تكبيرات المساجد والتهديد بالعصيان يرغما المالكي على اطلاق شخصية سنية

أرغمت تكبيرات مساجد في بغداد وتهديدها بإعلان عصيان مدني وبدء الاعتصامات، رئيس الوزراء نوري المالكي على إعطاء تعليماته بإطلاق سراح نائب رئيس مجلس علماء العراق الشيخ منير العبيدي، أحد الداعمين للحراك الشعبي في محافظات سنية بعد ساعات من اعتقاله بتهمة التحريض على الإرهاب.

لندن: تجمهر المئات إثر إقدام قوات خاصة على اعتقال نائب رئيس مجلس علماء العراق وخطيب الجمعة بجامع برهان الدين الشيخ منير العبيدي في حي الجامعة بالعاصمة بغداد عقب صلاة أمس الجمعة، وذلك
في وقفة احتجاج وصفها اعلامي عراقي في اتصال هاتفي مع "ايلاف" من بغداد بالشجاعة، ساهم فيها مئات الشباب وكبار السن والأطفال والنساء حول الجامع، غير مكترثين بالقوات المسلحة التي احاطت به وتهديدها للمعتصمين بالاعتقال .

وأشار إلى ان السلطات فوجئت بتسارع توسع عملية الاعتصام وإطلاق المشاركين فيه لصيحات التكبير وذلك بعدما باشرت مساجد في بغداد بالاعلان عن اعتقال السلطات للشيخ العبيدي، بالترافق مع ترديدها للتكبيرات والتهديد بإعلان عصيان مدني ناشدت المواطنين بالاستعداد لتنفيذه اليوم السبت. وازاء ذلك فقد اضطرت السلطات العراقية الليلة الماضية إلى اطلاق الشيخ العبيدي بعد ساعات من اعتقاله واقتياده إلى احد المراكز الامنية للتحقيق معه في التحريض على الارهاب.
ويعتبر العبيدي أحد الشخصيات البارزة الداعمة لحركات الاحتجاج السنية في محافظات غربية وشمالية والمستمرة منذ ثمانية اشهر. وفي خطبة له في معتصمي مدينة سامراء مؤخرا كان الشيخ العبيدي قد شدد على ان الاعتصامات الحالية في المحافظات الست دستورية وتسير وفقا للقانون النافذ وقال إن الوقفات التي تشهدها مساجد بغداد فرض عين على كل مسلم.

قوى دينية تحمل الحكومة مسؤولية الإساءة للعبيدي
وفور اعتقال الشيخ العبيدي، حمل مجلس علماء العراق "بكافة أعضائه ومنتسبيه الحكومة نتيجة هذا العمل، ويحذرونها من المساس بهذا الشيخ الجليل ويطالبونها بالإفراج الفوري عن هذا الصوت الصادح بالحق" كما قال في بيان صحافي تسلمت "ايلاف" نسخة منه. كما استنكر الحزب الإسلامي النسخة العراقية للاخوان المسلمين اعتقال الشيخ العبيدي.
وقال في بيان "إن الحكومة العاجزة تماماً عن حماية العراقيين ماضية في نهجها الإقصائي ورفض دعوات الإصلاح" . واضاف "ان الحراك الجماهيري الذي تشهده محافظات العراق، بات يمثل صوتاً وطنياً يسعى لخير العراقيين جميعاً"، واشار إلى ان الشيخ العبيدي هو"رمز للفكر الإسلامي الوطني المعتدل ومواقفه في مساندة مظلومية جميع أبناء شعبنا معروفة للقاصي والداني" .
وتساءل قائلا " ما الرسالة التي تريد الحكومة ومعها القوات الأمنية إيصالها اليوم من خلال هذه السلوكيات المرفوضة ؟ وهل بات الاعتداء على الحريات والحقوق وإلقاء الآلاف في السجون والمعتقلات هو برنامج الحكومة الذي لا تعرف سواه ؟".
وشدد الحزب بالقول "ان الظلم لن يكون يوماً ما حلاً لمشكلة ناهيك عن انه يزيد من اضطراب الأوضاع ويعقدها مثلما انه لن يدوم مهما طال الوقت، ودعا االعراقيين كافة إلى التعبير عن "رفضهم لسياسة الانتقام والاعتقال التي تتبناها الحكومة اليوم والمطالبة بالأفراج الفوري عن الشيخ العبيدي وكافة المعتقلين الأبرياء الذين يقبعون خلف القضبان ويواجهون التعذيب والموت يومياً ظلماً وعدوانا" بحسب قوله.

النجيفي والمطلك تسابقا على تأكيد مساهمتهما بالافراج عن العبيدي
وبعد الاعلان عن اطلاق الشيخ العبيدي، فقد تسابق اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب رئيس ائتلاف "متحدون" وصالح المطلك نائب رئيس الوزراء رئيس الجبهة العراقية للحوار وهما تنظيمان يتشكلان من غالبية سنية، في الإعلان عن بذلهما جهودًا اسفرت عن الافراج عنه.

فقد أعلن النائب طلال الزوبعي من القائمة العراقية انه بعد تدخل منه ومن صالح المطلك لدى رئيس الوزراء نوري المالكي وجهود نواب آخرين فقد تم اطلاق العبيدي والتحاقه بعائلته.

ومن جانبه، أعلن ائتلاف متحدون ان رئيسه اسامة النجيفي والنواب المنضوين في الائتلاف قد ابدوا اهتماماً بالغاً بحادثة اعتقال العبيدي، وكثفوا اتصالاتهم بالجهات المسؤولة ساعين لإطلاق سراحه بشكل عاجل وفوري . وقال النجيفي في تصريح صحافي إن جهوده ومعه جميع النواب في متحدون "أثمرت بفضل الله، حيث تم إطلاق سراح الشيخ العبيدي مساء الجمعة" وانه قد اطمأن على أوضاع الشيخ العبيدي في اتصال هاتفي اكد فيه "تضامنه معه وبذله الجهود المتواصلة والحثيثة لإطلاق سراح جميع المعتقلين الأبرياء وسوف لن يألوا أو يدخروا جهداً أو وقتاً من اجل ذلك" .

وكان مجلس علماء العراق قد تشكل من قبل مجموعة من علماء العراق ومفكريه بعد اختتام المؤتمر الخامس لعلماء العراق الذي انعقد فبعمان في نيسان (ابريل) عام 2007 وهو يهدف بحسب بيانه إلى "العمل على إشاعة الفهم الوسطي المتوازن للإسلام الذي يجمع بين اتباع النصوص وتحقيق مقاصد الشريعة ورعاية مصالح البشر بشرط أن لايعارض نصاً شرعياً صريحاً، كما يجمع بين مُحكمات الشرع ومقتضيات العصر .. وإبراز دور علماء الشريعة في ريادة العمل الإسلامي الرشيد في الساحة العراقية وسد احتياجات المسلمين من الفتاوى والمتطلبات الحياتية والإفادة من طاقات علماء العراق وقدراتهم في تطوير المستوى العلمي ورفعه لطلبة العلوم الشرعية".

وكان خطيب جمعة الاعتصام في مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) بالمئات من المصلين الشيخ أحمد سعيد قد دعا امس إلى تشكيل جبهة سنية سياسية اقتصادية فكرية من حقوقيين وسياسيين ورجال دين وناشطين تحمي اهل السنة .. واضاف ان البحث في تشكيل هذه الجبهة سيتم خلال مؤتمر لممثلي الحراك الشعبي سيعقد في سامراء صباح الثلاثاء المقبل .
يذكر ان محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى تشهد منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة "منتهكي أعراض" السجينات فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الاقصاء والتهميش لمكونات عراقية.