أخبار

دراسة تحث على تنويع الفرص في الفضاء الالكتروني للاستمرار

يا ناشري الصحف الورقية: الرقمنة ملاذكم!

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مع مساهمة التقنية الرقمية الجديدة في تحول الاستهلاك الإعلامي، حدد تقرير عن بوز أند كومباني استراتيجية تمكن ناشري الصحف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المحافظة على القيمة بفاعلية.

ساره الشمالي من دبي: تعيد الرقمنة في أيامنا هذه تحديد شكل وسائل الإعلام، مع تأثير كبير على نشر الصحف. وتتأثر نماذج عمل القطاع الإعلامي بصورة خاصة بالرقمنة، فوسائل الإعلام كالصحف تعتمد على استهلاك المحتوى المتاح اليوم على نطاق واسع بتكلفة زهيدة.

ثلاث خطوات

رغم معدلات النمو السكاني الجيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدأت مستويات القراءة بالتراجع.

ورغم دخول قرّاء جدد الفئة العمرية للقراءة، يتحول حوالي 70 بالمئة منهم إلى المطبوعات الإلكترونية، ويقتصر استخدامهم على الإعلام الرقمي فقط.

وتؤثر هذه التطورات بدورها في نماذج عمل ناشري الصحف في المنطقة، ما يتسبب باستنفاد هيكلي للقيمة الاقتصادية.

للتكيّف مع هذا الوضع، وضعت شركة بوز أند كومباني ثلاث خطوات رئيسية يتعين على الفاعلين في قطاع الصحف تطبيقها اليوم، لضمان المحافظة على القيمة.

فعليهم أولًا تحقيق أقصى مستويات الفعالية لعملياتهم التشغيلية، عبر اختيار موقعهم على سلسلة القيمة الإعلامية، ثم تحديد فرص إجراء اقتطاعات هيكلية للتكلفة.

وعليهم ثانيًا إطلاق تحول رقمي. أما ثالثًا، فيجب أن يعززوا أكثر فأكثر القدرات الأساسية التي تسمح لهم بالنمو في القطاعات القريبة، وبناء مصادر جديدة للإيرادات.

استنفاد القيمة

من المتوقع اليوم أن يخفض 76 بالمئة من قراء الصحف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، القادرين على الوصول إلى الوسائل الرقمية، مستوى قراءتهم للصحف، أو أن يتوقفوا عن قراءتها خلال سنتين.

وقال بهجت الدرويش، وهو شريك في بوز أند كومباني، إن الوضع من الناحية الاقتصادية المباشرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبدو أقل وطأة منه في الأسواق المضطربة بشدة على غرار الولايات المتحدة.

فالمعلنون في المنطقة الذين يستهدفون الجماهير المحلية فضلوا طوال الفترة السابقة الصحف بدلًا من التلفزيون المحلي الذي كان يشكل وسيلة أقل جاذبية نظرًا إلى جودته المحدودة والمنافسة من القنوات الفضائية العربية المجانية.

وأنفق المعلنون الكثير على الصحف كطريقة فاعلة لبلوغ الجمهور، بعيدًا عن استخدام أوقات البث المرئي المكلفة، والمنتشرة على القنوات التلفزيونية العربية.

وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيحصل التراجع في الإيرادات الإعلانية بوتيرة أخف وطأة منها في الأسواق المتطورة، بسبب القدرة على التحمل، وسيطرة الإنفاق الإعلاني على الصحف المحلية.

فقد تنمو قيمة السوق الإعلامية للمطبوعات الإعلانية في السعودية قليلًا في فترة سنتين إلى ثلاث سنوات المقبلة من الناحية الاسمية، غير أن قيمة السوق ستبدأ بالتراجع في العام 2016، مع تراجعات أكبر في العام 2017 والسنوات التالية بسبب الارتباك الرقمي.

إعادة نظر

يقول جاينت بهرغافا، المدير في بوز أند كومباني: "إلا أن الفاعلين في قطاع الصحف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما زالوا يشعرون برياح التغيير الرقمي".

وأضاف أن الرقمنة تحتم إعادة النظر في نماذج تشغيل ناشري المطبوعات الرقمية في المنطقة، وتستنفد قيمة المساهمين. علاوة على ذلك، حققت الرقمنة في المنطقة نجاحات كبيرة، حيث أشار ثلاثة أرباع المشاركين في مسح أخير عبر المنطقة إلى استعمالهم شبكات التواصل الاجتماعي.

وارتفعت مستويات الرقمنة بصورة خاصة في الأسواق الخليجية الغنية، حيث يمكن للغالبية الساحقة من مستهلكي الصحف الوصول إلى شبكات الإنترنت ذات النطاق العريض Broadband.

وتمثلت استجابة العديد من الفاعلين في قطاع الصحف في مواجهة تحدي الارتباك الرقمي بتنفيذ استثمارات في المبادرات الرقمية. لكن رغم أن التحول الرقمي يعد أمرًا أساسيًا، فإنه غير كافٍ لاستعادة القيمة الضائعة في العمليات التقليدية.

بعبارات بسيطة، النموذج التجاري لهذه المنصات الجديدة أضعف منه في الإعلام المقروء. وعلى نقيض الأصول الإعلانية المحدودة ذات القيمة التي تمتع بها الإعلام المقروء في ما سبق، فإن الإعلام الرقمي أكثر تنافسية وتجزئة بشكل كبير.

إلى ذلك، يتطلب العمل في المجال الرقمي أكثر من مجرد تطوير القدرات الداخلية، وهو مختلف بدرجة كبيرة عمّا اعتاد عليه الفاعلون في قطاع الصحف.

استراتيجية متكاملة

يتعين على الفاعلين في قطاع الصحف مواجهة التحدي الرقمي بشكل يؤمن لهم فرص النمو. وهذا يتطلب استراتيجية ثلاثية الأبعاد تقوم على تحقيق أقصى مستويات الفعالية للعمليات الأساسية والتحول الرقمي والتنويع إلى قطاعات قريبة من خلال التركيز على القدرات الأساسية.

يقوم البرنامج الأول على تعظيم العمليات لجعلها أكثر فاعلية وكفاءة. وهذا ما يساعد ناشري الصحف على المحافظة على أعمالهم التقليدية وتحقيق أعلى فائدة منها.

وتعتبر مجالات العمل هذه ذات أهمية، لأنها تميل إلى أن تمثل غالبية الإيرادات في المديين القصير إلى المتوسط.

وقال سامي أبو جاموس، مستشار أول في بوز أند كومباني: "يجب أن يرتبط برنامج التعظيم بشكل كامل بالاستراتيجية المستقبلية، ويتعين على ناشري الصحف اختيار موقعهم على سلسلة القيمة الإعلامية، ما يسمح لهم بمواجهة ضغوط التكلفة الناشئة عن تراجع التوزيع والإيرادات الإعلانية عبر إظهار مكامن تخفيض التكاليف بطريقة منظمة، وحيث يتعين عليهم تركيز الموارد لتحقيق فرص جديدة والتوسع".

تحول رقمي

تقضي الخطوة الثانية لناشري الصحف بتصميم برنامج تحول رقمي يعالج الديناميكيات المتغيّرة على مستويي القرّاء والمعلنين. فمن ناحية القراء، يعتبر التحول الرقمي أساسيًا لأن سلوك المستخدم حيال وسائل الإعلام والأخبار يتبدل بسرعة بفضل المنصات والأجهزة والتطبيقات الجديدة.

ويختلف التحول الرقمي عن المبادرات الرقمية الانعكاسية التي يعتمدها الكثير من الفاعلين في قطاع الصحف.

أضاف الدرويش: "وظفت شركات الصحف الأموال في المواقع الإلكترونية والتطبيقات والمدونات الحية ومواقع الفيديو وما يشبهها من دون استراتيجية أو عروض قيمة مرجوة واضحة، وفي إمكان الفاعلين في قطاع الصحف في المنطقة التعلم من هذه الأخطاء، واستخدام التحول الرقمي وسيلة للمحافظة على القطاع الأكثر ربحية للقراء، الذين يتحولون إلى المنصات الرقمية فضلًا عن استقطاب فئة جديدة من القرّاء".

وتؤدي الديناميكيات المتعلقة بالمستخدمين إلى تحفيز الاستجابة المضطربة من جانب المعلنين في ضوء التراجع المطرد في نسبة القرّاء.

ويتعين على الفاعلين في قطاع الصحف توفير مجموعة مقنعة من الحلول الإعلانية الرقمية للبقاء في الميدان.

ويتطلب تنفيذ تحول رقمي من هذا القبيل فهمًا معمقًا لشرائح الجماهير الرقمية، وهذا يفترض فهمًا لفئات الجمهور الرقمي ومواجهة الاضطراب الإعلاني وفهم الإطار الرقمي وبناء نماذج ناجحة للصحف الرقمية.

ضمان النمو

رأى بهرغافا أن التنوع والنمو في القطاعات القريبة أساسيان لإعادة بناء قيمة المساهمين ووضع المؤسسات على طريق النمو، "لذلك فإن تطوير القدرات الأساسية وتنويعها مرتبطان بشكل وثيق".

وتميل هذه القدرات الأساسية إلى التمحور حول المواقع الرئيسية الثلاثة للاستجابة للسوق الإعلانية المضطربة، وهي قيادة منتجي المحتوى وقيادة القائمين على المحتوى أو كبار موردي المبيعات الإعلانية.

ويجب أن يرتكز اختيار الموقع المثالي على ما يمكن فعله بشكل أفضل من المنافسين والقدرات المميزة في السوق المحلية. وما أن يتم اختيار النوع الذي يود أن يكون عليه الناشرون، يصبح في إمكان الفاعلين في قطاع الصحف العودة إلى مسار النمو.

يقدم كبار منتجي المحتوى أنقى أشكال الصحافة. وبدأ الفاعلون في قطاع الصحف الذين نجحوا في التحول إلى منتجين بارزين للمحتوى بالعمل بقدرات متميزة لإنتاج المحتوى، سمحت لهم بالاستحواذ على الجماهير التقليدية والرقمية على السواء.

أما كبار القائمين على النشر، فيقدمون تجربة مستخدم فريدة، ويمكن أن يتضمن هذا توسيع تجربة المستخدم إلى قطاعات أخرى على غرار الإعلام المرئي والمسموع والألعاب والسياحة والضيافة والشبكات الاجتماعية والتجارة الإلكترونية، مع التركيز على تقديم الخدمات لفئات مستهدفة محددة متلائمة مع هوية العلامة التجارية.

فاعلية تشغيلية

كبار موردي المبيعات الإعلانية حاضرون على مختلف المنصات الإعلامية، الرقمية منها والمطبوعة. وهم يستغلون هذه القدرة للإحاطة بالقطاع الإعلاني وتحقيق المزيد من الحجم، مما يعني أن النمو يرتكز على هذه المكانة.

وقال أبو جاموس: "مع سعي الفاعلين في قطاع الصحف إلى المحافظة على القيمة والعمل على تحقيق النمو، فإنهم في حاجة لفهم كيفية تأثير اختيار قدراتهم الأساسية في استراتيجيتهم المؤلفة من ثلاث خطوات، ويجب وضع نظام القدرة المناسب في حال كان يريد الفاعلون في قطاع الصحف تحقيق عوامل فاعلية تشغيلية وتحقيق تحول رقمي مناسب وإعادة تصميم أنفسهم عبر تعزيز قدراتهم الأساسية".

وتترابط الأهداف الثلاثة في ما بينها وبالقدرة الأساسية التي تربط المؤسسات مستقبلها بها. ويجب أن يأخذ هذا التحديد في اعتباره القدرة التي وفرت مصدر التميز التنافسي المستدام للناشرين في أعمالهم التقليدية. ويعتبر كل من الاتجاهات الاستراتيجية الثلاثة الرئيسية جيدًا، بمقدار الاتجاهات الأخرى في حال تنفيذها بشكل متناسق وتلقيها دعم القدرات المناسبة.

فرص جديدة

ويتعين على ناشري الصحف اتخاذ قرارات استراتيجية في شأن مستقبلهم. فالوضع الحالي أو التحركات التكتيكية لم تعد قابلة للاستمرار. وتجعل الرقمنة التي تغيّر سلوك المستخدم بسرعة والمنافسة الحادة من الداخلين الجدد والارتباك الإعلاني نماذجهم الحالية غير قابلة للاستمرار. ويعتبر التنويع ضمن الفرص الجديدة عبر سلسلة القيمة الإعلامية الطريقة الوحيدة لضمان المحافظة على القيمة والنمو المستقبلي.

لكن الوصول إلى فرص جديدة يتطلب إجراءات لا تقتصر على تخفيض التكاليف والاستثمار في التقنية الرقمية وتطوير القدرات الحالية.

ويجب أن يختار ناشرو الصحف أي نوع من الفاعلين الإعلاميين يريدون أن يكونوا، على أساس القدرات الأساسية التي يرغبون في المراهنة عليها.

وهذا لن يدفع فرص القيمة والنمو فحسب، بل إنه سيحدد لهم كيفية تعظيم عملياتهم وتحقيق التحول الرقمي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف