أخبار

معظم العشائر تختار حضن الدولة وتفقد السيطرة لمصلحة داعش

مدنيو الفلوجة ينبذون تشددًا فرضته "القاعدة" عليهم

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بدا تذمر الناس في الفلوجة واضحًا من ممارسات "داعش" القمعية وفرضها نظامًا متشددًا عليهم كمنع الرجال ارتداء البنطال ومنع حلق لحاهم، ما نحا بعشائر عراقية عدة إلى العودة إلى حضن الدولة، إثر شعورهم بتقهقر نفوذهم هناك لمصلحة القاعدة.

بغداد: أحكم تنظيم "دولة العراق الإسلامية في العراق والشام" قبضته على مدينة الفلوجة العراقية، التي خرجت عن سيطرة الحكومة منذ أسابيع، وسحب البساط من تحت العشائر، التي كانت تنظم الأمور في غياب السلطة.

ومع اندلاع الأزمة في محافظة الأنبار، سيطر مسلحون ينتمون إلى العشائر على مدينة الفلوجة، وقاموا بطرد الشرطة المحلية هناك، ما دفع بالحكومة إلى إرسال قوات عسكرية إلى ضواحيها. وبعد تدخل جهات عديدة ومفاوضات مع وجهاء العشائر، قرر رئيس الوزراء نوري المالكي التريث باقتحامها، والسماح للعشائر بطرد المسلحين، وتشكيل حكومة محلية لتسيير الأمور في المدينة.

دولة تعرقل الدولة
واختار كبار شيوخ عشائر الفلوجة في الأسبوع الماضي خلال اجتماع تشكيل إدارة مدنية جديدة، وتعيين قائمّقام وقائد للشرطة من أهالي المدينة، لتفادي اجتياح الجيش لمدينتهم، لكن هذا القرار لم يرَ النور، إثر رفضه من قبل مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، التي باتت تهيمن على المشهد هناك.

واعتبر هذا الاجتماع الثاني لعشائر الفلوجة، الذي يفشله عناصر داعش، بعدما أفشلوا اجتماعًا سابقًا، كان أسفر أيضًا عن اختيار الوجهاء لإدارة مدنية وقائد لشرطة المدينة. فبعد الاجتماع الأول بساعات، الذي اختير خلاله قائد للشرطة، قام عناصر داعش بتفجير منزله، ما دفعه إلى مغادرة المدينة، كما قاموا باختطاف القائمّقام واحتجازه لفترة، ثم إطلاق سراحه بعد تقديمه لتعهد بترك المنصب.

وقال عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية في مؤتمر للعشائر إن "السلاح الذي تجمع في الفلوجة كبير وحديث وضخم يكفي لاحتلال بغداد". وشدد على أن "الهدف ليس إسقاط الفلوجة (...) وإنما إسقاط العملية السياسية". وتقع الفلوجة على بعد 60 كليومترًا غرب مدينة بغداد.

وقام عناصر داعش، التي شكلت هيئة شرعية ومحكمة خاصة في الفلوجة، باختطاف أربعة من وجهاء وشيوخ المدينة، الذين شاركوا في اجتماع ثالث، عقد بهدف تشكيل إدارة للمدينة، بحجة عدم دعوتهم إلى الاجتماع، وأفرجوا عنهم بعد تعهدات، وفقًا لأحد زعماء عشائر المدينة.

تريد طاعة مطلقة
وبات زعماء العشائر المناهضة للحكومة العراقية، في موقف لا يحسدون عليه، حسب ما أفاد أحدهم لفرانس برس، رافضًا كشف اسمه خوفًا من الاغتيال. وأوضح أن "عناصر داعش لا يقبلون بأي شيء نقرره، لأنهم يريدون فرض نظام معيّن، وهو الوالي والإمارة والخليفة، ويريدون أن يعمل الجميع تحت أمرتهم ونظامهم".

وأكد في الوقت نفسه أن "أهالي الفلوجة لا يقبلون بهذا التوجّه، ويريدون دولة مؤسسات وبلدية وقائمقامًا وشرطة تحميهم". وأضاف عندما "اخترنا قائمّقامًا قاموا باختطافه، وفجّروا منزل قائد الشرطة، الذي اخترناه، والآن الكل يرفض تسلم أي منصب، فكلهم يقولون (أنا أعمل، لكن من يحمني منهم)".

وأشار إلى أنه "بسبب هذا الخوف والرعب، فقدت العشائر السيطرة على المدينة، وبات عناصر القاعدة هم من يسيطرون على كل شيء"، في إشارة إلى داعش. ووجّه عناصر داعش عبر المساجد نداء، طالبين من الناس عدم ترك الفلوجة، ودعوا الشباب إلى الانخراط في صفوف تنظيمهم لقتال الجيش، كما دعوا سكان المدينة إلى تقديم الملجأ والطعام للمقاتلين، حسب ما أفاد شهود عيان من أهالي المدينة.

البنطال وحلاقة الذقن حرام
كما قاموا بإغلاق منافذ طرق المدينة بحواجز أسمنتية لمنع خروج الأهالي، الذين يرغبون في الفرار من المدينة إثر الاشتباكات الدائرة. وبحسب الزعيم العشائري، فإنهم فرضوا "أسس حكم القاعدة بإقامة الحدّ على كل من يخالفهم الرأي، والجميع بنظرهم متهم، والكل على خطأ، وهم الجهة الوحيدة التي على صواب". وتابع مؤكدًا: "لذلك نفرت الناس منهم، ولا تريدهم، وتريد دولة مدنية مؤسساتية".

كما وزع هؤلاء منشورات تمنع اختلاط النساء بالرجال في الأسواق، ومنع ارتداء بنطال من قبل الرجال، ومنعوا حلاقة الذقن، ورفع صور فنانين أو مطربين في الطرقات، وفقًا لمصادر محلية.

وقال الحاج أبو اسامة (55 عامًا) لفرانس برس "لا نريد رؤية أي مظاهر مسلحة في الفلوجة مجددًا. نحن لا نشعر بالأمان معهم"، في إشارة إلى داعش. وأضاف: " نريد عودة الشرطة، لأننا نعرفهم، ولا نعرف من هم هؤلاء المسلحون المقنعون، الذين يجوبون الشوارع".

سيفشلون
وتابع: "نريد الأمان، ولا نريد الحرب والخراب، بسبب أناس مجهولين ملثمين، حتى لو تطلب ذلك دخول الجيش". وأكد الأسدي، وهو ثاني أرفع مسؤول في وزارة الداخلية العراقية، أنهم "أرادوا للأنبار أو الفلوجة أن تكون نواة لدولة داعش الإسلامية، وضخت الأموال وجمع السلاح فيها لمدة طويلة من أجل إقامة هذه الإمارة، لكي تمتد، ولإسقاط النظام السياسي واحتلال بغداد". وتابع بثقة: "لكنهم سيفشلون، بعدما عادت معظم العشائر إلى حضن الدولة".

إلى ذلك، وصف النائب مظهر الجنابي القيادي في كتلة "متحدون" (أكبر كتلة سنية) داعش بـ"التنظيم الإجرامي والإرهابي، والإقليمي الدولي، الذي يريد لعراقنا حربًا أهلية سنية شيعية، من خلال دخولهم إلى المنطقة السنية". وتعد الفلوجة ثاني أهم مدن محافظة الأنبار، ذات الغالبية السنية، وتشترك بحدود تمتد لنحو 300 كيلومتر من سوريا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف