أخبار

بعد اقتتال الفصائل المسلحة في ما بينها وانتشار التحذيرات

بمباركة مشايخ سعوديين.. "النصرة" تحصد زرع "داعش"

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مع تزايد الهجوم والانتقادات على تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام "داعش"، في العالم عموماً والسعودية خصوصًا، انقلبت إبرة بوصلة "الجهاد" تجاه جبهة النصرة، الفرع الأصيل للقاعدة في سوريا، إذ تعمل النصرة على استثمار هذا الاكتساح الإعلامي والتأصيلي الشرعي ضد "داعش" وزعيمها.

الرياض: مع دخول تنظيم "داعش" ساحة القتال في سوريا، مُنيت جبهة النصرة بخسارة جسيمة على كل المستويات، إذ انسحب نحو ثلثي مقاتليها من صفوفها وانضموا إلى "داعش"، التي أطلقت على نفسها اسم دولة.

وبات حينها أبومحمد الجولاني زعيم النصرة في وضع حرج، وهو يرى مقاتليه الأجانب يحملون سلاحهم إلى مقرات وثكنات "داعش"، حتى ذهب الأمر بالجولاني لطلب التحكيم من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ليفض الاشتباك، وهو الأمر الذي فعله الأخير حين أمر الظواهري بعودة "داعش" إلى العراق وتبقى النصرة ممثلة للقاعدة في سوريا.
ولكن زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي رفض الأمر، وقال إنه "سيتم الأمر أو يهلك دونه".
وعلى الطرف الآخر من المشهد يبرز موقف مشايخ سعوديين كانوا إحدى أدوات الحشد الإعلامي للمشروع "الجهادي" في سوريا، ولكنهم في الأيام الأخيرة إثر الاقتتال الداخلي بين الفصائل "الجهادية" ذهبوا جميعهم تقريباً باتجاه تجريم "داعش" والتحذير منها.
وفي حين لا يعلن هؤلاء المشايخ موقفهم تجاه كل العملية "الجهادية" في سوريا نقداً ومراجعة، إلا أن أطروحاتهم في عمومها يظهر منها السكوت على الأقل عن تجربة النصرة ومنهجها القتالي والعقدي وطموحاتها المستقبلية المعلنة وغير المعلنة، إذ اكتفى كثير منهم بالهجوم على "داعش" دون سواها.
ومن ذلك، يظهر بحسب مراقبين أن أدوات النقد عند هؤلاء والتي استخدموها في هجومهم على "داعش"، لا تتعدى مسألة إنشاء الدولة وغياب الشورى وفق مقاييس أخرى عن التي أخذ بها تنظيم البغدادي.
يقول الكاتب السعودي ومدير قناة العرب الإخبارية جمال خاشقجي لـ"إيلاف" إن الصورة الآن سريالية في قمة الغرابة، ويذهب خاشقجي إلى أن مرد ذلك إلى أن هناك من يسوق للنصرة من حيث يذم "داعش" رغم أنهما سواء.
ويتابع خاشقجي وهو إعلامي تابع عن قرب عديد الحركات الإسلامية المسلحة منذ حرب الأفغان في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي قائلاً إن " شيطنة داعش مقابل تقديم القاعدة كما لو أنها وسط وتتفق مع أهل السنة والجماعة، هي بمثابة خيانة وغدر للفقه الاسلامي، وكذلك لمجتمعاتنا، فالقاعدة لا تقل سوءًا أبداً".
ويؤكد خاشقجي أن انتقاد "داعش" هو أمر جيد في حد ذاته، إنما يجب أن لا يكون على حساب تحسين الصورة الذهنية لجبهة النصرة وغيرها من فروع القاعدة التي لا تختلف منهجياً وفكرياً عنها سواء في تصغير دائرة التكفير قليلاً".
وتعمل النصرة الآن على إعادة انتشار وتموضع في الساحة الفكرية والجهادية لدى الكثير من قطاعات المتعاطفين مع فكرة "الجهاد" في سوريا، وبدأت بالفعل في إعادة نشاطاتها الإعلامية التي خفت لفترة طويلة مع اكتساح "داعش للصورة" سابقاً قبل الاشتباكات الأخيرة.
وبعيداً عن خلفيات هذا الصراع بين التنظيمين القويين ذوي الخلفية الواحدة تقريباً في المنهج الفكري والتأصيلي للقتال والمذهب، فإن أصواتاً في السعودية بدأت بالفعل تستثمر هذا الهجوم على "داعش" للتسويق من جديد لجبهة النصرة، وهي الممثل الشرعي للقاعدة في سوريا.
عن هذا الأمر يقول الباحث والمهتم في شؤون التيارات المتطرفة عبدالمنعم المشوح في حديث لـ "إيلاف"، إن "داعش والنصرة وأنصار الشريعة ولواء التوحيد وغيرها هي أوجه ومدارس واتجاهات داخل القاعدة كمذهب ، حتى وإن استقلت عن القاعدة كتنظيم فهي تتبع القاعدة كمذهب ، فداعش مثلاً التي استقلت تقريبًا عن القاعدة كتنظيم ما زالت تحتفظ وتقر بمذهبية القاعدة والرجوع إلى تأًصيلات وتقعديات جيل القاعدة الأول في اللجان الشرعية والعلمية" .
ويضيف المشوح الذي يرأس حملة فكرية تناقش أصحاب الأفكار المتطرفة على شبكات الإنترنت عن الفروقات بين التنظيمين قائلاً: "الحقيقة لا يوجد فرق ، فتنظيم القاعدة وأفرعه مارسوا جرائم كالتي تمارسها داعش وربما تزيد، ففرع القاعدة في الجزائر وأتباعه كانوا ينزلون إلى القرى ويقتلون من فيها حتى قتلوا المصلين ! في اليمن شاهدنا عملية في مستشفى، في العراق يفجرون داخل الأسواق الشعبية وفي السعودية فجروا في مجمع سكني.. ما الفرق ؟"
ويتابع المشوح: "الإرهاب والتطرف مذهب واحد وفي داخله مدارس واتجاهات حتى لا يتم خداعنا، والذي تمارسه داعش اليوم ستمارسه النصرة غداً، وعلينا توضيح الحقائق كما هي بلا مواربة، ونحن عندما نذم داعش ونغفل بقية الغلاة كأننا نسوّق لهم على أنهم الأقل ضرراً وتطرفاً، والحقيقة أنهم متساوون".
وبحسب تقارير صحفية غربية، فإن عدد السعوديين الذين شاركوا في العمليات القتالية في سوريا نحو 4000 مقاتل، فيما أعلنت السعودية منذ بدء تسرب الأنباء عن مشاركة السعوديين هناك أنها ستعتقل كل من يذهب للقتال حين عودته، وشددت على أنها ستقف ضد هذا الأمر وستلاحق من يجند الشباب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف