أخبار

حليف الأمس يجر رئيس الحكومة للقضاء

تهريب الأموال خارج المغرب يضع بنكيران في ورطة

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قرر حزب الاستقلال المغربي المعارض، رفع دعويين قضائيتين ضد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في رد على الاتهامات التي وجهها هذا الأخير لقياديين من حزب الاستقلال بتهريب أموال إلى الخارج، ما ينبئ بتسخين الأجواء بين حليفي الأمس القريب.

أيمن بن التهامي من الرباط: ينتظر أن ينتقل الصراع بين الاستقلال (حزب محافظ) وعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية (حزب بمرجعية إسلامية يقود الائتلاف الحاكم)، من "الفضاء السياسي والحزبي" إلى ردهات المحاكم، بعد أن قرر الاستقلال رفع دعويين قضائيتين ضد رئيس الحكومة، إثر اتهامه، خلال جلسة المساءلة الشهرية في البرلمان، قيادات الحزب بتهريب الأموال إلى الخارج.

واتهم بنكيران خلال جلسة المساءلة الشهرية الثلاثاء الماضي بمجلس النواب بعض قيادات حزب الاستقلال -لم يحددها بالاسم- باقتناء شقق في باريس بطريقة غير شرعية، وبتهريب الأموال إلى خارج البلاد.

وأعلن بنكيران أنه يتوفر على معطيات تتهم متورطين في تهريب أموال خارج المغرب، رفض الكشف عن أسمائهم رغم إلحاح برلمانيين من حزب الاستقلال خلال تلك الجلسة.

وفي هذا الإطار، أصدر حزب الاستقلال بيانًا الجمعة اتهم فيه رئيس الحكومة "باحتضان الفساد والتستر عليه"، بسبب ما اعتبره إصراراً من قبله على "رفض نشر لوائح مهربي الأموال إلى خارج البلاد".

ووصف الحزب اتهامات بنكيران بأنها "ابتزاز يسعى من خلاله رئيس الحكومة التغطية على فشل حكومته، والسياسات اللاشعبية التي قررتها وتقررها".

لهذا ذهب الاستقلال للمحكمة؟

صعّد المحافظون مستوى صراعهم مع عبد الإله بنكيران بتحريك ورقة المتابعة القضائية، بعد الاتهامات الخطيرة التي صدرت عن رئيس الحكومة في مجلس النواب.

ومن المتوقع أن يضع الاستقلال، بداية الأسبوع، شكايتين، الأولى بإسم الحزب، والثانية باسم وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو، التي جرى التلميح إلى ما ينشر إعلامياً بخصوص امتلاكها شقتين فاخرتين بباريس في فرنسا، وربطها باحتمال إخراجها الأموال من المغرب بطريقة غير قانونية.

وفي هذا الإطار، قال عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، "نحن قررنا الذهاب للمحكمة لخلق سلوك تخليق الحياة السياسية والعمل السياسي"، وزاد مفسراً: "اليوم يجب أن يتحمل القضاء مسؤوليته في ما يتعلق بهذا النوع من التدني في الممارسة السياسية. نحن نقبل المواجهة السياسية والصراع السياسي بالأدوات النظيفة، أما توظيف الموقع الدستوري لتحقيق مكاسب انتخابية، فهذا لن يكون على ظهر حزب الاستقلال".

عمق الديمقراطية في خطر

وأكد عادل بنحمزة لـ"إيلاف"، أن "هناك مشكلة كبيرة تمس عمق الديمقراطية، إذ لا يمكن لمنصب رئيس الحكومة أن يتحول إلى أداة حزبية للتهديد والابتزاز السياسي وتوجيه التهم، دون تقديم أدلة. فرئيس الحكومة عندما يتكلم عن الفساد ويتهم هيئة سياسية ومناضلين بتهريب الأموال إلى الخارج يجب أن يحرك متابعة قضائية في الموضوع".

وأضاف القيادي السياسي: "رئيس الحكومة لم يفاجئنا لأنه بقي وفيًا لأسلوبه وثقافته التي تمنعه من أن يكون رئيس دولة ويمارس مهامه التي يخولها له الدستور، وبالتالي هو لا يريد الخروج من الزمن الانتخابي فقط لأنه لا يملك الكفاءة لتدبير أمور الدولة، لا من موقع رئاسة الحكومة ولا على مستوى الفريق الذي ينتمي إليه".

شكاية أخرى ضد بنكيران

أعادت اتهامات رئيس الحكومة إحياء النقاش الدائر حول تهريب الأموال إلى خارج المغرب، حيث قررت الشبكة المغربية لحماية المال العام وضع، بداية الأسبوع، شكاية لدى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط، ضد عبد الإله بنكيران بخصوص ما تضمنه تصريحه في البرلمان.

وقال محمد المسكاوي، المنسق الوطني للشبكة المغربية لحماية المال العام، إن "تصرف رئيس الحكومة غير مسؤول، باعتبار أنه يدخل ضمن جريمة التستر"، مشيرًا إلى أنه "من المفروض من رئيس السلطة التنظيمية والرجل الثاني في الدولة، في حالة وجود ملفات خطيرة من هذا الحجم، أن يحيلها بطريقة مباشرة على القضاء، سواء كان المعني بالأمر قيادة سياسية أو أي شخص آخر، خاصة أن المغرب من المصادقين على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد".

وأضاف محمد المسكاوي، في تصريح لـ"إيلاف": "لا يمكن أن يتم التعامل بانتقائية أو بالتهديد، فمكافحة الفساد في المغرب ليس مجالاً للمزايدة السياسية، وهو بند جاء في برنامج الحزب الحاكم، وفي البرنامج الحكومي، وبنيت عليها مطالب حركة 20 فبراير"، وزاد مفسرًا "تحول هذا البند إلى ما يشبه كرة المضرب ما بين الأغلبية والمعارضة شيء يأسف له".

وقال المسكاوي: "يجب أن تأخذ المسطرة القضائية طريقها العادي، وعلى هذا الأساس سنضع شكاية لدى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الرباط من أجل فتح تحقيق في تصريحات رئيس الحكومة، باعتباره أولاً مؤسسة رسمية، وقال هذا الكلام في مؤسسة رسمية".

لا فائدة

رغم انشغال الرأي العام بالفصل الأخير من الصراع الدائر بين الاستقلال وبنكيران، إلا أن صقور العدالة والتنمية يتعاملون بنوع من الاستخفاف من ردة فعل الاستقلاليين.

فعبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، أكد في تصريح لـ"إيلاف" أن "رفع دعوى على رئيس الحكومة لن تكون لها أي نتيجة، لأنه لابد من مستمسك. فرئيس الحكومة أحال على نقاش عمومي، إذ أن القضية رائجة بين جمعيات حماية المال العام"، مبرزًا أن "هدف الاستقلاليين هو إرهاب النقاش ومنع النقاش العمومي المتعلق بشفافية ونزاهة الطبقة السياسية".

وأوضح عبد العزيز أفتاتي أن "البعض يحاول أن يلجأ للتدليس، على اعتبار أن هذا النقاش مجال حصري للقضاء وهذا غير صحيح. هذا نقاش وسجال عمومي سياسي ويتعلق بالشفافية والنزاهة للطبقة السياسية. ونحن سنستمر في النقاش ولن يرهبنا أحد بالتهديد بالقضاء".

وأضاف "ليس المراد قمع العدالة والتنمية لوحدها، بل قمع حتى الإعلام أيضًا حتى لا يتجرأ على تغطية هذه النقاشات، ثم الدخول في تحقيقات واستطلاعات تتعلق بالموضوع".

حليف الأمس... عدو اليوم

منذ انتخاب حميد شباط أمينًا عامًا للاستقلال، توترت العلاقة بين الاستقلاليين والعدالة والتنمية، وهو ما انعكس على التحالف الحكومي الذي يحافظ على تماسكه لفترة طويلة.

فبعد مواجهات ساخنة بين شباط وبنكيران داخل اجتماعات الأغلبية، وتجاهل رئيس الحكومة مذكرة التعديل الحكومي التي تقدم بها الاستقلال، قرر هذا الأخير الانسحاب من الحكومة، وهو ما أدخل المغرب في حالة فراغ سياسي لمدة طويلة، قبل أن يتمكن بنكيران من تشكيل الحكومة في نسختها الثانية، بعد انضمام التجمع الوطني للأحرار إلى فريق الأغلبية.

ومنذ اصطفافه في المعارضة ووضع يده في يد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كان الاستقلاليون من الأصوات المنتقدة بشدة لطريقة التدبير الحكومي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف