تل أبيب تصف تعامل أوباما مع الإخوان بـالساذج
محلل مصري: إسرائيل ضغطت على أميركا لبقاء طنطاوي في الحكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كشف خبير مصري في الشؤون الإسرائيلية أن تل أبيب قلقت من صعود الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، وضغطت على واشنطن ليرفض المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، تسليم الحكم في مصر للإخوان، إلا أنها لم تستجب لتلك الضغوط.
القاهرة: قال سامح عباس، الخبير بالشؤون الإسرائيلية والمدرس بجامعة قناة السويس، لـ"إيلاف" إن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي قدم ورقة تقدير موقف إلى حكومته عقب الإنتخابات البرلمانية المصرية، في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، وحملت عنوان: "تحدي صعود الإخوان المسلمين وتوابعهم"، وإن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي قال إن التعامل الأميركي مع الإخوان اتسم منذ البداية بالخطأ، وهو يدل على عدم تقدير لما يمكن أن يحدث في مصر، وأن تؤدي نتيجة انتخابات ديمقراطية حتمًا إلى وصول الإخوان المسلمين للسلطة، خصوصًا أن جماعة الإخوان لا تمثل قوة دينية وثقافية فحسب، بل تعد نسخة للأيديولوجيا الشمولية الأوروبية، لكن بصبغة دينية.
وأضاف عباس لـ"إيلاف" أن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أوصى حكومته بضرورة أن تطلب من أميركا إستخدام الضغوط الإقتصادية في التعامل مع الإخوان أثناء حكمهم لمصر، عبر إستخدام ورقة المساهمين والمستثمرين الأوروبيين والأميركيين.
دعم طنطاوي
أوضح عباس أن وزارة الخارجية الإسرائيلية حللت نتائج الانتخابات البرلمانية المصرية، فتكونت لديها رؤية قوامها أنه يجب الدخول في حوار سريع مع الغرب وأميركا، بهدف تقليل الضغوط الممارسة على المجلس العسكري في مصر حينئذٍ، وذلك لضمان بقائه قائمًا ومنح الجيش دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية في مصر مستقبلًا، بهدف التقليل من حدة المخاوف التي يشكلها وصول الإسلاميين للسلطة على إسرائيل بشكل خاص، وعلى المجتمع الدولي بشكل عام.
وأضاف: "أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات لسفرائها بتمرير رسالة إلى الإدارة الأميركية والدول الأوروبية المركزية مفادها وجوب الامتناع عن إطلاق تصريحات وانتقادات قد تؤدي إلى إضعاف موقف المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، والامتناع عن ممارسة ضغوط على الجيش المصري من أجل نقل صلاحياته إلى حكم مدني من دون إجراءات منظمة وتدريجية".
ونبّه إلى أن تل أبيب دعت واشنطن إلى عدم تكرار الخطأ الذي إرتكبته في الأيام الأولى للثورة المصرية، عندما وجهت دعوة لا لبس فيها للرئيس المصري السابق، حسني مبارك، للتنحي فورًا عن الحكم. ووصفت تعامل أوباما مع جماعة الإخوان بـ"الساذج".
الإخوان والغرب
ولفت عباس إلى أن إسرائيل كانت تتحسب لوصول الإخوان إلى السلطة، مشيرًا إلى أن المراكز البحثية التابعة للأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيليين، كانت وما زالت تعمل على مدار الساعة في هذا الشأن، ومنها المركز الإسرائيلي للاستخبارات والإرهاب التابع للموساد، الذي أصدر تقريرًا بعنوان "موقف الإخوان المسلمين من الولايات المتحدة والغرب".
وأوضح أن التقرير رصد إستراتيجية تعامل الإخوان مع الغرب، مشيرًا إلى أن قضية النظرة إلى الغرب والعلاقات معه وضعت قيادة الإخوان أمام صعوبات إيديولوجية وعملية، عقب ثورة 25 يناير، إذ ترفض أيديولوجيتها الإسلامية بوجه عام قيم الغرب، لا سيما تلك التي تعتبر إباحية، وتدعو لرفض أي تغلغل وتأثير لنظريات وقيم وثقافات غربية، منوهًا بأن التقرير الإستخباراتي كشف الخلاف الداخلي حول قضية العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية والنظرة إلى الغرب، وأنه إحدى المشكلات التي تواجهها جماعة الإخوان المسلمين، إذ أن التيار المحافظ داخل الجماعة مُخلص للأيديولوجية الرسمية للجماعة، ويرفض الحوار مع الغرب، فالجماعة تعتبر نفسها مدافعة عن الإسلام، وترى أن الاندماج وقبول قيم الغرب مؤامرة هدفها إضعاف الأمة الإسلامية. في المقابل، هناك عناصر براغماتية داخل الجماعة ترى الغرب وسيلة شرعية لتحقيق أهدافها السياسية.
وقد ظهرت الصعوبة في بلورة سياسة واحدة في هذه المسألة من خلال التصريحات الغامضة لكبار المسؤولين بالجماعة حول طبيعة العلاقات مع الغرب عمومًا والولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص.
إختراق المجتمع الأميركي
وأشار عباس إلى أن تقرير الموساد كشف أن الجماعة سعت إلى إختراق المجتمع الأميركي من خلال فتح حوار مع جماعات ومنظمات المجتمع المدني والمفكرين والأكاديميين، وليس مع الإدارة الأميركية فقط. ونوّه بأن عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والقيادي بالجماعة، هو المسؤول عن علاقات الجماعة مع الولايات المتحدة والغرب، رغم نفيه المستمر لذلك.
وأكد أن الاتصالات بين جماعة الإخوان المسلمين والسفارة الأميركية في القاهرة بدأت فعليًا منذ عهد أنور السادات، "وفي الثمانينيات إعتاد موظفو السفارة الأميركية على زيارة مقر الجماعة بالقاهرة من حين لآخر، وعقب أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) توقفت الاتصالات، بناء على طلب الجماعة".
ورغم ما تعهدت به وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس فى حزيران (يونيو) 2005 بألا تقيم الولايات المتحدة علاقات مع الإخوان المسلمين، لكن في غضون سنة تجددت الإتصالات وتقابلت مجموعات عمل أميركية مع نواب الإخوان المسلمين في البرلمان المصري بصورة علنية، وفي حضور عناصر مصرية أخرى، بما في ذلك أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي المنحل.
وسُمح لرئيس كتلة الإخوان المسلمين في البرلمان، سعد الكتاتني، بالمشاركة في مؤتمر أكاديمي بجامعة جورج تاون، في إطار منصبه البرلماني فقط. كما أنه من المعروف أن نائب المرشد العام السابق، محمد حبيب، إلتقى عدة مرات بشخصيات أكاديمية أميركية.
ولفت إلى أن الإتصالات مع أميركا لم تنقطع مع وصول الإخوان للحكم، وهي تتميّز بالمتانة، لا سيما أن واشنطن ترى أن الجماعة قد تعود للحكم مرة أخرى، بما لها من قاعدة شعبية في الشارع، فهي ما زالت متماسكة حتى بعد زوالها من الحكم بسبب عزل الرئيس محمد مرسي، وحل مجلس الشورى، وتعطيل العمل بالدستور الذي وضعته الجماعة.