تحظى بشعبية عالية وناخبوها يلقبونها بالأمّ
منتقدو ميركل التي تسعى إلى ولاية ثانية: أدخلت ألمانيا في سبات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أعطى الناحبون الألمان ميركل علامة عالية، واختاروا أن يلقبوها بـ"الأم"، فيما تظهر استطلاعات الرأي أنها الشخصية الأكثر شعبية. والطمأنة التي يوحي بها لقب "الأم" هو نفسه ما يغضب المنتقدين، الذين يقولون إن ميركل أدخلت ألمانيا في سبات سياسي.
برلين: بينما تعتبر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حكومتها "الأكثر نجاحًا منذ إعادة التوحيد"، يختلف منافسها الانتخابي في وصف ولايتها الثانية ويعدها "أربع سنوات ضائعة".
الحقيقة تكمن في مكان ما بين الرأيين، بحسب المحليين، الذي يقرّون بتحقيق المستشارة إنجازات، لكن يشيرون أيضًا إلى وعود انتخابية لم تنفذ، ويشددون على أن ميركل قطفت بعضًا من الثمار التي زرعها أسلافها من يسار الوسط.
ويقول الخبير السياسي في جامعة برلين الحرة نيلز ديدريخ إن ميركل المعروفة بهدوئها وطبيعتها اللاتصادمية والساعية إلى ولاية ثالثة في 22 أيلول/سبتمبر، انتهجت "سياسة براغماتية، تعتمد على خطوات صغيرة من دون أي قناعات أيديولوجية كبيرة". في الخارج تعتبر ميركل قائدة الأزمة في منطقة اليورو، وبطلة إجراءات تقشف اكسبتها احترام العديد من نظرائه، وكراهية آخرين فرضت عليهم مطالب إجراء اقتطاعات ميزانية مؤلمة.
قائدة سلام
أما في الداخل فينظر إليها على أنها قادت ألمانيا بسلام خلال الاضطرابات المالية في السنوات القليلة الماضية. فتوقعات نسبة النمو الاقتصادي تبلغ حوالى 0.3 بالمئة هذا العام، فيما العديد من دول القارة الأوروبية تحسد ألمانيا على نسبة بطالة تبلغ 6.8 بالمئة.
وحتى ميركل نفسها تقرّ بأن أرقام التوظيف القوية تعود في جزء منها إلى إصلاحات قاسية في قطاع العمل، بدأها قبل عشر سنوات المستشار السابق من الحزب الاشتراكي الديموقراطي غيرهارد شرويدر والخضر.
وفيما فقد الاشتراكيون الديموقراطيون منذ ذلك الحين العديد من الحلفاء التقليديين بسبب ذلك، إلا أن المرشح الحالي للحزب بير شتيانبروك استدار إلى اليسار، وتعهد بمساعدة ربع العمال الألمان، الذين يعملون حاليًا في قطاع الأجور المتدنية. وحققت ميركل زيادة في عائدات الضرائب، مما سمح لحكومتها بتوقع ميزانية ذات هيكلية متوازنة للعام المقبل، وأن تعد بتسديد الديون اعتبارًا من 2015.
في الجانب السلبي يشير المراقبون إلى وعود انتخابية لم تتحقق، منها تعهدات بإصلاح النظام الضريبي الألماني، أحد أكثر الأنظمة تعقيدًا في العالم. ويقول الخبير السياسي يورغن فالتر من جامعة مينتس إن ذلك لم يحدث "خشية إيقاظ العديد من الكلاب النائمة في مكامن الضعف الضريبي".
ويقول ديدريخ إن قرارها تسريع نقل ألمانيا إلى الطاقة المتجددة بعد كارثة فوكوشيما النووية في اليابان في 2011، كان إنجازًا مهمًا ملحوظًا في ولاية ميركل ومثالًا على براغماتيتها السياسية. وعندما قررت ميركل التخلي عن الطاقة الذرية وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة، كانت ترد على موجة احتجاجات في أنحاء البلاد قبيل انتخابات مقاطعات حاسمة وتعيد إحياء مشروع للمعارضة كانت استبعدته في وقت سابق.
التركيز على الطاقة البديلة
الهدف الآن هو زيادة حصة مصادر الطاقة النظيفة، مثل الشمس والريح والمياه، لتبلغ 80 بالمئة بحلول منتصف القرن، رغم أن قطاع الطاقة المتجددة اشتكى من تلكؤ الحكومة، فيما يتذمر المستهلكون من ارتفاع فواتير الكهرباء. وفرضت إصلاحات أخرى في 2011 شملت قوات الدفاع. فقد أنهت حكومة ميركل الخدمة العسكرية الإلزامية بعد 56 عامًا على تطبيقها، وأطلقت خطوات كبيرة لجعل الجيش أكثر تناسبًا مع المهمات الدولية.
على صعيد السياسة المتعلقة بالعائلات والهادفة إلى رفع نسبة الولادات المتدنية جدًا في ألمانيا، نفذت حكومة ميركل وعودها، وزادت بشكل كبير الأماكن في حضانات الأطفال. كما نفذت مطلبًا لشريكها البافاري في الائتلاف يتعلق بدفع بدل للأهالي الذين يبقون أطفالهم في المنزل حتى سن الثالثة، وهي مبادرة وصفها المنتقدون "بعلاوة موقد الغاز".
تبقى الآن معرفة ما إذا كانت السياسات المراعية للأسرة لها تأثير على تراجع عدد السكان، وهي قنبلة ديموغرافية موقوتة، وصفتها ميركل بأنها "أكبر تحد في السنوات العشر أو العشرين المقبلة" في ألمانيا. وفي مسألة معاشات التقاعد، التي تنذر بأن تصبح الحكومة عاجزة عن تحملها، لم يتحقق تقدم كبير رغم الوعود بمكافحة "فقر المسنين" بحسب فالتر.
وفي الإجمال، فإن الناحبين الألمان أعطوا ميركل علامة عالية، واختاروا أن يلقبوها بـ"الأم"، فيما تظهر كل استطلاعات الرأي تقريبًا أنها الشخصية الأكثر شعبية بتأييد يتجاوز غالبًا 60 بالمئة. والطمأنة التي يوحي بها لقب "الأم" هو نفسه ما يغضب المنتقدين، الذين يقولون إن ميركل أدخلت ألمانيا في سبات سياسي.
ويقول كاتب المقالات ياكوب أوغستاين إن "الشلل تفشى في أنحاء البلاد، واسمه ميركل". ويرى منتقدوها أن ميركل ورغم قوتها في التفاصيل وهدوئها تحت النار، تفتقر للحماسة أو لرؤيا سياسة واسعة وواضحة. لكن تلك الانتقادات لا تؤرق ميركل. وكما أشار أحد المراقبين السياسيين فإن أفضل ما يمكن تلخيصه لأسلوبها الجاد هي كلمات مستشار آخر، هو هلموت شميت، الذي قال في إحدى المرات إن "الأشخاص الذين لديهم رؤية يجب أن يزوروا الطبيب".