رغم تضييق قوات الأمن على المتطرّفين
الإرهاب في تونس قد يُغير استراتيجيته وينحو إلى "الاستعراض"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
توقع خبير في سياسات الدفاع والأمن الشامل حصول مزيد من الاغتيالات في تونس، ولم يستبعد استهداف شخصيات وطنية من مجالات مختلفة بالإضافة إلى قيادات نهضوية لمزيد من إرباك الوضع الداخلي وذلك عن طريق عمليات استعراضية.
محمد بن رجب من تونس: يتوقع خبراء ومتابعون في تونس أن تستمرّ موجة الاغتيالات السياسية التي بدأت مع اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، وتلاها اغتيال المعارض محمد البراهمي.
ويشير أستاذ علم الاجتماع منير السعيداني إلى أنّ ظاهرة العنف اليوم في تونس أصبحت تدار في سياق ثقافي يبررها ويتمثل في الإعلام الموازي إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي التي تبث خطابات مشحونة بالعنف والدعوة القتل والتشفي.
أوضح السعيداني أن ذلك يبرز من خلال أعمال فنية أو على منابر القنوات الإعلامية وعلى صفحات عديد الجرائد اليومية والأسبوعية وهو ما يجعله أمرا عاديا ومقبولا لدى المواطن الذي يبرر ذلك.
ممارسة منظمة
شدد السعيداني في تصريح لـ"إيلاف" على أن الفعل الإجرامي تحول من فعل ثقافي إلى ممارسة منظمة وهو الأخطر في ظل غياب التوافق والحوار بين الفرقاء السياسيين، موضحا ارتباط هذا الاجرام بأطراف إرهابية منظمة تتجاوز حدود تونس.
تفجيرات في المدن
في السياق ذاته، يؤكد الخبير الأمني والعسكري فيصل الشريف أنّ الاغتيالات السياسية والتفجيرات الإرهابية داخل المناطق السكانية يمكن أن تحدث حتى في البلدان المتقدمة وهي غير مرتبطة بدول بعينها، مشيرا إلى جهود قوات الجيش والأمن في تونس بعد اغتيال محمد البراهمي.
وأشار الشريف في تصريح لـ"إيلاف" إلى المبالغة في توصيف الأحداث ذلك أنّ "هذه المجموعات وأمام الحصار الشديد والإبادة التي تعرضت لها في مواقعها بجبل الشعانبي غير قادرة على تنفيذ أعمال فردية لتأكدها من أن ذلك سيعود عليها بالوبال".
وشدد على أنّ هؤلاء "سيحاولون القيام بأعمال استعراضية من ذلك تفجيرات داخل المدن لبث الرعب مثلما حدث أخيرا في جبل الشعانبي عندما ذبحوا عددا من الجنود، أكثر من تخطيطهم للقيام باغتيالات لأفراد بعينهم مثلما حدث مع شكري بلعيد أو محمد البراهمي لأنهم يعرفون أنّ قوات الأمن تحميهم عن قرب".
وأعلن رئيس الحكومة علي العريض في وقت سابق أن ملف الإرهاب لن يغلق قريبا في تونس مشيرا إلى أن الثورات العربية وما نتج منها من زلزال ساهم في تنامي ظاهرة الإرهاب اقليميا وقاريا.
الانتقام وبث الرعب
أوضح الخبير فيصل الشريف أنّ الإرهابيين قد يقومون بأعمال إرهابية بهدف الانتقام بعد قتل عدد منهم في جبل الشعانبي وقد يستهدفون عناصر الجيش الوطني لأنه يمثل الواجهة الأولى ثم الأمنيين داخل المدن لبث الرعب والفوضى بهدف تشتيت المجهودات ومحاولة التموقع بطريقة أخرى وقد يفرّون خارج البلاد.
قال الشريف: "هذه المجموعات يمكن أن تختفي لفترة من الزمن قد لا تطول من أجل إعادة تنظيم الصفوف وتغيير التكتيك، الغالب أنها ستتموقع داخل المدن الكبرى لتسهل عملية الاختفاء بعيدا عن الأرياف والمدن الصغيرة وتقوم ببعض العمليات مثلما حدث في منطقتي "الجديدة" و"الكرم".
توظيف خارجي
أشار الشريف إلى وجود توظيف خارجي لهذه المجموعات من قبل قوى إقليمية تساعد الثورة المضادة ولا ترضى بما يحصل في تونس.
وقال: "التجربة التونسية هي الوحيدة التي ثبتت إلى حد الآن وتحاول جاهدة الاقتراب من تحقيق النجاح، وهي أول تجربة ديمقراطية في العالم العربي... لا يتم تمويل هذه المجموعات بصفة مباشرة بل هناك عدة طرق ملتوية كما الشأن بالنسبة لتمويل الإرهابيين الذين يتم تجنيدهم إلى سوريا عن طريق دول أوروبية".
وأكد الشريف أنّ الإرهاب مرتبط أشد الارتباط بالتهريب وقد استفاقت السلطات أخيرا ولو بصفة متأخرة لجعل مناطق حدودية مع ليبيا مناطق عازلة، مشيرا إلى أن التمويل يتأتى من التهريب إلى جانب توفر أموال أجنبية، على حدّ تعبيره.
وأكد وزير الخارجية عثمان الجارندي في تصريح صحافي قدرة الشعب التونسي على إفشال مخطط الإرهاب الذي يهدف إلى زعزعة استقرار البلاد و إجهاض المسار الإنتقالي الديمقراطي.
ضعف العمل الإستخباراتي
أشار الشريف إلى ضعف العمل الإستخباراتي الميداني المكثف خاصة خلال الثورة الليبية مؤكدا أنّ التغاضي والتساهل مع هذه المجموعات الذي وصل إلى درجة السذاجة في التعامل السياسي معها رغم تواتر الأحداث التي تشير إلى انتشار هؤلاء وتمكنهم من التموقع واختيار الأهداف ثم المبادرة والهجوم.
وحذر رئيس حزب العمال حمه الهمامي نهاية الشهر الماضي من حصول سلسلة اغتيالات جديدة، وقال الهمامي في مؤتمر صحافي "قد يُستهدف قياديون سواء في الجبهة الشعبية أو من التيار الإسلامي".
الأمن القومي
أكد الشريف ضرورة بعث "جهاز مستقل للأمن القومي فيه خيرة الكفاءات التونسية في جميع المجالات لإعداد دراسات استراتيجية في كل القطاعات، ويكون قادرا على التعامل مع كل مجموعة تعاملا استخباريا أولا ثم أمنيا و أخيرا قضائيا لأننا الآن نتعامل مع هذه الظواهر تعاملا شخصيا وسياسيا بعيدا عن المؤسساتية وبالتالي يوجد غياب للرؤية الإستراتيجية للأمن القومي".