أخبار

موقف الاسلاميين تجاه بعض نقاط المبادرة لايزال ضبابيًا

معارضون للنهضة التونسية: قبُولها بمبادرة إتحاد الشغل "مناورة"

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يشكك سياسيون تونسيون في تصريحات لـ"إيلاف" من أهمية قبول حركة النهضة الاسلامية الحاكمة لمبادرة النقابة الأبرز في تونس، ويعتبرون ما تقوم به مناورة تهدف الى تخفيف الضغط الذي تتعرض له، مع إصرار المعارضة على اسقاط الحكومة والمجلس التأسيسي.

محمد بن رجب من تونس: تمخّض لقاء رئيس الإتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي (أكبر منظمة نقابية تونسية) برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عن قبول الحركة للمبادرة التي أطلقها الإتحاد بغية إيجاد حلّ للأزمة السياسية في تونس عقب اغتيال المعارض محمد ابراهمي.

قبول حركة النهضة بمبادرة اتحاد الشغل أثار جدلاً واسعاً بين مختلف الفرقاء السياسيين، فقد تعددت الآراء وتباينت بين تفاؤل حذر وقبول مشروط ورفض تام إلى حدّ اعتبارها مناورة سياسية بغرض إفشال الحوار الوطني.

مبادرة اتحاد الشغل

تتلخّص مبادرة اتحاد الشغل في ﺣّﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﯿﺔ وطﻨﯿﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠّﺔ ﺗﻜﻠّﻒ ﺑﺘﺸﻜﯿﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻛﻔﺎءات ﻣﺤﺎﯾﺪة ﺗﺘﻜّﻮن ﻣﻦ ﺷﺨﺼﯿﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠّﺔ ﯾﻠﺘﺰم أﻋﻀﺎؤھﺎ ﺑﻌﺪم اﻟﺘﺮّﺷﺢ إﻟﻰ اﻻنتخابات اﻟﻘﺎدﻣﺔ وﺣﻞ رواﺑﻂ ﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﺜﻮرة، وإﯾﺠﺎد آﻟﯿﺎت ﻟﺘﺤﯿﯿﺪ اﻹدارة واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ واﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ واﻟﻔﻀﺎءات اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ودور اﻟﻌﺒﺎدة، واﻟﻨﺄي ﺑﮭﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺗﻮظﯿﻒ.

وتتضمن المبادرة كذلك ﺗﺸﻜﯿﻞ ھﯿﺌﺔ ﻋﻠﯿﺎ ﻣﮭﻤﺘﮭﺎ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻛﻞ اﻟﺘﻌﯿﯿﻨﺎت ﻓﻲ أﺟﮭﺰة اﻟﺪوﻟﺔ واﻹدارة ﻣﺤﻠّﯿًﺎ وﺟﮭﻮﯾﺎ وﻣﺮﻛﺰﯾﺎ، وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪﯾﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻲ، وﺗﺸﻜﯿﻞ ھﯿﺌﺔ وطﻨﯿﺔ ﻟﻠﺘﺤﻘﯿﻖ ﻓﻲ اﻻﻏﺘﯿﺎﻻت، وﻓﻲ ﺟﺮاﺋﻢ اﻹرھﺎب واﻟﻌﻨﻒ وﻛﺸﻒ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﻲ اﻏﺘﯿﺎل اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ والجنود وﺳﻦ ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرھﺎب، وإشراك اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت ﻓﻲ إﺻﻼح اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﻣﻨﯿﺔ.

يقترح الإتحاد أيضًا إﺣﺪاث ﻟﺠﻨﺔ ﺧﺒﺮاء وﺗﻜﻠﯿﻔﮭﺎ ﺑﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺎ ﺗّﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ آﺧﺮ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺨﻠﯿﺼﮫ ﻣﻦ كل اﻟﺜﻐﺮات واﻟﺸﻮاﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎل ﻣﻦ ﻣﺪﻧﯿﺔ اﻟﺪوﻟﺔ وﻧﻈﺎﻣﮭﺎ اﻟﺠﻤﮭﻮري وﻣﻦ أﺳﺲ اﻟﺨﯿﺎر اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطي وﺗﻀﻤﯿﻦ ﻣﺸﺮوع اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺘﻮاﻓﻘﺎت اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷطﺮاف، إلى جانب إﻋﺪاد ﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮن اﻧﺘﺨﺎﺑﻲ وﺗﺮﻛﯿﺰ اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﻌﻠﯿﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت.

مناورة سياسية

أكد النائب بالمجلس التأسيسي وعضو حزب الوفاء آزاد بادي أنّ قبول حركة النهضة بمبادرة اتحاد الشغل ليس سوى مناورة سياسية من أجل امتصاص ما يحدث بسبب الأزمة السياسية في تونس، فالإعلان عن القبول بالمبادرة في حاجة إلى التوضيح، على حدّ تعبيره.

وقال آزاد بادي لـ"إيلاف" إن القرار النهائي لحركة النهضة لن يكون إلا بعد اجتماع مجلس الشورى، مؤكدًا على عدم وضوح الرؤيا، ففي حين يؤكد أعضاء حكومة علي العريض على حكومة ائتلاف وطني، تعلن حركة النهضة عن القبول مبادرة اتحاد الشغل التي تدعو إلى استقالة الحكومة وتكوين حكومة كفاءات غير متحزبة برئاسة شخصية مستقلة.

من جانبه، أشار الكاتب والمحلل السياسي خالد الطراولي إلى أنّ قبول حركة النهضة لمبادرة اتحاد الشغل غير واضح، فهل أنّ ذلك اعتراف كامل أم اعتراف مشروط، فالبيانات الأخيرة تبيّن أنّ الحركة تريد أن تؤكد أنها ليست سوى رؤيا جديدة لمشهد جديد من خلال حوار بين جميع الفرقاء السياسيين، مشيرًا إلى أن ليس هناك ما يطمئن إلى حدّ الآن ويبعث الأمل.

وقال الدكتور خالد الطراولي في تصريح لـ"إيلاف" إنّ رئيسي حركة النهضة واتحاد الشغل ومن خلال البيانات قد توصلا إلى بعض النتائج، وذلك من خلال اعتبار الحركة لمبادرة الإتحاد كمنطلق للحوار، مؤكداً أنّ اعتبارها مناورة أو مؤامرة، يكون بناء على قراءات كل طرف وحسب رؤيته ومصلحته وأهدافه.

المصلحة الوطنية

أوضح الطراولي أنّ كل الأطراف مطالبة بتغليب المصلحة الوطنية والتنازل، وذلك للالتقاء مع الآخر للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد إنكارًا للذات والبعد الفردي والحزبي والسياسوي، على حدّ تعبيره.

توافقات ومؤامرات

من ناحيته، اعتبر الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبّو قبول حركة النهضة بمبادرة اتحاد الشغل مناورة مؤكدًا أنّ تونس ليست حالياً في حاجة إلى تغييرات كثيرة بل ومن خلال الوضع الصعب الذي تمر به البلاد في حاجة ماسة إلى الخروج من المرحلة الانتقالية وتجاوز هذه التجاذبات بأقصى سرعة مع التأكيد على أنّ الأولوية المطلقة يجب أن تمنح لإنهاء كتابة الدستور من خلال توافق الأحزاب.

وقال القيادي في الجبهة الشعبية محمد جمور إنّ تصريحات قادة حركة النهضة المتضاربة غير واضحة، وبالتالي فإن القول بقبول مبادرة اتحاد الشغل كمنطلق للحوار يعتبر مؤامرة لأنه يعرف أنّ جبهة الإنقاذ قد قالت كلمتها في هذا الخصوص ولن تدخل الحوار إلا بعد إعلان استقالة الحكومة.
لكن الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري، أكد أنّ الإتحاد لن يقبل بأي مناورة، فحركة النهضة قد قبلت بمبادرتنا بجميع ما جاء فيها من نقاط وأولها حل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة.

القرار ايجابي

أوضح الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدايمي في تصريح لـ"إيلاف" أنّ موافقة حركة النهضة حيال مبادرة اتحاد الشغل كانت نتيجة حوار بين أحزاب الترويكا، مؤكدًا إيجابية القرار للانطلاق في حوار وطني دون شروط مسبقة.

وأشار الدائمي إلى أنّ مشاركة حزبه في الحكومة القادمة التي ستحرص على الاستجابة لانتظارات الشعب التونسي ستكون رمزية.

وأكد السياسي محمد عبّو في تصريح لـ"إيلاف" أنّ حزبه يرفض تعيين شخصيات من النظام السابق مشددًا على أن لا فائدة ترجى من تغيير الحكومة الحالية لفترة قصيرة قبل الانتخابات القادمة مع العمل على النظر في التعيينات التي كانت على أساس الولاء.

الهروب إلى الأمام

اعتبر النواب المنسحبون من المجلس التأسيسي قبول حركة النهضة مبادرة اتحاد الشغل "محاولة للهروب إلى الأمام والعمل على الإطالة في مدة الحكم، إما لترتيبات داخلية أو لقضاء مصالح شخصية وحزبية والمواصلة في سياسة التعيينات على أساس الولاء لا الكفاءة".

واعتبر الناطق الرسمي باسم المسار الديمقراطي الاجتماعي وأحد النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي سمير بالطيب في تصريح لـ"إيلاف" أن لا فائدة ترجى من مواصلة الحوار مع حركة النهضة والحال أنها لم تقبل بمبادرة اتحاد الشغل كاملة ولم تقبل استقالة حكومة علي العريض قبل الدخول في حوار وطني وهو ما تنادي به جبهة الإنقاذ.

وقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عقب لقائه بالأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي:" إن المفاوضات التي جرت مع الاتحاد العام التونسي للشغل أفضت إلى تقدّم من شأنه أن يمهّد إلى التوصّل إلى التوافقات المطلوبة بين المعارضة والحكومة".

الرابطة ترفض

أعلنت الرابطة الوطنية لحماية الثورة في بيان اطلعت عليه "إيلاف" تمسكها بالمجلس التأسيسي كأعلى سلطة قائمة ورفض لجنة الخبراء المسقطة عليه وبحكومة شرعية على أساس الانتخابات التي قام بها الشعب التونسي إلى جانب رفض مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل شكلاً ومضموناً ورفض ما ينتج عن أي حوار وطني ينعقد تحت مظلة الاتحاد العام التونسي للشغل لكونه منظمة نقابية غير محايدة، في ما أصبح يعرف بالتجاذبات السياسية الحاصلة اليوم.

وشددت الرابطة على أن "لا حوار وطني من دون الرجوع الى الشعب التونسي، والذي انتخب مجلساً تأسيسياً ليفوضه للمشاركة في مثل هذه الحوارات والقرارات مع مطالبة رئيس الجمهورية بالأخذ بزمام الأمور والتكفّل بالإشراف شخصيًا على حوار وطني بدلاً عن الاتحاد والمطالبة بمشاركة الرابطة الوطنية لحماية الثورة في أي حوار وطني والاستماع إلى مبادرتها باعتبارها رقماً في المشهد السياسي التونسي مع مطالبة النواب بالتسريع في رجوع المجلس الوطني التأسيسي للانعقاد نزولاً عند رغبة الارادة الشعبية التي فوّضته".

يذكر أنّ حركة النهضة قد نجحت في توسيع داﺋرة ﺣﻠﻔﺎﺋﮭﺎ ﻟﺗﺿم أﻛﺛر ﻣن 15 ﺣزﺑاً وﻣﻧظﻣﺔ لعل آخرها ﺗﯾّﺎر اﻟﻣﺣﺑّﺔ
الذي يرأسه ﻣﺣﻣد اﻟﮭﺎﺷﻣﻲ اﻟﺣﺎﻣدي المقيم في لندن وصاحب فضائية "المستقلة".

الحوار الوطني

أكد حسين العباسي عقب لقائه برئيس الجمهورية المنصف المرزوقي أنّ "المشاورات التي ستتواصل بين مختلف الأحزاب السياسية تتقدم بشكل إيجابي من أجل إيجاد الحلول التي تخرج البلاد من الأزمة التي تعيشها".

وينتظر أن ينطلق الحوار الوطني بداية الأسبوع القادم بإشراف الإتحاد العام التونسي للشغل، واعتبرت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي أنّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس هي نتيجة لاستمرار الأزمة السياسية، داعية جميع الأطراف إلى العمل من أجل الخروج من هذه الأزمة لأن العواقب ستضرّ بالجميع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف