أخبار

إقرار أول فصول الدستور الجديد يبشر بانتصار مدني

برلمان تونس يرفض اعتبار الإسلام مصدر التشريع الأساسي

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

صادق المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان) السبت على الفصول الأولى من الدستور الجديد للبلاد، رافضًا في الوقت نفسه مقترحات بتضمين الدستور نصًا يعتبر الإسلام "المصدر الأساسي" للتشريع.

تونس: أبقى المجلس ضمن الدستور الجديد على الفصل الأول من دستور 1959 (أول دستور بعد الاستقلال)، الذي يقول إن "تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها". وأضاف إليه عبارة "لا يجوز تعديل هذا الفصل". ووافق المجلس السبت على 15 فصلًا من الدستور الجديد.

واقترح نائبان التنصيص ضمن الفصل الأول من الدستور الجديد على أن "الإسلام" و"القرآن والسنة" مصادر "أساسية" للتشريع في تونس، لكن غالبية نواب المجلس صوّتوا ضد اقتراحيهما.

وكانت حركة النهضة الإسلامية الحاكمة وصاحبة غالبية المقاعد في المجلس التأسيسي (90 مقعدًا من إجمالي 217) طالبت في 2012 بتضمين الدستور نصًا يعتبر الشريعة الإسلامية مصدرًا أساسيًا من مصادر التشريع في تونس. وقوبل مطلب الحركة وقتئذ بمعارضة شديدة من منظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة العلمانية، التي اتهمت النهضة بالسعي إلى إقامة دولة "دينية" في تونس.

وفي آذار/مارس 2012 أعلنت حركة النهضة تخليها عن هذا المطلب، وموافقتها على مقترح من المعارضة بالإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959 من دون تغيير. ويقول الفصل الثاني من الدستور الجديد إن "تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون. لا يجوز تعديل هذا الفصل".

علمانية مهددة
وكانت المعارضة العلمانية، التي ترى أن مدنية الدولة في تونس أصبحت "مهددة" منذ وصول حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم في نهاية 2011، أصرّت على تضمين هذا الفصل في الدستور.

وتقول المعارضة إن حركة النهضة لا تؤمن بمدنية الدولة، وإن لها مشروعًا "خفيًا" لإقامة دولة "خلافة" إسلامية في تونس، وذلك منذ أن تحدث حمادي الجبالي الأمين العام للحركة عن "خلافة راشدة سادسة". ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2011 قال حمادي الجبالي لأنصار حزبه خلال تجمع أقيم في ولاية سوسة (وسط شرق) "يا إخواني أنتم الآن أمام لحظة تاريخية، أمام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة إن شاء الله في الخلافة الراشدة السادسة".

وصادق المجلس التأسيسي على الفصل السادس من مشروع الدستور، الذي أثار جدلًا استمر أشهرًا، لأنه يُلزم الدولة في آن واحد بضمان "حرية المعتقد والضمير" و"حماية المقدسات". ويقول هذا الفصل إن "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي".

وصوّت معظم النواب ضد مقترحات بحذف حرية الضمير من الفصل السادس. وطالب أزاد بادي النائب عن "حركة وفاء" (حزب قريب من الإسلاميين) بحذف حرية الضمير من الدستور، معتبرًا أنها قد تعطي "عبدة الشيطان والأصنام" حرية إقامة طقوسهم ونشر أفكارهم في تونس، التي يدين شعبها بالإسلام.

حرية الضمير جوهر
وقال إياد الدهماني النائب عن الحزب "الجمهوري" (يسار وسط) إن "من يدعو إلى إلغاء حرية الضمير يريد أن يعيدنا إلى صفحات سوداء في تاريخ الإنسانية، وإلى محاكم التفتيش، التي كانت تفتش في ضمائر الناس". وأضاف إن "حرية الضمير هي جوهر (بقية) الحريات".

ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة) في بيان السبت المجلس التأسيسي إلى "رفع الضبابية، وبالتالي الخطورة التي يكتسيها الفصل السادس من الدستور". ولاحظت أن هذا الفصل "يعطي للدولة الحق في رعاية الدين وحماية المقدسات، ما يمكن أن يؤدي، بتأويلات معينة، إلى تهديد المواطنة وركيزتيها: المساواة والحريات".

أضافت "المطلوب تغيير الدين بالأديان، وحذف عبارة حماية المقدسات، وإفراد فصل خاص يقرّ بحرية الضمير والدين والمعتقد".
واعتبرت أن الفصل السادس بصيغته الحالية "لا يضمن الحياد الفعلي للمساجد عن التجاذب السياسي". وكانت أحزاب معارضة طالبت بتضمين الدستور نصًا يفرض تحييد المساجد عن "التوظيف الحزبي والسياسي".

وتنص الفصول الأخرى على موضوعات أخرى، مثل الخدمة العامة للمصلحة العامة وتقسيم متوازن للثروات الوطنية وأيضًا عن العائلة كخلية أساسية في المجتمع. وليلة الجمعة - السبت صادق المجلس على توطئة الدستور التي تشتمل على 6 فقرات.

تزوير ولجنة توافقات
وفي الأول من حزيران/يونيو 2013 نشر المجلس التأسيسي على موقعه الالكتروني نسخة "نهائية" من مشروع الدستور. وفي حينه رفضت المعارضة تلك النسخة، واتهمت حركة النهضة بـ"تزوير" النسخة الأصلية من مشروع الدستور، وتضمينها فصولًا قالت إنها تمهّد لإقامة دولة "دينية".

وفي 18 حزيران/يونيو 2013 أنشأ المجلس التأسيسي "لجنة توافقات" التي مهمتها تحقيق توافق واسع بين المعارضة وحركة النهضة حول المسائل الخلافية الرئيسة في مشروع الدستور. وتعطلت أعمال اللجنة بعد دخول تونس في أزمة سياسية حادة إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو 2013.

وصاغت اللجنة أخيرًا مسودة جديدة للدستور، ضمّنتها العناصر "التوافقية" التي تم التوصل إليها. ولا ينص "النظام الداخلي" للمجلس التأسيسي على وجود لجنة توافقات فيه. والخميس صوّت المجلس خلال جلسة عامة على إدخال تعديل على نظامه الداخلي أحدث بموجبه "لجنة التوافقات حول مشروع الدستور".

تتمثل مهام اللجنة في "النظر في المسائل الخلافية بخصوص مشروع الدستور واقتراح التعديلات الضرورية وإضافة فصول بتوافق أعضائها". وبحسب التعديل، تكون توصيات لجنة التوافقات "ملزمة للكتل (النيابية في المجلس التأسيسي) بمختلف تياراتها السياسية والمجموعات الممثلة بها".

ويفترض الانتهاء من المصادقة على الدستور قبل 14 كانون الثاني/يناير الحالي، تاريخ إحياء الذكرى الثالثة للإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقد تم رفع جلسة السبت عند الساعة 23:00 (22:00 ت غ). ومن المقرر استئنافها الأحد عند الساعة 09:00 ت غ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف