كاريكاتور للرّسول محمّد داخل البرلمان يثير زوبعة
أخذ وردّ حيال "تجريم الإعتداء على المقدسات" في دستور تونس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو أن فصل تجريم التكفير في الدستور التونسي الجديد لم يرضِ كثيرين، فقد قام بعضهم بتسريب صورة كاريكاتورية للرسول محمد داخل قبة البرلمان، واستغلالها للدعوة إلى تجريم المس بالذات الالهية ومقدسات المسلمين.
مجدي الورفلّي في تونس: أثار تداول صورة وصفت بالمسيئة للذات الإلهية والرّسول محمّد والقرآن الكريم على فايسبوك، جدلاً داخل أروقة المجلس التأسيسي (البرلمان) في تونس بعد أن قام أحد النوّاب بطباعتها وتوزيعها على زملائه داخل جلسة عامّة في الوقت الذي تتمّ فيه المصادقة على دستور البلاد الجديد، ممّا أثار بلبلة ومطالب بالتصدّي لمثل هذه الممارسات عبر تحجير المس بـ"المقدّسات الإسلامية" في الدّستور.
واحتج عدد من النوّاب في المجلس الوطني التأسيسي، أواخر الأسبوع، خلال جلسة عامة مخصّصة لانتخاب أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات على الصّورة الكاريكاتورية المنشورة على فايسبوك، معتبرين أنّها عمل مشين فيما إعتبر نوّاب الكتلة الديمقراطيّة (معارضة) أنّ هذه الفوضى ردّ على تحجير التّكفير وحرّيّة الضمير اللذين نصّ عليهما الدّستور الجديد للبلاد.
رئيس المجلس، مصطفى بن جعفر اعتبر أنّ الرد على مثل هذه الأعمال يكون بالمضي قدماً في العملية الديمقراطية، وأن مثل هذه الممارسات مؤامرات يعمد إليها أنصار الثورة المضادة لتعطيل وإفشال المسار الانتقالي، كلما تم تحقيق تقدم في إنجازه، وذلك في محاولة منه للسيطرة على حالة الفوضى التي عمّت البرلمان بسبب تفاعل النواب مع الحادثة.
توقيعات لتحجير الإساءة
أعلن نواب (تيار المحبة) بالمجلس التأسيسي أنهم انطلقوا في حشد التوقيعات على عريضة لإعادة تعديل الفصل 6 من الدستور بإضافة "ويحجر بوجه خاص الإساءة للذات الإلهية وللقرآن الكريم ولشخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم"، كردّ على الصّورة المسيئة التي تم توزيعها داخل المجلس التأسيسي.
واعتبر النوّاب المساندون للتّعديل أن هذه الإضافة ضرورية لإضفاء توازن على الدّستور وللحفاظ على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والهوية الحضارية للشعب التونسي، فيما رأى النّواب المناهضون للفكرة أن العمليّة برمّتها تتنزّل في إطار الردّ على تحجير التّكفير في الفصل 6 خاصّة انّه قد تمّت الإشارة إلى حماية المقدّسات بصفة عامّة في الدّستور.
حماية المقدّسات
النّائب عن تيّار المحبّة أيمن الزّواغي قال خلال لقاء مع "إيلاف": "بعد تداول الصّور المسيئة للذّات الإلهيّة والقرآن أصبحنا نرى أن تجريم مثل هذه الإعتداءات ضرورة ملحّة جدًّا خاصّة مع وجود هذه المساحة من الحريّة التي يتم إستغلالها لإستفزاز مشاعر الشّعب التونسي الدينيّة".
يتابع النّائب: "هذا الدّستور يمنح حق الإرتداد عن الدّين الإسلامي في حين أن هذا مخالف لتعاليم ديننا وحجّر التّكفير، ووافقنا، ونحن نطالب في المقابل بحماية مقدّساتنا الإسلاميّة، فالدّستور ينص على تحجير الإعتداء على المقدّسات في المطلق ونحن نريد تعديل الفصل بإضافة تحجير الإعتداء بوجه خاص على الذّات الإلهية والقرآن الكريم وشخصيّة الرّسول".
أضاف الزّواغي: مازلنا نجمع التّوقيعات وهناك إمضاءات من داخل حركة النّهضة ولكن الكتلة ككل لم تحدّد بعد موقفها، كما أمضى عديد نوّاب الكتل الأخرى كحركة وفاء وكتلة المؤتمر من اجل الجمهوريّة (حزب الرّئيس المرزوقي) وعديد المستقلّين.
سنرى عديد الإساءات
من جانبها أكّدت النّائبة عن حركة النّهضة الإسلاميّة منية براهيم لـ"إيلاف" أنّ "حركة النهضة لما طرحت تعديل الفصل السادس والتنصيص على تحجير التكفير قدمت مقترحًا للجنة التوافقات بفصل متوازن يضم تحجير التكفير والمساس بالمقدّسات ليكون الدستور حاميًا لكل المعتقدات ولا يميل لإحدى الكفّتين، ولكن للأسف الشّديد الأطراف الاخرى رفضت مقترحنا وأصرّت على تحجير التكفير ووافقنا في إطار دفع التوافقات".
تضيف النّائبة المساندة للتّنصيص على تحجير "الإساءة بوجه خاص على الذّات الإلهية والقرآن الكريم وشخصيّة الرّسول": "رأينا مباشرة تأثيرات تحجير التّكفير، وما حدث من إساءة للذات الإلهية والرّسول، وسنرى في المستقبل عديد الإساءات من هذا القبيل".
وتذهب براهيم إلى أنّه بتحجير التّكفير يجب إضافة منع الإعتداء على المقدّسات لتحقيق التوازن وإرضاء كل فئات الشّعب التّونسي الذي لن يرضى بجرح مشاعره الدينيّة في كل مرّة، على حدّ تعبيرها.
ردّ على منع التّكفير
في المقابل، يرى النّائب عن المسار الدّيمقراطي (يسار وسط) سمير بالطيّب خلال لقاء مع "إيلاف" أنّ حماية المقدّسات موجودة وتحميها الدّولة ولا توجد أي فائدة في إضافة تعديل عبر تحديد دقيق آخر في نفس السّياق حتى لا يصبح الدّستور مليئًا بالتفاصيل الصغيرة.
وإعتبر بالطيّب أن مقترح إضافة تحجير "الإعتداء بوجه خاص على الذّات الإلهية والقرآن الكريم وشخصيّة الرّسول" ردّ على إدراج منع التّكفير في الفصل 6 من الدّستور والمزايدة عليه.
وأُدخل على الفصل 6 من الدستور تعديل ينصّ على "يُحجَّرُ (يمنع) التكفير والتحريض على العنف"، وذلك بعد إعلان منجي الرحوي القيادي في الجبهة الشعبية (ائتلاف لأكثر من 10 أحزاب يسارية) إصدار تكفيريين فتوى دينية بقتله خلال 48 ساعة.
وينصّ الفصل 6 من دستور تونس المقبل بعد تعديله على أنّ "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، يُحجَّرُ التكفير والتحريض على العنف".
وصوّت على الفصل في صيغته المعدلة 131 نائبًا من أصل 182 شاركوا في عملية الاقتراع، فيما صوت ضده 23 وتحفّظ 28 نائبًا.