أخبار

أربعة نواب في المجلس التأسيسي قدّموا استقالاتهم

تململ في صفوف النهضة التونسية بسبب "التنازلات المؤلمة"

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تقول قيادة حركة النهضة الإسلامية في تونس، إن التنازلات التي قدّمتها لخصومها العلمانيين مؤخرا، مردّها الخشية على مصلحة البلاد، لكن قواعدها خاصة الشق المتشدّد، يرونها تنازلات مؤلمة تستحق الإنسحاب.

محمد بن رجب من تونس: قدم أربعة نواب من حركة النهضة استقالاتهم من كتلة الحركة في المجلس الوطني التأسيسي على خلفية ما رأوه مع عدد كبير من المنخرطين والمتعاطفين، "تنازلات مؤلمة" أدت إلى فصول مرفوضة في الدستور الجديد.

وبالرغم من محاولة قياديي حركة النهضة التقليل من شأن هذه الإستقالات واحتوائها فإنّ بعض المحلّلين يرون أنّ قادة الحركة غير قادرين على إيقاف هذه الإستقالات لأنّ الأمر يتعلق بقانون "ولادة جديدة" على علاقة بمستقبل هذا الحزب الإسلامي.

تنازلات .. فاستقالات

أقرّ عامر العريض عضو المكتب السياسي ومجلس الشورى فى حركة النهضة لـ"إيلاف" بتقديم أربعة نواب من الكتلة داخل المجلس التأسيسي استقالاتهم مشيرا إلى أنّ سبب ذلك يعود إلى التنازلات التي قدمتها حركة النهضة خلال التصويت على الدستور فصلا فصلا.

من ناحيته أشار رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي الصحبي عتيق إلى أنه اجتمع بالنواب الأربعة المستقيلين وتحاور معهم ووجد منهم كل التفهّم فكان أن علق ثلاثة منهم استقالاتهم بينما أصرّ الرابع على الإستقالة.

تصدعات

واعتبر الدكتور مصدق الجليدي أنّ استقالات نواب من حركة النهضة جاءت على خلفية رفض هؤلاء، التنازلات التي تقدمها الحركة خلال الحوار الوطني أو خلال التصويت على الدستور فصلا فصلا، فهم يريدون اتّباع خط أكثر راديكالية.

وأشار الجليدي إلى أنّ ذلك يكون أحيانا مقبولا فبعض الضغوطات أدّت إلى مراجعة بعض الفصول ومنها الفصل السادس الذي تضمن "تحجير التكفير" والذي وجد رفضا كبيرا من المنخرطين في حركة النهضة أو حتى من القريبين منها، مؤكدا أنّ بعض المجالات تتطلب توافقا فعليا من جميع الأطراف.

ووصف الدكتور الجليدي في إفادة لـ"إيلاف" هذه الإستقالات بـ"التشقّقات والتصدّعات " مشيرا إلى أنها "طفت على السطح في الفترة الأخيرة وهي ضريبة تحوّل النهضة من حركة إلى حزب".

وقال الإمام الحبيب بن الطاهر في لقاء مع نواب حركتي النهضة ووفاء "إنّ الإنسحاب أفضل من هذا المجلس الذي تديره فرنسا وأميركا"، منتقدًا ما أسماه "التوافقات تحت الطاولة".

ضغط... فتراجع

ولما أحسّت حركة النهضة بخطورة ما أقدم عليه أربعة من نوابها في المجلس التأسيسي وخوفا من "الإنفلات" وإحداث تململ يفضي ضرورة إلى استقالات أخرى، وحتى توقف هذا النزيف، أكد رئيس كتلة حركة النهضة الصحبي عتيق أنّ هناك نيّة للتراجع عن التنصيص على "تحجير التكفير" في الدستور ضمن الفصل السادس خاصة وأنّ النظام الداخلي للمجلس يتيح ذلك.

واعترف عتيق في تصريح لـ"إيلاف" بأنّ نواب حركة النهضة قد أرغموا في أكثر من مرة على التصويت على بعض التنقيحات في بعض الفصول وذلك بسبب التوافقات التي تقوم بها الحركة مع بقية الأحزاب، مشيرا إلى أنّ هذه التنازلات أحدثت نوعًا من التململ لدى بعض النواب وهو ما جعلهم يلجأون إلى تقديم استقالاتهم التي تمّ التراجع عنها بعد التفاهم الحاصل والإقتناع بالنهج الذي تسلكه حركة النهضة لمصلحة تونس.

وأوضح أنّ كتلة حركة النهضة اضطرت إلى التصويت على "تجريم التكفير" وهو نوع من الإبتزاز والضغط نتيجة تعطّل أشغال المجلس التأسيسي بعد الخطأ الذي حصل من أحد النواب، مشيرا إلى أنّ حركة النهضة تقدم التنازلات لفائدة تونس.

ولادة جديدة

وأكد الجليدي أنّ حركة النهضة "لن تفلح إلا في تأجيل الظاهرة، لأن الأمر يتعلق بقانون ولادة جديدة بما فيها من خسائر حتى يخرج المولود إلى الحياة الجديدة موفور الصحّة بالمعنى السياسي للكلمة".

أضاف: "حتى يرشد حزب ما سياسيا قد يضطر لقضم البعض من رصيده الثوري، لأن السياسة ليست إلا فنَّ الممكن وفنَّ تقديم التنازلات المحسوبة في الزمان وفي المآل، خاصة عندما يكون المشهد العام متواطئا مع القوى السياسية القديمة المضادة للثورة اجتماعيا والمتبنية لشعاراتها سياسيا، وعندما يكون الضغط الدولي، الاقتصادي منه والأمني، أقوى من طاقة احتمال أي حزب في بلد صغير كتونس".

خطوط حمراء دولية

وبيّن الجليدي أنّ حركة النهضة تتنازل في الحدود القصوى أي عندما يصبح وجودها محلّ جدل وهي بالتالي لا تسرع في تقديم هذه التنازلات.

ورأى أنها أحيانا تكون في حاجة إلى مثل تلك الضغوطات من طرف قواعدها حتى تجد مبرّرات إزاء أطراف أخرى وفسّر ذلك بنوع من "تقاسم الأدوار" أحيانا.

وأشار إلى أنّ الجهات الضاغطة لا تقبل أحيانا بغير ما تريد حتى في صورة تململ القواعد اعتبارا إلى وجود "خطوط حمراء دولية" تفرض على الجميع.

الإستقالات ستتواصل

وأكد أن حركة النهضة لن تفلح في كل مرة في القضاء على مثل هذه الإستقالات وستخسر بكل تأكيد عددا من نوابها ومنخرطيها بعد أن لبست جبة الحزب ولم تتقمّص هذه الهوية إلا خلال مراحل الحوار الوطني وكتابة الدستور بعد أن طغى عليها سابقا مفهوم الحركة.

وبما أنّ عددا من النهضويين يميلون بطبيعة تكوينهم إلى "الحركة"، فإنهم غير قادرين على الإلتزام والقبول ببعض المواقف السياسية التي يلتزم بها الحزب، وهو ما يؤشر إلى أنّ حجم الإستقالات سيتّسع في المرحلة القادمة التي قد تفضي إلى ائتلاف بين حركة النهضة ونداء تونس على ضوء نتائج الإنتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة.

ونفت حركة النهضة ما نشرته بعض المواقع الإلكترونية حول استقالة 21 نائبا من نواب الحركة في المجلس التأسيسي من بينهم الحبيب اللوز والصادق شورو مشيرة إلى أنّ ذلك يندرج في سياق الإشاعات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف