يعمل معه بـ"مفاعل الدهاء"، صار الاسم الأبرز عند الحديث عن الرئيس المصري الجديد.. فهل يكون السيسي عبد الناصر الثاني؟.
يواجه الجنرال عبدالفتاح السيسي الآن مجتمعًا منقسمًا أكثر مما كان عليه منذ عام حين تولى مرسي السلطة، إذ إن الإسلاميين يحذرون بشدة من أن السيسي - الرجل الذي أطاح بقائدهم - ينوي الإطاحة بفصائلهم خارج الخارطة السياسية للبلاد في سعيهم من أجل السلطة المطلقة.
لكن هناك أيضًا نسبة كبيرة من المصريين، الذين يدعمون السيسي بحماسة، والعديد يطرحون اسمه قبل أي شخصية أخرى عند البحث عن زعيم جديد للبلاد، وفقًا لما أشارت إليه صحيفة الـ "واشنطن بوست".
أمل بات كابوسًا
وكان من المفترض أن يكون السيسي بمثابة "رجل الإخوان المسلمين الذي يدير الجيش"، لكن صوره وهو يضع النظارات الشمسية على عينيه تحوّلت إلى لافتات مبجلة له في شوارع القاهرة، ويتم لصقها على نوافذ الأوتوبيسات الصغيرة وواجهات المحال، ويمسكها الرجال والنساء الذين يلوّحون بالأعلام المصرية في ميدان التحرير.
يبقى السؤال بالنسبة إلى أكثر رجل شعبي في مصر: هل يريد أن يكون رئيس البلاد المقبل؟. السيسي (58 عامًا) كان خجولًا بعض الشيء عندما تحدث عن خططه المستقبلية، ونفى لصحيفة الواشنطن بوست في الأسبوع الماضي التقارير التي تشير إلى سعيه إلى السلطة، لكنه رفض أيضًا استبعاد احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية فقال: "حين يحبني الناس هذا أهم شيء بالنسبة إليّ".
يعتبر الكثير من المحللين في مصر أن التزام السيسي بالعودة إلى الحكم المدني الذي تقوده الديمقراطية هو أمر حقيقي، وبالتالي فهم لا يعتقدون أنه سيرشح نفسه في الانتخابات المتوقع عقدها في العام المقبل.
لكن في بلد أطيح برئيسها الوحيد، الذي لم تكن له خلفية عسكرية منذ ستة عقود، أي الرئيس المعزول محمد مرسي، يقول الكثير من المصريين إنهم لن يتفاجأوا إذا قرر السيسي المشاركة في المنافسة الانتخابية، فبعض أنصاره يصفونه بـ "جمال عبدالناصر الجديد"، في إشارة إلى الجنرال الذي قاد انقلاباً فيالعام 1952 وأطاح بالنظام الملكي في مصر.
بطل شعبي
الرغبة الشعبية في رؤية السيسي في القصرالرئاسي قوية ومدعومة من الفئة نفسها التي كانت تعارض الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وترفض الحكم العسكري، إلا أن الوضع الحالي أظهر السيسي على أنه بطل من الأساطير بعدما إعتقده الناس بمثابة التابع لجماعة الإخوان المسلمين.
"أعتقد أن الرئاسة موقع مغرٍ بشكل كبير بالنسبة إلى أي شخص"، قال مسؤول غربي رفيع المستوى، في إشارة إلى احتمال أن يترشح السيسي لرئاسة مصر.
الضجة لجلب السيسي إلى القصر الرئاسي أمر مثير للسخرية، وفقًا لما يقوله النقاد، بالنظر إلى أن العديد من أنصاره كانوا أعداء للحكم المدعوم من الجيش. كما أن الدعم الشعبي للجيش أصيب بتوترات كبيرة في الفترة السابقة، لا سيما بعدما انتقلت القوات المسلحة بسرعة إلى الحكم بعد الإطاحة بمبارك في ثورة يناير 2011.
حتى قبل الثورة، كان السيسي بين مجموعة من القادة الذين شهدوا تقدمًا كبيرًا في الجيش، لا سيما أنه شارك في برنامج دولي مرموق في الكلية الحربية للجيش الأميركي في كارلايل في ولاية بنسلفانيا، كما إنه عمل على إعداد دراسة بعنوان "الديمقراطية في الشرق الأوسط"، والعلاقات المدنية والعسكرية، وفقًا لمستشاره في الدراسة ستيفن غيراس.
وقال غيراس إن رأي السياسي بشأن الغزو الأميركي للعراق كان حادًا، مقتبسًا بعض الأقوال، التي وردت في دراسته، حيث قال: "الأمور في العراق لن تصل إلى النتيجة التي ترغبون فيها. الثقافة وتأثير الدين، وسوء نوعية التعليم، وتأثير وسائل الإعلام التي تديرها الدولة، كلها عوامل تجعل من الصعب للغاية تحقيق نموذج الديمقراطية الغربية في الشرق الأوسط. لقد كنتم أيها الرفاق (الأميركيون) على نوع من السذاجة في العراق".
ذكي جدًا
بدورها، قالت البروفيسورة شريفة زهور إن السيسي رجل محافظ، ولكنه ذكي جدًا، مشيرة إلى أنه "ميّز نفسه بشخصيته الهادئة والمعبّرة. لكن عندما يتحدث، كان يبرهن عن خبرة واسعة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالنتائج السلبية لقمع الديمقراطية".
عندما منح مرسي نفسه صلاحيات واسعة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، دعا السيسي من جانب واحد إلى اجتماع للقادة السياسيين في البلاد - وهي خطوة غير معتادة لوزير الدفاع في حكومة بقيادة مدنية. بحلول الربيع، ارتفع منسوب التوتر بين الاثنين، لا سيما في ظل استمرار الاقتصاد المصري في الانهيار وشح الغاز والوقود، الذي جعل المئات من المصريين يصطفون أمام محطات الوقود في الشوارع وسط مشاعر غضب عارمة.
على الرغم من أن السيسي أعلن في مرحلة سابقة أنه حذّر مرسي والمسؤولين الأميركيين من أن مشاكل مصر تزداد سوءًا، إلا أن بعض المراقبين يعتقدون أن السيسي كان يخطط ضد مرسي ويعد لمؤامرة لخلعه. "حاول السيسي استغلال الأوضاع المصرية بأقصى قدر ممكن حتى يربح الصفقة"، قال ستيفن سايمون، المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الذي كان حتى في وقت سابق من هذا العام مسؤولًا رفيع المستوى في مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط.
منذ سقوط مرسي، لم يعبّر السيسي عن رغبة في الظهور أو التأييد الشعبي، لكن بعد خطاب له في أواخر تموز/يوليو عندما دعا المصريين إلى النزول إلى الشوارع بالملايين لمنحه التفويض الشعبي لمحاربة "الإرهاب"، تساءل كثير من المصريين عما إذا كان قد يطمح إلى سلطة أكبر.
وقال سايمون، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي: "هل ترون شخصية أخرى في مصر قادرة في الوقت الراهن على حيازة الإعجاب الشعبي الواسع أو الاحترام؟، هل هناك شخص آخر مقبول لدى شريحة واسعة من الناخبين؟".