الاخلاق في خدمة المجتمع المدني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يحتل موضوع الاخلاق في المجتمع المدني منزلة كبيرة في تفكير المهتمين بهذا الموضوع الحيوي الحساس، والاخلاق بشكل عام من القضايا الكبيرة التي تتصل بملحمة الفكر البشري عبر تاريخها الطويل، ولعل إدراج الاخلاق في خانة الفلسفة، ونشوء مدارس متعددة للاخلاق على صعيد الرؤية الفلسفية من دلائل هذا الاهتمام المتميز.
الحديث عن الاخلاق في المجتمع المدني يجب ان يضع في الاعتبار طبيعة المجتمع الذي ننتمي إليه، فهو مجتمع عربي مسلم شرقي، ينتمي الى بيئة حضارية متميزة بتاريخها وفكرها وروحها، ولا يمكن التنكر لهذه القيم، لأنها جزء لا يتجزاً من البنية الروحية والفكرية والوجدانية للمجتمع، بتعبير اكثر وضوحاً وصراحة، انّ الهوية ليست زيّا يُلبس ويُخلع بالاختيار الحر على نحو مستقل تام، ولا هي وجبة طعام عابرة، بل هي هذه التركيبة ا لمعقدة من تراث المجتمع التي تكونت وتصيّرت عبر معاناة قاسية، وصراع حاد، وتجارب مريرة، ومن هنا ندعو الى تحديث خاص بالمجتمع الذي نعيش فيه، أقصد تحديثاً نابعاً من روحنا ومقاييس فكرنا، فإن التحديث المُصدّر يرتطم بعوائق الراسخ الروحي عبر الزمن الطويل، وربما يقود إلى تصدّع الذات والمجتمع من دون الوصول الى نتيجة مرضية.
الاخلاق في تصورنا هي هذه المفردات التي نتداولها في بيوتنا ومدارسنا وأسواقنا وأزقتنا ومجالسنا، من كرم، وشجاعة، واحسان، وصدق، وأمانة، واحترام، ورحمة، وتسامح، وتعاون، ووفاء، وما إليها من مفاهيم مألوفة السماع، محبوبة الاتباع، جاءت بها الاديان السماوية، واقرتها الاعراف الانسانية، وشرعتها القوانين الأجتماعية السليمة.
هذه هي الاخلاق التي نضعها في الاعتبار ونحن نتحدث عن علاقتها بالمجتمع المدني، فهي أحدى أجندة تكريس هذا الهدف وبلورته في ضمير الانسان العراقي، بحيث تكون من دوافع الايمان والتطبيق والممارسة والعمل، بل قد تكون من بنيات التاسيس على مستوى نظري، وعلى صعيد تشييد رؤية خاصّة في هذا المجال.
وفي الحقيقة ان البديء يكون بتحويل هذه المفاهيم الاخلاقية الى مفاهيم اخلاقية اجتماعية، فأن التعامل معها كمفاهيم فردانية صرفة، أو توجيهها باتجاه مستويات محدودة يحجّم من دورها، فالصدق ليس نقلاً موثوقا وحسب على مستوى الخبر والواقعة، بل هو صورة مثاليّة راقية للعمل وفق المطلوب من شروط الايفاء بالجيد والجودة، يعني تطابق مع المثل الأعلى للمطلوب في حدود ما تسمح به ممكنات الابداع والانجاز، وهو معاملة شاملة للحياة والطبيعة على اساس الوفاء بالمطلوب، وبالتالي، يتحول الصدق الى قيمة حضارية تتعدى فضاء اللسان، لتتصل بالجوارح كلها، بل لتتصل بالعقل والقلب، تصمّم او تتداخل مع الارادة بقوّة وشمول وحيوية. فهناك الصدق الاجتماعي، الصدق مع الذات و الصدق مع الاخرين والصدق مع الا فكار والواجبات، وقد كان الدين الاسلامي دقيقاً في توفير أرضية تحويل القيمة الاخلاقية من دائرة الالتزام الضيقة الى دائرة الالتزام الكوني الواسع الرحب، فخلق المجتمع الصادق وليس الفرد الصادق.
أن الا نتقال من الاخلاق الفردية الى الاخلاق الاجتماعية، اي من الامانة التي لا تتعدى الايفاء بوصية شخصية الى الايفاء بحاجة الوطن والأمة والجماعة، يحتاج الى نهضة اخلاقية واعية، تتناول جذور القضيّة عبر عملية تتربوية، تعتمد الممارسة كطريقة مثلى لترسيخ الاخلاق الاجتماعية الرفيعة، وليس مثل المدرسة ميدانا رائعا يمكن ان يساهم في تحقيق هذا الهدف الكبير.
أن المجتمع المدني الذي يتقوم بتحكيم القانون، وسيادة المثل الديمقرطية، وتأصيل الحرية كقيمة حضارية وليست كنزق فردي طائش... كل هذه المقتربات التي نعرف بها هويّة المجتمع المدني يمكن أن ننطلق بها من هذه الثروة الاخلاقية ا لهائلة التي تتغلغل في نفوسنا وضمائرنا وروحنا، لا اقول بأن الحاجة الى التنظير السياسي والفكري والفلسفي للمجتمع المدني منتفية، تلك مجازفة خطيرة، نحن في حاجة مستمرة الى التنظير، لابد ان تقوم فكرة المجتمع المدني على فلسفة عميقة، نستفيد في ذلك من المدارس الفلسفية التي تناولت هذه القضيّة، ولكن نقول ان تحويل الاخلاق الايجابية التي ورثنها عن الاباء والاجداد، والتي تستمد شرعيتها من الذات والتاريخ والدين يمكن ان تكون وسيلة لتكريس هذه الفكرة في الذهن والواقع، بعد ان نعمل على تطعيمها بالاتجاه الاجتماعي العام، فالشجاعة ليست قوة مجرّدة، ولا هي قوّة لحماية الذات واستجلاب الخير الشخصي، أو دفع ظلم وقع على هذا الجار أو ذاك الصديق، وان كان الموقف في حد ذاته مشروعا بل ممدوح عرفيا وشرعيا وعقليا، بل اضافة لذلك هي مسؤوليّة وطنية واجتماعية رفيعة، تمتد الى الحياة بمعناها الواسع ( من أحي نفسا كأنما احي الناس جميعا )، وبهذا نوفّر طاقة هائلة على تأمين قيم المجمع المدني، بطريق أكثر يُسرا، واكثر فاعلية من غيره، وليس من شك ان القرأن الكريم كان كتاب أخلاقيا من هذا الطراز الرفيع، ولذا كانت اكثر نداءاته الاخلاقية بالصيغة الاجتماعية العامة، يتوجه بها الى الناس، الى القوم، الى المؤمنين، الى الجماعات، الى الا مم، وليس ذلك لان رسالة القرأن عالمية، بل لان الاخلاق اجتماعية قبل ان تكون فردية، ويجب ان نعرف هنا سرّا مهماً، هو أنّ المنطلق في الحقيقة الذات، الفرد، غير ان ذلك من فكرة الفرد الاجتماعي، ان جهة الخطاب هو الفرد وليس المجتمع، ولكنه الفرد الاجتاعي، اي الفرد الذي يُعزز فرديته من خلال الاندماج بالمجتمع، وهذا يتم عبر تحويل مسار الاخلاق من معادلتها الفردية الى دائرة اوسع، دائرة ارحب، هي دائرة المجتمع الكبير، وفي تصوري ان تحليل بنية المجتمع المدني قد تفرز في النتيجة الاخيرة، ان وحدته التاسيسيةهي الفرد الاجتماعي، اي ذلك الفرد الذي يعتز بذاته من خلال الانتماء الا جتماعي المسؤول.
التعليقات
لافضل لللأديان
خوليو -القول الصحيح أن الانسان قبل الأديان السماوية دعى للصدق والعمل الجيد وعدم الإساءة للآخرين وعدم الغش في الموازين وكلها مدونة على لوائح الطين،والآلهة تعاقب بالمرض من يخالفها، والقول الأصح أيضاً أن الديانات السماوية تبنتها ولم تُشرعها، فقد كانت مشرعة بقوانين سابقة(اقرأ تراثك قبل الأديان السماوية، وحتى في الجزيرة العربية كانت الشهامة والصدق والبطولة والكرم، فهذا عنترة يقول :يخبرك من شهد الوقيعة أنني / أغشى الوغى وأعف عند المغنم/.أي عند النصر لايسرق ولاينهب ولايقسم الغنائم ، فيكفي القبيلة المهزومة من مصائب حتى تسبى نسائها وتنهب ثروتها، الخلاصة الأديان تبنت مناقب موجودة قبل مجيئها، وعلى العكس وضعت أشياء أخرى تحد من تفكير وحرية الانسان يجب أن نعطي كل حق حقه.
غاب عن الحسبان
ادهم النعماني -لو دققنا النظر في الرسالة الاسلامية الربانية المحمدية لأستطعنا ان نؤشر على الكثير من المعطيات التي تؤكد على ان الاسلام في الوقت الذي يؤكد على مكارم الاخلاق لم يكتفي بالتظير المجرد ولكن ربط ذلك ربطا محكما بتحسين الواقع الاقتصادي للناس اي بتحسين نوعية الحياة البشرية اي ان الاسلام يحارب بطريقة شعواء ولا هوادة فيها عملية ابقاء الكرامة الانسانية في مستوياتها الدنيا والتي تنشئ شرخا وصدعا كبيرا في عملية ترسخ وتجذر العملية الاخلاقية , ان المجتمعات المتحضرة والتي نعيش نحن بين جنباتها حولت الاخلاق من عملية فردية اجتماعية الى عملية قانونية لا يستطيع افرد ولا تستطيع الجماعة الابتعاد عنها , فاي ابتعاد عن قانونية الاخلاق يؤدي الى تدهور وانحطاط اقتصادي ومن ثم بدوره يؤدي الى تدهور اجتماعي فاتحا الطريق الى تدهور اخلاقي , المشكلة التي نحن فيها كشعوب اسلامية ذات ثقافة شرقية هي اننا نصول ونجول ونستعمل قوة البلاغة اللغوية من على المنابر ومن على صفحات الجرائد ومن على شاشات الفضائيات دون النظر الحقيقي على وجود قاعدة اقتصادية قانونية اهذه الاخلاق , ولهذا اصبنا بفشل مريع وذريع بتحسين منظومة الاخلاق التي هي في غاية الضرورة للسير على سكة التقدم والحضارة ونشر العدالة الانسانية .
غاب عن الحسبان
ادهم النعماني -لو دققنا النظر في الرسالة الاسلامية الربانية المحمدية لأستطعنا ان نؤشر على الكثير من المعطيات التي تؤكد على ان الاسلام في الوقت الذي يؤكد على مكارم الاخلاق لم يكتفي بالتظير المجرد ولكن ربط ذلك ربطا محكما بتحسين الواقع الاقتصادي للناس اي بتحسين نوعية الحياة البشرية اي ان الاسلام يحارب بطريقة شعواء ولا هوادة فيها عملية ابقاء الكرامة الانسانية في مستوياتها الدنيا والتي تنشئ شرخا وصدعا كبيرا في عملية ترسخ وتجذر العملية الاخلاقية , ان المجتمعات المتحضرة والتي نعيش نحن بين جنباتها حولت الاخلاق من عملية فردية اجتماعية الى عملية قانونية لا يستطيع افرد ولا تستطيع الجماعة الابتعاد عنها , فاي ابتعاد عن قانونية الاخلاق يؤدي الى تدهور وانحطاط اقتصادي ومن ثم بدوره يؤدي الى تدهور اجتماعي فاتحا الطريق الى تدهور اخلاقي , المشكلة التي نحن فيها كشعوب اسلامية ذات ثقافة شرقية هي اننا نصول ونجول ونستعمل قوة البلاغة اللغوية من على المنابر ومن على صفحات الجرائد ومن على شاشات الفضائيات دون النظر الحقيقي على وجود قاعدة اقتصادية قانونية اهذه الاخلاق , ولهذا اصبنا بفشل مريع وذريع بتحسين منظومة الاخلاق التي هي في غاية الضرورة للسير على سكة التقدم والحضارة ونشر العدالة الانسانية .
nero
nero -الاخلاق في خدمة المجتمع المدني من الله انزل الكتب و الان الانسان و الذى يراقبه الله يتقدم بمجلات و لا يرى الله حاجه لـ نبى الان فـ الاول فى العالم الرئيس الامريكى بوش امامه القاعده المتطرفه قالت لا لا لا و اختفت او طابور المتخلفين قابيل بيننا يدمر و الان يتسلى عليه العالم على اقل من مهلهم و الاخر قابيل مزنوق لا حمام و لا حياه مدنيه و لا شقه خارج الحياه العامه نهائى الان مجلات تعلم مستويات من الاخلاق من يجد مجله ثقافتها تصل به اسرع يضع نفسه عليها يعنى على قوانينها و لا يتمسك بمجله قديمه مثل مجله الشعب فى مصر اذ الله الذى قال يهوديه حارب حتى لا يتمسك احد بها و اعطى له المسيحيه و كل هذا يهوديه او ما قبلها من اديان من الله لترقيه و ليس لعباده كتاب او كعبه
اخلاق
منى -اعتقد ان الاخلاق هى عنوان المسلم فى كل زمان ومكان )
اخلاق
منى -اعتقد ان الاخلاق هى عنوان المسلم فى كل زمان ومكان )
كلام في محله
كريم شياع -قرات المقال بامعان فوجدته جميلا جدا ، ويحمل افكار قيمة، يصلح أن يكون مادة للطرح النظري ، بل حتي يمكن ان يكون ما دة للدراسة في منظمات المجتمع المدنين، اشد على يد الكاتب وقد قرات له سابقا كثيرا ،
اخلاق الاسلام
شاهد من المغرب -هذه هي اخلاق محمد بن عبد الله ، هي اخلاق المجتمع، يعني كما قال سيد قطب رحمه الله المواطن المسلم مواطن مجتمعي ، يحس بفرديته ولكن من خلال الخدمة الاجتماعية ، شكرا لايلاف
اخلاق الاسلام
شاهد من المغرب -هذه هي اخلاق محمد بن عبد الله ، هي اخلاق المجتمع، يعني كما قال سيد قطب رحمه الله المواطن المسلم مواطن مجتمعي ، يحس بفرديته ولكن من خلال الخدمة الاجتماعية ، شكرا لايلاف
المسيحية ايضا
مهاد العزي -السيد المسيح كلمة الله وابنه الشحية كان كذلك ، لقد جسد الفردية بواسطة خدمة المجذومين والجائعين ، هكذا كان السيد وهو يصرح من على جلجلة ، خبزه كان هو الارادة الجماعية ، لنرجع الى روح الاديان لخلاص العالم
اخلاق علمانية
نائل -تسعى الدولة المعاصرة الى الجمع بين الفردية وا لجماعية ، وهذه حسنة التفت اليها الغرب بعد تجارب علمانية كثيرة، فيما الشرق اما فردية اجماعية ، أي الفرد اما يطغي او يضحي ، وكلا الطريقين غلط في تصوري، وخلاف مايسيمه الخطاب الديني بالطغيان ، وان الطريقةالوسطى هي الحل ، لقد فكر الحزب الشيوعي الايطالي بذلك ، ودفع ثمن خسارته بسبب تكالب القوى الراسماليه عليه ، ولكن رجع يتنفس ببطء ولكن تصاعد رصيده اخيرا ، كذلك الحزب الاشتراكي في قبرص ، نتمنى ان تنحو الاحزاب في العالم العربي مثل هذا الطريق ،وهو طريق الاشتراكية الديقمراطية تقريبا
اخلاق علمانية
نائل -تسعى الدولة المعاصرة الى الجمع بين الفردية وا لجماعية ، وهذه حسنة التفت اليها الغرب بعد تجارب علمانية كثيرة، فيما الشرق اما فردية اجماعية ، أي الفرد اما يطغي او يضحي ، وكلا الطريقين غلط في تصوري، وخلاف مايسيمه الخطاب الديني بالطغيان ، وان الطريقةالوسطى هي الحل ، لقد فكر الحزب الشيوعي الايطالي بذلك ، ودفع ثمن خسارته بسبب تكالب القوى الراسماليه عليه ، ولكن رجع يتنفس ببطء ولكن تصاعد رصيده اخيرا ، كذلك الحزب الاشتراكي في قبرص ، نتمنى ان تنحو الاحزاب في العالم العربي مثل هذا الطريق ،وهو طريق الاشتراكية الديقمراطية تقريبا
كالعادة
كريم الساعدي -استفدت منك كالعادة ، ا كتب ولا يهمك كلام الاخرين مادام هناك من يقرا ، اقرا لك منذ كنت شاب واليوم ا نا شبه شيخ ، اكتب ، لقداستفدت كثير من هذه المقالة اليوم ، شكرا لك ولايلاف
احترام للصاحب المقال
زيد الحسيني ابو اثيل -الاستاذ غالب انا احسك واشعر بك وافتحر بك لانك تضع المفردة من الكلام في محلهامما يعطيها جمالية ونكة للقارئ واعتقد الكثير من الكتاب والادباء يتمتعون بالقراءة والنقاش واياك ان الموضوع الاجتماعي او المجتمعي شيق وذو شجون اتمنى ان يأخذ الجانب السياسي والاقتصادي وحذف الاحاديث الغير موثقة وليس لها سند او تشكل نقطة خلاف وهذه ليس مهمة سهلة فقط اذا تساعدة ايلاف وباقي الصحف التي تهتم بالانسان وهذا لا يتم الا بعقد مؤتمرات تعني بتطوير او تنميت العقل العربي وانتشالة من الواقع الذي لا يمت للتاريخنا الحميد بصلة
احترام للصاحب المقال
زيد الحسيني ابو اثيل -الاستاذ غالب انا احسك واشعر بك وافتحر بك لانك تضع المفردة من الكلام في محلهامما يعطيها جمالية ونكة للقارئ واعتقد الكثير من الكتاب والادباء يتمتعون بالقراءة والنقاش واياك ان الموضوع الاجتماعي او المجتمعي شيق وذو شجون اتمنى ان يأخذ الجانب السياسي والاقتصادي وحذف الاحاديث الغير موثقة وليس لها سند او تشكل نقطة خلاف وهذه ليس مهمة سهلة فقط اذا تساعدة ايلاف وباقي الصحف التي تهتم بالانسان وهذا لا يتم الا بعقد مؤتمرات تعني بتطوير او تنميت العقل العربي وانتشالة من الواقع الذي لا يمت للتاريخنا الحميد بصلة