أخبار

مصر الاخوانية استقبلتهم بالأحضان والجديدة ترفضهم

عداء كريه ومتعاظم في مصر... ضحاياه لاجئون سوريون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فتحت مصر ذراعيها أمام اللاجئين السوريين في عهد المعزول محمد مرسي، لكنها اليوم صارت تنبذهم بسبب التقلبات السياسية التي تمر بها وما يتردد عن دور اللاجئين في الانحياز لجماعة الاخوان.

لميس فرحات من بيروت: هرب السوريون من الموت الذي يلاحقهم في بلادهم ولجأوا إلى دول يصارعون فيها الفقر والتشرد على أمل انتهاء الصراع والعودة إلى مناولهم من جديد.

من الترحاب الى العداء

عند سماع لهجة مازن بلخي السورية، انحرف سائق سيارة أجرة في القاهرة وتوقف فجأة ليركله خارج السيارة، أما إدارة المستشفى حيث تعمل ماجدة وغيرها من السوريين، فقد اقتطعت أكثر من نصف رواتبهم.

هناك أكثر من 100 ألف لاجئ سوري في مصر وحدها، كانوا موضع ترحاب حتى العام الماضي، عندما كان الرئيس المصري المعزول محمد مرسي ما زال في السلطة،وحلفاؤه الإخوان المسلمون كانوا لايزالون متعاطفين مع ثوار سوريا الذين ينتمون بأغلبيتهم إلى الطائفة السنية ويخوضون المعركة لإسقاط النظام القمعي في سوريا.

لكن صحيفة الـ"واشنطن بوست" اشارت إلى أنه في الوقت الذي أصبح فيه الاسلاميون "أعداء الأمة" في مصر بعد الانقلاب الذي أطاح بمرسي في 3 تموز، تحولت مشاعر التعاطف تجاه السوريين في مصر إلى عداء كريه وتمييز يزيد من معاناتهم.

تقلبات سياسية

لم تسجل أي دولة ردة فعل سريعة وعنيفة على أحداث الربيع العربي كما كان الحال في مصر هذا الصيف.

في غضون شهرين، انتقلت أكبر دولة في العالم العربي، من موقعها كثاني دولة على لائحة انتفاضات العام 2011 التي أطاحت بأحد الحكام المستبدين في شمال أفريقيا، إلى مرحلة من التعثر فدخلت من جديد في نفق حكومة غير منتخبة مدعومة من الجيش.

أفرجت السلطات المصرية عن الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطيح به في عام 2011، وهو اليوم بانتظار محاكمة أخرى. أما الحكومة الانتقالية الجديدة في مصر، فقادت حملة مدمرة ضد الخصوم القدامى لمبارك، أي جماعة الإخوان المسلمين، مما أسفر عن مقتل المئات وسجن الآلاف، بما في ذلك مرسي.

معاناة غير منتظرة

السوريون الذين نجوا بأنفسهم من أحداث كارثية للثورة التي تتحول إلى حرب أهلية في بلادهم، لجأوا إلى مصر هرباً من الموت والقتل ليجدوا في انتظارهم نوعاً جديداً من المعاناة.

التحول المفاجئ في السياسة والحكم في مصر كان الأكثر إزعاجاً للسوريين الذين يواجهون مشاعر معاداة وتمييز.
"كانوا يعاملوننا باحترام في السابق أما الآن يعاملوننا مثل الماشية"، قال بلال (45 عاماً) الذي افتتح متجراً لبيع الأجبان في ضواحي القاهرة بعد تخليه عن متجره لبيع الحلويات في العاصمة السورية دمشق.

لستم أصدقاءنا !

وقال بلال إن الجيش السوري الحر، الذي غالباً ما تربطه وسائل الإعلام المصرية بجماعة الإخوان المسلمين، لم يعد ينظر إليه على أنه صديق للشعب المصري.

"الناس ينظرون في وجوهنا ويقولون: أنتم خونة وترتكبون أعمال القتل في سوريا" أضاف بلال، مشيراً إلى أن اللاجئين السوريين يواجهون الإهانة والسخرية في الشوارع، ويضطرون أحياناً إلى دفع ثمن مرتفع مقابل السلع والخدمات ويتعرضون على نحو متزايد للسرقة والسلب أو المضايقة من قبل الشرطة، حتى صار الكثير منهم يأملون مغادرة البلاد.

مؤامرة أميركية

قبل اسبوعين على الانقلاب، ألقى مرسي خطاباً نارياً أدان فيه الأسد، متعهداً بدعم الثورة السورية. لكن منذ الاطاحة بمرسي، ذكرت قنوات التلفزيون المصري أن العديد من السوريين شاركوا في الاعتصامات المؤيدة لمرسي، مشيرة إلى ان الانتفاضة السورية وصعود مرسي في مصر هما نتيجة لمؤامرة أميركية تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وقال مسؤولون حكوميون إن الاخوان المسلمين "استغلوا الشباب اللاجئين السوريين" في حربهم ضد "الشعب المصري".

شاركوا في الاعتصامات

لكن العديد من النشطاء السوريين نفوا هذه المزاعم، معتبرين أن بعض الجمعيات الخيرية التي وفرت السكن للسوريين أرغمتهم على المشاركة في الاعتصامات، مما أدى إلى تأجيج التوترات المحلية.

وكانت حكومة مرسي قد عرضت على أعضاء المعارضة السورية الملاذ الآمن والحماية. والآن يقول هؤلاء أنهم يخشون من أن الحكومة المصرية الجديدة لن تحميهم من نظام الأسد التي تراقب وتضايق - وفي بعض الحالات - تحاول اغتيال أعضاء المعارضة المقيمين في الخارج.

أبواب موصدة

ويقول نشطاء سوريون إن الدولة المصرية أغلقت أيضاً أبوابها أمام اللاجئين السوريين الذين يحاولون اليوم الهرب إلى مصر.

من جهته، قال هيثم المالح انه أوقف في مطار القاهرة في طريق عودته من مؤتمر للمعارضة السورية في تركيا الشهر الماضي. وقال مسؤولون أمنيون مصريون إن المالح، جنباً إلى جنب مع غيره من السوريين، لن يسمح له بالعودة إلى البلاد حيث كان قد لجأ هرباً من نظام الأسد منذ أكثر من عامين.

لكن من حسن حظ المالح، وهو أحد أبرز قادة المعارضة السورية ورئيس اللجنة القانونية في ائتلاف المعارضة السورية، فقد تدخل العديد من الديبلوماسيين السعوديين للدفاع عنه، فيما تم ترحيل الآخرين من البلاد.

تضييقات واعتقالات وترحيل

وفي الوقت الذي يستعد فيه السوريون وأولياء أمورهم لبدء العام الدراسي، قيل لهم إن المدارس العامة في مصر مكتظة، مما يعني أن الكثير منهم لن يحظوا بفرصة لمتابعة تعليمهم.

واعتقل عشرات من السوريين في الحملة التي قادتها الشرطة لسجن الإسلاميين من أنصار مرسي. ويعتقد المالح أن 100 منهم على الأقل تم ترحيلهم، مضيفاً: "الآن يطلب من السوريين الحصول على تأشيرة دخول و تصريح أمني قبل الوصول إلى مصر. في عهد مبارك، كان بإمكاننا أن نأتي من دون الحاجة إلى كل هذه الأوراق".

أما الذين يرغبون في المغادرة، فلديهم قليل من الخيارات، إذ أن لبنان وتركيا والأردن تفيض باللاجئين السوريين وتسعى على نحو متزايد لوقف اللجوء إلى أراضيها.

اليمن حلاً موقتًا

أمام هذا الواقع، يحاول بعض اللاجئين في مصر الانتقال إلى اليمن - الدولة غير المستقرة والفقيرة - وهي ضمن عدد قليل من الدول العربية التي ما زالت ترحب بالسوريين.

"تتغير تعابير وجوههم عندما يسمعوننا نتحدث باللهجة السورية"، قال محمد الذي كان صاحب متجر أثاث في حلب التي دمرتها الحرب.

وصل محمد قبل ستة أشهر إلى القاهرة مع زوجته وخمسة أطفال، وعندما ذهب لتسجيل إبنه في المدرسة قال له المدير إن "السوريين ليسوا موضع ترحيب".

أين المفرّ؟

يشعر الكثير من اللاجئين السوريين في مصر اليوم بالحاجة للذهاب إلى المفوضية العليا للاجئين للتسجيل كلاجئين خوفاً من الترحيل.

وتقول سعاد خوبية، وهي ناشطة وأم لطفلين فرت من مدينة دوما السورية في آذار/مارس الماضي: " نحن لا نحصل على أي مساعدات هنا كلاجئين. نشعر وكأننا سجناء. أردت أن أشارك في مؤتمر للمعارضة السورية في تركيا، لكن لو غادرت مصر، فلن يسمح لي بالعودة إليها ثانية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف