ازدادت الاعتداءات منذ عزل الجيش مرسي
نشاط الإسلاميين خطر متنامٍ على القوة متعددة الجنسيات في سيناء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ينشط المسلحون الجهاديون في سيناء، ويشكلون خطرًا يهدّد أمن قوة حفظ السلام الدولية، التي ارتفعت وتيرة الاعتداءات عليها منذ عزل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي.
يشكل نشاط المسلحين في شبه جزيرة سيناء تهديدًا متزايدًا لقوة حفظ السلام الدولية، التي تضم نحو 700 جندي أميركي، إلى جانب جنود من دول أخرى عدة، كما أفاد مسؤولون عسكريون غربيون، أشاروا إلى أن مسلحين حاصروا قواعد القوة الدولية وقوافلها، وفي بعض الحالات نفذوا هجمات ضد جنودها.
أثارت هذه الحوادث مخاوف الدول المساهمة في جنود في قوة حفظ السلام، لا على سلامة جنودها فحسب، بل ومستقبل مهمة القوة الدولية نفسها على المدى البعيد. وكانت مهمة قوة حفظ السلام في سيناء ازدادت تعقيدًا وصعوبة حتى قبل التطورات الأخيرة في مصر، وأُجبر جنودها ومراقبوها، الذين يعمل كثير منهم خارج قواعدهم المعزولة، على اتخاذ احتياطات أمنية مشددة، وتحديد حركتهم.
علاقة مهتزة
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الكولونيل توماس أوستين، رئيس أركان القوة متعددة الجنسيات لحفظ السلام في سيناء، قوله: "إن الوضع متفجّر جدًا هنا في الوقت الحاضر، وكما يمكنكم أن تتخيّلوا فإن قوى الأمن المصرية تواجه صعوبة في الحفاظ على الأمن، ونحن نتخذ جانب الحذر على الطرق، التي نسمح بأن تسلكها دورياتنا وقوافلنا، للحدّ من انكشافها للخطر قدر الإمكان".
وتشكل قوة حفظ السلام، التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الحكومة المصرية في توفير الأمن لأفرادها، جزءًا من معاهدة السلام التي تعتبر بدورها ركنًا رئيسًا من أركان السياسة الأميركية في المنطقة منذ توقيع المعاهدة في العام 1979. وكان الحفاظ على أمن هذه القوة واستمرارها في تنفيذ مهمتها على رأس الاعتبارات وحسابات المسؤولين الأميركيين، سواء في تعاملهم مع الإخوان المسلمين، قبل أن ينتهي حكمهم بعزل الرئيس محمد مرسي أو في قرارهم عدم قطع 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة سنويًا إلى مصر أو عدم ربطها بشروط.
ويخشى بعض المسؤولين الأميركيين أن يؤدي اهتزاز هذه العلاقة بين واشنطن والجيش المصري إلى التأثير سلبًا في استعداد القاهرة للاستمرار في استضافة قوة حفظ السلام وتأمين الحماية لأفرادها.
ظروف قاهرة
وقال عضو مجلس النواب الأميركي جيرالد كونولي، الذي يتابع تطور العلاقات الأميركية مع مصر منذ أوائل الثمانينات: "تعتمد كل الجوانب الاستراتيجية الرئيسة لعلاقتنا مع مصر على وجود علاقة تعاون متين مع الجيش المصري، وتعطيل هذا التعاون ستكون له تداعياته على كل هذه الجوانب، إنها علاقة شديدة التعقيد، لا مكان فيها للقرارات السياسية السهلة".
وتضم قوة حفظ السلام جنودًا من الولايات المتحدة وكولومبيا وفيجي وأوروغواي ودول أخرى، وتعمل من قاعدتين رئيسيتين وشبكة من 30 موقعًا صغيرًا. وكان الوضع الأمني في منطقة القاعدة الجنوبية القريبة من شرم الشيخ مستقرًا على العموم. لكن الظروف المحيطة بالقاعدة الشمالية أصبحت صعبة بصورة متزايدة، فالمسلحون الإسلاميون المتطرفون يستهدفون القوات المصرية بهجمات يومية، وخصوصًا منذ عزل مرسي.
واستهدف المسلحون أخيرًا حافلات كانت تقلّ مجندين بكمين، أسفر عن مقتل 25 مجندًا، أعدمهم المسلحون على جانب طريق قرب حاجز تفتيش لجنود قوة حفظ السلام. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن سفير الأوروغواي في القاهرة أوغستين سبينوزا قوله إن الحادث يبيّن شدة العنف في هذه المنطقة، "وهذا يفرض علينا أن نتحلى بأعلى درجات اليقظة".
ردود غير قاتلة
في مواجهة هذه التهديدات المتزايدة، عززت قوة حفظ السلام أمن قواعدها، وبدأت تستخدم عربات مصفحة وتموين مواقعها البعيدة والمعزولة بإمدادات إضافية في حال انقطاعها وصعوبة الوصول إليها. وأُرسل أخيرًا فريق من قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى سيناء، مهمته تقويم درجة انكشاف القواعد لمثل هذه المخاطر.
كما أُجريت لأفراد القوة متعددة الجنسيات تدريبات خاصة على جملة ردود غير قاتلة في حال تعرّضهم لاعتداءات، خشية أن تستعدي المواجهات الدموية السكان المحليين. وقال القائد النيوزيلندي لقوة حفظ السلام في سيناء الجنرال وارن وايتنغ إن أواصر قوية تربط القوة بالحكومة المصرية في القاهرة، وإن الجيش المصري يعطي أولوية للحفاظ على اتصالاته بها.
وكان العام الماضي شهد حوادث متعددة تعرّضت لها قواعد القوة متعددة الجنسيات. ففي ربيع العام 2012، أطلق مسلحون النار على قافلة لجنود حفظ السلام خلال محاصرة مواقعها البعيدة وأرتالها. وفي 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، تعرّضت القاعدة الشمالية لهجوم استُخدمت فيه قنابل حارقة، واقتحم المهاجمون المحيط الخارجي للقاعدة. وأُصيب ثمانية جنود بجروح طفيفة خلال الهجوم الذي أسفر عن أضرار مادية كبيرة، بينها إحراق عربة لإطفاء الحرائق.
ويعزو مراقبون تفاقم الوضع الأمني في سيناء إلى تدفق كميات كبيرة من الأسلحة، بما فيها أسلحة ثقيلة، على المنطقة، بعد سقوط نظام معمّر القذافي في ليبيا في العام 2011، وبسبب الأعباء الواقعة على كاهل قوى الأمن المصرية في التعامل مع الوضع الأمني في عموم البلاد. وأتاح هذا للجماعات الإسلامية المتطرفة استهداف القوات المصرية بعنف أشد.