أصداء

روسيا والصين تسلحان العراق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الولايات المتحدة الامريكية عراب الصفقات ولا تجد في العراق سوقا مهما لتسويق السلاح الامريكي.
نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية يوم 9 ديسمبر/كانون الاول 2009 مقالا نقتطف منه:
(قامت اوكرانيا مؤخرا بصياغة اكبر صفقة في تاريخ البلاد، وهي صفقة بيع آليات الحربية الى العراق. فقد قامت شركة "أوكر سبيتس اكسبورت" الحكومية بتوقيع عدة اتفاقيات مع العراق تبلغ قيمتها الاجمالية 2.4 مليار دولار. وستقوم مؤسسة "بروغريس" الحكومية بصفتها فرعا لهذه الشركة بتنفيذ هذه الصفقة. ويقول الخبراء ان الجانب الاوكراني لم يكن بوسعه الحصول على الصفقة لو لا دعم الولايات المتحدة التي لم تعر الاهتمام الى العروض التي طرحها صناع الدبابات الروس.كشف عن هذا ياروسلاف جوديك نائب البرلمان الاوكراني قائلا:" إن الصفقة العراقية ستضمن فرص العمل في ما يزيد عن 80 مصنعا اوكرانيا متوقفة اليوم غالبيتها عن العمل). انتهى مقتطفنا من مقال الصحيفة الروسية.


العراق سوق غير مضمون للسلاح الامريكي
ولو راجعنا خلفيات سباق اعادة تسليح العراق لوجدنا أنّ الإدارة الامريكية قد قامت بالغاء الجيش العراقي بعد ان تفكك عمليا في يوم 9 نيسان2003 وتناثرت اسلحته واعتدته في الطرقات وتسربت الى ايدي الناس وصارت سلاحا يقتل العراقيين في الغالب والامريكيين فيما ندر. وقد سعت الإدارة الامريكية أن تحتكر واردات السلاح الى هذا البلد في السنوات الثلاث الاولى التي اعقبت سقوط النظام السابق، الا أن احصائيات نشرها "مركز استخبارات الدفاع " التابع للبنتاغون اشارت في منتصف عام 2007 الى أن نحو 190 الف قطعة سلاح خفيفة ومتوسطة وردتها الولايات المتحدة و تداولتها قوات الجيش والشرطة العراقية بعد سقوط حكومة صدام حسين قد اختفت ولا توجد قاعدة معلومات توثق مكانها وارقامها. واضعف هذا الى حد كبير رغبة الادارة الامريكية في ان تحتكر الشركات الامريكية سوق السلاح في العراق، وتشتد مخاوف الأدارة الأمريكية من الاقبال على تسليح هذا البلد خشية من تسرب الاسلحة الامريكية المتطورة الى ايدي الأرهابيين والعناصر المسلحة المناوئة للولايات المتحدة.
يمكن القول إذا أن العراق قد فشل بامتياز طيلة الاعوام الستة الماضية في أن يخرج من معسكر التسلح الشرقي الذي دخله بعد انقلاب عام 1958 العسكري باعلانه القطيعة مع الغرب إثر اخراج بريطانيا من آخر قواعدها في الحبانية بالأنبار غرب البلد.


أوكرانيا وليس روسيا
لكن سوق السلاح لا يخضع مثل غيره لمحض عمليات العرض والطلب والمبادلات التجارية التي قد تجري وفقها، بل انه يخضع لقواعد التوازنات السياسية والاستراتيجية بين الدول، وما يبدو بسيطا للناظر ينطوي في الحقيقة على حقائق تختفي تحت سطح الظاهر من الاشياء كما يتوارى القسم الاكبر من جبل الجليد تحت الماء لتظهر قمته الصغيرة فقط.
ففيما رفضت المصادر القريبة من وزارة الدفاع الاوكرانية بشكل قاطع مناقشة الدوافع السياسية للصفقة مع العراق، فان مصادر مقربة منها اشارت الى أن اوكرانيا ستورد الى العراق الطائرات الحديثة والاسلحة الذكية والخدمات الخاصة باصلاح وصيانة وتطوير ألاليات الحربية، وذلك الى جانب الدبابات والمدرعات. وبالرغم عن عدم الكشف عن محتويات الصفقة فان العسكريين الاوكرانيين يقولون أنّ الاتفاقية ستسمح لاوكرانيا بأن تشغل المرتبة الخامسة او السادسة في العالم من حيث حجم تجارة الاسلحة والاليات الحربية. ولكن هل ترضى روسيا أن تلعب أوكرانيا هذا الدور المتعاظم في صادرات السلاح؟
هذا التساؤل المفترض يقرع ناقوس توقعات الضد بشدة اذا عرفنا أنّ اوكرانيا لا تبيع للعراق ما تبقى لديها من المدرعات السوفيتية القديمة بل التصاميم والنماذج الحديثة، وهذا يعني ان الولايات المتحدة تلمح لدول العالم ولو بشكل غير مباشر الى أنّ مجمع الصناعات الحربية الاوكرانية بوسعه أن ينتج اسلحة تستجيب لمتطلبات المشترين.


صدقية بي بي سي محل سؤال
أعلان الصفقة العراقية الاوكرانية جاء مثل صفعة لصحيفة التايمز اللندنية، فقد اشار موقع بي بي سي المناوئ لسياسة الادارة الامريكة في ادارة ملف الأزمة العراقية أنّ الصحيفة نشرت في نوفمبر تشرين الثاني 2009 ما نصه:
( أنّ العراق طلب شراء 140 دبابة امريكية من طراز ابرامز ام/1. ومن المنتظر ان تحصل القوة الجوية العراقية على طائرات أف/ 16 الى جانب حصول البحرية في يونيو/ حزيران المقبل على أول اربع سفن الدورية الحربية الايطالية زنة كل منها نحو 450 طنا.
ونقلت التايمز عن مصادر عسكرية قولها ان العراق طلب ايضا الحصول على طائرات هليوكوبتر حربية هجومية من طراز اباتشي، الا ان الطلب رفض من واشنطن على ما يبدو.


ومضت صحيفة التايمز ( حسب نقل بي بي سي) الى أن شبه الاحتكار الامريكي لتسليح القوات المسلحة العراقية يعد جزءا من الاتفاق بين البلدين لتطوير علاقة شراكة استراتيجية قوية بينهما.
ونقلت بي بي سي عن الصحيفة القول : انه حتى في حال انسحاب القوات "المقاتلة" الامريكية من العراق بموجب الاتفاقية الامنية، سيبقى هذا البلد وجود امريكي عسكري ضخم على المدى البعيد لاهداف التدريب على كافة المعدات والاسلحة التي ستجهز بها القوات العراقية في السنوات المقبلة.
رفض امريكي لتسليح العراق
الولايات المتحدة وعلى لسان وزير دفاعها السابق روبرت غيتس أعربت عن مخاوف عميقة تجاه تسليح العراق، جاء ذلك في الخامس من اكتوبر عام 2007 ردا على تصريح اطلقه الرئيس العراقي جلال طالباني وشكا فيه من تباطؤ الولايات المتحدة في الاستجابة لطلبات التسلح العراقية. غيتس علق على احراز الصين صفقة قيمتها خمسين مليون دولا لتسليح العراق بالقول:
" ان مخاوفنا قائمة ايضا في هذا الموضوع لأن احتمال تسرب الاسلحة الصينية الجديدة الى المسلحين المعارضين للحكومة في العراق ما زال قائما،وهو السبب الرئيس الذي يجعل الادراة الامريكية مترددة في تجهيز العراق باسلحة حديثة".
لكن 50 مليون دولار في سوق السلاح ليست اكثر من مقبلات فالحديث دائما يجري عن مليارات الدولارات، وربما تسامح التحالف الغربي مع الصين لتجد لها موطيء قدم صغير في السوق العراقية التي لا يعرف الغرب كيف يلجها ويقف حائرا مترددا بين رفضها لسبب الغليان السياسي في المنطقة وبين الولوج فيها دون تكلفة كما تسعى المانيا وبعض دول الاتحاد الاوروبي التي ترغب في علاقات تجارية تفتح امامها سوق الاستثمار في كردستان العراق لكنها غير مستعدة في الوقت نفسه للتورط في سوق السلاح العراقي.


موقع ايران في المشهد
في نوفمبر 2006 نسب موقع لما يدعى بالمقاومة العراقية الفلسطينية الى صحيفة نيويورك تايمز القول بأن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تسعى لإبرام مجموعة صفقات أسلحة أجنبية في محاولة لإعادة تسليح العراق وأفغانستان بدعوى احتواء كوريا الشمالية وإيران.
وأضافت الصحيفة ( حسب ادعاء الموقع حيث حاولت ان أصل الى الاصل الانكليزي للمقال المذكور في موقع صحيفة نيويورك تايمز ففشلت بعد نصف ساعة من المحاولات) أن صفقات الأسلحة تتراوح من دبابات وطائرات هليكوبتر ومقاتلات إلى صواريخ وطائرات موجهة عن بعد وسفن حربية.
وذكرت الصحيفة أن العراق وقع خلال العامين الماضيين اتفاقات تزيد قيمتها عن ثلاثة مليارات دولار وقال أيضا أنه يخطط لشراء معدات أمريكية بقيمة تصل إلى سبعة مليارات دولار.


وقالت الصحيفة أنه طبقا لسجلات وزارة الدفاع فقد وافقت واشنطن وهي أكبر مورد للأسلحة في العالم على شراء معدات عسكرية وأسلحة بأكثر من عشرة مليارات دولار لصالح أفغانستان خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، مشيرة الى أن معظم عمليات إعادة التسلح في منطقة الخليج ناجمة عن المخاوف من إيران. الى هنا ينتهي ما نسبه الموقع الى صحيفة نيويورك تايمز. وللمرء ان يتساءل بشدة هنا:
اذا كان الجميع يتهمون حكومة العراق التي يسطير عليها الشيعة بالأرتباط بحكومة ايران، فكيف سيمكن احتواء ايران بتسليح العراق امريكيا؟
واذا كان العراق قد خطط عام 2007 لشراء اسلحة امريكية بقيمة 7 مليارات دولار، فلماذا عقد مع اوكرانيا عام 2009 صفقة تسلح بقيمة 2.4 ملياردولار؟
واذا كانت الأدارة الامريكية راغبة في الحفاظ على وجود عسكري كبير في العراق بعد انسحابها فلماذا تسمح للسلاح الصيني والاوكراني ( وربما الروسي في مرحلة قادمة) أن يغزو سوق العراق؟


ما يصح في سوق السيارات والاجهزة الكهربائية لا يصح في سوق السلاح، واذا اردنا المقارنة والحصول على نموذج مشابه فعلينا بسوق المخدرات الذي تبلغ اقيام صفقاتها مليارت الدولارات وترتبط الى حد كبير بتوازنات السياسة، لكن هذا قد يكون موضوعنا لمقال قادم ندخل من خلاله سوق المخدرات أو "بورصة المجاهدين" كما تسميها بعض الدوائر السياسية.


بون

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف