أخبار

الجماعة تعتبر المبادرة شخصية لا تمثلها

صلاح سلطان يعتذر عن أخطاء الإخوان ويدعو للحوار

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قدم القيادي الإخواني صلاح سلطان إعتذارًا صريحًا للمصريين عن أخطاء في الإجتهاد السياسي اقترفها الاخوان، لكن الجماعة تنصلت من الاعتذار، ووضعته في خانة المبادرة الشخصية التي لا تمثلها.

القاهرة: قدم قيادي إخواني إعتذارًا للشعب المصري عمّا وصفه بـ "أخطاء في الاجتهاد السياسي، لا القصد الجنائي - لا قدر الله - ضد مصرنا"، وأطلق مبادرة للحوار مع الشباب والنساء. فردت الجماعة بحذف مقالة القيادي من موقع حزب الحرية والعدالة، معتبرة إياه إعتذارًا شخصيًا، ومعلنة استمرارها في المسار الثوري ضد ما تصفه بـ"الإنقلاب العسكري على الرئيس الشرعي".

ففي ما يعكس خلافات داخلية تصل لحد الإنشقاقات في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، والتحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يضم أحزابًا وجماعات إسلامية، قدم صلاح سلطان، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، والقيادي بالإخوان، إعتذارًا صريحًا للمصريين عمّا وصفه بـ"أخطاء في الإجتهاد السياسي".

فرسان أم أشرار؟

وقال سلطان في رسالة وجهها للشعب المصري: "نجدد لأهلنا جميعًا بمصر هذه الكلمات صادقة مخلصة: يا قومنا وكل المصريين قومنا، نحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنًا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وإنه لعزيز علينا، جد عزيز أن نرى ما يحيط بمصرنا وأمتنا، ثم نستسلم للذلة، أو نرضى بالهوان، أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب من أبناء مصرنا، ولن نكون عليكم يومًا من الأيام، وسوف تدركون هذه الحقيقة اليوم أو الغد وسوف ترى إذا انجلى لك الغبار أفرسان نحن أم أشرار، وعند الصباح يحمد القوم السرى".

إعتذار

وأضاف سلطان: "نكتب بكل شجاعة والشجاع من انتصف من نفسه إعذارًا إلى الله تعإلى، واعتذارًا إلى شعبنا المصري عن أخطاء في الاجتهاد السياسي، لا القصد الجنائي - لا قدر الله - ضد مصرنا، لأننا جزء منكم، ونتعبد لله بحب وخدمة ترابها وشعبها كما قال الشاعر: بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام".

وسرد سلطان، الذي يعتبر أحد قيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية، أربعة من تلك الأخطاء السياسية التي وقعت فيها الجماعة، أثناء وقبل وبعد ثورة 25 يناير، وأثناء تولى مقاليد الحكم. وقال: "نحن نعتذر عن أخطاء في الاجتهاد السياسي في أمور أهمها قبولنا - كما فعل الكثير - الحوار مع عمر سليمان والمجلس العسكري لقيادة مصر فترة موقتة، أملًا في التدرج في الإصلاح والتغيير، وندرك الآن أن المسار الثوري باستمرار الحشد الشعبي في الميادين كان أنفع لتحقيق مقاصد ثورة 25 يناير".

كما اعتذر سلطان عن قبول الإخوان تحمل المسؤولية في ظل غلبة الفلول، وقال: "قبولنا الاستمرار في تحمل المسؤولية في هذا الوقت العصيب رغم العرض والرفض من الكثير من شركاء الثورة أو الوطنيين المستقلين، مع استمرار قوى الفلول والمنتفعين والمتخوفين من العدالة في هدم أي مشروع إصلاحي، وكان يجب مصارحة ومشاركة الشعب المصري كله ليحمل معنا أعباء المعوقات والمؤامرات".

وقدم سلطان إعتذارًا عن عدم تقديم التحاور الإصلاحي على العلاج الثوري الناجع مع قوى التآمر التي ظلت تعمل جاهدة لإفشال المسار الديمقراطي، والمكتسبات الثورية، والصناديق الانتخابية، "وخاصة الحملات الإعلامية التي شيطنت الثورة وفرقت وحدتها، وخوّنت قادتها، وهيّأت للانقلاب العسكري الدموي، والاحتقان والتمزق الشعبي".

مصلحة مصر

وإنتقد سلطان جماعته في عدم إستيعاب الشباب والمرأة، وقال: "عدم الاستيعاب الكافي لقطاعين عظيمين هما الشباب والنساء، وقد كانوا ولا يزالون الوقود الأول والأقوى في ثورة يناير وما بعدها حتى اليوم، ما دفع كثيرًا من المخلصين منهما أن يبحثوا عن منافذ وآفاق أخرى لتحقيق آمالهم، فشاركوا في ما لم يحسبوا مآله على مصرنا، مما يأسى له كل محب لمصر وأهلها الآن".

ودعا سلطان القوى الوطنية للحوار، وقال: "نفتح قلوبنا قبل أبوابنا لكل القوى الوطنية أن نتحاور معًا - خاصة الشباب والنساء - لرسم معالم مرحلة جديدة لاستكمال مقاصد ومكتسبات ثورتنا الكبرى 25 يناير، واستعادة الشرعية بأركانها جميعًا.

وبرر سلطان إعتذاره بـ"تقدير مصلحة مصرنا"، وقال: "مهما قيل في تفسير هذا الاعتذار، فتقدير مصلحة مصرنا فوق تكدير وتشويه سمعتنا، فلسنا نقوم بذلك ضعفًا أو وَهَنًا مما أصابنا، فنحن نحتسب تضحياتنا قبل وبعد الثورة عند الله الحسيب الرقيب سبحانه وتعالى، ثم فداءً لبناء مصرنا المستقلة الحديثة، لينعم أهلنا بالعيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والنهضة الحضارية".

ووصف سلطان مبادرته بأنها أتت "بشكل شخصي"، وقال: "أكتب لكم هذه الكلمات بشكل شخصي، من باب الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"..... ويسعى بذمتهم أدناهم"، وقد عشت طول اعتصام رابعة داخل الميدان، بين خيرة أبناء مصر من العلماء والرجال والنساء والشباب والفتيات، ووافقني الكثير من هؤلاء على هذه المعاني".

حذف المبادرة

أضاف أن مبادرته تلك كان من المقرر مناقشتها في أروقة جماعة الإخوان والتحالف الوطني لدعم الشرعية، إلا أن فض إعتصام ميدان رابعة العدوية حال دون ذلك. ودعا لنقاش المبادرة، وقال: "كدنا أن نرفعها للنقاش في التحالف الوطني وجماعة الإخوان لولا مجزرة رابعة، ومضى شهر على المأساة ولا يزال همي على بلدي وأهلي شاغلي بالليل والنهار وهذه رسالتي، أرجو أن يتقبلها الجميع بقبول حسن، وهي مني لأهلي المصريين بكل تياراتهم وأديانهم بلا استثناء، كما أرجو أن تناقش في قيادة التحالف والإخوان، والقوى الوطنية الراغبة في إنقاذ مصر، وتخرج في معناها وفحواها - مع الحق في التعديل والتبديل - إلى شعبنا المصري العظيم، (رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) الكهف: من الآية 10".

وبعد أن نشرت بوابة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، مبادرة ورسالة سلطان، سارعت إلى حذفها، إلا أن سلطان قال في تدوينة له عبر صفحته بموقع فيسبوك بعنوان "إعتذار مع إستنفار"، أنه من طلب حذف الرسالة، وقال: "اعتذرت شجاعة عن أخطائنا السياسية، وكتبت صراحة عن جرائم الانقلابيين الجنائية، ودعوت إلى حوار مفتوح لا يتجاوز استعادة أركان الشرعية، وطلبتُ حذف مقالي من صفحة الحرية والعدالة باعتبارها رسالة شخصية".

إستمرار النضال السلمي

من جانبها، وصفت جماعة الإخوان إعتذار ومبادرة سلطان بأنها تمثل وجهة نظره الشخصية. وقال الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، في بيان تلقت إيلاف نسخة منه: "إن الرسالة بفرض صحة نسبتها لصاحبها فهي كما ذكر تمثل وجهة نظره الشخصية، وبالتالي فهي لا تُعبِّر عن وجهة نظر الجماعة". وأضاف أن واجب الوقت الآن لكل القوى الثورية والوطنية أن تُركِّز على توحيد الجهود لدحر الانقلاب العسكري الدموي الذي جرَّ الخراب لمصر، كما يحدث الآن في دلجا وكرداسة من مجازر ومآسٍ، فضلًا عن مجزرتي رابعة والنهضة وغيرها.

وذكر حسين أن التوقيت الحالي لا يصلح لتقييم التجارب وتصويب الإجتهادات، وقال: "الجماعة تؤكد أن كل القوى السياسية والوطنية تصيب وتخطئ في اجتهاداتها، لأنه لا بشر معصوم إلا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه القوى تبني هذه الاجتهادات على ما يُتاح لها من معلوماتٍ في حينها، والتي ربما يتبين بعد ذلك معلومات أخرى تجعل هذا الاجتهاد المبني على المعلومات السابقة يحتاج إلى تصويب، وهذا يُوفِّر دروسًا مستفادة من هذه التجارب، ولكن الأهم هو توقيت تقييم هذه التجارب، الذي نرى أنه ليس الآن". وأشار إلى أن الجماعة مستمرة في النضال السلمي حتى عودة الشرعية.

تخبطات وخلافات

وصف محمد عبد السلام، الخبير في شؤون جماعات الإسلام السياسي، إعتذار ومبادرة سلطان بأنها تؤكد وجود حالة من التخبط في صفوف الإخوان، بعد إعتقال قيادات الصفين الأول والثاني. وأضاف عبدالسلام لـ"إيلاف" أن إعتذار سلطان، ثم نفي الجماعة أن تكون مبادرته تمثلها وإنما وجهة نظر شخصية، يؤشر أيضًا على وجود خلافات حادة تصل إلى حد الإنشقاقات الفكرية في صفوف الجماعة، التي كانت تحكم بقبضة حديدية لسنوات طويلة، "ولم يكن يجرؤ أي قيادي أو عضو فيها على الحديث باسمه أو باسم الجماعة إلا بعد تداول الأمر على أعلى المستويات القيادية".

وأشار عبد السلام إلى ضرورة أن يتم فتح قنوات إتصال بين الدولة والجماعة، والبدء في المصالحة الوطنية، لا سيما أن هناك شخصيات ترغب في الحوار مع الطرف الآخر، معتبرًا أن المصالحة تعتبر أولوية قومية، لإستيعاب كافة طاقات المصريين، والبدء في بناء دولة المؤسسات، بعيدًا عن الإقصاء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف