الصحويون يصمتون خوفًا من تهمة موالاة أميركا
الضربة الوشيكة لنظام الأسد تطغى على اهتمامات السعوديين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يطغى الملف السوري وتطوراته، خصوصًا مع الحديث عن قرب الضربة الأميركية لنظام الأسد، على أحاديث السعوديين بمختلف توجهاتهم، ويضجّ موقع "تويتر" بمئات الآلاف من التعليقات المتباينة حول القضية التي تشغل العالم بأسره هذه الأيام.
الرياض: يسود شبه إجماع بين السعوديين على ضرورة التدخل الأجنبي في سوريا، لوضع حدّ لوحشية نظام الأسد، رغم توجّس الكثيرين من إمكانية تدهور الأمور بشكل أكبر، وعدم سعي الغرب بشكل جدي إلى التخلص من النظام، وإنما إضعافه، ما يعني استمرار النزيف السوري.
وفي الوقت الذي يحتدم فيهالنقاش عبر "تويتر" تشهد الصحف السعودية إجمالًا اهتمامًا لافتًا بالشأن السوري، ولا سيما في مقالات الرأي لأبرز الكتّاب السعوديين، والتي ركزت في معظمها على دلالات تأخير الضربة الغربية لنظام الأسد، وتباين مواقف الدول الحليفة لواشنطن بشأن اللجوء إلى القوة.
فقال الكاتب خالد الدخيل في مقاله في صحيفة "الحياة" إن هناك سبلًا كثيرة للنظر إلى الضربة الأميركية المتوقعة ضد النظام السوري على خلفية استخدامه السلاح الكيميائي ضد مواطنيه.
وأضاف: "هناك من هو مشغول بحجم هذه الضربة، وهناك من يتركز اهتمامه على توقيتها. وثالث يتساءل عن إمكانية فبركة واشنطن والأمم المتحدة - وفي شكل عام الغرب - الدليل على استخدام الكيميائي من قبل النظام السوري. ورابع يرى بضرورة الاهتمام بتداعيات هذه الضربة، وهل ستؤدي إلى حرب إقليمية؟، وخامس يتمنى، وسادس يخشى أن تؤدي الضربة إلى سقوط النظام السوري".
إشكالية مصدر الضربة
تابع: إشكالية الضربة تنبع من حقيقة أنها ستأتي من الولايات المتحدة ومن خلفها الغرب ضد نظام عربي. هنا يبرز السؤال: هل كون النظام عربيًا يجيز التغاضي عن جرائمه؟. سيقول الجميع من غير أتباع وأنصار النظام: لا. الجريمة تبقى كذلك مهما كانت هويتها، لكن أن يأتي عقاب جريمة طرف عربي من طرف غير عربي، ومن الغرب تحديدًا يجعل منه أمرًا محل شبهة يقتضي رفضه، أو على الأقل حرمانه من مشروعية الموافقة العربية عليه".
وأكمل: "الضربة الأميركية تهدف إلى خدمة مصالح أميركية، وهي غير معنية بمصالح الشعب السوري ولا بمصالح العرب. وهذا صحيح تمامًا، لكن مأزق هذا الرأي أنه يتوقف عند هذا الحد، حدّ الرفض ولا يتجاوزه، ويستند في جوهره إلى تبرير أخلاقي هشّ، بل زائف أمام حال سياسة تفرض نفسها على الجميع. هل هناك فرق من الناحية الأخلاقية أو القانونية بين أن يُقتل العربي بيد عربي آخر، وأن يُقتل على يد طرف غير عربي؟. ينطوي السؤال على عنصرية باذخة. قتل الإنسان محرّم لأنه إنسان قبل أي شيء آخر، فما بالك عندما يتم تدمير بلد بكامله لأجل أن يبقى الرئيس في سدة الحكم".
أما يوسف الكويليت فكتب في صحيفة "الرياض": "المحيّر ليس الضربة ونتائجها، ولكن الهروب التام من الحلفاء، ولعل روسيا التي تعد الأهم والأكبر أدركت كعادتها، أن اللعبة أكبر من اللاعب، فهي بإمكاناتها المحدودة ماديًا وعسكريًا، وعدم وجود غطاء من الحلفاء مثلما تحظى به أميركا جوانب ضرورية بعدم المغامرة. أما إيران فهي بمحدودية قوتها لا تستطيع منع الضربة ولا حتى الإقدام على غلق مضيق هرمز، أو التحرش بالقواعد المحيطة بها في دول الخليج العربي، مما قد يفتح حربًا شاملة في المنطقة لا تقوى على مواجهتها".
تهور حزب الله قد يمحو جنوب لبنان
وأضاف: "حزب الله آثر الصمت، وبقي رد فعله غير واضح، ويعرف تمامًا أن أي تهور بإطلاق صواريخ على إسرائيل مثلًا قد يؤدي إلى محو جنوب لبنان كله، وستكون الأعذار الإسرائيلية مبررة بالاعتداء عليها، ولا نظن أن الحزب من الحماقة أن يجازف بعمل كهذا، وهو المكروه في داخل لبنان وخارجه، وربما إيران نفسها لا تريد مثل هذه المغامرة، وتصرّ على منعها".
وتابع: "العراق لا تؤهله ظروفه إلا أن يتحدث باللغة المحذرة، طالما أنه لا يملك القوة العسكرية ولا الأمنية، وليس لديه غطاء وطني يؤيد الحكومة في بلد منقسم على نفسه ويعيش حالة اضطراب أمني، وسيبقى مجرد طريق لعبور الدعم العسكري الإيراني لنظام الأسد، وهو الذي أقرّ به وبأنه لا يستطيع منعه تبعًا للطائفة الحاكمة التي تدين لإيران بالتبعية المطلقة".
وأكمل: "في هذه الحال سيواجه الأسد وحده تبعات الهجوم العسكري مثله مثل العراق وليبيا وغيرهما، أي إن أميركا هي من تختار أي إجراء وبدون أن تأخذ إذنًا من الكونغرس، أو مجلس الأمن إذا توافرت لها الأسباب التي تدعم تصرفاتها، وهذا يبين مدى الفجوة بينها وبين دول العالم كله عندما تحدت السوفييت، وأنهت أسطورتهم، والأمر نفسه مع قواعدها المنتشرة في قارات العالم وتحيط بدول ليست على عداء معها، ولكنها تضع الاحتمالات لما تقول إنه دفاع عن تعرّض مصالحها للخطر".
اختتم مقاله بالقول: "ما بعد الضربة هي التي قد تخلق الظروف لتسويات سياسية وفقًا لاتفاق جنيف، أي إن الحلول العسكرية هي التي تجبر الخصوم القبول بها، وسوريا ليست الاستثناء عن غيرها، ومن كانوا أقوى منها".
مشكلة في جميع الأحوال
جمال خاشقجي بدوره كتب في صحيفة "الحياة": "إذا لم يسقط النظام بعد أيام من ضرب مقاره الأمنية ومفاصله العسكرية فهذه مشكلة. أما إذا تهاوى بسرعة، وتقدم الثوار نحو العاصمة، ودخلوا القصر الجمهوري، وأعلنوا سقوط نظام بشار الأسد من على عتبات مجلس الشعب السوري فهذه مشكلة أيضاً!".
وفسر كلامه بالقول: "كيف ذلك؟. الحل الأسلم للأزمة السورية كما يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه الأممي الأخضر الإبراهيمي هو التفاوض والحل السلمي، أن يتوجه بشار الأسد أو من يمثل نظامه إلى جنيف، وكذلك المعارضة السورية ممثلة في الائتلاف الوطني،ويجلسا على طاولة واحدة، ويتفقا إما على أن ينقل الأول السلطة إلى الثاني أو المشاركة معًا في مرحلة انتقالية تفضي إلى انتخابات حرة، فسلام ووئام بين الإخوة، حافزهم في ذلك الحرص على سلامة "الدولة" تماسكها، فلا تنهار أجهزتها البيروقراطية ولا الأمنية، إنما يعمل الجميع بعد ذلك بإخلاص وتفانٍ لإصلاح حقيقي يرضي كل أبناء الشعب السوري الواحد".
وتابع: "ما سبق أمنيات ليس لها موقع في سوريا الحقيقية اليوم، لقد انهارت الدولة، وثمة ثورة حقيقية هناك ترفض كامل النظام وكل ما يمت إليه بصلة، ثم متى اختار العربي حلًا معتدلًا لأزماته خارج قاعدة "كل شيء أو لا شيء"؟.
وأضاف: "من الضروري الاستعداد إقليميًا لليوم التالي بعد سقوط النظام كاملًا أو انحساره إلى مناطقه العلوية "الخطة ب" كما سمّاها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وأحسب أن هذا كان بعضًا مما ناقشه رؤساء أركان جيوش الدول المعنية بالأزمة السورية في العاصمة الأردنية في الأسبوع الماضي، فإذا كان تأمين الأسلحة الكيميائية ومستودعاتها هاجسًا مشتركًا بين الغرب والدول الإقليمية، فإن ضمان انبثاق سورية آمنة وموحدة من بين الرماد والحروب هو ما يجب أن يكون هاجس دول المنطقة، خصوصًا السعودية والأردن وتركيا".
صمت صحوي تجنبًا للإحراج
بعض رجال الدين والدعاة بدورهم كانت مواقفهم في بؤرة الاهتمام، إذ تساءل الشيخ سلمان العودة عن دواعي تدخل الغرب الآن تحديدًا في سوريا، وقال إن من لم يمت بالكيميائي مات بغيره في سوريا، مبديًا استغرابه من الصمت حيال جرائم الأسد طوال الفترة الماضية.
وكان من اللافت صمت معظم رجال الدين "الصحويين" في السعودية، خشية على ما يبدو من عدم الوقوع في مأزق موالاة أميركا والغرب في هجومها على بلد عربي، ولم يعقب شيوخ أمثال سعد البريك ومحمد العريفي على الأمر، واللذين اكتفيا بـ"إعادة نشر" بعض التغريدات.
لكن الشيخ ناصر العمر خرج عن صمته بنشر تغريدة أثارت الكثير من الجدل، قال فيها: "يذبح إخواننا في الشام من سنوات، لكن لما قرب انتصار المجاهدين جاء التدخل الدولي لحسم المعركة وحماية مصالحه؛ وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال".