إستبدال عبارة المسيحيين واليهود بـغير المسلمين يثير الخلافات في مصر
الإسلاميون: مادة بالدستور تبيح زواج المثليين وعبادة الشيطان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أثار استبدال عبارة "المسيحيين واليهود" بـ "غير المسلمين"، في بند العودة إلى الشرائع الخاصة في الأحوال الشخصية، غضب الفئات الاسلامية في لجنة الخمسين، التي رأت في ذلك إباحة زواج المثليين وعبادة الشيطان وغيرها.
القاهرة: تتواصل الأزمات في مصر، مع إستمرار لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور عملها. وما زالت المواد المتعلقة بالهوية، والتي لها علاقة بالأديان تثير الجدل، وطرحت مقترحات بعض أعضاء اللجنة بتعديل المادة الثالثة من دستور 2012، التي تنص على إحتكام المسيحيين واليهود لشرائعهم في الأحوال الشخصية إلى غير المسلمين، ما أثار غضب الأزهر والسلفيين وبعض المسيحيين أيضًا. واعتبرت الجماعة الإسلامية أن الصياغة الجديدة تفتح المجال أمام زواج المثليين والابن بأمه وعبادة الشيطان.
مسيحيون ويهود أم غير مسلمين؟
تنص المادة الثالثة من دستور 2012، الذي وضعته لجنة المائة ذات الغالبية الإسلامية على الآتي: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود هي المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية".
وهذه المادة لم تكن موجودة في الدساتير المصرية السابقة، وتقدم بعض أعضاء لجنة الخمسين المعينة من قبل رئيس الجمهورية الموقت عدلي منصور، بمقترحات لتعديل صياغة تلك المادة، ليتم إستبدال "المسيحيين واليهود" بـ"غير المسلمين"، الأمر الذي أثار غضب حزب النور السلفي وممثلي الأزهر.
وقال ممثل حزب النور محمد إبراهيم منصور: "إن استبدال المسيحيين واليهود بغير المسلمين أمر في غاية الخطورة على مصر، سيفتح الباب لمدعي النبوة للخروج علينا بتشريع يطالب بالأحوال الشخصية الخاصة بهم، ويبني عليها قوانين في البرلمان، وأن كل مجموعة ستريد إنشاء قوانين خاصة بها، وسينفجر البلد".
وأيّد ممثل الكنيسة الكاثوليكية باللجنة الأنبا أنطانيوس التعديل، وقال: "الاتجاه الأقرب في المادة الثالثة هو الاستبدال بكلمة لغير المسلمين، لأنها تشمل الكل بدون تمييز، فلو قلنا مسيحيين فقط أنا وصلني حقي، لكن لا يجب أن نفكر بشكل طائفي أو عنصري، لكن نفكر في البلد، ولو ترك النص القديم يقولون علينا في الخارج إننا متحيزون، ولا بد أن نفكر في صورة مصر قبل أي حاجة"، مشيرًا إلى أن القانون يمنع قيام الجماعات التي لا تعترف بها الدولة، "والقانون سينظم أحكام هذه المادة، لو قفلنا على نفسنا ها نبقى ناس متخلفين، ودستورنا متخلف".
توافق سلفي أزهري
يؤيد عدد من النشطاء الأقباط تعديل المادة. وقال ممدوح رمزي، عضو مجلس الشورى السابق، لـ"إيلاف" إن تعديل المادة الثالثة لتشمل غير المسلمين جميعًا أمر جيد، مشيرًا إلى أن الصياغة الحالية تتسم بنوع من الطائفية، بتحديدها المسيحيين واليهود فقط، وتعتبرهم أقلية أو رعايا وليسوا مواطنين.
ولفت إلى أن الإبقاء على الصياغة الحالية يتناقض مع ما يقال حول تأسيس الدستور الحالي لدولة مدنية، "فالدولة المدنية يجب أن يكون لجميع الأديان والمعتقدات الحق في ممارسة شعائرهم، والإحتكام إليها".
في المقابل، رفض الأزهر والسلفيون والجماعة الإسلامية تعديل المادة. وقال الدكتور شوقي علام مفتي مصر، وممثل الأزهر في لجنة الدستور، خلال إجتماع للجنة الخمسين: "التعديل المقترح سيؤدي إلى تكدير السلم الاجتماعي وتقويض أركان المجتمع المصري والإخلال بالنظام العام".
وقال مصدر بحزب النور السلفي لـ"إيلاف" إن رئيس الحزب يونس مخيون التقى بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لتنسيق المواقف حول مواد الهوية الإسلامية، لا سيما المادتين الثانية والثالثة، مشيرًا إلى أن شيخ الأزهر أبلغ مخيون أن مواقف الأزهر في لجنة الدستور تنطلق مع إيمانه بأنه يمثل الإسلام ووسطيته ليس في مصر فقط، بل في العالم الإسلامي أجمع. ولفت إلى أن الطيب أكد له أن ممثلي الأزهر أعلنوا موقفهم داخل اللجنة ويتمثل في رفض التعديل.
وأشار إلى أن شيخ الأزهر لديه قناعة بأن "استبدال المسيحيين واليهود بغير المسلمين يفتح الباب أمام دخول آلاف الملل والنحل والديانات الوضعية إلى مصر، بالإضافة إلى فتح الباب على مصراعيه أمام المد الشيعي في مصر".
وأفاد المصدر بأن هذه من المرات النادرة التي تتفق وجهتا نظر الأزهر والدعوة السلفية في مصر حول أمر واحد، "فالأزهر لا يتفق مع السلفيين في ما يخص المادة 219 المفسرة للمادة الثانية، التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة.
مثليون وملحدون وعبادة بقر
يتخوف السلفيون من أن يطغى عليهم أعضاء لجنة الخمسين، التي يغلب عليهم الطابع الليبرالي والعلماني، ويهددون بـ"الحشد لرفض الدستور" في حالة تعديل المادة الثالثة، بحسب ما قاله ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية.
وقال الشيخ محمد المنشد، النائب السابق بمجلس الشعب، لـ"إيلاف" إن الصياغة المقترحة للمادة تهدد السلام الإجتماعي في مصر، وتفتح الباب أمام الديانات غير السماوية وعبادة البقر والحجر، وعودة عبادة الأصنام، بالإضافة إلى السماح للشيعة والبهائيين والملحديين بممارسة طقوسهم، وإستفزاز المصريين سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين. ونبّه إلى أن تعديل هذه المادة مضاره أكثر من منافعه، "ويجب الإبقاء عليها كما هي عملًا بالقاعدة الفقهية القائل "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
وإنتفضت الجماعة الإسلامية، وحزبها البناء والتنمية، ضد المقترح الجديد معتبرة أنه يبيح زواج الابن بأمه والأخ بأخته. وقالت في بيان لها: "تعديل المادة بإضافة عبارة غير المسلمين بدلًا من المسيحيين واليهود يعني أنه يحق لكل من له شريعة تبيح زواج الابن من أمه أو الأخ من أخته أو تسمح بزواج المثليين أن تكون لهم تشريعاتهم التي تعبر عن ذلك، طالما كانوا من غير المسلمين".
وأضاف البيان: "هذا التعديل يعني أيضًا وجود قوانين منظمة للأحوال الشخصية الخاصة بالفئات الإلحادية أو الإباحية أو عبدة الشيطان وهو ما يمثل عدوانًا على القيم الدينية والأخلاقية". ووصفت الجماعة التعديل المقترح بالكارثة الجديدة التي تلقيها لجنة الخمسين في وجه الشعب المصري، رغم اعتراض ممثلي الأزهر عليها، "فهذه اللجنة لا تلتفت إلى القيم الدينية والأخلاقية التي يؤمن بها الشعب المصري".