نشطاء اعتبروا طلبها تطاولًا على الأخلاق والدين وآخرون رحّبوا
علياء المهدي للرئيس المصري: أشرِك اللا دينيين في صياغة الدستور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فيما رحّب البعض بدعوة علياء المهدي وزملاء لها الرئيس الموقت عدلي منصور إلى إشراك اللادينيين في صياغة الدستور الجديد، من منطلق أن الدساتير توضع للجميع وليس لفئة محددة، رفض آخرون الخطوة معتبرين تجاوز التقاليد والدين خطًا أحمر.
محمد نعيم من القاهرة: طالبت الناشطة المصرية المثيرة للجدل علياء المهدي رئيس البلاد الموقت بإدراج ممثل عنها ورفاقها من اللادينيين في لجنة إعداد الدستور. وفي أحاديث خاصة لـ "إيلاف" رفض نشطاء ما وصفوه بإقحام دعاة التعرّي أنفسهم في العمل السياسي، بينما طالب آخرون بعدم إقحام الدين والطائفية في صياغة الدستور.
وفي وقت تستعد القاهرة لصياغة دستور جديد للبلاد، بعد زوال حكم الإخوان المسلمين، بفعل ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو)، طالب عدد كبير من ممثلي الأقليات في مصر بإشراكهم في صياغة الدستور الجديد، وكان في طليعة المطالبين شريحة، ربما يغضّ المصريون الطرف عن تواجدها، وهي شريحة اللادينيين، التي تطالب في سياق رسالة الكترونية، بعثت بها إلى رئيس الجمهورية المصري الموقت المستشار عدلي منصور بمنحها فرصة التعبير عن وجودها عبر إشراكها في إعداد الدستور المصري المزمعة صياغته من خلال لجنة معنية بذلك.
ووفقًا للرسالة الالكترونية، التي حصلت "إيلاف" على نسخة منها، كانت الناشطة المصرية اللادينية علياء المهدي من بين الموقعين على الرسالة، والتي أشارت إلى أنه من حقها ورفاقها المشاركة في إعداد الدستور، وكذلك الترشح لأي من المناصب السياسية، بداية من البرلمان والعمل السياسي العام، وصولًا إلى منصب رئاسة الجمهورية عينه.
المعروف أن الناشطة علياء عبد الحميد حسن المهدي، الشهيرة في الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية بـ "علياء المهدي"، كانت أثارت حالة من الجدل الجماهيري في مصر وخارجها، حينما اختارت التعرّي أمام وسائل الإعلام وسيلة للتعبير عن مواقفها السياسية، وتلقت على خلفية هذا الأسلوب المستهجن عقائديًا واجتماعيًا انتقادات واسعة، ووصل الأمر إلى تلقيها رسائل تهديد بالقتل من تنظيمات أصولية مصرية، كما إنها تعرّضت لملاحقات أمنية من قبل الأجهزة المعنية، ما دفعها إلى مغادرة البلاد والاستقرار في السويد حتى الآن.
من حقنا الترشح والترشيح
الرسالة التي بعثت بها علياء المهدي ورفاقها جاء نصها كالآتي: "رسالة لرئيس جمهورية مصر العربية، السيد الرئيس/عدلي منصور... نحن مواطنون مصريون لا دينيون (تركنا الديانة المسيحية والإسلامية)، ونطالب بتمثيلنا في دستور بلدنا الجديد، بوجود من يمثلنا في لجنة وضع الدستور، من أجل الحصول على حقوق المواطنة كافة (كمواطنين مصريين)، بما فيها حق الترشح والترشيح في الانتخابات حتى منصب رئاسة الجمهورية، كأي مواطن مصري، علمًا بأن شريحتنا هي شريحة كبيرة في المجتمع المصري، وتتشكل من أفضل العقول وأكثرها نبوغًا، بمن فيهم أساتذة جامعات، ومعيدون، وطلبة، وأطباء، ومهندسون، ومفكرون، وفنانون، وأدباء، وصيادلة ، داخل وخارج جمهورية مصر العربية".
وفي نهاية الرسالة، التي وصلت عبر البريد الالكتروني إلى ديوان الرئاسة المصرية، وفقا لمصادر خاصة لـ "إيلاف"، وقع أصحابها بأسمائهم عليها، معتبرين أنفسهم ممثلين عن شريحة اللادينيين في مصر، وهم: أحمد حسين حرقان، وجهاد محمد يوسف، وألبير صابر، وإسماعيل محمد محمد، وأيمن رمزي وبطرس نخلة، وعلياء عبد الحميد حسن المهدي (علياء ماجدة المهدي).
الشيعة: لتمثيل شامل
إذا كانت تلك هي الحال بالنسبة إلى اللا دينيين المصريين، فالوضع لا يختلف كثيرًا بالنسبة إلى شيعة مصر، الذين طالبوا في وقت سابق بإدراج ممثلين عنهم ضمن لجنة إعداد الدستور المصري الجديد. وفي سياق تصريح خص به "إيلاف"، قال الناشط الشيعي المصري ضياء محرم، أدمن شبكة مصر الفاطمية: "إننا حاولنا كشيعة المشاركة في إعداد الدستور المزمعة صياغته، لا سيما أننا مصريون ونشكل شريحة كبيرة في المجتمع المصري، إلا أن القائمين على تشكيل اللجنة لم يعيرونا اهتمامًا، فكان من الأولى أن تشمل عملية إعداد الدستور كل الشرائح والأطياف، التي تعيش على تراب هذا الوطن، خاصة أن ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكذلك الثلاثين من يونيو، صنعهما المصريون بمختلف شرائحهم ومعتقداتهم، فكيف لا يكون للجميع من دون استثناء الحق في تمثيلهم عند صياغة دستور البلاد".
مدنية لا طائفية
على صعيد مغاير، وفي تعليقها على المطالبة بإدراج اللادينيين أو الشيعة أو غيرهم من الطوائف الدينية في صياغة الدستور، قالت الناشطة القبطية العلمانية نرمين نبيل، في حديث خاص لـ "إيلاف": "إن دساتير العالم كلها تكتب لشعب واحد بقوانين واحدة للجميع بكل طوائفهم، فلم نسمع مثلًا في دستور أي دولة أوروبية أو غيرها أن هناك مواد خاصة بالمسيحيين، ومواد أخرى تخص المسلمين، وغيرهما لللادينيين، فالجميع أمام القانون سواء، وأتساءل لماذا نستدعي ممثلًا عن الكنيسة أو عن الأزهر، هل هو دستور ديني أم دستور مدني؟. فما دخل الدين إذًا في الدساتير، فالأخيرة يكتبها رجال القانون وليس رجال الدين".
أضافت نبيل: "إذا أردنا الحديث عن الموضوعية في الاختيار، فلا بد من اختيار جميع الديانات المعترف بها وغير المعترف بها، وتشمل تلك القوائم البهائيين، واللادينيين، وكل الديانات السماوية الثلاث بطوائفها ومذاهبها، فإذا أدرجنا كل هؤلاء في لجنة وضع الدستور، فسنصبح أمام إشكالية ضرورة إرضاء الجميع وفقًا لتطلعاتهم، ما سيؤدي حتمًا في النهاية إلى إنتاج دستور طائفي، يحرّض على العنصرية والعنف، ونحن ننادي بالحرية والعدالة الاجتماعية، وليس الانقسام والطائفية".
مصريون يرفضون المتعرّين
سونيا الحبال أول امرأة مصرية تفوّض الفريق أول عبد الفتاح السيسي بشكل رسمي لإدارة البلاد قبل ثورة الثلاثين من يونيو بشهرين تقريبًا، ولا تحبذ رغبة اللادينيين، خاصة علياء المهدي، في تمثيلهم بلجنة وضع الدستور. وفي سياق حديثها لـ "ايلاف" استنكرت الحبال استغلال الحريات، التي أرستها ثورة الخامس والعشرين من يناير و30 يونيو والسماح من خلالها لمن لا يمثلون الشعب المصري بالمشاركة في صياغة الدستور.
أضافت الحبال: "ثقافة المصريين الدينية والاجتماعية لا تسمح لمثل هؤلاء بفرض نفسهم على لجنة صياغة الدستور، وحتى إذا كان من بين هؤلاء - كما تقول علياء المهدي - أساتذة في الجامعات، وأطباء ومهندسون، فالمسألة ليست لها علاقة بالحصول على إجازات علمية، قدر علاقتها بقبول الشعب المصري، الذي يؤمن ويعبد خالق السماوات والأرض، بغضّ النظر عن الهوية الدينية، فالسماء هي مصدر كل الديانات، ومصر كوزموبولتية العقيدة الدينية، حيث هبطت على أرضها الديانات كافة".
ووفقًا للحبال، لا يعترف المصريون بهؤلاء، الذين اختاروا ثقافة التعري للتعبير عن آرائهم، وتجاوزوا العرف والتقاليد التي تربينا حينما تجرّدوا من ملابسهم أمام الأشهاد، بداعي لفت الأنظار إلى آرائهم، فكيف يصبح هؤلاء ضالعين في حياتنا؟، سواء من خلال العمل العام أو الاشتغال في السياسة، فالحرية بمفهومها المتحضر هي الالتزام بقيمنا وتقاليدنا الشرقية، التي تربينا وعشنا عليها منذ القدم وحتى الآن".