72 ساعة حاسمة وسيناريوهان متوقعان
الجزائر تسير نحو الاستحقاق الرئاسي على رمال متحركة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يسير مستقبل الجزائر السياسي على رمال متحركة، مع عودة عبد العزيز بوتفليقة إلى مشفاه الباريسي، رغم التأكيد على أنه بخير.
الجزائر: على نقيض ما يختلج به الشارع السياسي المحلي، صرّح الوزير الأول عبد المالك سلال بلهجة موقنة: استدعاء الهيئة الناخبة سيتم، والجزائريون سيذهبون للاقتراع في كنف الهدوء. ولم يظهر سلال ارتباكًا مما قد يترتب عن تأخر رجوع الرئيس من تداعيات على راهن بلاده السياسي، مبرزًا أن الوضع الصحي العام لرئيس الجمهورية يتحسن بصفة مؤكدة وبالتدريج.
لا ارتباك ولا مزايدة
وأعلن وزير العدل الجزائري الطيب لوح أن التحضير للإنتخابات الرئاسية القادمة تسير بطريقة عادية، رافضًا كل ما يروّج عن مختلف الموانع التي قد تحول دون الالتزام بنص الدستور، بخصوص آجال استدعاء الهيئة الناخبة، ومن ذلك مسألة صحة الرئيس وعدم قدرته على اضطلاعه بمهامه كما ينبغي.
وأشار الوزير إلى أن بوتفليقة سيصدر في الأيام القليلة القادمة مرسومًا رئاسيًا يعيّن فيه أعضاء اللجنة المشرفة على الانتخابات التي تتكون من ثلاثمائة قاض، مضيفًا: "للجمهورية قوانين تطبق والكل يخضع لها، ولا أحد يزايد علينا في هذا المجال".
بيد أن وزير سابق على صلة بما يحدث في الكواليس، أسرّ لـ"إيلاف" أن وضع بوتفليقة صحي كارثي، ما أجبر فريقه الطبي على نقله بشكل استعجالي إلى فرنسا ليلة الأحد الماضي - وليس الاثنين برواية وكالة الأنباء الرسمية.
ويضيف الوزير ذاته، طلب عدم نشر اسمه: "خلافًا للهالة الرسمية ومحاولة إسباغ الطابع الايجابي على صحة الرئيس، فإنّ الأخير ظلّ مريضًا جدًا، ما يفسر انتقاله إلى القصر الرئاسي في مناسبتين خلال ستة أشهر، مرة لترأس مجلس وزراء والثاني لتوقيع قانون الموازنة الجديد".
ويشير إلى أن إصرار السلطة على القول إن بوتفليقة بخير بعد ثمانية أشهر من النقاهة صار يقلق أكثر مما يريح مواطنيه، ولا يستبعد مصدر "إيلاف" أن يتم إعلان عجز الرئيس الحالي عن إكمال ولايته الحالية، وفقًا لما تنص عليه المادة 88 من الدستور.
الآجال تنقضي الأحد
يؤكد المحامي الجزائري البارز مقران آيت العربي أن آخر أجل لاستدعاء الهيئة الانتخابية تحسبًا للانتخابات الرئاسية للربيع المقبل محدّد بتاريخ الأحد 19 كانون الثاني (يناير) 2014، بحسب ما تنص عليه أحكام القانون الانتخابي. ويعني هذا إبطالًا لما ذهب إليه عموم القانونيين بأنّ عدم توقيع مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية المرتقبة في شهر نيسان (أبريل) القادم الجمعة 17 كانون الثاني (يناير) سيعني الخروج عن مقتضيات الدستور، وما سيفرزه ذلك من وضع مستقبل البلد السياسي في خانة الاستثناء.
ويشير آيت العربي، الذي سبق له الترافع في عديد المحاكمات المثيرة، إلى أن الولاية الحالية لبوتفليقة تنقضي في 19 نيسان (أبريل) القادم، وليس السادس عشر من الشهر ذاته، اعتبارًا لأنّ بوتفليقة بدأ ولايته الثالثة في 19 نيسان (أبريل) 2009.
والمعلوم أن استدعاء الهيئة الانتخابية يجب أن يتم خلال 90 يومًا تسبق الانتخابات، وتنص المادة 25 من القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي أنه مع مراعاة الأحكام الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون العضوي، تستدعى الهيئة الانتخابية بمرسوم رئاسي في غضون الأشهر الثلاثة التي تسبق تاريخ إجراء الانتخابات.
ويؤيد مصطفى فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الانسان ما ذهب إليه آيت العربي، بالقول: "ما زلنا ضمن آجال استدعاء الهيئة الانتخابية، فانتخابات الرئاسة تجري في ظرف الثلاثين يومًا السابقة لانقضاء مدة الفترة الرئاسية المقدّرة بخمس سنوات، على أن يكون لطالبي الترشح للانتخابات أجل 45 يومًا لايداع ملفاتهم على مستوى المجلس الدستوري الذي سيبت في صحتها او عدمها في ظرف عشرة ايام".
وبناء على ما تقدّم، يتوقع قسنطيني وآيت العربي أن يقام الاقتراع الرئاسي يوم الخميس 17 نيسان (أبريل) المقبل، ويؤشر هذا على أن دوائر القرار عازمة على إجراء انتخابات من دور واحد.
بوتفليقة الحدث
يقرأ أتباع رئيس الوزراء السابق علي بن فليس، المرشح القوي لانتخابات الرئاسة المقبلة، أن الذي يحدث وفي هذا التوقيت تحديدا يروم إلى إبقاء بوتفليقة الحدث الأوحد في البلاد. وتشير زينب خطابي، إحدى المؤيدات لبن فليس، إلى أن تزامن عودة الرئيس وكذا الامضاء المحتمل لاستدعاء الهيئة الناخبة هذا الأحد، يهدف إلى جعل إعلان بن فليس ترشحه في اليوم ذاته حدثًا بلا وقع ولا تأثير، وإلاّ لماذا جرى نقل بوتفليقة إلى باريس طالما أن وضعه في تحسن وحالته لا تستدعي أي استعجال؟
بيد أن إدارة الحملة الدعائية لبن فليس نقلت تأكيده أنّه لا يأبه بما يحدث، وسيترشح في غضون 72 ساعة القادمة، في خطوة تأتي لتشتت حسابات من يديرون ملف بوتفليقة الصحي.
في سياق متصل، يذهب حسن آيت واعلي إلى أن عدم تقبّل الرئيس بوتفليقة لعودة بن فليس بقوة إلى الواجهة والضغط المفروض عليه لدفعه إلى ولاية رابعة وراء تدهور وضعه الصحي، علمًا أن محيط الرئاسة ظلّ يحذر من كون بن فليس الذي حلّ ثانيًا في رئاسيات 2004 عاد للانتقام، لكن بن فليس كذب ذلك بتأكيده: "عدت للإصلاح".
قلق العنف
عن السيناريوهات الممكنة، يقول الوزير السابق علي يحيى عبد النور (93 عامًا) عميد محاميي الجزائر: "أنا قلق للغاية، لأنّ النظام السياسي منذ استقلال البلاد في الخامس تموز (يوليو) 1962 جنح إلى العنف، وتعامى عن الحوار، لذا لا يستبعد علي يحيى إمكانية حدوث عنف حتى تقصي عصبة في الحكم غريمتها".
ويتصور علي يحيى أن الجزائر أمام سيناريوهين: "الأول ينتصر لمسار انتخابي يتوّج مرشح السلطة رئيسًا للبلاد، أما الثاني فيقوم على مرحلة انتقالية تشرف عليه لجنة من خمسة عشر شخصًا يتولون تحضير المراجعة الدستورية وتنظيم انتخابات أخرى، ويفتح صاحب كتاب جذور الأزمة الأمازيغية قوسًا للتأكيد أن بوتفليقة إن تمكن من استرجاع إمكاناته الصحية سيستمر في الحكم لسنتين إضافيتين، وسيتم تبرير ذلك للجزائريين على أن بوتفليقة هو من أسعدهم بعد الفتنة الدموية التي قضت على الأخضر واليابس".