أصداء

كنت المحتجزة رقم 34 في منجم تشيلي المنهار‏

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فتحت الأرض فمها وأبتلعتنا.. ببساطة.. لقمة صغيرة لاكتها للحظات، ثم.. yummo... صاحت وقالت... هل كانت أجسادنا بذات "الطزاجة" حينها!! هل كنا بنكهات القرفة والزنجبيل!!


كنت آخر من ابتلعتهم الأرض، فهل كنت أنا طبق الحلويات المغطى بالكريمة وبالفانيليا الكوبية الفاخرة!! هل كنت هشة من الداخل!! لذيذة!!.. ماذا عن "ماريو قوميز" العجوز الستيني!! هل كان مقرمشاً أكثر!! اتساءل ماذا لو اصاب الأرض وقتها عسر الهضم!! كنا 34 لقمة!! هل احتست بعدنا شراب "اينو" الفوّار!! هل تجشأت بعدها بصوت مقيت!!
اوه!! كم هي نهمة وقتها!! مؤكد أنها ابتلعت حكاياتنا قبل أجسادنا.. على الأقل لمدة 69 يوماً قبل أن تلفظنا... بقرف!! تماً كعلكة ذاب طعم السكاكر فيها!!

في كل مرة استعيد فيها صوت ضربات قلبي وتنفسي المرتبك.. الرطوبة خانقة... جداً.. لا اريد أن استمع لصوت "جيمي سانشيز" بعد اليوم!! ليس لأنك الأصغر سناً ليحق لك الصراخ كيفما اتفق!! اذهب بسنواتك التسعة عشر للجحيم!!! ولكن نحن في الجحيم فعلاً!! اذاً لتتعفن كجرذ نافق!!

لم تبدأ اجسادنا بالتحلل بعد! رغم عفونة أنفاس "جورج اورلانا"!! لم تتيبس العضلات بعد.. شكراً "لأديسون" كنت اسير برفقته عشرة كيلومترات في اليوم.. في ممرات النمل الضيقة.. الطويلة.. هنا.. تحت الدنيا!!

يا لتعاسة "ماريو" و"فلورنسيو"!! لم يعملا في المناجم قط!! هم هنا فقط من أجل فيلم وثائقي غبي قد يؤمن لهم فرصة عمل لدى البي بي سي اللندنية!! يا صديقاي.. لتفرحوا اذاً.. شفاه مذيعات الأخبار في أرجاء الدنيا تتناقل أخبار.. ـــنا... الهلع في عيونهن يقاوم طبقات ماسكرا لانكوم المكثفة للرموش، فتنساب دمعات... قليلات... فقط!!.. "استديري نحو الكاميرا الجانبية"!!... يصيح في اذنها المخرج.. اعزائي المشاهدين تابعونا على رأس الساعة.. مع أخبار كل ساعة..........ثم،، تلملم الورق و... إبتسامة... غبية!!

اششششش... هدووووء... فـ "زامورا" يكتب أشعارا.. هذا الثلاثيني المتخشب.. هدوءه، مزعج.. جداً... تعابير الامتنان لديه، دوماً حاضرة!!! هييييييه أنت... ليس لأن " يوني " أعطاك دثاراً كبيراً، يجعلك تشعر بالدفء وبأن الدنيا... اقصد الجحيم.. بنقاء جناح اليمام الأبيض!! هو فقط يمارس الطبابة... فيك!!... يتسلى!!

"فيكتور روجس" يسجل يومياته!! ماذا يكتب!! هل دوّن عني كم كنت نزقة!! كم كنت واجمة!! هل همس لأوراقة كم كنت اهتم لتصفيفة شعري المتناثر،، هل ذكر أن درجات الأزرق التي احبها، باتت رمادية ببطء.. هل ذكر فيها أنني بت أقرب إلى عين تراقب فقط... تختزن المشاهد والصور!! هل كتب عن وحدتي بينهم وكم كنت اتمنى لو أن الأخبار ذكرتني ولو مجرد رقماً،، عقيماً!! إلى هذا الحد اصبحت منسية!! إلى هذا الحد عبثت تقارير الأخبار وسجلات العمال وازالتني،، محتني من كل ما يشير إلى وجودي بينهم!!.... هل ستلتهمني كبسولة الانقاذ "فينكس" مثلهم، أم سأبقى اتمرغ في سخونة الحجر الرمادي!! وحدي! هل ستتابع اقمار "ناسا" تحركاتي تحت الأرض!! هل ستبدو لهم من الفضاء وكأني ارقص الباليه!!

مؤكد أن " فيكتور" سيدون حوارات "كلاوديو" و"فرانكلين" عن كرة القدم!!... لااااا ليس مجدداً... أسم لاعب اسبانيا "دافيد فيا" يظهر على "سطح" الحديث من جديد.. كفى انتما... فنحن في زمن "الوقت الضائع" من الكارثة!


لا تنسى ان تذكر في يومياتك ان "ارييل" قد رزق بصبية جميلة... هناااك في الأعلى... اسمها " ايسبيرانزا "... اسمها أمل!!
اذكر أيضا في يومياتك أن "راؤول" قد فقد منزله في زلزال تشيلي الماضي.. وزحف للمنجم ليلتصق أكثر بالأرض... ولكن اخطى التقدير، فقد كان التصاقه بها أكثر من اللازم!!
هل يعلم "اليكس فيغا" أن والده - طبيب الطواريء - قد غير أسمه حتى يكون ضمن فريق الانقاذ!! اللعنة!! ليأتي من يشاء... ولينقذونا فقط أو ليخرسوا للأبد!!! اكتب يا "فيكتور" أنني غاضبة الآن... أكتب كم أنا على وشك الانفجار!! اكتب انني لا اريد ان يتعفن جسدي هنا!! لا اريد أن اكون معكم... اراكم تولدون من جديد واحداً بعد الآخر.. تلفظكم الأرض كـ حوت بائس.. تجدكم بلا طعم مثل أيامكم المنسية.. هناااك، عند فوهة النور.. يستقبلكم الرئيس ويعزفون لكم الـ "ثوناتا التشيلية"..
"طب وأنا!! وش راح يصير لي!! ".

*كاتبة سعودية
hajar72k@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Very nice
khaled -

lovely style. Enjoyed it very much

مبهمة
جيهان العتيبي -

مرحبا أختي هاجر....الحقيقة ما كتب في أعلى صفحتك الالكترونية هي حروف جميلة ومثقفة ولكن الاغرب من هذا هي ابهام تلك الابجدية والصدق أنني لم افهم سوا القليل!!!ولكن الاكيد أن حضرتك جملك وعبارات جديدة وجذابة وبهذا تعتبرين من المثقفيين المبشرين بالشهرة...زوشكرا

: )
أمل الغامدي -

جدا رااااائع أختي هاجر انتظر جديدك

nice
atta -

nice article............nice style

صبرا هاجر
سامي عبود -

صبرا ، لا محاله ، سيآتي يوم تخرجين فيه من الكهف المظلم وستولدين من جديد .

فتنة الكلمات
علي الرباعي -

سحر الحروف وفتنة الكلمات.

ياللروعة
أركان -

كم أنت رائعة أيتها المرأة فليتعلم البعل معنى الأبداع,أو أن يخرس الى الأبد

لما ضاقة حلاقاتها
ام فيصل -

لكل شي سحر وسحر كلماتك لها معان كبيره إن شمس غداً ستشرق بكل السعاده وإن الارض التى ابتلعتك ستلفظك وستدوى صرختك وستسمعها كل الدنيا فرحةًبك وبي عوتك من جديد هنيئاً لنا بكاتبه مبدعه

لما ضاقة حلاقاتها
ام فيصل -

لكل شي سحر وسحر كلماتك لها معان كبيره إن شمس غداً ستشرق بكل السعاده وإن الارض التى ابتلعتك ستلفظك وستدوى صرختك وستسمعها كل الدنيا فرحةًبك وبي عوتك من جديد هنيئاً لنا بكاتبه مبدعه

بالتوفيق
خالد معجب ال طوق -

الان استطيع ان اقول وافق شن طبقة بالتوفيق

بالتوفيق
خالد معجب ال طوق -

الان استطيع ان اقول وافق شن طبقة بالتوفيق

Bravo
KURDISTAN, Salah Zan -

Nice touch, humanity is a live,

Bravo
KURDISTAN, Salah Zan -

Nice touch, humanity is a live,

إبداع
Sur oman -

إبداع لأقصى الحدود يا هاجر لكِ إبداعٌ في صوغ المواضيع وجعلها تصطبغ بطلاء النقاء الشفاف لكِ محبتي

إبداع
Sur oman -

إبداع لأقصى الحدود يا هاجر لكِ إبداعٌ في صوغ المواضيع وجعلها تصطبغ بطلاء النقاء الشفاف لكِ محبتي

esperanza
aledrisi -

شعرت وأنا أقرأ المقال بأنكِ فعلاً كنت المحتجزة رقم 34 وشعرت لوهلة أنني أيضاً كنت محتجزا معكم لجمال سردك وروعة وصفكأقل مايوصف به هذا المقال هو أنه بديع جداطرحك راقي وقلمك سيّال لاينكر هذا إلا حاسد تقبلي إعجابي الشديد بقلمك أنتِ أمل القراء

esperanza
aledrisi -

شعرت وأنا أقرأ المقال بأنكِ فعلاً كنت المحتجزة رقم 34 وشعرت لوهلة أنني أيضاً كنت محتجزا معكم لجمال سردك وروعة وصفكأقل مايوصف به هذا المقال هو أنه بديع جداطرحك راقي وقلمك سيّال لاينكر هذا إلا حاسد تقبلي إعجابي الشديد بقلمك أنتِ أمل القراء