فضاء الرأي

لحظة من فضلك يا د. البرادعي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يستحسن بداية أن أقدم نفسي بعد هذا العنوان، بأنني واحد من أشد المرحبين بالدكتور البرادعي، والمتحمسين لدخوله الساحة السياسية المصرية الراكدة والمتحجرة.. كما يستحسن قراءة هذه السطور، على ضوء مقالين سابقين لي، هما: "دعوة ترشيح البرادعي" و"يوم يفرض الشعب إرادته".. فمن يقارن ما جاء بهذين المقالين، بما جاء في الجزء الأول من حديث د. البرادعي لجريدة الشروق القاهرية، والمنشور يوم الأحد 20 ديسمبر 2009، سيجد توافقاً في الشأن الداخلي المصري، بين د. البرادعي الذي يتهمونه بعدم الدراية بأحوال البلاد لوجوده فترة طويلة بالخارج، وبين كاتب هذه السطور، وهو المعجون بتربة هذا الوطن، ويكاد لم يغادره طوال ستين عاماً هي عمره، لم ينشغل خلالها بشيء قدر انشغاله بأحوال الوطن ومصيره.. ذلك من موقع المواطن المطحون والمهموم، لا أكثر ولا أقل!!
ولأن مساحة اتفاقي في الرؤية لواقع مصر واحتياجاتها الحاضرة والمستقبلية واسعة نسبياً، مع هذا المصري الشريف المستنير جليل القدر كبير القدرات، فإنني أستأذنه في فتح حوار حول نقطتين أساسيتين وردتا في حديث سيادته المشار إليه عاليه:
أولهما قول سيادته: "الديمقراطية تستغرق وقتاً طويلاً. هى ليست مثل صنع فنجان القهوة، فهى تحتاج إلى وقت. ولكن هذا لا يعنى ألا نستفيد من تجارب الآخرين، مثل ذلك الذى حدث فى شرق أوروبا فى أعقاب الاتحاد السوفييتى، من نظام شيوعى استمر 60 عاماً إلى نظام ديمقراطى يتمتع بانتخاب حر وصحافة حرة.
فى الوقت نفسه لا يجب أن نتخذ من الوقت ذريعة، فقد نحتاج إلى سنة أو سنتين لإنجاز ما نريد، ولكن من العبث أن نقول إننا نحتاج إلى 50 عاماً، والحجج الذى تقال حجج واهية."
بالطبع من يقولون باحتياج تطبيق الديموقراطية لخمسين عاماً قادمة، هم هؤلاء الذين يلعبون الآن دور الأحجار التي تعوق انسياب تيار الحضارة في مصر، ويخشون مجيء اليوم الذي تضعهم فيه الديموقراطية في المكان اللائق بهم، سواء في بيوتهم أو خلف القضبان.. لكن إذا كنا متفقين أن "الديمقراطية تستغرق وقتاً طويلاً. هى ليست مثل صنع فنجان القهوة، فهى تحتاج إلى وقت"، حسب نص كلمات د. البرادعي، وكنا متفقين على عمق وشمولية التغييرات المطلوبة، خاصة وأنها ليست مجرد تغييرات تشريعية أو سياسية، وإنما جذورها ممتدة اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، فإن تصور أن تمهيد الأرض لتطبيق الديموقراطية يحتاج "إلى سنة أو سنتين لإنجاز ما نريد"، لا يتفق مع طبيعة وعمق ما نطلبه ويطلبه سيادته من تغيير!!
بناء على ما يبدو وكأنه تبسيط للأمور، نجد النقطة الثانية التي تحتاج لمراجعة في حديث د. البرادعي، وهي قول سيادته: "إذا كنا نريد أن نبدأ بداية حقيقية يجب أن نضع دستوراً جديداً، لأنه حتى إذا جاء أعظم إنسان فى ظل هذا الدستور، سيواجه مشكلات حقيقية سياسية واجتماعية واقتصادية. ولن يكون هناك ديمقراطية أو حرية بدون دستور جديد لأن الحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية كلهم مرتبطون ببعض.
نحن اليوم فى وضع عدم استقرار، ولا يجب أن ننتظر سنتين. والمشكلة هى أنه لا يوجد فكر متكامل لمعنى الدستور، والتوازن الذى يضمنه بين السلطات بحيث لا تطغى واحدة على الأخرى.
لذلك أنا أدعو الرئيس مبارك إلى إنشاء لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد، على أن تكون هذه اللجنة بالانتخاب المباشر، وتضم خبراء القانون الدستورى. ويجب أن تكون لجنة معبرة فى نهاية المطاف عن جميع انتماءات الشعب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لأن وظيفة هذه اللجنة ستكون إعداد دستور يمهد لبناء سلام اجتماعى قوى فى مصر.".
لا خلاف بالطبع على أن ما ورد أعلاه هو عين المطلوب.. هذا بالفعل هو الهدف، ليبقى التساؤل عن نقطة البداية، ومعالم الطريق الذي ينبغي السير فيه تحقيقاً لهذا الهدف، فحتى في حالات الإسقاط المظلي لقوات فوق هدف عسكري، يحتاج الأمر لتمهيد لذلك الإنزال، لئلا تباد تلك القوات لحظة نزولها على الأرض، أو يتم اصطيادها وهي بعد في السماء.. فعندما يقول سيادته "ولا يجب أن ننتظر سنتين.... لذلك أنا أدعو الرئيس مبارك إلى إنشاء لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد"، يبدو الأمر وكأن التصور هو أن الدستور هو الذي يصنع الشعوب، وهو الذي يسير بها في الطريق الذي يرسمه لها، رغم أن د. البرادعي لابد وأنه يتفق معنا، على أن الشعوب هي التي تصنع الدساتير، واضعة فيها خلاصة ثقافتها ومثلها العليا، ليكون الدستور بعد ذلك هو المرجعية التي يستند إليها المجتمع ليحفظه من التدهور، وليكون هو نفسه محط مراجعة، ليواكب ما يحدث بالمجتمع وبالعالم الذي صار مترابطاً من تغيرات.. يعلم د. البرادعي يقيناً أن دستوراً رائعاً، لكنه مفارق لأوضاع المجمتع وثقافته سيظل كما يقولون "حبراً على ورق"، وهذا حادث في مصر الآن جزئياً.. فرغم مساوئ دستورنا التي نعرفها جميعاً، إلا أنه لا يخلو من نقاط مضيئة، هي غير مفعلة، نتيجة لرداءة البنية التحتية، ثقافية واجتماعية واقتصادية.. يعلم أيضاً أننا بعد سنوات العشوائية والتخبط الطويلة، والتي أشار سيادته إليها في حديثه، قد صرنا مختلفين على كل شيء.. بداية من هوية مصر، إلى ما نرتدي من ملابس، مختلفون على اسم مصر وعلى تحية علمها.. مختلفون في نظم التعليم، من تعليم أزهري هو إشكالية في حد ذاته، إلى التعليم الحكومي العادي الهزلي أو إن شئت المأساوي، ثم مدارس اللغات والشهادات الأجنبية.. مختلفون في ولائنا، بين الدين والعروبة والوطن، وفي هدفنا وتوجهنا، بين الحياة الحاضرة وجنة الخلد.. نحن موزعون بين الألفية الثالثة والعولمة والرأسمالية، وبين الحنين إلى اشتراكية الستينات ومصادراتها وعداواتها ونكساتها.. مصر يا سيدي لم تعد "أمة" بما يحويه المفهوم من معان، بل ركام هائل من التناقضات والخرافات والخزعبلات.. ليس هذا فقط على مستوى الشارع الذي ننعي عليه أميته، بل بالأكثر على مستوى نخبته، التي هي بالتأكيد أسوأ مكونات الحالة السياسية والثقافية المصرية!!
في وضع كهذا ماذا نتوقع من لجنة تأسيسية منتخبة لوضع الدستور أن تنتج لنا، وهي التي لن تكون غير مرآة تعكس تناقضاتنا ووضعنا المزري؟!.. قد لا تنتج غير المعارك والمهاترات وتبادل التكفير والتخوين بين أفرادها، وقد تنتج دستوراً أسوأ بمرات عديدة من دستورنا الحالي.. فالحوار والتوافق المجتمعي الحقيقي لا يتم في حالة تناقضات مجتمعية صارخة، بين الجلوس حول موائد في القاعات المكيفة، وإنما بداية الحوار لابد وأن تكون على الأرض، عبر الحراك الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للجماهير بمختلف انتماءاتها.. هو عملية تفاعل مجتمعي، تقودها النخب الواعية، وتعوقها النخب الضالة والمضلِلة، كتلك التي تملأ الساحة المصرية الآن بقباعها، وهي أكثر ما نخاف منه على أملنا مع د. البرادعي، سواء كانت في الجانب المقابل، أو كانت -وهذا هو الأخطر- في صفوف المسيرة المنتظرة، وهو ما سوف نتعرض له تفصيلياً في مقال تال.
نختلف إذن مع د. البرادعي على نقطة البداية، فلا نراها في تكوين لجنة تأسيسية منتخبة لوضع دستور.. البداية عمل جماهيري تنويري، يلعب فيه د. البرادعي دور القائد والمنسق facilitator، لتجميع شتات الوطن والجماهير حول حد أدني وكاف من الإجماع، حول الأهداف الأساسية ووسائلها، لتكون مجرد نقطة انطلاق، ليتكفل بعد ذلك الزمن ومسيرة التطور، بتعظيم المشتركات في كافة مجالات الحياة.. هذا ما نريد بالتحديد أن يتولى د. البرادعي دور المحفز والقائد فيه، وليس الصعود إلى القصر الجمهوري على حطام أمه.. لا يمكن إنجاز هذا في عامين، لكن طول الرحلة وصعوبتها، لا يمكن أن يقعد أو يحبط شعباً مصمماً على الحياة.. فإدراك مشاق الرحلة عامل جوهري لتعظيم احتملات النجاح.. هذا بالطبع على أن نبدأ من اليوم، وليس من غد أو بعد الغد.
مصر الإسكندرية
kghobrial@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ألى أين يامصر ؟
مريم أشرف -

الدكتور البرادعى خير من يتولى رئاسة مصر فى هذه المرحلة الحرجة فى تاريخها. والدكتور البرادعى ليبرالى أمين ويمقراطى وعادل . وأذا أقيمت أنتخابات نزيهة نظيفة ومراقبة دوليا وبدقة فسوف ينجح دكتور البرادعى بأكتساح ولكن أذا أقيمت أنتخابات مثلما كان يحدث فسوف ينتصر التزوير والتلفيق .وعندما بدأ الدكتور البرادعى أعلانه أمكانية ترشيح نفسه للرئاسة أشترط أن تكون الأنتخابات بأشراف دولى لمنع التزوير ووجدنا أن خفافيش الظلام أرتفعت أصواتها وهاجت وماجت وأعلنت أن البرادعى لا يصلح وهم يعلمون أنه أشد الناس صلاحيتا ولكن هم يخافون على مناصبهم ومصالحهم لأن أذا فاز البرادعى سوف يهدم أوكار خفافيش الظلام ويقضى عليها لتبدأ مصر أشراقة يوم جديد يوم طال أنتظاره كثيرا جدا.

Yes Dr El Barad3y
Zaki -

A million Yes to Dr El Barad3y,But No to the present and his regime, Yes to democratically elected President for Egypt, , Yes to free ,fair, multi party election, monitored by Local and International Organizations, But No to the present fabricated and falsified elections

الحكومه المرتقبه
بطرس ويصا -

استاذ كمال يجب ان نكون عمليين الدكتور البرادعى اختيار موفق و يمكن ان يكون المهندس ساويرس (نجيب) هو نائب الرئيس وله صلاحيات خاصه ويقوم حزب الاغلبيه بتكوين الحكومه ويقوم البابا وشيخ الازهر بمباركه الحكومه يعنى ان لا تكون حكومه لا يوافق عليها رجال الدين لأن هذا هو صمام الامن. ويكون اول مهام الحكومه هو الغاء الأمن المركزى والجيش وابدالهم بالحرس الوطنى. واعتبار اللغه الانجليزيه لغه اولى مع اللغه العربيه حتى ينموا الاقتصاد وتكون مهمه الحكومه ان تجعل مصر جزء من الاتحاد الاوربى او جزء من الولايات المتحده او حتى مثل بورتريكو بهذا نستطيع الدخول الى الأسواق الأمريكيه

albradi
babikir ali -

are sure in arab rejeem the population have the power to choose the president idont think so

اكمل ما كتبه رقم 3
ابو صقر -

نسي ان يقول ونستبدل العلم المصرى بعلم يشبه علم اسرائيل ونستبدل اللغه العربيه بلغة تشبه العبرانيه ونستبدل الدين الاسلامي بدين يشبه تعاليم التلمود ونستبدل الاسماء العربيه باسماء غربية وعبرانيه ونستبدل الحروب الصليبيه وغزوة نابليون بتاريخ الثورة الفرنسيه ونستبدل.....ونستبدل ....ونستبدل....الخ الخ الخ

albradi
babikir ali -

are sure in arab rejeem the population have the power to choose the president idont think so

إلى بطرس ويصا
بلدور -

يفضل لا أخي لو تكتب باسمك الحقيقي، أو باسم حركي لا يستهدف التضليل، فما تمارسه لعبة سخيفة، وتفتقر إلى النبل.تحياتي

إلى بطرس ويصا
بلدور -

يفضل لا أخي لو تكتب باسمك الحقيقي، أو باسم حركي لا يستهدف التضليل، فما تمارسه لعبة سخيفة، وتفتقر إلى النبل.تحياتي

WANTED
حسن موسى -

البرادعي الذي ساق الحجج بامتلاك العراق لاسلحة دمار شامل ومن ثم غزو العراق وتدميره برعاية تقاريره الجاهزة لا يستحق ان يكون مصريا من الاصل ... هنالك دعوات في العراق لتقديمه لمحكمة دولية لما سببه لشعب العراق من الم وخسائر لا تقدر من المخجل ان يطالب البعض بالرئاسة لشخص ذليل عبد لا حول ولا قوة ... ليتهيأ لمحكمة دوليه وهو في منصبه هذا اهون على المصريين من ان يكون رئيسا مطلوب للعداله.

لا إله إلا الله
حسن -

لاإله إلا الله محمد رسول الله ولا حول ولاقوة إلا بالله الدكتور البرادعى من الشخصيات المحترمه لكنه قضى عمره كله بالخارج فى احضان الغرب وبالتالى سينفذ تعاليم الغرب واحنا كده كويسين قوى والحمد لله على كل شئ الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه اللهم أغفر ,وأرحم يا رحمن يارحيم والصلاة والسلام على خير الانام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

لا إله إلا الله
حسن -

لاإله إلا الله محمد رسول الله ولا حول ولاقوة إلا بالله الدكتور البرادعى من الشخصيات المحترمه لكنه قضى عمره كله بالخارج فى احضان الغرب وبالتالى سينفذ تعاليم الغرب واحنا كده كويسين قوى والحمد لله على كل شئ الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه اللهم أغفر ,وأرحم يا رحمن يارحيم والصلاة والسلام على خير الانام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم