منطقة عازلة أو حظر جوي أو ضرب الكيميائي
ثلاثة خيارات للتدخل العسكري في سوريا... أسهلها صعب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تتصاعد الضغوط على أميركا للتدخل في سوريا بعد مجزرة الكيميائي في الغوطة. ثمة ثلاثة سيناريوهات محتملة لهذا التدخل إن تقرر: فرض منطقة عازلة، أو فرض حظر جوي، أو ضرب الترسانة الكيميائية... خيارات أسهلها صعب، كما يقول خبراء أميركيون.
دمشق: لطالما هدد باراك أوباما بشار الأسد بالتدخل العسكري إن تخطى النظام السوري خطًا أحمر رسمه أوباما، وهو استخدام السلاح الكيميائي. وعلى الرغم من دلائل كثيرة على استخدامات طفيفة لهذا السلاح خلال العام المنصرم، إلا أن ما حصل في 21 آب (أغسطس) من إبادة جماعية بالسلاح الكيميائي لمواطنين في مناطق في ريف دمشق، تسيطر عليها المعارضة، وضع الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين أمام ضغوطات متزايدة، تدعو إلى تحرك فوري لوقف العنف في سوريا.
إلا أن الادارة الأميركية لا تزال على ترددها بسبب خوفها من الانجرار إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، واضطرارها لإرسال قوات أميركية على الأرض، وهو ما لا تريده واشنطن، التي خرجت منذ فترة قريبة من وحول العراق المتحركة. لكن بسبب عنف الأسد الكيميائي، يواجه المجتمع الدولي سيناريوهات مختلفة لتدخل عسكري في سوريا، تتراوح بين القضاء على ترسانة النظام من الأسلحة الكيميائية وإقامة منطقة حظر جوي.
العازلة لا تكفي
يقترح خبراء إقامة مناطق عازلة على طول الحدود السورية مع تركيا والأردن، لتكون مناطق آمنة للاجئين وقواعد خلفية لمقاتلي المعارضة، لتبقى منطقة سيطرة القوات الدولية محدودة. إلا أن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي يحذر من أن هذه المهمة لن تكون سهلة، قائلًا: "سيكون من الضروري استخدام القوة القاتلة للدفاع عن هذه المنطقة من هجمات جوية وصاروخية وبرية محتملة، وهذا يتطلب إقامة منطقة حظر جوي محدودة، وسنحتاج إرسال آلاف العناصر من القوات الأميركية على الأرض، حتى لو تم نشرها خارج سوريا.
ورأى أنتوني كوردسمان، الخبير في الشؤون الأمنية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن مثل هذا التدخل قد لا يكفي لهزيمة الأسد، "وهذا قد يعني هزيمة المعارضة، أو تمكين الأسد من السيطرة على القسم الأكبر من سوريا، فلا يترك سوى القليل لمقاتلي المعارضة يقتصر على مخيمات لاجئين مسلحة عند أطراف سوريا أو على حدودها، من دون تمكينهم من الانتصار، وقد ينتهي الأمر أيضًا بإيواء اللاجئين السوريين قرب منطقة الحدود، من دون منحهم أي أمل حقيقي بالعودة إلى بيوتهم في المستقبل القريب".
شبكة دفاعية قوية
اقترح العديد من أنصار التدخل العسكري إقامة منطقة حظر جوي لمنع النظام من استخدام سلاحه الجوي لقصف المعارضة والسكان المدنيين وإمداد قواته. فقال السناتور جون ماكين، الطيّار السابق في الجيش الأميركي، إن هذا خيار سهل التطبيق نسبيًا، لكنه لا يخلو من المخاطر.
فقد أوضحت دراسة لسلاح الجو الأميركي أن شبكة الدفاعات الجوية السورية عند اندلاع الحرب الأهلية كانت من الأكثر قدرة وحجمًا، بعد كوريا الشمالية وروسيا فقط، والمدى الذي تغطيه الصواريخ والرادارات يقدر بنحو 650 موقعًا للدفاع الجوي، يؤوي الأكثر خطورة منها صواريخ غامون إس إيه-5، البالغ مداها 300 كيلومتر، والقادرة على الارتفاع إلى مسافة 30 ألف متر.
ولتدمير هذه القدرة الدفاعية، ينبغي قصف المطارات والبنى التحتية المساندة بمئات القاذفات وطائرات التموين والاستطلاع والحرب الالكترونية للتشويش على رادارات العدو، بحسب دمبسي. كما قال معهد الدراسات الحربية الأميركي إن الضربات الأولى وحدها تتطلب نحو 72 صاروخًا من نوع "كروز" للقضاء على قواعد الأسد الجوية.
المجازر مستمرة
أكد كوردسمان أن خيار الحظر الجوي يستدعي استخدام قواعد جوية في دول قريبة لسوريا، ومشاركة البريطانيين والفرنسيين والسعوديين والإماراتيين والقطريين لإضفاء شرعية دولية أكبر في مواجهة معارضة روسيا والصين.
وقال الجنرال جيمس ماتين، القائد السابق في القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، إن واشنطن قادرة تمامًا على تنفيذ هذه العملية. لكن ماتين حذر، خلال مداخلة أثناء مؤتمر عقد في نهاية تموز (يوليو)، من أن المجازر ستستمر، لأن القسم الأكبر من عمليات القصف التي يشنها النظام تتم بوساطة المدفعية على الأرض.
لكن كوردسمان يعتبر أن منطقة الحظر الجوي ينبغي أن تمهّد لفرض منطقة حظر التحرك، ما يتطلب في مرحلة تالية قصف قوات النظام، كما حصل في ليبيا، خلال الثورة التي أطاحت بنظام معمّر القذافي. ولفت دمبسي إلى أن الاكتفاء بضربات بصواريخ كروز لعدم التعرّض لنيران الدفاعات الجوية السورية سيتطلب وقتًا طويلًا قبل شلّ الوسائل العسكرية للنظام بشكل كبير.
ترسانة قيد التفلت
يعتقد الخبراء الدوليون أن النظام السوري يخزّن مئات الأطنان من غازات سارين وفي إكس والخردل، هي ترسانته من السلاح الكيميائي، الذي استخدمه أخيرًا في الغوطة في ريف دمشق.
وارتفعت أصوات أميركية ودولية تدعو واشنطن إلى قيادة عملية عسكرية للقضاء على هذا المخزون، أو ضبطه ومنع استخدامه ضد المدنيين، أو وقوعه بأيدي الإرهابيين. ولم يبد دمبسي تأييدًا لمثل هذه العملية، "فهذا الخيار يفترض كحد أدنى إقامة منطقة حظر جوي، وتسديد ضربات جوية وصاروخية، تشارك فيها مئات الطائرات والبوارج والغواصات وغيرها، وتتطلب إرسال الآلاف من عناصر القوات الخاصة، وغيرها من القوات على الأرض، لمهاجمة المواقع الحرجة وضمان أمنها".
وأشار دمبسي إلى أنه حتى بمشاركة مثل هذه القوات، فإن النتيجة غير مضمونة. وقال إن النتيجة ستكون السيطرة على بعض الأسلحة الكيميائية، وليس عليها بالكامل، مضيفًا: "عجزنا عن السيطرة كليًا على مخزون سوريا وأنظمة إطلاقه، ما قد يسمح لمتطرفين بالوصول بشكل أفضل إليه".