نتيجة الربط بين الدين والسياسة بشكل عنيف في المجتمع المصري
الملتحون والمنتقبات يدفعون ثمن الغضب الشعبي ضد الإخوان المسلمين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يتعرض الملتحون والمنتقبات في مصر إلى مضايقات واعتداءات من أشخاص غاضبين على الاخوان المسلمين، ونتيجة لذلك لجأبعض الشبان إلى حلق لحاهم خوفاً.
القاهرة: سلم الشاب الملتحي عبد السلام بدر مرغما لحيته الى شفرة الحلاق للمرة الأولى منذ أشهر، بعد حالة رعب عاشها بسبب هذه اللحية عندما اوقفته لجنة شعبية جنوب القاهرة.
وتواجه جماعة الاخوان المسلمين وانصارها غضبا شعبيا متصاعدا في الشارع المصري، بلغ ذروته من خلال مواجهات واسعة على الارض بين هؤلاء وبين اهالي احياء عدة في القاهرة وغيرها من المحافظات قتل فيها المئات.
كما شارك ملتحون مدججون بالاسلحة النارية في اعمال عنف عدة في مناطق متفرقة من مصر، وفي واحدة من اكثر تلك الاعمال قسوة أظهرت مقاطع فيديو ملتحيا يلقي بصبية من فوق احدى البنايات في مدينة الاسكندرية شمال البلاد مطلع تموز/يوليو الفائت.
وفي رابعة العدوية، المركز الرئيس لاعتصام الاسلاميين من انصار الرئيس الاسلامي محمد مرسي الذي عزله الجيش في تموز/يوليو، اعتلى شيوخ ملتحون وسيدات منتقبات المنصة مستخدمين خطابا تحريضيا ضد معارضيهم من المسلمين والمسيحيين والجيش، حيث هدد قادة الجماعة الاسلامية وكلهم من الملتحين بالتصدي بالقوة للمتظاهرين المعارضين لمرسي الذين كفرهم الشيوخ السلفيون المشاركون في هذه الاعتصامات.
وقد خلق ذلك شعورا عدائيا لدى ملايين المصريين تجاه الملتحين والمنتقبات.
ومنذ اعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال في 14 محافظة مصرية الاسبوع الماضي، ينظم الاهالي لجانا شعبية لحفظ الامن، وكثيرا ما تتحرش هذه اللجان بالملتحين، حسب ما شاهد صحافيو وكالة فرانس برس.
والاحد الماضي، حذرت وزارة الداخلية المصرية المواطنين من تشكيل لجان شعبية بسبب "استغلال البعض لها في ارتكاب وقائع تخالف القانون".
ولا ينتمي كل الملتحين والمنتقبات بالضرورة الى تيار الاسلام السياسي في مصر، حيث شارك الكثير منهم في التظاهرات الحاشدة التي طالبت بعزل مرسي نهاية حزيران/يونيو الماضي.
وبحزن وغضب مكتوم، يروي المهندس الملتحي غير المسيس بدر (29 عاما) مشهدا مما يتعرض له ملتحون على يد الاهالي.
ويقول "مساء الجمعة كنت في حافلة اجرة صغيرة متهالكة في طريقي الى مشرحة زينهم لايصال جثة صديق قتل في احداث العنف الاخيرة" لكن "لجنة شعبية اوقفتنا بسبب لحيتي. كنت مرعوبا. شعرت انهم سيقتلونني"، مضيفا "تركونا نمر تعاطفا مع جثة زميلي".
وفي محل حلاقة صغير وغير نظيف، اضطر بدر لحلاقة لحيته وهو ما اعتبره اسوأ لحظات حياته، قائلا "فعلت ذلك مكرها للحفاظ على حياتي".
وتابع باحباط بعد ان خبأ وجهه "الدنيا اكثر امانا بعد ان حلقت لحيتي".
وتمتد المضايقات لتشمل ايضا السيدات المنتقبات، بعد تقارير صحافية محلية اشارت الى ان قياديين في الاخوان غالبا ما يتنكرون في زي المنقبات للهروب من الملاحقة، في وقت كشفت تقارير اخرى عن تهريب اسلحة مع منقبات.
وتقول هدى المنتقبة باسى "اصبحت اسير في الشارع مرعوبة. انا خائفة. اقسم اني اكره الاخوان المسلمين"، قبل ان تنفجر باكية "لن اخلع النقاب. هذا ديني".
وفي الاسكندرية (شمال البلاد) حيث شارك ملتحون مناصرون لمرسي في الهجوم على قسم للشرطة، تعامل الاهالي بغضب بالغ مع الملتحين في الشوارع ووسائل المواصلات.
وقال علي الصغير الغاضب على الاخوان المسلمين لفرانس برس "انهم يبيحون دماءنا ويقتلوننا. الا ترى الملتحين الذين يهاجمون القسم؟".
واضطر مصور اجنبي يعمل في مصر الى حلاقة لحيته بعد ان تعرض لمضايقات من الاهالي، حيث اوقفت لجنة شعبية سيارة يستقلها بعد ان شكوا في امره قبل ان يكتشفوا انه اجنبي.
ويبدو ان ما يتعرض له الملتحون والمنتقبات ليس تمييزا دينيا بقدر ما هو تنفيس عن غضب سياسي ضد رموز معينة.
كما يمكن ربط تلك الظاهرة بتهديدات بعض الاسلاميين لغير المحجبات والمسيحيات اثناء حكم الرئيس الاسلامي مرسي بإلباسهن الحجاب قسرا.
وتقول مي مجيب وهي مدرسة علوم سياسية في جامعة القاهرة، ان "ما يحدث هو استمرار للربط بين الدين والسياسة لكن هذه المرة بشكل مجتمعي وعنيف".
وتابعت "الأهالي يثأرون من الرموز الدينية المرتبطة بالتيار الاسلامي وفي مقدمها اللحية والنقاب"، موضحة ان "الملتحين يدفعون ثمن لجوء الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية للعنف".
وخلال سنوات حكم الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك، كان الملتحون يتعرضون لمعاملة سلبية ومضايقات على ايدي الامن، لكن الغضب الان اصبح شعبيا.
وقالت مجيب ان "التعامل المجتمعي مع الملتحين والمنتقبات اخطر من تعامل الامن لان غضب الاهالي لا سقف او حدود له ومتصاعد بالاضافة لاحتمال استمراره لفترة زمنية طويلة".
ويقول سائق سيارة الاجرة الملتحي احمد عيد "بعض الناس يرفضون ان يستقلوا التاكسي معي بسبب لحيتي. انها بوادر مقاطعة شعبية لنا"، وتابع ضاحكا "الامن لم يعد يضايقنا على الاطلاق".
واضطر الصيدلي الملتحي محمد ابراهيم الى تغيير مواعيد عمله وطريق عودته الى منزله "لتفادي مضايقات الاهالي واللجان الشعبية".
ويتهم ملتحون ومنتقبات الاعلام الرسمي بالتحريض ضدهم من خلال الحملة الاعلامية باسم "مصر تواجه الارهاب" معتبرين انه لا يذيع سوى لقطات لملتحين يمارسون العنف.
ويقول الناشط الملتحي محمد طلبة، الذي اسس منذ عامين مجموعة "سلفيو كوستا" قبل نحو عامين "نواجه واقعا صعبا بين الالتزام بسنة شرعية ومواجهة كراهية الناس لنا"، مضيفا "ان المضايقات الشعبية اكثر الما من اي تضييق امني".
وكان طلبة اسسوا هذه المجموعة لمحاولة تغيير الصورة النمطية للسلفيين على انهم يتبنون تفسيرا متشددا للدين الاسلامي ويفرضون اطلاق اللحى.
واطلق على المجموعة هذا الاسم لان اعضاءها يلتقون دائما في مقاهي "كوستا كافيه".
من جهتها، تقول نيفين مسعد استاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة ان "استهداف الملتحين سلوك خطير يهدد امكانية العيش المشترك بين المصريين المختلفين سياسيا".
وتابعت مسعد "ما يحدث مؤشر خطير على المستقبل وبداية انفصال المجتمع.. لا بد ان يتدخل العقلاء لإنهاء العنف والتحريض".