أخبار

عاد وأكد قائلا:الدم الدم... الهدم الهدم

قراءة في كلمة البغدادي ورسائل من تحت الكلمات لمشايخ سعوديين

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مضى على الصراع بين الفصائل المقاتلة في سوريا أيام عدة، سقط فيها مئات القتلى والجرحى، واستعملت فيها شتى صنوف الحرب بما في ذلك المفخّخات والتفجيرات الانتحارية، فماذا أراد بعد كل ذلك أن يقول زعيم دولة الإسلام في العراق والشام أبو بكر البغدادي؟ ولمن كانت رسائله المبطنة في كلمته الصوتية المبثوثة البارحة؟

الرياض: في هذه الأثناء ربما تكون القضية الأولى لدى السعوديين المهتمين بشؤون القتال في سوريا هي قضية "داعش" وما حولها وما فيها، حتى كاد يجمع على ذمّ منهجها يمين الساحة الفكرية السعودية ويسارها والطيف الواسع بينهما.

خطاب البغدادي الذي قُدم له على أنه من أمير المؤمنين، جاء تبريرياً في مجمله، ولكن الأهم فيه قد يكون في محورين اثنين.
أول هذين المحورين هو اللغة الحادة التي استخدمها ضد من خلع عليهم مصطلحات شرعية "تكفيرية" وإن بشكل مبطن يعرف مغزاه من تتبع خطاب المنهج التكفيري وخصوصاً في وقت الامتحانات السياسية والجماهيرية، كالأدعياء والمنافقين والمتسترين والمتوارين خلف الإسلام.
وهذا الأمر لن يكون مفهوماً إلا إن ربط بالحملة المكثفة التي يقودها مشايخ ورجال دين سعوديون ضد تنظيم البغدادي في شتى وسائل الإعلام المتاحة.
إذ يقول البغدادي في جزء من كلمته التي كتب بجانب عنوانها بأنها من (مولانا أمير المؤمنين) لجنوده "لا تهولنّكم الحملة الشرسة ضد الدولة؛ فإن الله عز وجل ينصر جنده، ويدافع عن الذين آمنوا، ولا تروعنّكم عظم الفرى والتهم وما تواطأ عليه أعداء الإسلام وتواصوا به ضدكم؛ فإن الله عز وجل يعلم المفسد من المصلح، ويعلم المجاهد من المدعي، ويعلم الصادق من الكاذب، ويعلم المخلص من المنافق".
والمحور الثاني تجلى في عرض الصلح ولكن دون أن يشير إلى أي من الشروط التي طلب الفرقاء تنفيذها منه خصومه ومن أهمها إلغاء مسمى الدولة والعودة لحجمه كفصيل قتالي والإذعان لمحاكم شرعية تشكلها جميع الفصائل الإسلامية، وغيرها من الشروط.
وبالعودة للمحور الأول يمكن القول إن الشهادات الأخيرة من رجال دين سعوديين عرفوا بدعمهم اللامحدود للثورة السورية وفصائلها المقاتلة بما فيها تنظيم "داعش"، هبطت بأسهم التنظيم كثيراً في سوق التجنيد والدعم المالي، خصوصاً وأنه أكثر فصيل يعتمد غالباً على المقاتلين الأجانب، ويحتل السعوديون الترتيب الثاني في صفوفه بعد الجنسية الأردنية بحسب تقارير دولية.
وكان على رأس رجال الدين المعارضين لتنظيم البغدادي سليمان العلوان المعتقل حديثاً من السلطات السعودية، إذ أكد في رسالة له أن "البغدادي ليس خليفة للمسلمين حتى يفعل الأفاعيل، بل هو قائد جماعات، إما إنه يطلب البيعة من الآخرين وإذا ما بايعوا قاتلهم فهذا من عمل البغاة وليس من عمل أهل الخير والصلاح".
ونقل أحد طلبة العلوان عنه قولاً إنه لا يعرف عالماً شرعياً معتبراً في تنظيم البغدادي.
أما عبدالعزيز الطريفي وهو أحد أبرز رجال الدين المتصدرين حديثاً المشهد الجهادي منظراً ومفكراً، فأكد في فتوى تلفزيونية بأنه يحرم الانضمام تحت راية "داعش" ويطالب الشباب بأن يذهبوا إلى رايةٍ غيرها.
ودخل على الخط ثالث الأثافي وهو رجل الدين المعروف يوسف الأحمد الذي نشر فتوى موقعة ساق خلالها جملة من الملاحظات التي في بعضها كفر وتهمة الإفساد في الأرض ضد "داعش" بسبب رفضها تحكيماً مستقلاً.
وبالطبع تعتبر هذه الشهادات هي الأشد وقعا من سلسلة الهجمات والفتاوى التي تعرضت لها "داعش" من رجال دين آخرين، إذ اعتبروا أن من هاجمهم سابقاً مجرد عملاء كما فعلوا واتهموا رجل الدين السعودي وعضو هيئة كبار العلماء السابق عبدالعزيز الفوزان حينما حذر منهم، وكذلك فعلوا مع سعد البريك وعدنان العرعور وعمر الزيد وغيرهم.
ووفقاً لشهادات من داخل ساحات المعاركحيث يقتتل الفريقان، فإن عدداً من المقاتلين الأجانب بدأوا في الانسحاب من تنظيم "داعش"، وقالت مصادر أخرى إن القيادات بدأت إعادة تشكيل صفوفها لكي لا تسمح لصغار الجنود بالهرب وخصوصاً المقاتلين الصغار من السعودية ودول الخليج.
وتماشياً مع هذا السياق قال متابعون للشأن الجهادي هناك إن قوائم الانتحاريين الجديدة التي بدأت في دك معاقل الفصائل السورية الأخرى وحواجزها، نفذها غالباً شبان صغار من دول الخليج.
ومع هذه التحركات جاءت كلمة البغدادي التي قال في جزء منها "إن الدولة بذلت ما بوسعها لوقف هذه الحرب التي شُنت عليها من قِبَل بعض الكتائب المقاتلة، فيعلم الله ثم أنتم تعلمون: أننا ما أردنا هذه الحرب، ولا سعينا أو خططنا لها؛ لأنها في ظاهرها وما يبدو لنا: أن المستفيد الأول منها هم النصيرية والروافض، وقد أُكرِهنا عليها، وبقينا على مدار أيام ندفع بها، ونسعى لإيقافها، رغم الغدر الواضح بنا، والتعدّي السافر علينا".
هذه العبارة ربما أراد بها البغدادي من بعيد أن ينبههم إلى إعادة النظر في فتاويهم، أو على الأقل أن يتوقفوا كما فعل الشيخ عبدالله المحيسني المتواجد في سوريا ولم يعلق على هذه الأحداث إلا بدعوات للصلح، ودون أن يصدر فتوى شاملة توصل لحل المشكلة بصورة كاملة، ولكن ربما يكون المحيسني يفهم جيداً أن البغدادي سيرفضه كما رفض حكماً قضائياً أصدره قائد القاعدة وزعيمها العالمي أيمن الظواهري قبل 9 شهور.
إذ أمر الظواهري البغدادي بأن يعود لـ"ولايته المكانية" في العراق، على أن يبقى أبو محمد الجولاني (زعيم جبهة النصرة) أميراً على مقاتلي الشام، ولكن البغدادي رفض ولم ينفذ الحكم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف