أخبار

قطيعة مقتدى الصدر "هدية" لخصومه الشيعة عشية الانتخابات

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بغداد: يمثل خروج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المفاجئ من العملية السياسية في العراق بعد مسيرة حافلة بالنزاعات العسكرية وغير العسكرية، "هدية" لخصومه الشيعة قبل اسابيع من الانتخابات البرلمانية، بحسب ما يرى محللون.

ويشكل ايضا انسحاب الصدر الذي انتقل تياره في فترة قياسية من خانة التطرف الى خانة الاعتدال، خسارة لعنصر اساسي في دائرة التوازن داخل الطائفة الشيعية، وعلى المستوى الوطني العام، بعدما لعب دورا مركزيا في تخفيف الاحتقانات الطائفية. وفي بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه الاحد، قال الصدر "اعلن عدم تدخلي بالامور السياسية كافة وان لا كتلة تمثلنا بعد الان ولا اي منصب في داخل الحكومة وخارجها ولا البرلمان". وبرر الصدر قراره بالقول انه جاء "حفاظا على سمعة ال الصدر (...) ومن منطلق انهاء كل المفاسد التي وقعت او التي من المحتمل ان تقع تحت عنوانها (...) ومن باب الخروج من افكاك الساسة والسياسيين". وجاءت خطوة الصدر الذي يطلق عليه لقب حجة الاسلام والمسلمين والذي بات يصب تركيزه في الاشهر الاخيرة على متابعة تعليمه الديني في النجف وايران، قبل اكثر من شهرين على الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر تنظيمها في نهاية شهر نيسان/ابريل. ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عزيز جبر لوكالة فرانس برس ان ابتعاد الصدر، احد ابرز الشخصيات التي لعبت دورا اساسيا في اعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين عام 2003، يشكل "افادة للاطراف الاخرى من ذوي الطروحات الشيعية". ويسمي جبر المجلس الاعلى بقيادة عمار الحكيم، وجماعة عصائب اهل الحق المنشقة عن التيار الصدري، لكنه يذكر على وجه الخصوص ان "المستفيد الاخر هو السيد (رئيس الوزراء) نوري المالكي (شيعي) اذ انه تخلص من مزاحم قوي طواعية". ويوضح "تخلص (المالكي) منه (الصدر) من دون ان يبذل جهدا كبيرا، وكانها هدية مجانية". ويملك الصدر مكاتب سياسية في معظم انحاء البلاد، ويتمثل تياره في البرلمان ب40 نائبا من بين 325، وفي الحكومة بستة وزراء. وبعيد عودته الى العراق عام 2011 بعد اكثر من اربع سنوات امضاها في ايران حيث تابع دروسا دينية، دخل مقتدى الصدر في نزاع سياسي طويل مع المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006. وكان مقتدى الصدر في منتصف 2012 احد ابرز السياسيين العراقيين الذين عملوا معا على الاطاحة برئيس الوزراء، المدعوم من طهران واشنطن، عبر سحب الثقة منه في البرلمان، من دون ان ينجحوا في ذلك. وكتبت صحيفة "الدستور" المستقلة في افتتاحيتها اليوم الاثنين ان قرار الصدر "جار في مرحلة ذات حراجة كبيرة لما ينطوي عليه من اخلال في معادلة التوازنات السياسية التي اسس على وفقها المشهد الانتخابي المرتقب". ويضيف ان انسحاب الصدر "سيربك المشهد وسيؤثر بشكل او باخر في استغلال المنافسين للفراغ الذي سيتركه قرار السيد، مما قد يرجح الكفة لصالح طرف يكرس حالة التردي، ويستنسخ الصورة السابقة التي لا تبشر بخير". ويتمتع الصدر المولود مطلع السبعينات، بشعبية هائلة في اوساط فقراء الشيعة وخصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في بغداد، وقد ورث هذه الشعبية عن والده المرجع محمد محمد صادق الصدر الذي قتله النظام السابق في 1999 مع اثنين من ابنائه. وبرز اسم مقتدى الصدر في العام 2003 بعدما اسس وحدات مسلحة تضم عشرات الالاف من الشبان الشيعة تحت اسم "جيش المهدي"، سرعان ما خاضت تمردا ضد القوات الاميركية في النجف في آب/اغسطس 2004 قتل فيه ما لا يقل عن الف من انصار الصدر. لكن تيار مقتدى الصدر، الذي لطالما ارتبط اسم جناحه المسلح بعمليات قتل طائفية قبل ان يامر الزعيم الشيعي بتجميد اعماله عام 2008، سرعان ما انتقل الى خانة الاعتدال بعيد عودة الصدر من ايران قبل نحو ثلاثة اعوام. ويقول الكاتب العراقي سرمد الطائي لفرانس برس ان الصدر تحول مؤخرا الى "اكبر داعم لمسار الاصلاح السياسي، وعمل على تخفيف الاحتقانات الطائفية عبر مواقف سياسية ساعدت على تهدئة السنة وطمأنتهم". ويرى ان "على الجميع ان يشعروا بالخوف من اختفاء هذا الصوت الاصلاحي المعتدل". ويدعو الصدر منذ عودته الى العراق قبل ثلاث سنوات الى الابتعاد عن الطائفية، والى نبذ الخلافات السنية الشيعية، وغالبا ما ينتقد العملية السياسية والسياسيين، وحتى المسؤولين المرتبطين بتياره، متهما اياهم بالفساد وبالابتعاد عن الاهتمام بمشاكل الناس. وقد جاء قرار الصدر بابعاد ممثليه في البرلمان والحكومة عنه في خضم موجة غضب شعبي عارم جراء اقرار البرلمان امتيازات لاعضائه لدى تقاعدهم، علما ان وسائل اعلام عراقية ابرزت مؤخرا اسماء ممثلين عن تيار الصدر صوتوا لصالح القانون. ويرى المحلل السياسي ابراهيم الصميدعي ان "الصدر احد اهم قوى التوازن النامية في العراق، وخروجه هو اول انهيار لاهم عوامل التوازن الداخلي الطائفي (لدى الشيعة) وبداية لانهيار دائرة التوازن الوطني الكبير". ويتابع "قد يتصور بعض خصوم الصدر من اصحاب النظرة القصيرة ان خروجه هو انتصار لهم، لكن في الحقيقة ان الكل خاسر من ذلك". وفيما شكل اعلان الصدر المفاجئ عن انسحابه من العمل السياسي صدمة لدى مسؤولي تياره، فان هؤلاء رفضوا تاكيد ما اذا كانت هذه الخطوة نهائية، ام انها تكتيكية تهدف الى الاعتكاف لفترة من الوقت. ويقول الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى مايكل نايتس ان مقتدى الصدر "يبتعد عن اضواء السياسة عندما يتعرض لتهديد جسدي او عندما يهم تياره بالقيام بعمل سياسي لا يرغب هو في ان يكون له دور فيه". ويضيف "لا شيء دائما في العراق، الا الموت".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف