ماذا بعد الثمانية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واخيرا، طفح الکيل بالولايات المتحدة الامريکية و بدأت بتفعيل مواقفها المتشددة من النظام الديني المتشدد في إيران، خصوصا بعد أن تيقنت ادارة الرئيس باراك اوباما بأنه لاشئ في الافق يوحي بتغيير في موقف طهران على صعيد مساعيها النووية المثيرة للقلق و الجدل خصوصا على المدى القريب.
ولئن جاء إعلان اسامي ثمانية من کبار المسٶولين الايرانيين على لائحة العقوبات متأخرا بعض الشئ، لکن الانتقاء المميز لتلك الاسماء و الادوار التي لعبوها على صعيد الاوضاع الداخلية ولاسيما بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة المثيرة للجدل، جاء بمثابة تنبيه و تحذير خاص من نوعه لطهران، وقد کان للرد الانفعالي لوزراة الخارجية الايرانية على القرار دلالات قوية کما فسرتها اوساط من المعارضة الايرانية مٶکدة بأن هٶلاء الثمانية ليسوا إلا کبدايات لخيوط تقود الى تلك المصادر الرئيسية التي کانت توجههم وان الاطلاع على سيرة حياة و منهاج عملهم خلال اعوام إرتباطهم بالنظام الايراني"کما تٶکد نفس المصادر"، سيزيح الستارة عن الکثير من الالغاز و يبين الوجه الحقيقي للأحداث و الايادي الفعلية التي کانت تحرك الامور و تصدر الاوامر لقمع المناهضين و المخالفين لما جرى في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.
رد الفعل الايراني الذي تجلى في تنديد المتحدث بإسم وزارة الخارجية الايرانية بالقرار لأنه و بإعتقادها(يندرج في سياق التدخلات الامريکية في الشٶون الداخلية لإيران منذ ٣٠ عاما) واصفا القرار بأنه(مناف للقوانين الدولية)، لم يکن منحصرا بهذا السياق وانما وبنائا على الکثير من الاشارات و المعطيات القادمة من طهران، فإنه قد أخضع القرار الامريکي لدراسة خاصة من قبل لجنة من المختصين من أجل قراءة أسطره غير المکتوبة او المختفية خلف الکلمات المدرجة والتي کانت توحي و تٶشر لمسافات أبعد بکثير من هٶلاء الثمانية، ولايبدو بأن طهران سوف تغض الطرف او تتجاهل هذا القرار کالقرارات السابقة المعلنة ضدها، لأن شکل و مضمون و اسلوب القرار يختلف کلية عن القرارات الاخرى ويمهد لمرحلة جديدة من التعامل"العقوباتي"مع طهران، مرحلة تستند على الادلة و الوثائق الدامغة و الثبوتية التي لامجال لرفضها او التنصل منها سيما لو شرعت الولايات المتحدة الامريکية بترجمتها حرفيا على ارض الواقع في المحافل الدولية. ومن المحتمل ان تلوذ طهران بالصمت لفترة محددة، لکنها ستخرج حتما بمبادرة او طرح سياسي معين من أجل الالتفاف على هذا القرار او على الاقل تجميد الخطوة التي تليه، لأن اسماء بعضا من هٶلاء الثمانية کانت لهم علاقات حميمة مع اوساط نافذة جدا في هرم الحکم بطهران کما هو الحال مع حسين طائب رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري والذي کان تلميذا للمرشد الايراني وتربطه علاقة وثيقة جدا بأبنه مجتبى مهدت لصعوده الى مراکز مرموقة و حساسة، کما أن الدور الحساس و الخطير الذي لعبه(مصطفى محمد نجار)، وزير الداخلية الحالي و وزير الدفاع السابق في لبنان وخصوصا تورطه في تفجير مقر المارينز هناك عام ١٩٨٣ والذي اودى بحياة أکثر من ٢٤٠ من أفراد البحرية الامريکية، ولئن سکتت الولايات المتحدة الامريکية طوال الاعوام المنصرمة عن الامر، فإنها وکما يبدو قد احتفظت بالمسألة لوقت حساس و مناسب جدا کهذه الايام، کما أن مصادر استخبارية و أطراف من المعارضة الايرانية، سربت معلومات عن دور نجار عام ١٩٨٤ في الاشراف على ما يسمى بحزب الله في الخليج حيث کان منهمکا بإعداد و توجيه الشبان من شيعة البحرين و المملکة العربية السعودية، کما أن الشخصيات المتبقية من الثمانية، لکل منها دور مميز و خاص من حيث علاقته بمصدر قوي من داخل هرم الحکم الايراني نفسه، ومن خلال مطالعة لبيوغرافيا خاصة مسربة من اوساط مطلعة من المعارضة الايرانية، تشير الى تردد اسم المرشد الديني لإيران لأکثر من مرة مع کيفية صعود و إرتقاء هٶلاء الى مناصب حساسة و خطيرة منحتهم السلطة و الصلاحية لقمع و إضطهاد شرائح واسعة من الشعب الايراني کما أن الامر نفسه الى حد ما يقترن مع اسم الرئيس محمود أحمدي نجاد.
القرار الامريکي النوعي الذي يبدو أنه قد بدأ بالتمهيد لإشعال الضوء الاحمر و قرع ناقوس الخطر ضد النظام الايراني، يظهر من حيثياته و تفاصيله بأنه معد بشکل قد يصل في نهايته(الاولية)، الى الرئيس محمود أحمدي نجاد لأسباب متباينة أهمها کون جعل الاعلى منه هدفا سيدخل الامريکان في معمعة قد تکون مفيدة أکثر للنظام الايراني وقد تساهم في توفير غطاء أرضي يفتقد إليه حاليا، في حين أن نجاد يبدو أکثر سهولة و يتمتع بمزايا تجعل الرأي العام الايراني يتفهم و يتقبل جعله کبش فداء خصوصا وان الدوائر الاستخبارية الهامة تحتفظ له بسجل خاص من الممکن جدا الاستفادة منه في الاوقات الحرجة على أفضل مايکون، وان الاسماء الثمانية لو تم التدقيق والتمعن فيها بروية ماهي في الحقيقة إلا کدرجات سلم خاص و قصير جدا بإمکانه إختزال الکثير من المسافات غير المجدية، وانه لم تبقى هناك درجات کثيرة للوصول الى مکتب الرئيس ذاته الذي لاريب من أنه قد فهم جيدا من تعني واشنطن حاليا بقرارها النوعي هذا في نهاية المطاف.