خاب أملهم من أوباما بعد خطاب كانوا يعوّلون عليه
لاجئون سوريون للغرب: أنتم لا تبالون بنا... لن نغفر لكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خاب أمل الكثير من السوريين المعارضين القابعين في مخيمات اللجوء من أوباما، فحلّ خطابه الأخير عليهم بمثابة غارة صامتة إلا أنها مدمّرة، وانهارت أحلامهم بخلاص كان مرتقبًا، مؤكدين أنهم لن يغفروا للغرب لامبالاته ولا لأوباما كذبه.
في كل ركن وناحية من مخيم الزعتري، الواقع على عمق 8 كلم داخل الأراضي الأردنية، توزّع اللاجئون السوريون في مجموعات صغيرة للاستماع إلى كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما المرتقبة أول أمس السبت. بعضهم جلس يتابع التلفزيون وآخرون تحلقوا حول الراديو، فيما تابعه كثيرون على تويتر أو مواقع الكترونية إخبارية عدة. كانت التوقعات عالية والآمال عريضة... حتى خابت وذبلت إثر انتهاء الخطاب.
اللاجئ أبو عزام، احد هؤلاءالذيناصيبوابخيبة أمل واحلامهم تلاشت هباء،بعدالاستماعلكلمة الرئيس الأميركي،قال "حين بدأ يتكلم ظننا أن الضربات ستنهال على نظام بشار الأسد فورًا. ثم قال كلمة "لكن"، وحين تفوّه بتلك الكلمة كل شيء انهار". وأضاف أبو عزام "إن أوباما كذب علينا".
كان أبو عزام المقاتل في الجيش السوري الحر يمشي على عكازتين. وقرر بعد الاستماع إلى خطاب أوباما عبور الحدود عائدًا إلى سوريا للانضمام إلى رفاقه في الجانب الآخر، مؤكدًا "ما زلتُ قادرًا على إطلاق النار من سلاح مركَّب على سيارة بيك آب".
ويضم مخيم الزعتري نحو 120 ألف سوري نزحوا بسبب الحرب التي يُسمع صوتها في سكون الليل. وساد الوجوم والكرب سكان المخيم بلا استثناء بعد كلمة أوباما. وقال مسؤول من الأمم المتحدة في المخيم إن أنباء الهجوم الكيميائي في ريف دمشق في 21 آب/أغسطس كان لها وقع مدمّر على اللاجئين، الذين طلبوا وقف زيارات الصحافيين أو المسؤولين لمدة ثلاثة أيام حدادًا على أرواح الضحايا. وبعد انتهاء فترة الحداد وانطلاق الإعلانات الغربية بأن الجريمة لن تمر من دون عقاب، ظن اللاجئون أن أمرًا وشيكًا سيحدث لترجمة هذه الأقوال إلى أفعال.... وهذا ما لم يحدث إطلاقًا، فأتت الصدمة بمثابة هجوم مدمّر آخر غير مرئي ولكنه محسوس ومؤلم.
خيبة عظمى
إستمع أبو عتوم، الذي غادر قريته قرب درعا بعد مقتل ابنه وابن أخيه أمامه برصاص قوات النظام، إلى أوباما عبر الراديو في ملجأه. وبعد سماع الخطاب، اتصل بأفراد عائلته الذين ما زالوا في درعا، حيث استمعوا هم أيضًا إلى الكلمة "الصدمة". ويؤكد أبو عتوم لصحيفة "الغارديان" أنهم "كانوا سعداء جدًا حين بدأ أوباما يتكلم... ولكن خيبتهم كانت عظيمة أكثر بعد ذلك".
يؤكد أبو عتوم أنه لن ينسى بتاتًا اللحظات الأخيرة من حياة ولده، متذكرًا "كان ينزف، وقال لي إنه لا يريد أن يموت". ويعتقد أن الولايات المتحدة تخلَّت عن السوريين. قائلًا: "نعرف ما يعنيه ذلك. إنه يعني أن لا شيء سيحدث، لا في يوم ولا في أسبوع ولا في أشهر".
بدوره، اللاجئ محمد مهدي يبدو شبه يائس من تغيير الأوضاع على الأرض لمصلحة "الثوار" والمعارضة، يقول "نحن نعرف أن 25 في المئة فقط من الأميركيين يؤيّدون الضربة، ونعرف أن الأوروبيين منقسمون، ولكن هذه هي السنة الثالثة من الحرب بالنسبة إلينا، وأميركا والأوروبيون لا يقفون مع الشعب السوري، وهناك إحساس بأن لا أحد يكترث بما يحدث لنا".
روسيا ستبيع الأسد!
كانت غالبية الرجال التي تحدثت في هذا الركن من المخيم وصلت خلال الأشهر الخمسة الماضية مع عائلاتها هربًا من القتل على أيدي قوات النظام و"شبيحته". مهدي هو الأكثر تفاؤلًا بينهم، إذ يعتقد أن روسيا قد تغيّر موقفها، وتوافق على إسقاط الأسد. لكن أبو عزام يضحك بمرارة، متهمًا إياه "محمد مهدي مجنون ويحلم".
يتابع الرجال تطورات الوضع وآراء المحللين على التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي. وبعدما شاهدوه من ردود أفعال يشعرون بأن العالم خذلهم، وتلك ليست المرة الأولى. تجد داخل مخيم الزعتري عائلات من منطقة الغوطة، حيث ارتُكبت مجزرة الكيميائي، والتي راح ضحيتها مئات، وأوصلت أوباما إلى حافة إصدار الأمر بتوجيه ضربات بصواريخ كروز عقابًا للنظام، الذي يقول المسؤولون الأميركيون إن لديهم "ثقة عالية" بأنه المسؤول عن الجريمة.
في هذا السياق، تعرّض شقيق أبو محمد الطيبي (38 عامًا) وزوجتهللغاز في هجوم سابق قرب الغوطة وقع في آذار/ مارس، كما أُصيب شقيق آخر في ساقه بشظية. وفتح هاتفه لعرض صور المصابين من أهله. ومن داخل كوخه من المخيم المزدحم بالرجال، يقول: "نحن نعرف أن كثيرين متعاطفون مع ما يحدث لنا، لكنّ السياسيين والمعارضة البريطانية، مثل أوباما، هم الذين لا يبالون على ما يبدو، ولن نغفر لهم البتة ما يفعلونه".
اللاجئ أبو ريبان (56 عامًا) يروي قصة هروبه خلال هجوم لقوات النظام على حيّه، إذ تمكن من الهروب مع بعض أفراد عائلته، ثم انفجر باكيًا على من تركهم وراءه. وقال أبو ريبان بحسرة وحرقة ويأس وألم: "لديّ أطفال آخرون فقدتهم أثناء الهروب، ولم أسمع أخبارًا عنهم. لا أحد يفعل شيئًا.... كيف يمكن أن يحدث هذا لنا؟".