أصداء

مرضية.. الفنان عندما يموت غريباً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

کوکب کبير و مشع بنور فن ملأ الفضاء الايراني بهجة و حبا و دفئا، هوى خلال الايام القليلة الماضية ليصدم الايرانيين و يضيف حزنا عميقا آخر الى سجل أحزانهم الکثيرة، مرضية، الفنانة و المطربة التي طالما أطربت و سحرت الشعب الايراني بصوتها الشجي العذب، توقف قلبها الصغير حجما و الکبير حبا و عطائا للناس و الوطن لتفجع محبيها و المتيمين بصوتها البديع برحيلها الابدي عن دار الدنيا.

مرضية، تلك الفنانة الکبيرة التي أطربت الايرانيين طوال أکثر من نصف قرن بصوتها الشجي و غنت أمام کبار قادة و زعماء العالم من أمثال ملکة بريطانيا إليزابيث الثانية و الزعيم الفرنسي شارل ديغول و الرئيس الامريکي الاسبق ريتشارد نيکسون، کانت بحق علما من أعلام الغناء الايراني و سيخلدها التأريخ لما قدمته من عطاء بارز و مثمر و کبير في هذا المجال.

مرضية، تلك الفنانة التي جمعت بين الفن و القضية، بين الحب و الرسالة، قدمت درسا بليغا للشعب الايراني و للأنسانية جمعاء خلاصته ان الفن لن يکون کبيرا إلا إذا کان هادفا ولن يکون هادفا إلا عندما يحتضن في ثناياه قضية کبيرة تترجم واقعا مريرا الى أفکار و معان جميلة و معبرة بهدف التوعية و الإرشاد الى کل مافيه الخير و الحق و الجمال، هذه الفنانة التي لها وزن و حضور يوازي وزن و حضور کوکب الشرق الراحلة أم کلثوم لدى العرب، کانت بحق أم کلثوم إيران بکل ماللکلمة من معنى، لکن أي أم کلثوم؟ أم کلثوم منفية و مطاردة و مقصية من وطنها، أم کلثوم مرفوضة"من جانب النظام" لفنها الاصيل المعاصر الرفيع المستوى، لکنها، ولقوة و عمق و أصالة حضورها و دورها بين مختلف اوساط وشرائح الشعب الايراني، کانت دوما في قلب و وجدان الشعب، وهنا يتجلى عظمة و شموخ الفنان و في نفس الوقت يتوضح ضئالة و صغر النظم الاستبدادية أمام العطاء و البذل الانساني وامام الفنان الملتزم بقضية شعبه کما کان الحال مع الکبيرة الراحلة مرضية.

مرضية، واسمها الحقيقي أشرف السادات مرتضائي، کانت من ضمن اولئك الثوار المکافحين الذين ساهموا في إسقاط نظام الشاه، لکنها وبعد اب وجدت ان الثورة قد تمت مصادرتها و صارت بأيدي حفنة من رجال الدين المستبدين، عادت مرة أخرى لميدان الکفاح و الثورة کي تتصدى للشاه الذي عاد مختفيا خلف عمامة بصوتها و غادرت وطنها "وفي قلبها اسى و في عينها قذى" لتعلن للعالم أجمع و عبر حفلات کبيرة في أبرز و اکبر العواصم العالمية رفضها و تصديها و فضحها لهذا النظام الدکتاتوري الدجال الذي أقام رکائزه على جماجم و رفات الابناء البررة للشعب الايراني و خصوصا شهداء منظمة مجاهدي خلق التي أعدم النظام الايراني أعدادا کبيرة منهم تجاوزت ٢٠٠ ألفا وصارت بحق سفيرة لنضال الشعب الايراني و مقارعته للدکتاتورية الدينية.

مرضية، التي إنخرطت في صفوف المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و صارت من ضمن المکافحين و المناضلين بصوتها من أجل غد مشرق و زاهر لإيران، أنشدت و غنت لوطنها و لقضيتها و لرفاق دربها في المجلس الوطني و للمحاصرين في مدينة الصمود و المقاومة أشرف، تسلم الروح بعيدة عن وطنها في ديار الغربة، لکي تثبت للعالم أجمع و لشعبها بأن موت الفنان غريبا لکن قريبا و حاضرا في وجدان شعبه أفضل من حياته داخل وطن مکبل بالسلاسل و تکمم فيه الافواه سوى تلك التي تمجد بحمد النظام الاستبدادي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إسألوا مظفر
أحمد -

سلو مظفر النوّب عنها، ربّما كان أكثر حزناً عليها من كلّ عشّاق فنّها.حدّثنا عنها في باغ مهران عن لقائه بها، وغنّى أمامها اُغنيتها الشهيرة: عشقي مَنْ بيدا شُد، فأدمع عينيها بصوته الأجمل من صوتها. سلوا عنه كيف كان يغنّيها في الأماسي حين كان يجمعنا فيها لنسمع الشعر والغناء والنقد. اسألوا عنها حين غنّاها في الحافلة اواخر أيام عام 1963ونحنُ نُرحّل الى الوطن، كان البرد شديداً في شوارع طهران، ففتح النافذةُ وبان الثلج المتراكم فيها. وبدأ بالغناء، غنّي لسكان طهران اُغنية مرضية، وهو مكبّل اليد .لا أحد مثله يفهمها.هكذا حالُ المبدعين في عالمنا الثالث، يتساقطون مثل بَرَد السماء ثمّ تنساهم ذاكرةُ الزمن.تحية الى مظفر في غربته مبدعاً يحظى بمحبتنا اصباحاً وإمساءً.

إسألوا مظفر
أحمد -

سلو مظفر النوّب عنها، ربّما كان أكثر حزناً عليها من كلّ عشّاق فنّها.حدّثنا عنها في باغ مهران عن لقائه بها، وغنّى أمامها اُغنيتها الشهيرة: عشقي مَنْ بيدا شُد، فأدمع عينيها بصوته الأجمل من صوتها. سلوا عنه كيف كان يغنّيها في الأماسي حين كان يجمعنا فيها لنسمع الشعر والغناء والنقد. اسألوا عنها حين غنّاها في الحافلة اواخر أيام عام 1963ونحنُ نُرحّل الى الوطن، كان البرد شديداً في شوارع طهران، ففتح النافذةُ وبان الثلج المتراكم فيها. وبدأ بالغناء، غنّي لسكان طهران اُغنية مرضية، وهو مكبّل اليد .لا أحد مثله يفهمها.هكذا حالُ المبدعين في عالمنا الثالث، يتساقطون مثل بَرَد السماء ثمّ تنساهم ذاكرةُ الزمن.تحية الى مظفر في غربته مبدعاً يحظى بمحبتنا اصباحاً وإمساءً.