أخبار

%58 من الألمان يرفضون الحل العسكري

ميركل مع ضربة عسكرية لسوريا طالما لا تشارك ألمانيا فيها

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تؤيّد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضرب سوريا بعد استخدام النظام غاز سارين ضد المدنيين، طالما لن تشارك أي قوة ألمانية فيها، إذ لا تريد أن تعاني ألمانيا عزلة دولية كالتي عانتها حين رفضت المشاركة في حظر جوي فوق ليبيا في العام 2011.

أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الخميس ان 58 في المئة من الالمان يرفضون تدخلا عسكريا غربيا في سوريا حيث يتهم النظام باستخدام سلاح كيميائي.

في المقابل، اعتبر 33 في المئة فقط ممن شملهم الاستطلاع الذي اجرته قناة التلفزيون العامة "زد دي اف" ان على القوى الغربية ان توجه ضربة عسكرية الى سوريا في حين رفض تسعة في المئة الإدلاء بآرائهم.

وفي حال حصل تدخل عسكري بقيادة اميركية، دعا 41 في المئة من الالمان بلادهم الى تقديم دعم مالي ومادي لهذه العملية.

وسبق ان اعلنت الحكومة الالمانية انها تؤيد تدخلا عسكريا دوليا ضد نظام الرئيس بشار الاسد.

وتتهم الدول الغربية قوات النظام السوري بانها شنت هجوما كيميائيا في 21 اب/اغسطس قرب دمشق وتبدي استعدادا لضرب اهداف للنظام ردا على ذلك. وتقول المعارضة السورية ان هذا الهجوم خلف مئات القتلى.

وينص الدستور الالماني على وجوب ان يوافق النواب على اي عمل قتالي خارج الحدود.

واجري هذا الاستطلاع هاتفيا وشمل عينة من 1348 شخصا بين 26 اب/اغسطس و28 منه.

وفي العام 2002، أُعيد انتخاب الديمقراطيين الاجتماعيين في ألمانيا لمعارضتهم حرب العراق، وهم الآن يعارضون ضرب سوريا، لكنّ مراقبين يرون أن هذا الموقف لن يساعدهم على الفوز على المستشارة أنجيلا ميركل حين يتوجّه الألمان إلى صناديق الاقتراع في 22 أيلول (سبتمبر) المقبل.

وكان زعيم الديمقراطيين الاجتماعيين غيرهارد شرودر فاز في الانتخابات العام 2002، مخالفًا استطلاعات الرأي، باستبعاده أي دور ألماني في حرب العراق، التي كانت طبولها تقرع بصوت عال وقتذاك، منتقدًا الولايات المتحدة بلغة بعيدة عن الدبلوماسية، حين أعلن "بقيادتي لن يشارك هذا البلد في مغامرات".

وبعد 11 عامًا، تشير الاستطلاعات إلى أن حزب شرودر أكثر تلكؤًا مما كان في العام 2002، قبل زهاء ثلاثة أسابيع على الانتخابات العامة، ونُذر تدخل عسكري غربي آخر في الشرق الأوسط تلوح في الأفق مع تحضيرات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لضرب سوريا. وأعربت المستشارة ميركل بصورة غير مباشرة عن دعمها للعمل العسكري عندما أعلن المتحدث باسمها في مؤتمر صحافي أن النظام السوري يجب أن يُعاقب، والمطلوب رد دولي واضح.

عن بعد
أعلن الحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض وحلفاؤه الخضر معارضتهم القوية لتوجيه ضربة عسكرية في حملة باهتة بشأن قضية خلافية. وقال زعيم الديمقراطيين الاجتماعيين زيغمار غابريل إن الهجوم على سوريا يحمل مخاطر جسيمة. وأكد غابريل لمجلة شبيغل أونلاين: "علينا ألا نخطئ الآن باتباع المنطق العسكري حصرًا".

ويتساءل مراقبون عمّا إذا كان التاريخ يعيد نفسه اليوم، وما إذا كان السجال الدائر بين الألمان حول سوريا سيؤدي إلى حرمان ميركل مما يبدو فوزًا سهلًا بولاية ثالثة في انتخابات الشهر المقبل. ويرجّح محللون سياسيون وخبراء في دراسة اتجاهات الرأي العام أن هذا لن يحدث هذه المرة، على الرغم من قوة الاتجاه المسالم بين الألمان بتأثير تركة من الهزيمة والدمار في حربين عالميتين.

وتتهرّب ميركل بحذاقة من ربط نفسها بموقف واضح، رغم خطابيتها القوية إنشائيًا، إلى جانب الضربة العسكرية. فهي مع حلفاء ألمانيا التقليديين بدعم تحركهم الحازم، لكنها ستُبقي بلدها خارج المعركة، وهذا ما يهمّ الناخبين مع اقتراب يوم الاقتراع. وقال يورغن فالتر، المحلل السياسي في جامعة ماينتس: "إن ميركل لن تنأى بنفسها عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا حين تتحرك هذه الدول، لكني متأكد تمامًا من أنها ستستبعد أي دور عسكري ألماني".

سيناريو مختلف
يؤكد نواب ألمان من حزب ميركل أن الجيش الألماني ينهض بأقصى ما يمكن أن يتحمله من أعباء بقوات تتمركز في أفغانستان وكوسوفو وعلى امتداد الحدود التركية مع سوريا، حيث يتولى جنود ألمان تشغيل بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ في إطار عملية أطلسية.

ولو طلب الحلفاء مساعدة ألمانيا، من دون وجود ما يشير إلى مثل هذا الطلب، لأشارت الحكومة على الأرجح إلى عقبات قانونية تعترض تقديم هذه المساعدة، مثل غياب التفويض المطلوب من مجلس الأمن، والحاجة إلى تصويت في البرلمان، كما لاحظ فالتر. يضاف إلى ذلك أن هناك اختلافًا أساسيًا بين العراق وسوريا، فإن معارضة التدخل العسكري هذه المرة لن تكسب الحزب الديمقراطي الاجتماعي أصواتًا بسبب الصور المروعة لمئات الجثث وعذاب أطفال ونساء ورجال يحتضرون بعد ضربهم بأسلحة محرمة دوليًا.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باساو الألمانية هاينريش أوبروتر لشبيغل أونلاين: "إن الجانب الأخلاقي لاستخدام الغاز السام في هجمات ضد الشعب يجعل هذا مختلفًا عن العراق". وأشار مانفريد غولنر، مدير معهد فورزا لاستطلاعات الرأي العام، إلى أنه من المستبعد أن يكون للأزمة السورية تأثير كبير في الانتخابات.

وقال لشبيغل أونلاين: "الوضع في العراق يختلف عن سوريا، ولا أعتقد أن في قدرة أي أحزاب أن تسجل نقاطًا من هذا، طالما أن ألمانيا لا ترسل جنودًا". وتشير قوة تصريحات ميركل إلى أنها لا تريد أن تكرر عزلة ألمانيا بشأن الضربات الجوية في ليبيا في العام 2011، عندما امتنعت برلين عن التصويت على إقامة منطقة حظر جوي في مجلس الأمن، ونظر كثيرون إلى ذلك على أنه كان خطأ أضرّ بمكانة ألمانيا بين حلفائها الغربيين.

مردود عكسي
يبدو من الوهلة الأولى أن حديث ميركل عن ضرورة أن تكون هناك عواقب لما يفعله النظام السوري خطوة جريئة من جانب ميركل سيئة الصيت بمهارتها في تجنب الخوض في قضايا خلافية، قبيل الانتخابات تحديدًا، لا سيما أن نتائج استطلاع نشرها معهد فورزا الثلاثاء أظهرت أن 69 بالمئة من الألمان يعارضون توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، وأن 23 بالمئة منهم فقط معها.

وقال أوسكار نيدرماير، المحلل السياسي في جامعة برلين الحرة: "المهم بالنسبة إلى الألمان هو أن ألمانيا لن تشارك، والحكومة والمعارضة متفقتان على ذلك". وحذر نيدماير الحزب الديمقراطي الاجتماعي من أن محاولة توظيف المعارضة الواسعة للضربة العسكرية في الحملة الانتخابية قد يكون لها مردود عكسي، خصوصًا بالارتباط مع استخدام الغاز السام ضد مدنيين.

وتقدم سوريا مثالًا جديدًا على الثنائية القائمة بين قوة ألمانيا الاقتصادية من جهة وضعف دورها في الأزمات السياسية الدولية من الجهة الأخرى. وكتبت صحيفة زود دويتشة تسايتونغ في افتتاحيتها الأربعاء أن الغرب منقسم لدول من الفئة "أ" مستعدة لاستخدام القوة، وهي بالأساس الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ودول من الفئة "ب" لا تستبعد تمامًا التدخل العسكري، لكنها تبدي قدرًا كبيرًا من التروي لأسباب داخلية، وتنأى بنفسها حيثما أمكن ذلك.

واعتبرت الصحيفة أن ألمانيا أكبر وأهم دولة في هذه الفئة. في هذه الأثناء، تبدو حظوظ ميركل الانتخابية قوية، فالمحافظون الذين تقودهم يتقدمون بفارق 19 نقطة على الحزب الديمقراطي الاجتماعي، بحسب استطلاع نشر معهد فورزا نتائجه يوم الأربعاء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف