قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يجمع معارضون للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على أن التوليفة الحكومية الجديدة ما هي إلا اجترار لـ "ثقافة الترقيع الرسمية" التي سار عليها النظام، وقال سياسيون لـ"إيلاف" إن إستغناء السرايا عن خمسة عشر وزيرا، بينهم ستة وجوه بارزة محسوبة على "الحرس القديم"، وتعيين مقربين من الرئيس على رأس وزارات السيادة، يرجح وجود"مهمات خاصة" سيجري إنجازها برسم الشوط المتبقي عن الاقتراع الرئاسي المزمع في نيسان/أبريل 2014. الجزائر: قالت مصادر خاصة لـ"إيلاف" إنّ يد الرئيس الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة لن تتوقف عند التغيير الحكومي الأخير، بل ستمتد لتشمل سلسلة تغييرات هامة، حيث يتوقع أن تشهد الجزائر في القريب العاجل، تغييرات في سلك الولاة والقضاء وحتى كبار ضباط المؤسسة العسكرية. ورفض قادة جبهة التحرير (حزب الغالبية) التعاطي مع التغيير الذي أطاح بغالبية وزرائه من الحكومة الجزائرية، فيما اعتبر يحيى قيدوم، القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني حزب في البرلمان)، أنّ "العملية تتطلع لإعطاء نفس جديد للحكومة للمضيّ في تنفيذ فعّال لبرنامج الرئيس، مع كل ما سينتج عن ذلك من حراك تنموي وإنعاش إجتماعي". بالمقابل، يرى عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (حزب إسلامي)، أنّ التغيير الحكومي يمثل صورة جديدة لصراع عصب النظام، ويقدّر مقري أنّ الأمر يتعلق بخطوة أراد من ورائها الرئيس بوتفليقة بعث رسائل عنوانها الأكبر أنّه اللاعب الرئيسي في المعادلة السياسية بالبلاد، وهو حريص على أن يكون صاحب الدور الرئيسي في اختيار الرئيس الجديد الذي يخلفه"، ويعتقد مقري، أنّ "المرحلة القادمة ستشهد ردّ فعل لخصوم بوتفليقة في النّظام، وقد ترجّح الكفّة لصالحها باستعمال ملفات الفساد وكذلك الملف الصحي لبوتفليقة، وغير ذلك من الأدوات التي لا يمكن تصورها، وقد يصل التطور إلى توافق الطرفين".
اجراء انتقاليمن جانبه، يقرأ فاتح ربيعي، الأمين العام لحركة النهضة، التغيير إياه، على أنّه إجراء انتقالي بعيد عن التغيير السياسي المنشود محليا، خاصة أنّه أبقى وجوها "ثبت فشلها "- بحسبه - في التسيير، ويرفض ربيعي ما يروج له عن طهي للرئاسيات في "الغرف المغلقة"، مصرًّا على أنّ الكرة في مرمى مواطنيه للتغيير بمناسبة الاقتراع المقبل، سيما مع الانسداد الاجتماعي الحاصل والفساد الذي مسّ قطاعات استراتيجية، وتفضيل السلطة حلولا "ترقيعية"، وترتيبات "شكلية" لا يمكنها بنظره مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. ويحصر أحمد لعروسي رويبات، رئيس حزب الوسيط (من التيار الوطني)، ما يقع في خانة "اللاحدث"، وما يصفها "المناورة الباحثة عن الاستهلاك"، في سياق سعى عرّابوه لحذف مواقع وتحصين أخرى، معتبرا أنّ ترقية صالح قايد رئيس أركان الجيش كنائب لوزير الدفاع، يحمل في طياته التحضير لأي طارئ في حال عجز الرئيس عن ممارسة دوره، بمقابل بقاء الغموض سيدا للموقف بشأن المرحلة المقبلة واستراتيجية السلطات لقطع دابر الفساد الذي ملأ الجزائر وشغل الناس.على المنوال ذاته، يبرز الخبير الاقتصادي امحمد حميدوش، أنّ التغيير الحكومي لن تكون له جدوى كبيرة من الجانب الاقتصادي، قائلا إنّ الأمر يندرج في "فرقة "مهمتها ستختص بالإدارة العادية للشؤون اليومية الى غاية الاستحقاق الرئاسي المقبل .
الرغبة في تبرير الاستمرارويقول موسى تواتي/ رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية (حزب قومي معارض) أنّ الذي حصل قبل 72 ساعة، لا يعني سوى الرغبة الفوقية في تبرير استمرار بوتفليقة رئيسا، وإحباط مسعى المعارضة القاضي بتفعيل المادة 88 من الدستور (استحالة ممارسة الرئيس لمهامه اعتبارا لعجزه). وعن خلفية تعيين بوتفليقة "رجال الثقة" على رأس وزارات سيادية مثل وزراء الداخلية، القضاء، الخارجية، الدفاع، يقرأ تواتي الإجراء على أنّه يمهّد لصعود شخصية من محيط الرئيس الحالي، حتى وإن كان واثقا بأنّ الحكومات لم و(لن) تكن لها أبدا سلطة أو قرارات، بل هي هيئات تنفيذية لقرارات يتخذها الرئيس، ما يجعل النظام يصطبغ بنمط شبه رئاسي شكلي. ويتهم تواتي السرايا "بالسعي للتضليل عما إنتاب المرحلة السابقة من فضائح فساد بالمليارات وتبديد عقارات، وما طبعها من طغيان الارتجالية وما ينعتها "المشروعات الوهمية"، بإنتاج حكومة بتوابل صاخبة لتصنيع ضجيج في إتجاه مغاير".
الأمن العسكري لا يختار الرئيسوبشأن هوية الرئيس المقبل للجزائر، وطبيعة التحالفات السياسية التي سيجري إبرامها، يختزل تواتي المسألة في عملية تقوم بها "جهات نافذة" هي من ستتولى اختيار "مرشح الإجماع" اعتمادا على ثمة حيثيات، قبل أن تعطي تلك الجهات الأوامر للتجسيد، ويرى تواتي أنّ ذلك كان حال الجزائر منذ استقلالها قبل 51 سنة، نافيا ما يراج عن كون "الأمن العسكري" هو من يختار هذا الرئيس أو ذاك.
تحصين السلطة الحاكمةإلى ذاك، تشير نعيمة صالحي، رئيسة حزب العدل والبيان (فصيل معارض)، إلى أنّ التغيير الحكومي يحصن لسلطة الحاكمة، مبرزة أنّ الفريق الجديد حمل الكثير من المقربين جدا من الرئيس، لذا فالقضية ليس قضية كفاءات ولا تخصصات ولا أداء أحسن، والمشكلة لم تعد مشكلة "سُلطة" بل أكثر من ذلك، ذاهبة إلى أنّ الخطر الحقيقي يكمن في كون الجزائر باتت مستهدفة عبر ما يحصل على حدودها الشرقية كما الجنوبية، وجنوح "أيادي أجنبية" إلى تحريك نقاط توتر داخلية، وعليه تفضل ممارسة ما سمتها "المناصحة السياسية المكيفة" بدل المعارضة. و"تتمنى" صالحي أن لا ينجرّ بوتفليقة وراء دعاة ذهابه نحو ولاية رابعة بعد انتهاء ولايته الحالية في نيسان/أبريل 2014، جازمة أنّ ظروف الرجل الصحية لا تسمح له بالاستمرار رئيسا بعد سبعة أشهر من الآن.وإذ تشير صالحي إلى أنّ "الدستور" الحالي على ما ينطوي عليه من هجينية، هو شبه رئاسي و(يلعب) لصالح الرئيس، فإنها تستبعد أن يعدّل بوتفليقة القانون الأعلى في البلاد خلال المرحلة القليلة المقبلة، مع تركها المجال مفتوحا أمام إمكانية إستحداث منصب "نائب رئيس الجمهورية".
تكريس اللاحقيقةمن جانبه، يذهب المحلل فيصل ميطاوي إلى أنّ خطوة بوتفليقة كرّست اللاحقيقة، والكثير من الغموض، ويتساءل ميطاوي عما إذا كانت الجزائر تحتاج فعليا إلى تغيير حكومي، أم إلى انعقاد مجلس الوزراء الذي لم يلتئم منذ تسعة أشهر؟، ذاهبا إلى أنّ الرئيس الجزائري ارتضى تغيير الحكومة من أجل تكريس انطباع مفاده أنّه هو القائد الأوحد ويتمتع بكل سلطاته وقواه، خلافا لما تسعى دوائر لتسويقه منذ وعكته الصحية في أواخر نيسان/أبريل المنقضي. ويشير ميطاوي إلى أنّ الخطوة لم تغيّر شيئا من الجمود الذي يشلّ الجزائر، وأتى الإجراء لكي ينال بوتفليقة من الوزراء الذين لم يدعموا "عمار سعيداني" القائد الجديد للحزب الحاكم "جبهة التحرير".كما يبدي ميطاوي استغرابا لـ"ترحيل" وزراء دون معرفة أسباب تنحيتهم، وهو حال كثيرين من التسع حكومات ومئات الوزراء الذين اختارهم بوتفليقة منذ توليه الحكم في نيسان/أبريل 1999.
حزمة حسابات وتحريك المياه الراكدةوتشير التوقعات إلى أن إستعانة النظام بخدمات "رمضان لعمامرة" المفوّض السابق لمجلس السلم والأمن في إفريقيا، يحيل على حسابات السلطة ورغبتها تفكيك أكثر من لغم إقليميا ودوليا، على منوال الذي يقع بمنطقة الساحل وخصوصا في مالي، فضلا عن مختلف دول الجوار من قلاقل، ومعضلة الدبلوماسيين المحتجزين هناك منذ شباط /فبراير 2012، فضلا عن سعي الجزائر لكسب نقاط إضافية في قضية الصحراء الغربية والعلاقات مع المغرب وما يتصل بملف الحدود المغلقة منذ أغسطس/آب 1994، سيما مع إلمام خليفة "مراد مدلسي" بكثير من نقاط الظلّ المحتبسة.ويبقى الوقت مبكّرا لتأكيد نجاح التغيير الحكومي في حسم مآلات المرحلة القادمة في الجزائر، وما إذا كسب جناح بوتفليقة فعليا المعركة ضدّ الخصوم.