العنف في مصر يُجبر الغرب على الإسراع بتقديم موقف واضح
بعد فضّ الاعتصامات... فاز السيسي والظواهري وخسر البرادعي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فضّ الجيش اعتصامات الاخوان في القاهرة، وترافق ذلك مع موجة عنف شديدة، لكن الغرب لم يحسم موقفه تجاه الأزمة المصرية. وسقوط عدد كبير من القتلى سيجبر الأوروبيين والأميركيين على تحديد موقف صريح مما يجري، خصوصًا أن الرابح الأكبر هو عبد الفتاح السيسي والخاسر الأكبر هو محمد البرادعي.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: تسببت حالة التفكك السياسي، التي تعيشها مصر على وقع التطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد، في وضع الغرب بمأزق.
وستؤثر ردة فعله على المجزرة التي وقعت قبل يومين على صورته في العالم العربي على مدار سنوات قادمة.
والإشكالية هو أنه لم يحسم موقفه حتى الآن تجاه كل هذه الأمور التي تشهدها مصر خلال الفترة الأخيرة.
لا مفرّ من الوضوح
علقت على ذلك مجلة دير شبيغل الألمانية بقولها إنه حين تطرح نقاط التحول التاريخية نفسها، لا يكون هناك مفر من اتخاذ خطوات حاسمة. والآن مع قيام القوات المسلحة المصرية - بدعم من الحكومة الحالية - بفض تظاهرات أنصار جماعة الإخوان المسلمين بكل وحشية، يقف العالم الغربي في تلك المرحلة عند مفترق طرق.
ورأت المجلة أنه وبعيداً عن حقيقة الإحصاءات الخاصة بأعداد الضحايا، بحسب المصدر المنقول عنه، فإن ردة الفعل على تلك المجزرة التي شهدتها القاهرة عند فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية ستكون حاسمة بالنسبة لسمعة الولايات المتحدة وأوروبا في الدول العربية والعالم الإسلامي بشكل عام على مدار سنوات قادمة.
مصداقية الغربيين على المحكّ
ومضت المجلة تقول إن نفوذ ومصداقية الغرب باتا على المحك، مشيرةً في الوقت عينه إلى أن المسألة مرتبطة بكيفية إحداث توازن بين السياسة الواقعية وحقوق الإنسان.
فائزون ومدحورون
طرحت المجلة تساؤلين: هل نريد أن نصدر تحذيرات دبلوماسية صارمة ونعود للحوار مع رجل قوي على رأس الحكومة المصرية يده ملطخة بالدماء لكنه النفوذ لتحقيق قدر من الاستقرار في البلاد والمنطقة، وموقف السياسة الخارجية الذي يتوافق مع مصالحنا ؟ أم أننا نريد أن نصدر تحذيرات دبلوماسية صارمة ضد دفع الإخوان المسلمين للأسفل وتحويلهم لشهداء وأن نطالب بدلاً من ذلك بأن يتم تدعيمهم في حقوقهم التي يسعون لها - رغم أن الأيديولوجية الأصولية لهؤلاء الملتحين غريبة علينا للغاية ومسؤولة جزئياً على الأقل بلا شك عن الفوضى السياسية الحالية ؟
ويبدو واضحاً بالفعل أن هناك فائزَيْن وخاسراً واحداً في تلك الأزمة -واحد إرهابي، والثاني جنرال والثالث شخص حائز على جائزة نوبل.
الظواهري مستفيد
وأعقبت المجلة بقولها إن واحداً من هذين الفائزين الاثنين هو أيمن الظواهري، 62 عاماً، الذي سبق له أن اتهم في فيديو، قبل عام ونصف، جماعة الإخوان بما أسماه القبول الخائن لقواعد الغرب.
ثم مضت المجلة لتشير بعدها إلى العام الكارثي الذي عاشته مصر بعد تولي مرسي الحكم، حيث أضعف المحاكم، ومارس مضايقات على الإعلام، ودمر اقتصادًا يئن بالفعل نظراً لعدم كفاءته، ما دفع بالمعارضة للنزول إلى الشوارع، بالتزامن مع توقيع ما يقرب من 22 مليون مصري على استمارات تمرد للمطالبة برحيله عن الحكم.
وبالفعل أطاحت القوات المسلحة في الـ 3 من الشهر الماضي بمرسي ووضعته تحت الإقامة الجبرية وتخطط الآن لمحاكمته.
وبعدها بدأ يشعر كثير من المصريين بحالة من الارتياح، وسط حديث عن "ثورة ثانية"، بيد أن ما حدث كان انقلاباً في الأساس.
السيسي يكسب
ثم تحدثت المجلة عن الفائز الثاني وهو وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، 59 عاماً، الذي ظهر على الساحة مؤخراً باعتباره رجل الجيش المصري القوي.
وقالت المجلة إنه كان الشخص الذي وقف وراء إثارة لهيب الحماسة القومية بمهارة، وأعاد للأذهان حقبة الرئيس السابق جمال عبد الناصر، الذي نجح من قبل في أن يجعل نفسه زعيماً عربياً بارزاً.
كما كان السيسي مَن تعهد بإعادة النظام، فرص العمل والاستقرار الاقتصادي. وأكدت المجلة أنه مسلم متدين ووصي على الأخلاق الأصولية، فضلاً عن أن الجيشلا يزال حتى الآن هو أهم قوى اقتصادية في مصر. ويقول السيسي، المنتصر، إنه يريد العودة بقواته لثكناتها ويعود بالبلاد للديمقراطية.
البرادعي... الخاسر الأبرز
فيما رأت دير شبيغل أن الخاسر الأكبر في لعبة البوكر للظفر بالسلطة في مصر هو الدكتور محمد البرادعي الذي يبلغ من العمر 71 عاماً، قائلةً إن التساؤل الذيلا يزال مفتوحاً هو ما إن كانت هذه سذاجة تلك التي سمحت للبرادعي بأن يعبر علانية في عدة مناسبات عن اعتقاده بأن الجيش سيعود حقاً لثكناته وسيتخلى عن أي سيطرة سياسية مباشرة.
وبتلك الطريقة، بات البرادعي كما لو كان شخصية خارجة من أسطورة يونانية، فقد كان يريد الانخراط في السياسة لأنه كان يعتقد أنه سينظر إليه أيضاً باعتباره مقصراً إن فشل في القيام بذلك. لكن كانت هناك أيضاً مسؤولية على عاتقه لأنه لم يكن قادراً على منع الكارثة الكبرى رغم الجهد الكبير الذي بُذِل.
وختمت المجلة الألمانية واسعة الانتشار بقولها إنه قد تم بوضوح تحديد الجبهات المتصارعة في مصر، وأن النشوة التي رافقت موجة الربيع العربي قد بدأت تهدأ بالفعل.